فرانسيس فوكوياما، الفيلسوف البارز وأستاذ العلوم السياسية بجامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية، لم يتخلَّ، بعد ثلاثة عقود من انهيار الكتلة الشيوعية للاتحاد السوفييتي، عن فكرة تفوق “الديمقراطية الليبرالية” على الرغم من التحديات العديدة التي تواجهها. في عام 1992، ومن خلال تأليفه كتاباً بعنوان “نهاية التاريخ…”،
الذي كان له انعكاس عالمي واسع، وعد ببزوغ فجر حضارة إنسانية وديمقراطية وليبرالية في العالم. تحدث فوكوياما مؤخرا مع الأسبوعية الفرنسية “إكسبرس” بمناسبة نشر كتابه الأخير في فرنسا بعنوان “الليبرالية – الرياح المعاكسة”. ومن الأسئلة التي طُرِحت عليه:
في كتاب “نهاية التاريخ…”، أنت تُصوّر انتصار الليبرالية بأنه ليس في الممارسة، بل في الفكرة. وبناءً على تصريحك، “لا يمكن لأي أيديولوجية تزعم العالمية أن تتحدى الديمقراطية الليبرالية”. أليست الصين وروسيا نموذجين بديلين للديمقراطية الليبرالية؟
*فرانسيس فوكوياما: *
لا توجد في الصين ولا في روسيا أيديولوجيا متماسكة. ورغم أن الصين تسترشد بالأيديولوجيا الماركسية اللينينية، لكنها تخلت منذ فترة طويلة عن الجانب الاقتصادي من هذه الأيديولوجيا تماما.
يعتمد اقتصاد الصين اليوم على رأسمالية الدولة مع بعض جوانب السوق الحرة، لكن الصين تخضع بقوة للسيطرة السياسية للنظام الحاكم. لم يعد هناك من يؤمن بالعقيدة “الماركسية اللينينية” الآن.
من جانبها تبحث روسيا منذ عشرين عاما عن أيديولوجيا جديدة.
لقد خلط بوتين القومية الروسية والأرثوذكسية المسيحية والحنين إلى الاتحاد السوفييتي السابق. في الآونة الأخيرة، أضاف معارضته للـ”Wokeism”(“الصحوة” السائدة الآن في جامعات أميركا) وكذلك لحقوق المتحولين جنسياً أو زواج المثليين إلى هذا الخليط العصامي.
قبل عشر سنوات، لم يكن بوتين يهتم كثيرا بهذه القضايا. لكنه أدرك أن هذا النهج يمكن أن يكون له “مشترين”، خاصة في نظر المحافظين في الغرب.
لكن لا يمكنك بناء قوة عالمية بمجرد معارضة حقوق المتحولين جنسيا. يا لها من فكرة رهيبة! لذلك، لا يوجد شيء متماسك أيديولوجيا في أنظمة الصين أو روسيا، باستثناء معارضتهم للديمقراطيات الليبرالية الغربية.
كل الشكر للقارئ الذي “تطوّع” لترجمة مقاطع من هذه المقابلة التي نشرها الشفاف على صفحته الفرنسية هنا! نشجّع القراء، بدون استئذان، أن يقوموا بترجمة ما يعجبهم من مقالات أو دراسات وإرسالها للشفاف. الشفاف بحاجة إلى دعم مالي، وبحاجة إلى دعم بالترجمات!