عمان (رويترز) – عززت القوات السورية سيطرتها يوم الاربعاء على مناطق الاحتجاجات المناهضة للرئيس السوري بشار الاسد الذي يواجه دعوات دولية متزايدة لانهاء أعمال العنف التي ذكرت جماعة حقوقية أنها أدت الى مقتل أكثر من 450 شخصا.
وسارت دبابات في دوريات بشوارع مدينة درعا في جنوب البلاد التي اندلعت منها الانتفاضة على حكم الاسد قبل نحو ستة أسابيع. كما انتشرت قوات خلال الليل في ضاحية دوما بالعاصمة دمشق وحاصرت قوات الامن مدينة بانياس الساحلية المضطربة.
وقالت ألمانيا يوم الاربعاء انها تؤيد بقوة فرض الاتحاد الاوروبي عقوبات على القيادة السورية وقالت المفوضية الاوروبية ان كل الخيارات مطروحة لاتخاذ اجراءات عقابية ضد سوريا.
واستدعت فرنسا السفير السوري لتقديم احتجاج على أعمال العنف وقالت ان بريطانيا واسبانيا وألمانيا وايطاليا ستفعل نفس الشيء. وقال برنار فاليرو المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية “يجب أن تستجيب السلطات السورية للمطالب المشروعة لشعبها بالاصلاح لا باستخدام العنف.”
وتقول الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات اقتصادية محدودة على سوريا عام 2004 انها تدرس فرض المزيد من العقوبات الموجهة ردا على أعمال العنف “المقيتة والمؤسفة” لقوات الامن في قمع المحتجين.
ودعت منظمة العفو الدولية مجلس الامن الدولي يوم الثلاثاء الى احالة الوضع في سوريا الى ممثل الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية.
وقال سليل شيتي الامين العام للمنظمة انه ينبغي فرض حظر شامل للسلاح على سوريا وتجميد أصول الاسد واخرين ضالعين في ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان.
وقال شاهد لرويترز انه رأى قافلة من 30 دبابة سورية على الاقل في وقت مبكر يوم الاربعاء قادمة من حنوب غربي دمشق بالقرب من خط الجبهة مع اسرائيل في مرتفعات الجولان في اتجاه يوصلها اما الى دوما أو الى درعا. (شاهد الفيديو أدناه).
ونقلت حافلات بيضاء اللون مئات الجنود بكامل عدتهم القتالية الي ضاحية دوما حيث حاول محتجون يطالبون بالديمقراطية تنظيم مسيرة منها الى وسط العاصمة في الاسبوعين الماضيين لكنهم ووجهوا بالرصاص.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن لديه أسماء ما لا يقل عن 453 مدنيا قتلوا خلال احتجاجات في أنحاء البلاد على حكم الاسد المستمر منذ 11 عاما.
وتحكم أسرة الاسد سوريا منذ تولى الرئيس الراحل حافظ الاسد -والد بشار- السلطة في أعقاب انقلاب عام 1970. وأبقى بشار النظام السياسي الاستبدادي الذي ورثه في عام 2000 في حين وسعت الاسرة نطاق سيطرتها على اقتصاد البلاد المنهك.
وربما يكون للاضطرابات في سوريا تداعيات خطيرة على المنطقة كلها نظرا لموقع سوريا وموضعها في صراع الشرق الاوسط.
وعزز الاسد روابط سوريا مع ايران ويساند البلدان جماعتي حزب الله اللبنانية وحماس الفلسطينية في حين لا تزال دمشق تسعى للتوصل الي سلام مع اسرائيل. ومن الناحية النظرية ما زالت سوريا واسرائيل في حالة حرب لكن الحدود بينهما في الجولان هادئة منذ ابرام اتفاق لوقف اطلاق النار عام 1974.
وذكر أحد سكان درعا التي قطعت فيها الكهرباء والاتصالات الهاتفية وامدادات المياه عندما دخلها الجيش فجر الاثنين أن الاطعمة الطازجة اخذة في النفاد وأن مخزونات متاجر البقالة تتناقص. وقال “معظم ما يوزعونه أطعمة معلبة”.
وذكر أحد أقاربه أن دبابة مرت يوم الثلاثاء على جسم شاب في ساحة تشرين الرئيسية بالحي الذي يسكن فيه.
وقال “انهم يقولون لنا.. يجب أن تقبلونا وسنظل الى الابد نحكمكم سواء قبلتم أم لم تقبلوا.. واذا قاومتمونا فهذا هو مصيركم.”
وذكر أن دخول الجيش الى درعا تحذير أيضا لمدن أخرى مما يمكن أن يحدث لها اذا استمرت الاحتجاجات. وأضاف “لكننا صامدون ان شاء الله وما كان ذلك الا ليقوي تصميمنا على التخلص منهم اليوم لا غدا.”
وقال دبلوماسيون ان الوحدة التي أرسلها الاسد الى درعا يوم الاثنين هي الفرقة الميكانيكية الرابعة التي تدين له بالولاء ويقودها شقيقه ماهر. وأفادت تقارير لم يتسن تأكيدها أوردتها بعض شخصيات المعارضة وبعض سكان درعا بأن بعض الجنود من وحدة أخرى رفضوا اطلاق النار على المدنيين.
وألقت سوريا المسؤولة عن أعمال العنف على جماعات مسلحة. ويقول محتجون ان مظاهراتهم كانت سلمية وان قوات الامن أطلقت النار على محتجين عزل.
وبث التلفزيون الرسمي لقطات لما ذكر أنها اعترافات لاحد سكان درعا قال ان أموالا وأسلحة عرضت عليه لينضم الى الاحتجاجات. كما ذكر التلفزيون أن “جماعة ارهابية متطرفة” اعتقلت في مدينة جبلة الساحلية التي تقول جماعات حقوقية ان ما لا يقل عن 13 شخصا قتلوا فيها يوم الاحد.
وتصاعدت الانتقادات الدولية للحملة التي تنفذها السلطات السورية منذ ستة أسابيع. ولم تكن هناك انتقادات تذكر في بادئ الامر لكن ذلك تغير في أعقاب مقتل 100 محتج يوم الجمعة وبعد قرار الاسد مهاجمة درعا في خطوة أعادت الى الاذهان حملة القمع التي شنها والده على مدينة حماة في عام 1982.
وفشلت محاولات الاسد لتهدئة التذمر برفع قانون الطواريء مع الابقاء على سلطات هائلة للشرطة السرية واحتكار حزب البعث الحاكم للسلطة في وقف الاحتجاجات.
لكن الاسد الذي ينتمي الي الاقلية العلوية في سوريا ما زال يتمتع ببعض التأييد خصوصا من اعضاء طائفته الذين يهيمنون على الجيش والشرطة السرية وربما يخسر السلطة اذا تحولت سوريا ذات الغالبية السنية الى الديمقراطية.
وما زال تحالف بين الاقلية الحاكمة وطبقة التجار السنية أسسه الاسد الاب من خلال مزيج من الاكراه والامتيازات قائما ويحرم المحتجين من المساندة المالية ومن موطيء قدم في الاسواق القديمة بدمشق وحلب ثانية كبرى المدن السورية.
ولكن مطالب المتظاهرين تصاعدت الى الدعوة للاطاحة بالاسد مع تنديد المحتجين به لارساله قوات الجيش لاطلاق النار على شعبه بدلا من تحرير مرتفعات الجولان.
مدن سورية تظاهرت الأربعاء تضامناً مع درعا المحاصرة: