وصل مواطن عراقي منتهَِك خطير لحقوق الإنسان إلى الدرك الأسفل لبناء مصداقيّته بعد أن رفضت القيادة المسيحية في البلاد.
في 7 أيلول/سبتمبر، أصدر المكتب الإعلامي لريان الكلداني، أحد منتهكي حقوق الإنسان المدرجين على قائمة العقوبات الأمريكية، والذي شكّل “اللواء 50” (المعروف أيضاً باسم “كتائب بابليون“) التابع لـ “قوات الحشد الشعبي” العراقية، بياناً زعم فيه أنّ “الكلداني يلتقي بالبابا في الفاتيكان” (الصورة أعلاه).
وجاء في البيان: “بناء على دعوة من رجال أعمال ومؤسسات إيطالية، وصل الكلداني إلى روما وزار دولة الفاتيكان والتقى بقداسة البابا… وفي نهاية الصلاة التقى الكلداني بقداسة البابا… ونقل له تحيات الحكومة العراقية والشعب العراقي، طالباً منه صلواته من أجل العراق. وبدوره منح قداسة البابا للكلداني بركته الرسولية وأعطاه هدية خاصة وهي المسبحة الوردية مباركة من قداسته”.
وينطوي تأطير الواقعة على عملية خداع كبيرة لأن التأطير يسعى إلى تصوير الحادثة على أنها اجتماع شخصي موضوعي بدعوة من الفاتيكان وليس كما كانت عليه: فقد كان الاجتماع لقاء غير مخطط له تمّ في مناسبة أسبوعية مفتوحة لعامة الناس. ففي أعقاب الشائعات التي ترددت منذ فترة طويلة بشأن اعتناق الكلداني الإسلام الشيعي، يسعى الكلداني إلى إيجاد فرص كهذه لتعزيز صورته كمسيحي والتي تشكل منفعةً من الناحية السياسية، نظراً لافتقاره إلى الدعم الشعبي من المجتمع المسيحي العراقي. فمنذ عام 2017، كان بطريرك الكلدان الكاثوليك لويس روفائيل ساكو قد أكد أنّ الكلداني “لا يمثل المسيحيين بأي شكل من الأشكال. فتصريحاته المؤسفة تهدف إلى خلق فتنة طائفية مقيتة”.
كيف بالغ الكلداني في تضخيم لقائه البابوي
ما حدث بالفعل هو أن الكلداني وزميلته وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جابرو حضرا لقاءً عاماً يعقده البابا فرانسيس أسبوعياً لعامة الناس. إلا أن الكلداني قام بعد ذلك بنشر صور وروايات عن الحادثة لتظهر وكأنها اجتماع مخطط له رسمياً. على سبيل المثال يبدو أن الصور المنشورة على حسابه على موقع “إكس” (“تويتر” سابقاً) تطمس وتقتص عمداً الحشود الحاضرة لإخفاء أنه لم يكن اجتماعاً حصرياً أو شخصياً (الشكل 2).
وتجدر الإشارة إلى أنه تم رفض طلب الكلداني وجابرو وأعضاء آخرين في أوساطهما عندما طلبوا سابقاً لقاءً شخصياً (مع قداسة البابا) في نيسان/أبريل 2023. ووفقاً لبعض التقارير، استند قرار البابا جزئياً إلى سوء معاملة الكلداني للكاردينال ساكو. ويُزعم أن هذا الرفض شكّل أحد الأسباب التي دفعت الكلداني إلى قيادة الجهود اللاحقة لإلغاء اعتراف الحكومة العراقية بساكو كرئيس للطائفة الكلدانية، كما زاد ذلك من حاجة كيلداني الملموسة إلى تزييف لقاء شخصي مع البابا.
سوابق الكلداني في التلاعب بالصور
لم تكن هذه المرة الأولى التي يزيف فيها الكلداني لقاءه بشخصية مشهورة. ففي الثاني من آذار/مارس قام بالتقاط صور للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مخفياً حقيقة أن الدبلوماسي البارز (على غرار البابا) لم يكن لديه أي فكرة عن هويته، وبالتالي لم يكن لديه أي فكرة عن الجرائم التي ارتكبها وعوقب عليها.
كما حاول الكلداني وفشل في الحصول على لقاء شخصي مع البابا عندما زار العراق عام 2021. وفي المقابل اضطر للوقوف في صف المرحبّين أثناء التقاط الصور (الشكل 3).
وأصبحت جهود الكلداني للمطالبة بقيادة المجتمع المسيحي المتبقي في العراق، وبالتالي السيطرة على الممتلكات التي كانت مملوكة للكنيسة بعد النزوح الجماعي للمسيحيين في البلاد، أكثر يأساً منذ انتفاضة المسيحيين ضد قواته في سهل نينوى في آذار/مارس 2023. وكانت هذه الحادثة قد أهانت الكلداني وشقيقه أسامة القائد الميداني لـ “كتائب بابليون” (الشكل 4).