الى الذين يعانون من التهاب الغدد الانسانية خبر لا يطمئنون اليه وهو ان لبنان دخل الحرب مجدداً. قد لا يشعرون بصخبها الآن ولكن اذا تيسر للمعتدين ما تيسر لهم سابقاً سترون مجدداً بحور الدماء وقوافل الشهدء والضحايا وارتال المهاجرين والهاربين من الاتون القادم. انها حرب مفروضة علينا وقد جرى التحضير لها والتخطيط لتنفيذها لتقوم بمواصلة الانقلاب الذي فشل بالادوات السياسية، والحرب هي مواصلة السياسة بالعنف.
نعم نكره فكرة الحروب لانها معادية لطبيعة البشر وانكسار لفكرة الانسانية ولكنها اذا فُرضت علينا فلا مجال الاّ لخوضها ولا مجال الاّ الانتصار بها وهو حال الشعوب التي تقاوم دفاعاً عن حريتها وسيادتها.
وللمرة الاولى يقف لبنان امام امتحان تاريخي حاسم لم يشهده من قبل. الوطن يتأرجح على شفير الوجود والعدم فهل من مجال للتراجع وهل من مجال للمهادنة وهل يحق لنا خسارة الرهان؟ هنا، في لبنان اليوم، يمكننا ان نطرح بجدارة شعار “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” لاننا في موقع الدفاع عن وجودنا وليس اقل من ذلك، شئنا ام ابينا‘ لاننا في موقع المعتدى عليه والمعتدى عليه لا يقرر بداية المعركة ولكن يمكنه التحكم بنهايتها…
ولسنا السباقين في اعتماد هذا الشعار. لا اتحدث هنا عن “الامارات العربية” التي تربي جيوشها لكي تدافع عن ارزاق الحكام وممتلكاتهم ولكن يحضرني مثال الشعوب المقاومة في معارك مصائرها. اذ هكذا تمزّق الفرنسيون شر تمزّق قبيل الحرب العالمية الثانية وحين احتلت الجيوش النازية فرنسا سقطت الخلافات وتبدلت الموازين والتحمت شرائح المجتمع المعادية للنازية بكل اطيافها لتشكل المقاومة الفرنسية الموحدة التي سارت الى النصر. ثم عادت الى خلافاتها بعد التحرير (وبعد ان سلمت المقاومة سلاحها الى الدولة… طبعاً كما في لبنان!!!).
اما ان نبدأ معركة المصير بالترحم على الدماء القادمة ونواصل الى تكبيل ايدي القوة الوحيدة القادرة للتصدي وهو الجيش الى ان ننتهي الى حروب الشوارع لثلاثين سنة قادمة، فهو الموقف المرفوض بالرغم من انسانيته الظاهرة لانه يقودنا الى المزيد من الدماء والمآسي. للتذكير فقط لو استطاع (او لو اتيح لـ) الجيش اللبناني في بداية السبعينات ان يقوم بدوره كاملاً كما في سائر البلدان العربية لما دفعنا مئات الآلاف من الضحايا ولما عرفنا هذا الكم الهائل من التدمير والتشريد.
ثم، ليس معروفاً عن الجيش اللبناني تقاليد البطش والارهاب والتنكيل بالمدنيين. لم نعرف يوماً ان الجيش اللبناني اطبق سقوف مدينة على ساكنيها ولا سحل قوماً ولا اغرق شوارع بالدماء ولا امتهن السياسة لينظم الانقلابات وليقوم بدور المدافع عن الامارات والسلالات والوراثيات…
مهلاً ايها الاصدقاء ورحمة بهذا البلد يا ابناء الوطن. انها دماؤكم ودماء اخوانكم وابنائكم وهو مستقبل وطنكم يعبث به جيش من المرتزقة اعده نظام البعث السوري وسماه “فتح الاسلام” كما كان يمكنه ان يسميه “الفتح الجزويتي” ولا حرج، ليحارب به وطنكم الذي يولد من جديد ويرى خلاصه بنجدة المجتمع الدولي وبواسطة المحكمة الدولية.
اخوانكم تعبث بهم جماعة من المجرمين، درجت على تناتش اللحم الفلسطيني منذ خمسين عاماً وتدربت على ذبحه منذ ثلاثين عاماً في بلدنا ويستعدون اليوم، هم انفسهم باسمائهم وتقاسيمهم ولباسهم ولهجتهم ومفرداتهم..، لكي يقوموا بنفس الوظيفة في نفس المكان ومع الشعب اللبناني ومن خلف ظهور الفلسطينيين.
كفى فلسطين نكبة بهم. وكفى لبنان نكبة بمخططتاتهم وجرائمهم ونعم لجيش لبنان الوطني في زمن الحرب
Ibrahim.mounhem2@9online.fr
* كاتب لبناني – فرنسا