فى الشأن الليبيى مرت الايام الماضية غاصة بالاحداث مليئة بالمتناقضات والمفاجآت. وبدا المشهد السياسى غاية فى التناقض والتخبط والرعونة. وسأختصر أهم المشاهد فى أربعة:
1 – زيارة السيد رئيس المجلس الانتقالى إلى السودان
2 – مؤتمر أئمة المساجد وعلماء ليبيا وشيوخ القبائل
3 – التحقيق فى مقتل السيد عبد الفتاح يونس
4 – تصدير السلاح وتصدير الثورة
كانت ريارة السيد المستشار إلى السودان فكرة غير صائبة فى أساسها ثم كانت مليئة بالاخطاء فى أثنائها. وأول أخطاء الفكرة أن الدولة الليبية استنجدت بالمحكمة الجنائية الدولية فى محاربة نظام الحكم السابق وإعلان أركانه الثلاثة مجرمين دوليين مطلوبين أمام العدالة الدولية، مما ساعد فى تجميد حركتهم وحصارهم فى أماكنهم ومنعهم من التفكير فى الهرب أو اللجوء إلى دولة أخرى، وأصدرت القرار فى زمن قياسى لم يتعد عشرة أيام من تاريخ تقديمه. فى حين استغرق قرار مماثل بحق رئيس صربيا السابق ميلوسيفيتش أحد عشر شهرا. بعد خدماتها لنا ودورها فى الاطاحة بالطاغية السابق، ما كان ينبغى أن نكافئها بالذهاب إلى طاغية أخر، مطلوب لعدالتها، فى عقر داره لنشكره على مساعدتنا.
ما كان يجب أن تكون أول زيارة رسمية يقوم بها رئيس الدولة الليبية الى رئيس دولة تطارده العدالة الدولية بتهم الابادة العنصرية ومحاولة القضاء على شعب بأكمله هو شعب دارفور.
وإستغل الرئيس السودانى الفرصة على أحسن ما يكون، وقال إن القذافى قد أضر بالسودان أكثر من أى عدو أخر له. وأنه السبب فى كل المصائب التى لحقت ببلاده. والبشير هنا شخص يمارس ما إعتاد عليه من الكذب والضلال.
فالذى دمر السودان ومزقه إلى دويلات كان هو البشير وحسن الترابى وجعفر النميرى عندما أصروا على تطبيق أحكام الشريعة الاسلامية على الجنوب. وتصور وثائقيات كثيرة درجة العنف والشراسة التى مارسها الجيش السودانى فى الجنوب وكيف أباد مدنا بكاملها وحول أهلها من مجتمع مدنى مستقر إلى مجتمع بدوى رحّل.
وما زال البشير ونظامه يمارس نفس الدور فى دارفور غير آبه بإنتقاد الضمير العالمي أو الفضائح التى تنتشر حول شخصه وجرائمه, والمشكلة أن ضحاياه هذه المرة هم مسلمون مثله لا تخوّله الشريعة رفع راية الجهاد ضدهم. والمشكله بالنسبة لنا أن دارفور لا تملك إتصالا بالعالم إلا عن طريقنا. فهل سنساهم فى إبادة شعب مسلم من أجل إرضاء طاغية يتخذ من الشريعة سلّما لرغباته ودمويته؟ أتمنى لو يجيب المتأسلمون على هذا.
عندما كان البشير ينسب للقذافى كل ما لحق بالسودان من دمار بحضور السيد رئيس المجلس، فإنه كان يطالبه بأن تتحمل ليبيا ثمن هذا الدمار وأن تتحمل بالتعويضات اللازمة لمحو أثاره! وغض السيد المستشار النظر عن هذه النقطة.
لكن البشير ليس محقا في ما قال. فقد صب النظام القدافى فى السودان أسلحة كثيرة وإستخدم طائراته لنصرة الحكومة وضرب المتمردين فى ثورة المهدي، وأنفق أموالا لا حصر لها ومول مشاريع لا نهاية لها. وكان البشير ضيفا دائم الحضور على موائد القدافى، الذي حاول فك الحصار عنه وإنقاذه من ورطته بكل وسيلة ممكنة وتحدى قرارات المحكمة الجنائية الدولية واستقبله في ليبيا عدة مرات. وحصل المسئولون السودانيون وعلى رأسهم البشير على مغانم وأموال سائلة يصعب حسابها. ولك أن تعلم أن الاوساط المالية العالمية تقدر ثروة الرئيس السودانى وحده بما يقارب ستة بلايين دولار.
وفتح القائد المقتول أبواب الهجرة مشرعة بدون أى قيود أمام السودانيين القادمين ومعظمهم بلا بطاقات تعريف أو جوازات سفر ولا ينوون العودة إلى حيث كانوا واجتاحوا البلاد. والنتيجة أن القبائل السودانية غزت كل المدن الليبية وكوّنوا محتمعا خاصا بهم، وكما تقول الصحف السوداينة فإن عددهم فى ليبيا يصل إلى ثلاثة ملايين شخص. وتبعتها إنتهاكات القوات السودانية الحدود الليبية بشكل نمطي متكرر لتوفر لهم الحماية. وتحولت مدينة “الكفرة” إلى أسوأ أوكار الخمور والمخدرات والتهريب فى العالم. وعلى كل حال، فقد رحل الطاغية إلى غير رجعة وستتفكك السودان إلى دويلات صغيرة. فلنرى ماذا سوف يفعل عمر البشير بعد أن خلصه الليبيون من أشد أعدائه.
لم يكتفِ السيد الرئيس بذلك، بل دعا السودان إلى الاستثمار فى إعادة إعمار ليبيا. ثم دعا شباب السودان كذلك إلى المساعدة فى تعمير ليبيا. ولا نعلم ماهى التكنولوجيا التى تملكها الدولة السودانية والتى نحتاجها ولا نجدها عند غيرها، اللهم إلا رعي الابل وصنع الماريسا ( الماريسا شراب كحولى سودانى يصنع من تخمير حبوب الذرة بطريقة تشابه صنع الويسكى).
كان من ضمن برنامج السيد الرئيس إلقاء خطاب فى مؤتمر الحزب الحاكم. وهذا خطأ أخر والمفروض أن يلقى الرئيس الزائر خطابه أمام برلمان الدولة المضيفة ليخاطب الشعب السودانى بكل تنوعه وإختلافاته. أما أن يخاطب فئة دون فئة أخرى فذلك ما لا يتماشى مع العرف والبروتوكول.
وحكم البشير زائل لا محالة، لأنه حكم ديكتاتورى قمعي، ولان الرجل بقى يمارس القهر والقتل بقوة السلطة لمدة تقارب ثلاثين عاما، ولان الاعتراضات على وجوده تعم السودان. وسيضعنا هذا فى تناقض حائر: أنشجع الثورة باعتبارنا ثوريين لنا تجربة تشابه تجربتهم، أم نشجع البشير بإعتباره صديقا لنا؟
يتبع
swehlico@maktoob.com
كاتب ليبى
سبل الضلالة الاربعة (1): زيارة عبد الجليل للبشيرللأسف معلوماتك غير دقيقة، الكلية العسكرية في طرابلس وهذا الدليل: http://www.wikimapia.org/6253833/ar/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9 إذا لم يعمل الرابط، فأدخل (الكلية العسكرية طرابلس) في محرك جوجل ربما يكون لجون قرنق مؤهلات أخرى، ولكنه كان من المؤكد في طرابلس، وهذه الكلية خرجت بعض رؤساء تشاد أيظا وبالنسبة للبشير، هل تظن أن الحنوبيين سيرضون بعدم التقسيم إذا تنازل البشير عن الرئاسة لرئيس مسلم، أم أنك تفضل سلفاكير رئيسا للسودان وإذا كنت تظن أنه من الممكن لأي واحد الحيلولة دون التقسيم، فأنت واهم، اللهم إلا إذا تم نزع سلاح الجنوب، أو التخلي عن دعمهم كما حصل مع دارفور يجب التركيز… قراءة المزيد ..
سبل الضلالة الاربعة (1): زيارة عبد الجليل للبشيرأولا الكلية العسكرية موجودة فى بنعازى وليست فى طرابلس. ولا تقبل غير الليبين أما جون جارانج فقد درس فى جامعة دار السلام فى تانزانيا ثم فى الولايات المتحدة الامريكية وحصل على الدكتوراه فى الاقتصادالزراعى من جامعة لوا وكان موضوع بحثه هو تنمية مناطق الجنوب وأخر وظائفه قبل الانشقاق كان فى مركز البحوث العسكرية فى أم درمان وكان إلى عام 1985 يطالب بسودان موحد تلتقى فيه جميع الاعراق والقبائل بشرط تنحى البشير عن الحكم ولكن السيد البشير فضل بقائه رئيسا ولو على جزء من السودان على أن تتحد السودان بدونه الذى عرف جارانج الى… قراءة المزيد ..
سبل الضلالة الاربعة (1): زيارة عبد الجليل للبشيرالأستاذ السويحلي بالنسبة لمصطفى عبدالجليل ورأيك فيه فهذا شأنك أما القذافي فلم يحب السودان يوما، و جون قرنق تخرج من الكلية العسكرية في طرابلس، ومده القذافي بالسلاح والمال ومكنه من تأسيس جيشه في الجنوب وقام بذلك كله انتقاما من النميري الذي رفض عروضه للوحدة والإندماج والخزعبلات التي يحلم بها وقام بنفس السيناريوا مع العدل والمساواة وأمدهم بالمال والعتاد وطلب منهم فصل دارفور، لتصبح دولة جارة لليبيا ووعدهم بالنفط والمال وكان البشير يعامل القذافي بحذر شديد، وصحيح أنه تحصل منه على القليل من المال نعم البشير يرتكب أخطاء، ولكنه أفضل من أغلب الحكام العرب،… قراءة المزيد ..