أعلم أن الحكومة تشجع الاستثمار الخاص، وأعلم أن الاستثمار السياحي يأتي في صدارة مجالات الاستثمار بعد أن ثبت أن صناعة السياحة هي الصناعة الأولى في مصر-وفي العالم أيضا-وأثق أن جهودا رسمية تبذل للتيسير على المستثمرين من جهة الإجراءات وكسر الروتين ومحاربة البيروقراطية، لذلك أعرض اليوم لمشكلة صادفها أحد المستثمرين الذين واتتهم فكرة جديدة غير مسبوقة للاستثمار في مجال النقل السياحي، ولأنها فكرة جديدة غير مسبوقة فهي تحتاج إلي تضافر جهود الأجهزة الرسمية لإنجاحها وتشجيع الآخرين على أن يحذو حذوها…أما أن تتعثر الفكرة بسبب تضارب مواقف الأجهزة الرسمية، فذلك يضر بمناخ الاستثمار ويمنع خلق فرص عمل نحن في أشد الحاجة إليها.
الفكرة أن بعض رجال الأعمال الذين يستثمرون في مجال النقل السياحي فكروا في إدخال نوعية جديدة على مصر-لكنها منتشرة في شتي دول العالم-من الأتوبيسات السياحية ذات الدورين، والتي يكون فيها الدور العلوي مكشوفا لخدمة أغراض السياحة وخاصة رحلات مشاهدة معالم المدن حيث يهوي الكثير من السائحين الجلوس في المستوي العلوي المكشوف ليتمتعوا بمجال رؤية أرحب وخاصة في الأجواء المعتدلة التي تتميز بها مصر فترة طويلة من السنة…فكرة طيبة لم أشاهدها في الشارع المصري، بالرغم من شيوعها في جميع عواصم العالم التي زرتها ورأيت تكالب السائحين علي استخدامها لاستكشاف معالم تلك العواصم، حتي أن الشركات السياحية العديدة تتنافس فيما بينها علي جذب السائحين بتصميم خطوط السير التي تمر علي مختلف نقاط الجذب والأماكن ذات القيمة التاريخية والرسمية وغيرها، وإمعانا في خدمة وإغراء السائح علي استعمال هذه الخطوط تسمح التذكرة علي أي منها لحاملها أن يغادر الأتوبيس في أية نقطة توقف خلال خريطة الرحلة علي أن يعود ليستقل ليواصل جولته فيه في أي وقت من اليوم ليستكمل الدورة.
وأتصور أن الأجهزة المسئولة عن السياحة والمرور في مصر، ما أن تعلم بنية أحد المستثمرين لجلب هذه النوعية من الأتوبيسات ستسرع بتشجيعه وتيسير الأمور في طريقه لإنجاح مقصده ولتشجيع الآخرين علي الانضمام إلي تلك النوعية الجديدة علي مجال النقل السياحي، لكن ماذا حدث مع صاحب مشكلتنا؟ يقول المهندس سمير صادق رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية للرحلات الداخلية:قمنا باستيراد أتوبيس بدورين من إنجلترا لتأسيس أول مشروع في مصر للأتوبيسات المكشوفة التي تجوب المدينة في جولات سياحية لمشاهدة معالمها، ووصل الأتوبيس إلي الجمرك حيث استدعي الأمر ذهاب لجنة من الإدارة العامة للمرور المركزي بالقاهرة-تابعة لإدارة التفتيش-لمعاينته واعتماده قبل الإفراج الجمركي عنه، وبعد معاينة اللجنة للأتوبيس أصدرت قرارها الآتي:…تطابق المواصفات الفنية للأتوبيس مع قانون المرور ولائحته التنفيذية كأتوبيس رحلات.وبناء عليه قمنا بسداد كافة الرسوم الجمركية المستحقة عليه وتم الإفراج عنه مع صدور إخطار رسمي من الإدارة العامة للجمارك إلي إدارة المرور المركزي بالقاهرة للمضي في إجراءات الترخيص بالسير وبالتالي إمكان تشغيله في الغرض المستورد من أجله.
يستطرد المهندس سمير صادق:تقدمنا بالأوراق لجهة الترخيص في2007/1/24 وفوجئنا باعتراض إدارة المرور علي بعض الشكليات التي اعتقدنا أنه يسهل حلها خاصة إذا أبصرنا المسئولين بطبيعة الأتوبيس وتصميمه ومجال استعماله، فقد يكون هذا النوع من الأتوبيسات جديدة علي مصر، لكنه مستورد من إنجلترا طبقا لتصميم الشركة المصنعة له ومتناسب مع الاستعمالات المخصص لها، لكن للأسف تقف الأوراق مجمدة حتي اليوم بسبب قرار السيد اللواء مساعد وزير الداخلية للشئون القانونية بعدم الترخيص للأسباب الآتية:
-زيادة ارتفاع الأتوبيس مقدار35سم عن الحد المسموح به، علما بأن ارتفاعه الأقصي يبلغ4.20مترا وهو ارتفاع آمن ومناسب للمرور في جميع الطرق والأنفاق وأسفل الكباري في مصر، علاوة علي أن إدارة المرور ذاتها سبق لها إصدار تراخيص سير لنوعيات من الأتوبيسات يتجاوز ارتفاعها الحد المسموح به بمقدار50سم.
-عدم وجود هيكل معدني بسقف الدور العلوي ليتشبث به الركاب الواقفون، وذلك أمر في غاية الغرابة، لأن الدور العلوي مصمم بدون سقف-والمصنع المنتج له يزوده فقط بغطاء من المشمع للوقاية من الأمطار أو أشعة الشمس الحارقة عند الحاجة إلي ذلك.ومن المعلوم أن هذه النوعية من الأتوبيسات السياحية بسبب طبيعة استخدامها في جولات مشاهدة معالم المدينة، لا تسير بسرعات عالية أبدا، كما لا يسمح للجالسين في الدور العلوي بالوقوف مطلقا أثناء سير الأتوبيس، لذلك تنتفي الحاجة إلي الهيكل المعدني الذي يمسك به الواقفون في أتوبيسات النقل العام.
ويتساءل صاحب الشكوي:الآن ماذا أفعل؟إن أموالي معطلة وأصبحت مهددا بخسارة فادحة إذا اضطررت إلي إعادة تصدير الأتوبيس مرة أخري إلي إنجلترا وألغيت باقي الأتوبيسات التي تضمنتها الصفقة التي كنت مزمعا بموجبها إدخال هذه الخدمة السياحية غير المسبوقة إلي مصر.
وأنا أتساءل:هل يستطيع وزير الداخلية تذليل الأمر وتحريك الأوراق إذا كان هذا المستثمر يقول كل الحقيقة وإذا ثبت أن الأتوبيس المستورد مطابق للمواصفات المعمول بها في الدولة المنتجة له وأن لا شئ ينقصه يؤثر بالسلب علي استعماله سياحيا؟
ثم أتساءل: أين يقف وزير السياحة في هذه القضية يا تري؟مع المستثمر أم مع وزير الدخلية؟… أم أن الأمر لا يعنيه؟!!!