محمد محمد المقالح
يوم أمس استبشر اليمنيون وكل المحبين لهم ولأمن واستقرار وازدهار وطنهم حين سمعوا وتابعوا تصريحات ايجابية متبادلة من قبل طرفي الاقتتال اليمني في صعدة تشير إلى قرب التوصل إلى اتفاق سياسي ينهي الحرب ويوقف نزيف الدم اليمني المتدفق من صعدة ومن كل أنحاء الوطن ومنذ أكثر من أربعة أشهر متواصلة.
غير ان هذه الفرحة القصيرة ان جاز لنا ان نسميها كذلك، سرعان ما تبددت بعد أن تبين أن الإرادة السياسية الصادقة والجادة لايقاف الحرب لم تتوفر بعد، وحين دخلت الأطراف المستفيدة من الحروب والصراعات ومن هز استقرار وامن اليمن لإفشال كل مساعي الخير التي بذلت على مدار الأسابيع الماضية .
من الواضح أن هناك أطرافا لا تزال مقتنعة بإمكانية الحسم و”السحق” العسكري لحل مشكلة صعدة بقدر ما إن هناك أطرافا لاتزال تستخدم الدماء والجراحات في صعدة كورقة للمساومات والبيع والشراء في أسواق النخاسة الإقليمية والدولية ولو لم يكن هذا موجودا لما تعلل البعض بكلمة هنا أو عبارة هناك أمام الانجاز الكبير للسلم الأهلي الذي كنا ننتظر الإعلان عنه بين لحظة وأخرى في الساعات القليلة الماضية .
إن من سرب خبراً قبيحاً يتحدث عن “نفي الحوثي والرزامي إلى قطر” كمرتكز للاتفاق السياسي حول المشكلة في صعدة، كان يؤكد وبما لايدع مجالاً للشك انه ليس جاداً في حل المشكلة ولا يزال يراهن على أطراف وحلول أخرى غير ما هو مطروح على الطاولة ومنذ أكثر من ثلاث أسابيع.
يعرف من طرح هذا المقترح “اللغم” بان نفي أي مواطن يمني وإخراجه من أهله ودياره غير مقبول ليس من قبل الحوثيين بل ومن قبل أي وطني آخر لا علاقة له بأطراف الصراع في صعدة وتداعياتها إلا من بوابة المواطنة اليمنية وحقوقها المكتسبة دستوريا ، ثم إن لغة النفي والإقصاء عن الأهل والوطن هي في الحقيقة لغة حرب استئصالية أكثر من أن تكون لغة حوار او سلام وأخوة وتسامح بين الفرقاء، وأكثر من هذا كيف لصاحب هذا المقترح الخبيث أن يتصور ولو للحظة واحدة ان يقبل أي من الحوثي أو الرزامي مشروع إخراجه من بلده والقبول بان يكون رهينة “جواز” سفر يحدد حركته وقضيته بعد أن قدم الغالي والنفيس من اجل قناعاته ومعتقداته.
التصور الخاطئ بان الحوثي والرزامي يبحثان في الحوار عن وسيلة لحماية رأسيهما مقابل التفريط بالجماعة وتركها عرضة للتشرذم والتجاذب من قبل “الوسطاء” الذين يبحثون عن إملاء الفراغ الذي سيتركانه في صعدة هو الذي عرقل وقد يفشل الوصول إلى اتفاق سياسي للمشكلة ،كما أن الخطأ الأكبر والذي أدى إلى هذا الإشكال هو أن الحوار كان – كما تبين مؤخرا- يدار منذ أسابيع بدون معرفة أو اتصال مباشر بأصحاب الشأن وإذا استمر الوضع متروكا لمقاولي الباطن فلن تنجح الجهود رغم عدم تشكيكنا باهميتها وإخلاص أصحابها.
يبقى أن نقول بان المطلوب في هذه اللحظة هو إعلان إيقاف الحرب أولا وترك بقية التفاصيل للحوار الذي يجب ان تشترك فيه جميع الأطراف الوطنية لتكون شاهدة عليه ومسؤولة عن تحديد الطرف المخطئ او الطرف الباغي إزائه ، مع التأكيد مرة أخرى بان من لديه إرادة صادقة وجادة لحل المشكلة فعليه ألا يبحث عن بند هامشي هنا أونقطة إضافية هناك.
…وتذكروا دائما بان الحلول الصحيحة للمشكلة لن تتم إلا بتنازلات متبادلة لصالح الانجاز الوطني الأهم.
(الإشتراكي نت)