هل يرضخ حزب الله لقرار المحكمة ويسلّم قتلة الحريري؟
المركزية – لافتا كان الحكم الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رفيق الحريري لا سيما أنه جاء بعد إدانة سليم عياش غيابيا بجريمة الإغتيال إذ فرضت غرفة الاستئناف في المحكمة الدولية بالإجماع عقوبة السجن المؤبد على عنصرين آخرين من حزب الله هما حسن مرعي وحسين عنيسي، بعدما كانت برأتهما عند صدور الحكم في حق عياش لعدم وجود أدلة كافية، كما قررت عدم وجود أدلة على ضلوع كل من “قيادة” الجماعة والنظام السوري في اغتيال الحريري.
عقوبة السجن المؤبد هي الأقصى التي ينص عليها النظام الأساسي للمحكمة وقواعدها. لكن لا سليم عياش الذي أدانته المحكمة الدولية في آب 2020 سلمه الحزب للعدالة، علماً أنه عضو بارز فيه، ولا يوجد مؤشر لدى الحزب لتسليم كل من مرعي وعنيسي. ولو أراد حزب الله أن يثبت حسن نيته لفعلها وسلم عياش. لكن الأكيد أنه لن يسلم أياً من المتهمين الثلاثة الصادرة في حقهم أحكام عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
والسؤال الذي يطرح، هل ما زالوا على قيد الحياة؟ والأهم كيف تجوز مساكنة فريق متهم بالقتل بتوثيق من أرفع قضاء دولي، وكيف يمكن أن يستقيم قانون عندما لا يخضع حزب يضم أفرادا ومسؤولين مدانين بالقتل؟
“ما حصل ليس بتفصيل” يقول رئيس “لقاء سيدة الجبل” النائب السابق فارس سعيد، “فالقرار الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بالغ الأهمية”. ويذكّر اللبنانيين بالبند الأخير من البرنامج المرحلي لحركة المبادرة الوطنية وتحديدا المجلس الوطني لرفع الإحتلال الإيراني عن لبنان “الذي طرح جملة أسئلة حول كيفية تنظيم المساكنة أو العيش مع حزب لا يحترم القانون اللبناني ولا القانون الدولي وهو قاتل ومدان باغتيال شخصيات وطنية ومواطنين أبرياء في لبنان ويطالبنا بالعيش المشترك طالما ليس هناك مساواة فيما بيننا أمام القضاء؟”.
هذه الإشكالية طُرحت على طاولة لقاء سيدة الجبل كحركة مبادرة وطنية وكمجلس وطني لرفع الإحتلال الإيراني عن لبنان منذ حوالى العامين، واليوم يعود سعيد ليذكر بها مطالبا الجميع بإعادة طرح هذا الموضوع “وتحديداً المرجعيات الإسلامية والمسيحية وبالتالي إصدار موقف واضح دعماً لهذا القرار، والمطالبة بتسليم القتلة فوراً إنقاذاً للعيش المشترك في لبنان وحتى تكون هناك إمكانية حتى للمساكنة مع هذا السلاح ومع هذا الحزب الذي قتل بتوثيق من قبل أرفع قضاء في العالم”.
يضيف سعيد: “نعم المطالبة ضرورية بدءا من الكنيسة المارونية والمجلس الشيعي الأعلى ودار الإفتاء وكل الأحزاب السيادية والمدنيين الذين نتحاور معهم بالعدالة والقانون وبالدولة المدنية ودولة القانون، إذ كيف يمكن أن يستقيم قانون عندما لا يخضع حزب أو تنظيم له، في حين تخضع باقي شرائح المجتمع اللبناني للقانون والعدالة؟”.
إلى ذلك طالب سعيد لقاء سيدة الجبل والمجلس الوطني لرفع الإحتلال الإيراني عن لبنان تنظيم محاضر ورسائل ووثائق ومذكرات وإرسالها إلى كل سفارات الدول في لبنان تطالب بالتوقف عن اعتبار وجود جناحين داخل حزب الله واحد عسكري وآخر سياسي. ويقول في السياق “هذا توصيف ساقط بدليل الحكم الصادر عن أرفع محكمة في العالم. من هنا لا يجوز تحت عنوان الواقعية الفصل بين جناح عسكري وجناح سياسي. ومن يريد أن يكون جزءاً من المجتمع الدولي عليه أن يحترم القضاء الدولي. خلاصة الكلام هناك حزب قتل ونطالب بتوقف أي إتصال ديبلوماسي مع هذا الحزب طالما لم يتم حتى اللحظة تسليم القتلة”.
ثلاثة متهمين من كوادر حزب الله أدانتهم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والحزب وحده يعلم أين هم، وإذا أراد أن يثبت حسن نيّته عليه أن يسلمهم… “لكن أكيد حزب الله لن يُسلّمه” قالها النائب السابق مصطفى علوش بعد صدور الحكم على سليم عياش في آب 2020. واليوم نضيف أكيد حزب الله لن يسلم كلا من حسن مرعي وحسين عنيسي، ووحده من يعرف أين هما وهل لا يزالان أحياء؟
السؤال عن مصيرهما حتمي ومشروع يستطرد سعيد ويضيف: “لكن السؤال المصيري هو كيف يمكن أن يستمر لبنان بعدما اكتشف اللبنانيون وتأكدوا بناء على قرار صادر عن المحكمة الدولية أنهم يساكنون قتلة شهداء الوطن. أكثر من ذلك هم مطالبون بأن يتعايشوا معهم! فالشهيد رفيق الحريري ليس شهيد عائلة الحريري حصرا، إنما هو شهيد وطن كما كل شهداء 14 آذار وسواهم من الأبرياء الذين اغتالهم الحزب”. ويلفت إلى أن “الإتهام الموجه للحزب لا يعني حكما اتهام طائفة بكاملها، إنما هناك جماعة قاتلة تتلطى بالطائفة ولا تريد أن ترضخ للعدالة والقانون. وفي هذه الحال إما أن تقرر الطائفة إبقاءها تحت جناحيها وبذلك تُدخل لبنان في تشنج طائفي، أو تبحث عن مخرج فتضحّي بنفوذها وتسلّم القتلة”.
“المسألة ليست تفصيلا. إنما هي مسألة مفهوم العدالة. وفي حين تغيب العدالة في العراق واليمن وسوريا إلا أن لبنان متمسك بها وكذلك اللبنانيون. فمن دون عدالة لا تاريخ ولا جغرافيا ولا وطن”.