منذ لحظة الإعلان عن الاجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الاستخبارات العامة في السعودية الأمير بندر بن سلطان في 31 تموز/يوليو اتضحت جلياً الأهمية السياسية لذلك الاجتماع. وأفادت التقارير بأن المناقشات “الطويلة والجادة” بين الجانبين قد استمرت أربع ساعات وتركت “انطباعاً إيجابياً” لدى السعوديين.
ووفقاً لتقرير وكالة رويترز من 7 آب/أغسطس، عرضت الرياض شراء أسلحة من موسكو بقيمة 15 مليار دولار وتجنب تهديد وضع روسيا باعتبارها المورد الرئيسي للغاز الطبيعي إلى أوروبا، في مقابل تخفيف روسيا لدعمها القوي لنظام الأسد وموافقتها على عدم عرقلة أي قرار مستقبلي لمجلس الأمن الدولي حول سوريا. ووفقاً لدبلوماسيين ورد الاقتباس عنهم في الخبر دون الإفصاح عن هويتهم، لم يكن رد روسيا حتى الآن حاسماً، رغم أن روسيا وفقاُ لما أوردته التقارير قد ضغطت على دمشق من أجل السماح بزيارة بعثة من قبل الأمم المتحدة هذا الأسبوع للتحقيق في الاستخدام المشتبه فيه للأسلحة الكيميائية.
ويُظهر الضغط الدبلوماسي السعودي عزم الرياض على التعجيل بانهيار نظام الأسد، والذي تأمل المملكة أن يمثل هزيمة استراتيجية لإيران، غريمها الإقليمي من الناحيتين الدبلوماسية والدينية. كما يعكس ذلك اعتقاد الرياض، الذي يشاركها فيه حلفاؤها العرب في الخليج، بأن الدبلوماسية الأمريكية حول سوريا تفتقر إلى الخيال والالتزام والطاقة اللازمين للنجاح.
وحتى في ظل غياب رد من موسكو، يبدو أن مساعي الأمير بندر أحدثت تأثيراً في السعودية. ففي 6 آب/أغسطس، تم تعيين الأمير سلمان بن سلطان، الأخ غير الشقيق الأصغر لبندر، نائباً لوزير الدفاع. وسلمان شخصية رئيسية في عمليات نقل الأسلحة السعودية إلى الثوار السوريين، حيث كان قد شغل منصب نائب الأمين العام لـ “مجلس الأمن الوطني السعودي”، وهو هيئة بدأ بندر إدارتها في عام 2005 عقب عودته إلى بلاده بعد أن عمل سفيراً للرياض لدى واشنطن لمدة عشرين عاماً. وقد تم إعفاء فهد بن عبد الله بن محمد من منصبه كنائب لوزير الدفاع الذي شغله منذ نيسان/أبريل. وفهد هو أمير هامشي شغل من قبل منصب قائد القوات البحرية السعودية. وفي ضوء الاعتلال الذهني المتزايد الذي يعاني منه ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز – البالغ من العمر سبعة وسبعون عاماً والذي يشغل إسمياً منصب وزير الدفاع ووريث العرش للعاهل السعودي الملك عبد الله (90 عاماً) – فإن نائب وزير الدفاع الجديد (37 عاماً) سوف يكون من الناحية الفعلية مسؤولاً عن ميزانية المملكة الضخمة ذات الموارد المالية الجيدة.
وفي حين أن نتائج المساعي الدبلوماسية السعودية في موسكو لم تتأكد بعد، لكن الرسالة في المملكة هي أن سياسة العائلة المالكة اكتسبت زخماً بصعود سلمان بن سلطان – أحد أبناء وزير الدفاع الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، الذي شغل منصبه لفترة طويلة – إلى منصب حيوي في هيكل السلطة في المملكة. وربما يكون سلمان متنافساً في الوقت الحالي بنفس المستوى تقريباً مع أبناء عمومته، وزير الداخلية محمد بن نايف ووزير الحرس الوطني متعب بن عبد الله، للفوز بالجائزة الكبرى وهي عرش البلاد. (الأمير بندر غير مؤهل لأن والدته كانت جارية.)
وفي غضون ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة تقف على الهامش – على الرغم من كونها شريك دبلوماسي وثيق للرياض لفترة دامت عدة عقود، وبشكل أساسي في السياسة الناجحة حتى الآن المتمثلة في إعاقة نفوذ روسيا في الشرق الأوسط. في عام 2008، وافقت موسكو على بيع دبابات ومروحيات هجومية ومعدات عسكرية أخرى إلى المملكة، لكن الاتفاق لم يكتمل مطلقاً. وبدلاً من ذلك، تفاوضت واشنطن والرياض في عام 2010 على اتفاق دفاعي ضخم (يشمل مروحيات هجومية) بقيمة 60 مليار دولار، ولا يزال جاري العمل على وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل ذلك الاتفاق. وتشير أحداث الأسبوع الماضي إلى أن الشراكة بين الولايات المتحدة والسعودية – التي تغطي الدبلوماسية الإقليمية، وعملية السلام في الشرق الأوسط، والاقتصاد العالمي، ومبيعات الأسلحة – تخضع لاختبار فعلي على أفضل تقدير. وسيكون من باب التفاؤل الإعتقاد بأن اجتماع موسكو سوف يحد بشكل كبير من دعم روسيا لنظام الأسد. لكن في غضون ذلك سيكون بوتين قد أوجد ثغرة بين الرياض وواشنطن. سوف تكون نتائج المشاحنات الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا محل تدقيق عن كثب، لا سيما في المملكة العربية السعودية.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.