يبدو أن رجل الأعمال الفرنسي اللبناني زياد تقي الدين بات يخشى أن يتخلى عنه الرئيس ساركوزي ووزير داخليته كلود غيان بسبب التحقيق القضائي معه في قضايا إستخدام عمولات صفقات تسلّح لتمويل إنتخابات الرئاسة الفرنسية في العام ١٩٩٥. وقد عمد تقي الدين، بالمقابل، إلى توجيه إتهامات لدومينيك دو فيلبان، الذي كان مدير قصر الرئاسة في ولاية شيراك الأولى. وقد يكون السبب أن هنالك “شبهات” بأن دو فيلبان ربما كان المسؤول عن تسريب وثائق ضدّ تقي الدين وضد ساركوزي إلى موقع “ميديا بار” الفرنسي الذي قام بنشرها، مما اضطر القضاء لفتح تحقيق سيطال عدداً من الوزراء السابقين وشخصيات أخرى كانت تدور في فلك بالادور وساركوزي (كان ساركوزي قد دعم ترشيح بالادور ضد شيراك في العام ١٩٩٥).
وفي مقال بعنوان ”تصريحات جديدة لزياد تقي الدين حول صلاته بساركوزي”، ذكرت جريدة ”لوموند” الفرنسية أن رجل الأعمال اللبناني-الفرنسي زياد تقي الدين، الذي يشتبه القضاء الفرنسي بدوره في قضية فساد مزعومة قبل انتخابات ١٩٩٥ الرئاسية، يواصل ردوده ”الإعلامية” على الإتهامات الموجّهة له. وقد أعطى تقي الدين مقابلة لجريدة ”ليبراسيون” تطرّق فيها إلى علاقاته مع نيقولا ساركوزي ومع كلود غيان (وزير الداخلية الحالي) اللذين طلب منهما “الإقرار” بالدور الذي لعبه.
وقال زياد تقي الدين أن قصر الإليزيه، الذي كان كلود غيان يشغل فيه منصب الأمين العام، كلّقه بمهمّات في ليبيا ولدى بشّار الأسد.
وقال تقي الدين: “أريد أن أقول للسيد كلود غيان: “أنت تعرفني أكثر من الجميع”! فكل ما قمت به كان نتيجة تكليف حكومي”!
وكان وزير الداخلية الفرنسي “كلود غيان” قد اتخذ موقفاً متحفظاً إزاء تقي الدين في تصريحاته الصحفية. ولكن تقي الدين يردّ قائلاً: “لم أذهب للإجتماع بمعمر القذافي أو للقاء مع بشار الأسد في سوريا سوى بترخيص وبطلب محدّد من رئيس الجمهورية الفرنسية” (أي من الرئيس ساركوزي).
”لم ألعب دور الوسيط”
وفي ٦ مقابلات صحفية أخرى نشرت في اليومين الأخيرين، طلب تقي الدين من الرئيس ساركوزي أن يرفع “السرّية” عن عقدي سلاح تم توقيعهما في سنوات التسعينات، ويشكلان محور تحقيقات تم فيها توجيه إتهامان لشخصين مقرّبين من الرئيس ساركوزي. بل وطلب تقي الدين من الرئيس ساركوزي “لأن ذلك من مصلحته ومن مصلحة فرنسا”! وقد امتنع قصر الإليزيه عن التعليق على تصريحات تقي الدين.
وفي مقابلته مع جريدة ”ليبراسيون”، أوضح تقي الدين انه التقى ساركوزي مرّتين حينما كان ساركوزي وزيراً للداخلية (في عهد شيراك). ولكن تقي الدين نفى أن يكون لعب دور وسيط للقيام بعملية “تدوير” عمولات عقود السلاح (أي تحويل قسم من العمولات لتمويل حملة المرشح للرئاسة إدوار بالادور في العام ٢٠٠٥) كما يشتبه القضاء الفرنسي.
ويحقّق القاضي “رونو فان رويمبيك” في ما إذا كان قد تمّ تحويل قسم من العمولات “القانونية” الضخمة التي نجمت عن عقد الغواصات مع باكستان (“عقد أغوستا”* وعن عقد الفرقاطات التي اشترتها السعودية (عقد “صواري ٢”) لصالح سياسيين فرنسيين. ويشتبه القاضي الفرنسي في أن زياد تقي الدين ربما كان مسؤولاً عن إعادة قسم من العمولات الخارجية إلى فرنسا إما بواسطة حسابات “أوف شور” في اللوكسمبورغ أو عبر سحوبات “نقدية” من سويسرا.
وقد أثبت القاضي أن حسابات حملة إدوار بالادور الرئاسية تضمّنت مبلغ ٣ مليون ”أورو” نقداً، أي أن مصدرها غير معروف.
إتهامات لدومينيك دو فيلبان
وفي مقابلاته الصحفية، يوجّه تقي الدين إتهامات لوزير الخارجية الأسبق دومينيك دو فيلبان، الذي كان شغل منصب الأمين العام للرئاسة بعد انتصار جاك شيراك على إدوار بالادور في إنتخابات ١٩٩٥، أي في لحظة توقّف فرنسا عن دفع العمولات للوسطاء في قضية الغواصات الباكستانية.
وقال تقي الدين: “أين ذهب مبلغ ٥٥ مليون فرنك فرنسي الذي مرّ عبر شركة “هاين” في اللوكسمبورغ، والذي لم يتم توزيعه؟ لقد تم دفع المبلغ فعلاً، وأنا أريد أن أعرف أين ذهب هذا المبلغ، وأريد أن يجيب السيد دو فيلبان على هذا السؤال أمام القاضي”!
وستطال تحقيقات القاضي “فان رويمبيك” في الأسبوع المقبل “نيقولا بازير”، الذي كان مدير حملة إدوار بالادور الإنتخابية (كما كان شاهد زواج ساركوزي مع “كارلا بروني”)، كما سيستمع إلى أقوال زياد تقي الدين.
كما سيطلب القاضي الإستماع إلى وزير الدفاع الأسبق “فرنسوا ليوتار”، الذي يعرف الجميع انه لعب دوراً أساسياً في تمويل حملة إدوار بالادور الإنتخابية والذي دارت شكوك بأنه ربما “استفاد شخصياً” من العمولات. وكذلك، وزير الثقافة الأسبق “رونو دونوديو دو فابر”، والأهم: إدوار بالادور نفسه، الذي كان رئيس حكومة فرنسا حتى وصول الرئيس شيراك في العام ١٩٩٥.