إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
ليكن كلامكم نعم نعم لا لا، وما زاد على ذلك فمن الشرير
إنجيل متى الاصحاح الخامس
تحدثنا أسطورة “بروكروست” الاغريقية عن حداد قاطع طريق يدعو المسافرين إلى قضاء الليل عنده ويغريهم بالطعام والنوم المريح، ثم يجبرهم على المبيت فى سرير ويشترط عليهم أن يتطابق طولهم مع طول السرير. فإن كان الضيف قصيراً شد أطرافه، وإن كان طويلا قطع ساقيه. ولم يحدث أن تطابق طول السرير مع طول أي ضيف لأنه كان يحتفظ بسريرين مختلفين فإن كان الضيف طويلا ً أجبره على المبيت فى السرير القصير وإن كان قصيرا وضعه فى السرير الطويل! وانتهت حياته عندما هاجمه “ثوثيوس” وقتله فى سريره
.
والسيد “الصادق عبد الرحمن الغرياني” يفعل ذلك! وأنا أسميه باسمه ودون منصبه لأنني أعتقد أنه لا يصلح ليشغل هذا المنصب. وأسميه باسمه لأنني وكل من كتب عنه منتقداً تصرفاته كان ينتقده كشخص ولم يتعرض أحد منهم للهجوم على دار الافتاء ولم يتعرض أحد للإساءة للإسلام من قريب أو من بعيد بالرمز أو بالتلويح أو بالتصريح.
من حوّل المعركة إلى معركة ضد “دار الافتاء” هو السيد الغرياني الذى لم يستطع أن يقرع القول بالقول فاحتمى بمنصبه وادعى أنهم يهاجمون “دار الافتاء ووصفهم” بأنهم مأجورون وأن غرضهم هو النيل من الاسلام! ولا يعنينا قوله فى شيء ونربأ بأنفسنا أن نكون كذلك وسنستمر فى انتقاد تصرفاته حتى نبرأ إلى الله فيه: إنني أسأل الله أن أكون من المأجورين الذين يهبهم الله الأجر برحمته وليس بعملنا ونسأله أن يضع فى ميزان حسناتنا كل نقد وجهناه إليه ونعذره فيما يحس به من ضيق أو كره لكل من خالفه الرأي ونسأله ماذا تسمي من يقبض عشرة ألاف دينار كل شهر بالإضافة إلى المزايا الاخرى الخفية؟
ولم يكن نوابه أو مساعدوه ملزمين بالخروج فى وسائل الاعلام للدفاع عنه، هو من يرتكب الاخطاء وهو الملزم بتبريرها، لكنهم فيما يبدو مأمورين بذلك لأنه يوقع على شيكات مرتباتهم ولأنه من عينهم فى الوظيفة ويملك إقالتهم، ولأنهم لن يجدوا عملا فى مكان آخر إذا صرفهم!
إننا نرى أنه هو من يسئ للإسلام حينما يصدر فتاوى متضاربة بناء على طلب اصحاب المصلحة الذين تتطابق مصالحهم مع مصالحه، وهو الذى يسئ للإسلام حينما يأمر بطاعة ولي الامر الذى كان يسمى القذافي، ثم ينقلب عليه ويفتي بكفره. وهو الذى أسبغ على المجلس الوطني العام والحكومة صفة “ولي الامر” وحر!م الخرج عليها. ثم ارتد على عقبيه، وأفتى بأن الخروج عليها واجب شرعي أو “فرض كفاية” كما يدعي”! وإذا كان فرض كفاية، فلماذا لم يؤدِّ الفرض بنفسه؟ لماذا أرسل شقيقه يقود مظاهرات اقتحام اجتماعه فى الكريمية بعد أن منع انعقاده فى مركز البحوث الصناعية بأوامر شخصية منه للمجلس العسكري فى تاجوراء؟
وعندما تعلق الامر بمصالح انتقامية شخصية، أفتى بحرمة المظاهرات فى بنغازي وطرابلس باعتبارها خروجا على ولي الامر، برغم أنها كانت تأييدا لولي الامر ضد الكتائب المؤدلجة التي تحمل السلاح! ثم عاد وحث الناس عليها وكأنما ليس هناك ولي للأمر، لان همه الوحيد هو إقصاء الدكتور محمود جبريل عن الحياة السياسية بسبب ما يكنّه له من حقد دفين وصل إلى اتهامه بالكفر! ولما أعلن الدكتور أنه على الاسلام الصحيح، شكّك الشيخ في كلامه وقال إن كلمة “لا إله إلا الله” لا تكون إلا بحقها، فهل التملق للقذافي والاستكانة له كان بحقها؟ وهل نقلُ الكذب عن محمود جبريل واتهامه بأنه يستعدي الغرب على الكتائب بحقها؟
ألا تنطبق عليه الآية التي يرددونها دائما إذا جاءكم فاسق بنبأ….(الحجرات)؟
الا ينطبق عليه وصفه تعالى سماعون للكذب االمائدة42 ؟
أسوأ الاشياء أن يستغل هذا الرجل منصبه لكى يفتي بكفر هذا أو إيمان ذاك (إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وشيء مِنَ الدُّلْجَةِ) رواه البخاري (39) ومسلم (2816).
وعن أبى ذر، قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم ثم أتيته وقد استيقظ فقال ((ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر ) ) قال أبو عبد الله هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال لا إله إلا الله غفر له * البخاري .
وكما أن هناك جهازاً يكشف العملة المزورة فسيخترع عما قريب جهاز يكشف المسلم المزيف! وإلى حين الانتهاء من اختراع هذا الجهاز، أقترح عليه أن يستورد جهاز كشف الكذب ويخضع كل متقدم للزواج للكشف عليه أو يطلب من كل مأذون شرعي أن يحمل الجهاز معه حيثما كان، ويا حبذا لو افتعل نظاماً يحصل الشخص بموجبه على شهادة خلو من الكفر أو خلو من الايمان بدلا من شهادة خلو من السوابق!
وهو الذى أبطل حقا أحله الله بمنع زواج الليبيات من غير الليبيين، فاعتدى على حق شخص حرّ فى اختيار شريك حياته، معللا ذلك بالمصلحة! وكأنه يعرف مصلحة المقبلة على الزواج أكثر منها ويمنعها من اختيار من تأتمنه على نفسها وجسدها. وكأنه أولى بالقوامة عليها من أمها وأبيها..
هناك خطأ لغوي أصححه له عندما يقول بصفة مؤقتة فإن عليه أن يقول مؤقتة بماذا لانها تعنى حدثين حدوث أحدهما مترتب على حدوث الاخر. كأن نقول مثلا إن قيام الساعة مؤقت بظهور المسيح الدجال، والاصح أن يقول بصفة طارئة لانها تجيء من كلمة “طرأ”، أي حدث أمر مفاجئ لم نكن ننتظره.
ثم كشف عن ضعفه عندما استخدم للتهويل ألفاظا طنانة توحي بأن هامته تحلق فى سماء لا يطاوله فيها أحد وأنه يعلم ما لا تعلمون، مستخدما كلمات رنانة كالقاديانية والرافضة!
القاديانية دين مُخْتَرَعٌ ظهر أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بقاديان، إحدى قرى البنجاب الهندية، مؤسسها ميرزا غلام أحمد القادياني المولود سنة 1265هـ بقاديان. ادعى الالوهية وحاول أن يبشر بمبدأ تناسخ الارواح. وهي ديانة لا قيمة لها، المؤمنون به قلة قليلة موجودة فى المنطقة الحدودية بين الهند وباكستان وتكاد تندثر وليس لها أتباع فى العالم العربي، ولا خوف منها ولا رغبة لمعتنقيها فى الزواج بالمسلمات الليبيات لان المسلمات فى الهند وباكستان أفضل كثيرا.
أما عن “الرافضة” – وهنا الفضيحة – فإليك هذا.
قال بن منظور (الرفض تركك الشيء تقول: رفضني فرفضته ويقول في وجه التسمية «الروافض: جنود تركوا قائدهم وانصرفوا،” وليس هناك مذهب أو دين اسمه “الرافضة” لكنه مصطلح كان يطلق سياسيا على كل جماعة لم تقبل الحكومة القائمة -اي انه يرادف مصلح “المعارضة” في الوقت الحالي. فنجد ان معاوية ابن ابي سفيان يصف شيعة عثمان ـ الذين لم يخضعوا لحكومة علي بن أبي طالب وسلطته وجاءوا إليه فى دمشق بالرافضة (بحوث فى الملل والنحل، جعفر السبحاني ج 1 -122.
ويقول الامام الشافعي
إن كان رفضاً حبّ آل محمد فليشهد الثقلان أنّي رافضي (ديوان الشافعي 55)
وهو يرتكب فى فتواه بهذا الخصوص هفوة خطيرة لم ينتبه لها. إنه يقر دون أن يعي أن الشريعة الاسلامية غير قابلة للتطبيق فى كل زمان ومكان وأن من حق الحاكم الامتناع عن تطبيقها، وأن المصلحة تسبق الحكم ويكون من حق الحاكم أن يحرّم ما أحل الله ابتغاء المصلحة. ويفتح بذلك على نفسه أبوابا قد يهدم فتاويه.
وحين يواجه بمثل هذا الاحراج، فإنني أتوقع منه أو من مساعديه أن يستند إلى مبدأ انعدام الكفاءة بين الطرفين تطبيقا لأحكام متعددة أصدرتها المحاكم السعودية، وإذعانا لقول فقهاء “الوهابية” التي يؤمن بها والتي يعتنقها ويطبقها عملا ثم يخجل من الاعتراف بها صراحة. لكن ماذا يقول فى حديث رسول الله “لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى”؟ وأستطيع أن أقدم له أحاديث كثيرة فى هذا المجال.
وأكتفى بأن أنقل عن الكرخي ما يقول: (الأصح عندي أن لا تعتبر الكفاءة في النكاح أصلا؛ لأن الكفاءة غير معتبرة فيما هو أهم من النكاح، وهو الدماء فلأن لا تعتبر في النكاح أولى). ولو كانت الكفاءة شرطا فى الزواج لما تزوج رسول ألله بأي من نساء الارض فلا توجد من تناسبه شرفا وحسباً. والرد طبعا جاهز أن المرأة لا ترضى أن يفترشها من هو أقل منها أما الرجل فله أن يفترش من يشاء.
وكل أحكام الفقهاء لا تقيم للجنسية أي اعتبار، وكلمة “ليبيا” لم ترد في أي نص فقهي بل إن كلمة “الوطن” لم ترد فى الفقه الإسلامي إلا عند الفقهاء المعاصرين وراوا فيها فكرة دسّها الاستعمار لمحاربة مشروع “الخلافة” وتفتيت وحدة المسلمين الذين يريدون لدولتهم أن تمتد بلا حدود. قال يوسف القرضاوي (إن القومية والوطنية أو غير ذلك هي من الأوثان) كتابه “الإخوان” /ص24,25.
لنعترف أن هناك أخطاء تقع، فكل نظام فى الدنيا يحوى مثالب ونقاط ضعف، فهل نمنع المرور لوجود حوادث سيارات وهل نمنع استخدام البنزين والنفط لأنه يلوث البيئة وهل نمنع الجراحة لان بعض الاطباء يخطئون؟
والقضية فى الاساس ليست قضيته ولا اختصاصه! والأَولى أن تمنعها وزارة الشئون الاجتماعية والاولى أن تعلن َوزارة الداخلية أن الزواج بالليبية لا يعطى الزوج غير الليبي الحق فى الاقامة. ولو ترك الزوج ألهارب أطفالا فنَعِم بها، لأننا شعب يتناقص عدد سكانه نحتاج إلى من يملا الفراغ السكاني الذى نعانيه، ومن السخف تعطيل الأرحام إن كان يؤمن بالمصالح والمقاصد.
وعلى أي حال، يستطيع الراغبان فى الزواج إبرام العقد أمام محرر عقود ثم الحصول على حكم من المحكمة بصحة العقد وإلزام دائرة الاحوال المدنية بتسجيله.
لكن ما يدفعه للتدخل ليس إحياءَ سنّة أو نشر دين أو الدفاع عن الوطن، إنما هي رغبته فى إن يستولي على مقاليد الحكم فى الدولة ويحتكر لنفسه الحق فى تحديد من هو المسلم ويضرب على ذلك مثلا ويسأل هل يمكن اعتبار من بالَ فوق الكعبة مسلما؟ وقبل أن نجيب عل سؤاله، ننبهه إلى خطئه فى استخدام كلمة “على” لانها تعنى العلو أي أن الشخص المفترض صعد فوق الكعبة وبال من فوقها. – تماما كما كان يقول القذافي حينما هاجم السعوديين واتهم الطائرات التي تحمى الكعبة بأن كباتنها كفرة يلقون بنفاياتهم فوقها – والصحيح أن يقول “بال إلى جدار الكعبة”. لكن المفاجأة أن هذا الفعل المفترض لا يدخل صاحبها إلى الكفر. فقد هاجمها الحجاج ودمرها بالمجانيق ثم أحرقها ولم يحكم أحد بكفره. وهاجمها القرامطة وخربوها وأخذوا الحجر الاسود منها ولم يحكم بكفرهم أحد! بل هم الآن أحد المكونات الرئيسة للسكان فى ليبيا، ممثلين فى قبائل “بنى سليم” وبني هلال”!
ثم إليك ما حدث عندما بال شخص فى مسجد رسول ألله وفى وحضوره. –
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين”، رواه البخاري.
السجل بفتح السين هو الدلو الممتلئ ماء.
إنه يكشف بعفوية عن جموحه إلى السلطة ورغبته فى اجتياح الاخر عندما تحدث عن موضوع “تاورغاء” وتجنب السؤال الأصلي للمذيع حول حقهم فى العودة لان الفتوى الصحيحة تجرح أهل مصراته الاقوياء. وقال إنه اتصل بصاحب شركة – أنا أعرف إسم هذا الشخص وهو ليس مقاولا بل رجل أعمال- وسأله عن سرعة تركيب البيوت الجاهزة فأجاب إنها خمسة بيوت كل يوم. إنه وباعترافه لم يكتفِ بالنصح وترتيب المظاهرات والحض على النيل من سلطة الدولة بل مضى أبعد ليحتكر الحكومة ويعطي نفسه سلطة تنفيذية تشمل التخطيط للمشاريع واختيار مقاول التنفيذ، ثم بعد كل هذا يشتكي من أن الإعلام يحاربه والدولة تحاربه وفئة قليلة من التائهين والضائعين تحاربه لكنه لا يهتم بهم ولا يقرأ ما يكتبون، ثم يناقض نفسه ويختار كتّابا معينين يتهمهم بالكفر والردة والمرتد فى مذهبه لا يستتاب بل يقتل فورا!
ويوهم الناس بأشياء ليست حقيقية، مثال ذلك حينما قال أن فكرة “المجلس الاعلى للإفتاء” لا وجود لها إلا عند الشيعة الاثني عشرية كما سماهم. وفى إيران الشيعية الاثني عشرية لا يوجد مجلس اعلى للإفتاء ولا يوجد مفتى، ولكن يوجد “مرشد الثورة” لانهم يؤمنون بولاية الفقيه أي حقه فى تولي الحكم وليس فى نصح الحاكم، ولا بأس من التقليد ما دام يصب فى مصلحتنا!
ما يثيرك فى أمر هذا الرجل أنه يحارب أساس النظام ويطعن فى اختيار الشعب الليبي للمسار الديمقراطي. يسفّه من اختياره لتيار محمود جبريل ويصف الناخبين بأنهم مخدوعون أو مغرر بهم لم يقرأوا البرنامج الانتخابي جيدا. إنها إهانة لشعب بأكمله. إنها فى الحقيقة شخصية القدافي الرافضة للأخر، تحسب فى نفسها الكمال وترى الخطأ فى تفكير الاخرين وتتهمهم بالسذاجة والغباوة لانهم لم يستمعوا لنصحه ولم يتبعوا إرشاداته. ويسخر من التجربة الانتخابية باعتبارها لعبة. ولا ضرر في الاعتراف بذلك لانها لعبة عادلة يقتنع الطرفان فيها بعدالة التحكيم ويقبلان بالنتيجة ويعود المنتصر والمهزوم إلى بيته دون أن يخشى الموت أو القبض عليه. أما فى أنظمة الحكم التي يقترحها فهي حرب مفتوحة الخاسر فيها هالك لا محالة.
فى المقابلة التليفزيونية التي أجراها مع قناة ليبيا الاحرار (القطرية) تحدث الشيخ بعصبية شديدة، وتجنب النظر إلى عيون محدثه، واستخدم يديه بعصبية وضرب الارض بقدمه مرات كثيرة، وبدا عليه الاحباط والضيق. وقالت لغة الجسد ما حاول أن يخفيه. وأضر بنفسه أكثر مما افادها، وكان الاولى به لو قرأ ما قاله الامام مالك:
إذا رأيت الرجل يدافع عن الحق فيشتم ويسب ويغضب، فاعلم أنه معلول النية لأن الحق لا يحتاج إلى هذا، يكفي الحق أن تصدح به، حتى يستجاب له!
مع تحياتي
magedswehli&gmail.com
رجل أعمال وكاتب ليبي- طرابلس