إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
وفي الذكرى العشرين لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، وبعد انقضاء ثلاث سنوات ونيف على قراره بتعليقَ العمل السياسي، وُلِدَ ذلك النسر من جديد، هو “النِسر” الذي وعدَ سعد الحريري انصاره واللبنانيين بولادة جديدة له في اعقاب قراره تعليق العمل السياسي. إلا أنه، حينها، لم يحدد موعد تلك الولادة، فجاءت في اعقاب الزلزال الاقليمي والمحلي الذي ضرب لبنان والمنطقة قبل أسابيع. فكسر “النسر” ذلك الغلاف الصخري وخرج ليُفرِدَ جناحيه فوق بيروت وكل لبنان، محتضنا كل “المستقبليين”، الذين توافدوا بعشرات الآلآف الى ضريح الرئيس الشهيد، ليلاقوا الرئيس سعد الحريري.
المشهد من ساحة الشهداء اليوم في 14 شباط من العام 2025، كان مشهد 14 آذار لا 14 شباط، في استعادة لتلك التظاهرة الحاشدة التي اعلنت انطلاق ثورة الارز عام 2005. واليوم، أعلن الرئيس سعد الحريري إطلاق نسر المستقبل، الذي ولد من جديد مع الذكرى العشرين، محددا منطلقات التيار السياسية والاهداف المستقبلية في المدى القريب، حيث قال إن “التيار سيكون مع الناس في كل الاستحقاقات المقبلة”، وانه “باقٍ مع الناس”. وهذا يشير الى ان عجلة التعليق تحررت، وان على التيار مواجهة الاستحقاقات الداهمة، واولها الانتخابات البلدية والاختيارية، ومن بعدها الانتخابات النيابية، بعد غياب لدورة واحدة عن هذين الاستحقاقين.
الحشد اليوم، يحمّل الرئيس الحريري مسؤولية مضاعفة. فهذا الحشد يُجدد الولاءَ في كل عام للرئيس سعد الحريري، منذ العام 2005! لم يتعبوا، لم يصابوا باليأس، لم يدخل الاحباطُ الى قلوبهم، في كل عام يتنادون يجتمعون، ويؤمّون “ساحة الشهداء” حيث ضريح رفيق الحريري، ويحمّلون الرئيس سعد الحريري مزيدا من الثقة والمسؤولية لمتابعة نهج والده.
الذكرى الـ20، مرت هذا العام، وقد تحققت “عدالة السماء” لوالده الرئيس الشهيد، كما قال سعد الحريري قبل زمن. فكل من اشتركَ في الاغتيال المشؤوم خرج من التاريخ والجغرافيا، ومن الحياة.
نظام الاسد الذي هدد الرئيس الشهيد، لم يعد موجودا! وخلية “حزب الله”، التي نفذت الاغتيال قضى جميع افرادها قتلاً! وهيمنةُ إيران على القرار السياسي للبلاد تلاشت! وهناك عهدٌ جديد، قال الرئيس سعد الحريري، إنه يشكل فرصة يجب ان لا نضيعها بوجود الرئيسين جوزف عون ونواف سلام، معلنا دعمه و”التيار الازرق” للعهد، ووقوفهما الى جانبه.
في الذكرى الـ20، أعاد سعد الحريري تأكيد ان لا بديل له سوى سعد الحريري، وأكد انه ماض في نهج الاعتدال، هذا النهج الذي هو حاجة وطنية لبنانية وعربية، بعد تصاعد موجات التطرف، خصوصا في اسرائيل. هذا التطرف الذي يشكل مادة يستغلها ضعفاء النفوس من جهة. ومن تُسِوِّلُ لهم انفسهم للتواطوء على خلق مناخات التطرف المقابل، من جهة ثانية، بخطاب حق يراد به باطل، فتدخل المنطقة دوامة عنف جديدة، قد نعرف كيف تبدأ ولكننا حتما لا نعرف كيف ستنتهي وأي أضرار ستحمل الى المنطقة.
في الذكرى الـ20، أكد سعد الحريري أنه عصيُّ على الاقتلاع، وان محاولات إختراع بدلاء له ولتياره في الشارع السني خصوصا، والوطني عموما، باءت وستبوء بالفشل، وأن “بيت الوسط” سيبقى الممر الالزامي للتوازنات الفعلية السياسية في البلاد، غاب عنه سيده او حضر.
حضور “تيار المستقبل” في ساحة الشهداء اليوم، وكلمة الرئيس سعد الحريري سيخيّبان ظنون الكثيرين ممن اعتقدوا انهم دفنوا الحريرية السياسية، ومن اعتقدوا لوهلة انهم يستطيعون ان يرثوا التركة الثقيلة للرئيس الشهيد رفيق الحريري. مع انهم تمتعوا بفرصة ذهبية، تمثلت بقرار الحريري تعليق العمل السياسي. فقد استنكف تيار المستقبل عن المشاركة في الحياة السياسية لاكثر من ثلاث سنوات، وأثبت اليوم انه هو وحده الحاجة الوطنية للتوازن السياسي ولتعزيز نهج الاعتدال والتوافق الوطني.