سابق أم مخلوع

0

رغم أن كل رئيس مخلوع هو رئيس سابق بالضرورة إلا أن الكاتب عادل الربيعي يجادل بأن الصفة التي يجب أن تطلق اعلاميا على المواطن اليمني علي عبدالله صالح بعد تنصيب رئيس جديد منتخب لليمن هي صفة الرئيس السابق وليس الرئيس المخلوع، لأسباب يجملها في النقاط التالية:

1 ـ إن عملية نقل السلطة في واقعها الإجرائي كانت وفق الانتخابات الشعبية المباشرة وتحت استفتاء شعبي لنائب الرئيس ( المرشح من قبل صالح في المقام الأول) بموجب قرار لأجراء انتخابات رئاسية مُبكره، وبالتالي فالإرادة الشعبية التي خرجت بدعوة حزب المؤتمر وصالح واحزاب المشترك لا يمكن ان تعبر عن خلع شخص ما بقدر تأييدها للمرشح منصور !! فالديمقراطية تنصب ولا تخلع.

2 ـ أن وصف صالح بالرئيس المخلوع يتنافى مع القيم الديمقراطية في ظل التداول الديمقراطي الذي حدث بل ويدعو إلى تكريس مشاعر العار والخزي التاريخي للحاكم العربي عند تسليمه للسلطة ، نحن بحاجة ان نشجع ما يحدث لتكريس عملية الانتقال السلطة في اليمن وفي الوطن العربي ككل ـ لا أن نشفي غليل خصومة وننسى اهمية القيمة الجوهرية ذاتها .
3 ـ كذلك المعهود والمشهود للوصف السائد لكلمة الرئيس المخلوع هو غياب الرئيس أو اعتقاله أو قتله أو محاكمته كما هو الحال في (تونس ـ مصر ـ ليبيا) و كذا عدم وجوده في مراسيم لتنصيب او تسليم السلطة كما هو مقرر ، ولا يتوازى كل هذا الاداء الاعلامي المحتفظ بكافة صلاحيات صالح كرئيس جمهورية حتى صباح يوم 25 فبراير .

وبالتالي كما يقول الربيعي فأننا نقف أمام تسميتين ( السابق ) وهي حقيقة لا تمدح ولا تقدح وتسمية ( المخلوع ) وهي في نظره تسميه تقدح من صالح و تتماهى بين ظاهرتين الأولى موجة الرفض الواسعة التي واجهها صالح خلال النصف الاول من 2011 و الثانية هي قبوله و فرضه وتسليمه السلطة في ظل المبادرة والآلية التي ارتأها هو والمرشح الذي اختاره في ظل توافق سياسي و وطني بل وعدم غيابه من البلاد ونواياه نحو ممارسة السياسة بعد تسليمه السلطة على حد وصفه وتصريحاته .

وعليه فان الربيعي يرى بان علي عبدالله صالح كعادته ( لغز يرهق المفاهيم) ولكنه يرجح بانه رئيس يمني (سابق) بقوة الصندوق والنهج الديمقراطي و كذا أولوية المناسبة والقيمة التاريخية التي يجب يتم تكريسها في اليمن !! وليس (مخلوع) رغم تنحيه القسري.

هذه النقاط التي أوردها الكاتب الربيعي في حائطه على الفيس بوك أقنعت كثيرين لكنها لم تقنعني ولم تغير من رأيي قيد أنملة ولذلك سأظل أطلق على صالح صفة الرئيس السابق وكذلك صفة الرئيس المخلوع لأن الرجل لم يكمل فترة رئاسته وفقا للدستور الذي فصله أنصاره على مقاسه، ولم يخرج الرجل من السلطة من ذات نفسه بل خرج قسريا باعتراف الربيعي ذاته.

المسألة هنا ليست حب أو كراهية فلا محبة الربيعي لصالح يمكن أن تعفيه من لقب المخلوع ولا كراهيتي للرجل يمكن أن تنفي عنه لقب السابق فهو سابق ومخلوع في وقت واحد رغما عنا جميعا.

ولو كنت مكان الرئيس الحالي عبدربه منصور وقادة أحزاب اللقاء المشترك لما حضرت حفل تنصيب يقصد منه تكريم الرئيس المخلوع وتدليله، وليس الاحتفاء بالرئيس الجديد. فمثل هذا التكريم كان يستحقه لو أنه ترك المنصب في بداية الربيع العربي من تلقاء نفسه ولم يماطل ويراوغ ولم يتحمل مسؤولية قتل المئات في أرحب ونهم وتعز وعدن، وتجويع ملايين اليمنيين.

إنه من المؤسف حقا أن يخرج الملايين لانتخاب رئيس جديد لليمن ليس عن قناعة كاملة وإنما لخلع رئيس هو الأكثر سوءا في تاريخ اليمن. ومن المؤسف حقا أن يصر بعض قادة المؤتمر الشعبي على إقامة حفل تنصيب باذخ للرئيس الجديد ليس حبا فيه ولكن لتدليل الرئيس السابق الذي لم يسبقه غيره في كمية الدلال الحاصل عليه طوال تاريخه الرئاسي محليا واقليميا ودوليا، وأخشى ما أخشى أن تكون عواقب هذا الدلال وخيمة فيما بعد عليه وعلى بقية أفراد الدلال.

وصحيح أن الرجل لم يقتل مثل القذافي ولم يحاكم مثل مبارك ولم يهرب مثل بن علي ولكن هذا لا ينفي عنه حقيقة دامغة أنه جرى خلعه من السلطة. وسواء كان هذا الخلع بمبادرة خليجية أو بالصندوق أو بالثورة الشعبية أو بأزمة سياسية فالنتيجة واحدة. وسواء كان مأذون الخلع جمال بن عمر أو ياسين سعيد نعمان، أو عبدالوهاب الآنسي أو علي محسن صالح أو حميد الأحمر أو الزياني فالتاريخ لن يذكر المأذون ولكنه سوف يذكر المخلوع شاء الربيعي أم أبى.

ولا شك أنه بعد هذا الخلع لم يعد أمام اللواء علي محسن صالح أي عذر للاحتفاظ بصورة الرئيس المخلوع في مكتبه وأظن أنه قد تم استبدالها بصورة الرئيس الجديد أو باسم من أسماء الله الحسنى كما كنا نفعل أيام الرئيس الأسبق الشهيد ابراهيم الحمدي رحمه الله. ولكن من المؤسف أن السفارة اليمنية في واشنطن والبعثة اليمنية في نيويورك ما زالت ترفع في حوائطها صور الرئيس المخلوع التي عفى عليها الزمن ولم يتجرأ أحد حتى الآن على انزالها في انتظار التوجيهات من رئيس أمن الرئيس المخلوع. وفي النهاية فإن وكالة سبأ للأنباء ممثلة في الزميل يحي العراسي كاتب أخبار الرئيس الجديد تستطيع أن تستعمل لقب السابق أمام بدلا من المخلوع ولكن العالم الخارجي لن يقرأ أخبار وكالة سبأ وإنما يستمع إلى ما تنقله شاشة الجزيرة وما يكتبه عبد الرحمن الراشد وكلاهما يستخدم كلمة المخلوع أمام اسم صالح. وقد يقول قائل اللهم لا شماتة، لكني أقول بل يجب أن نشمت في كل متشبث بالسلطة ويجب ألا نمنع أذاننا من أن تطرب لسماع كلمة المخلوع أمام اسم كل حاكم يطول يرفض الامتثال لرغبة شعبه بالخروج من السلطة وينصاع صاغرا لضغوط أسياده في الخارج.

yemenianalyst@gmail.com

* كاتب يمني

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading