حرصت السلطات السعودية منذ اعلانها السماح للمرأة بقيادة السيارة في المملكة على التأكيد على ان القرار التاريخي يحظى باجماع ديني واجتماعي، مشددة في الوقت ذاته على المنافع الاقتصادية للخطوة التي تأتي ضمن سلسلة اجراءات اصلاحية تعبر عن بوادر انفتاح اجتماعي.
وكانت السعودية اعلنت مساء الثلاثاء السماح للمرأة بقيادة السيارة ابتداء من حزيران/يونيو المقبل. والسعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر على المرأة قيادة السيارة ضمن مجموعة اخرى من القيود الاجتماعية الصارمة.
ويشكل القرار الذي سيبدأ تطبيقه في حزيران/يونيو 2018 محطة رئيسية في سلسلة اصلاحات اجتماعية شهدتها المملكة المحافظة مؤخرا.
ولطالما عارض رجال دين سعوديون السماح للمرأة بقيادة السيارة. واوقف العديد من الناشطات الحقوقيات بسبب محاولتهن القيادة في المملكة التي تطبق الشريعة الاسلامية بشكل صارم.
والخميس، اكدت وزارة الداخلية السعودية جاهزية عناصرها للاشراف على تطبيق قرار السماح للمراة السعودية بقيادة السيارات، معتبرة ان هذا القرار سيساهم في “الحد من الخسائر البشرية” الناجمة عن حوادث السير.
وقال وزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف في تغريدات نشرها الحساب الرسمي لوزارته على تويتر الخميس ان “رجال الأمن جاهزون لتطبيق أحكام نظام المرور على الذكور والإناث، واتخاذ كل ما من شأنه الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته”.
وأضاف ان “قيادة المرأة للسيارة سيُحوّل سلامة المرور الى ممارسة تربوية تؤدي للحد من الخسائر البشرية والاقتصادية الناجمة عن الحوادث”.
من جهتها، نشرت وكالة الانباء الرسمية، منذ الاعلان عن القرار، تصريحات لمسؤولين حكوميين ولاعضاء في مجلس الشورى ولرجال دين اعضاء في هيئة كبار العلماء، يؤكدون فيها تأييدهم للقرار.
ومن بين هؤلاء المسؤولين رئيس هيئة النقل العام رميح بن محمد الرميح الذي اعتبر ان القرار “كفيل بإعادة مليارات الريالات إلى حضن الاقتصاد الوطني، وهي المهدرة على نفقات النقل التعليمي في جانب نقل المعلمات ونقل الطالبات وكذلك تنقّل المرأة العاملة”.
ونشرت صحيفة “عكاظ” تقريرا نقلا عن الهيئة العامة للاحصاء قالت فيه ان الأسر السعودية تنفق “اكثر من 25 مليار ريال (حوالى 6,6 مليارات دولار) رواتب سنوية على السائقين الاجانب العاملين لديها، الذين وصل عددهم الى نحو 1,38 مليون سائق”.
إزالة كل القيود
ولليوم الثاني، تواصلت ردود الفعل المرحبة بالقرار السعودي.
ورات منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية في بيان ان إنهاء حظر قيادة السيارات “يمثل انتصارا كبيرا للمرأة السعودية التي عملت بشجاعة على مواجهة التمييز المنهجي لعقود”.
لكن المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا ذكرت ان السعودية تواصل “فرض قيود أخرى بينها “طلب موافقة أحد الأقارب الذكور للحصول على جواز سفر أو السفر”.
ودعت الحكومة الى “إزالة تلك القيود”، معتبرة ان على السلطات السعودية الآن “ضمان السماح للمرأة بأن تتساوى مع الرجل”.
وتفرض السلطات على الاناث في السعودية الحصول على موافقة ولي امرهن، الوالد او الاخ او الزوج، قبل السماح لهن بالسفر او الزواج او الدراسة.
وبشكل عام، لا يسمح للمرأة بالاختلاط مع الذكور من خارج عائلتها، وقد يؤدي ذلك الى توقيفها. وعند انتهاء مدة التوقيف، قد يرفض “ولي الأمر” التوقيع على اخلاء السبيل، ما يعني ابقاء المرأة قيد التوقيف.
وفي هذا السياق، تعهدت ناشطة سعودية مقيمة في سيدني قادت حملة للمطالبة بالسماح للنساء في المملكة المحافظة بقيادة السيارة، بالعودة الى السعودية لتكون من اوائل النساء اللواتي يجلسن في مقعد القيادة.
عوقبت الناشطة منال الشريف بالسجن تسعة ايام بعد ان نشرت فيديو على موقعي يوتيوب وفيسبوك يظهرها وهي تقود سيارة في مدينة الخبر بشرق المملكة في 2011 في ذروة حملة تطالب بالسماح للنساء بقيادة السيارة
وقالت ان مرسوم العاهل السعودي الملك سلمان التاريخي أدمع عينيها.
واوضحت لصحيفة “ذا استراليان” “لا يسعني وصف الفرح الذي أشعر به. هذا حقا يوم تاريخي (…) أقولها بصدق. بكيت. سرت شائعات لكن لا تجرؤ أبدا على تصديقها”، مضيفة “سوف أعود، سأقود قانونيا!”
غادرت منال الشريف الى استراليا بعد الافراج عنها من السجن إثر إدانتها بقيادة السيارة.
واضافت “سيارتي لا تزال هناك، تلك التي قمت بقيادتها. رفضت التخلي عنها. أسرتي تركتها لي. لكنني سأقود بشكل قانوني هذه المرة”.