قمة الكويت سلّطت الضوء على الإنقسامات العربية، ولكنها، بالمقابل، جمعت العرب المنقسمين وأبقت “شعرة معاوية بينهم”! قبل القمة، كانت الشائعات قوية حول نية السعودية ودولة الإمارات في فرض حصار بري وجوي على قطر، ولكن الإنطباع السائد بعد القمة هو أن هذا الإجراء الإستثنائي لم يعد وارداً الآن. وذكرت عدة مصادر أن الملك عبدالله عبد العزيز لا يؤيد فكرة “الحصار” التي تصدم الرأي العام الخليجي وليس الكويتيين وحدهم.
الكويت الصغيرة لم تنجح في تسوية الخلافات العربية لأنها حالياً مستعصية على الحل، ولكنها أصرّت على إبقاء الخلافات، الخليجية وغير الخليجية، خارج “القمة” والحّت على التركيز على “الإيجابيات” وعلى المستقبل.
قد يكون وفاق الحد الأدنى الذي تحقّق مؤقتاً، ولكنه يمكن أن يشكل لبنة في مسار لم شملٍ عربي لا بدّ منه بمواجهة المشروعات الخارجية، الإيرانية مثلاً، وغيرها. وأيضاً، لمواجهة الإنقسام الشيعي-السنّي الكامن، والذي يشكل مشروع حرب أهلية عربية-عربية إذا لم يتم تداركه.
يبقى أن “المطوّلة” الواردة في البيان ضد سياسات إسرائيل تندرج في نطاق “تفاهمات الحد الأدنى”، ولكنها تهرّب من مواجهة واقعٍ خطير: فلا بدّ من الخروج من الصراع العربي-الإسرائيلي لوضع حدّ لمسلسل الإنهيار العربي. وهذا يتطلب وقفة شجاعة بدأت بمبادرة السلام العربية في بيروت في ٢٠٠٢، ولكنها توقّفت لأسباب عربية وإسرائيلية.
بيار عقل من الكويت
*
الكويت (رويترز) – اختتم الزعماء العرب قمتهم في الكويت يوم الأربعاء دون علامة تذكر على تحقيق تقدم في سبيل تسوية خلافاتهم حول دعم الإسلاميين في الاضطرابات التي تعم بعض أنحاء العالم العربي وهي نتيجة من المرجح أن ترضي سوريا وإيران في المنافسة الإقليمية مع مصر والسعودية.
وأقر الزعماء علنا في ختام القمة بحاجتهم إلى إنهاء الخلافات التي تؤدي إلى تفاقم الحرب في سوريا واضطراب الأوضاع في مصر والعراق.
وكان التوتر وراء الكواليس شديدا إلى حد يحول دون أي إمكانية لتحرك عربي مشترك ضد الرئيس السوري بشار الأسد أو اتخاذ موقف مشترك من إيران التي تسعى لتحقيق وفاق مع بعض دول الخليج وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.
وقال الكاتب السعودي جمال خاشقجي لرويترز إن الدول العربية لم تكن يوما على هذا القدر من الانقسام. وشبه استخدام بعض الدول للقنوات التلفزيونية الفضائية في بث آراء متعارضة على العالم العربي باستخدام زعماء دول مثل مصر وسوريا الدعاية الإذاعية في الماضي لكسب نفوذ إقليمي.
وقال خاشقجي إن العالم العربي عاد إلى زمن الحرب عبر الأثير وهذه الدولة تسب تلك مضيفا أن هذا أمر يبعث على أشد القلق.
ولا تقتصر الخلافات على الحرب السورية بل تتعداها إلى الربيع العربي بمجمله. فبعض الدول ترى أن انتفاضات عام 2011 أمر سلبي بالنسبة للعرب بينما ترى دول أخرى أنها تمثل “المسار الحقيقي للتاريخ”.
وقالت ابتسام الكتبي استاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات إن الأسد وإيران مستفيدان من الخلافات بين دول الخليج. وانتقدت غياب التوافق على دعم معارضي الأسد السياسيين قائلة إنه لم تتخذ أي خطوات حقيقية لحل الأزمة السورية وإن المعارضة شعرت في القمة بأنها وحدها.
وأضعفت النزاعات التي ينبع أغلبها من الربيع العربي بعض الدول السنية البارزة بينما تسعى إيران الشيعية لتحسين علاقاتها مع العالم. كما يفيد غياب الوحدة سوريا حليف إيران التي تخوض حربا ذات بعد طائفي متزايد أدت إلى سقوط أكثر من 140 ألف قتيل ونزوح الملايين.
وقال كريستيان كوتس أولرخسن وهو خبير في شؤون الخليج في معهد بيكر في الولايات المتحدة “اختلاف الرؤى في بعض القضايا الأكثر صعوبة في إعادة ترتيب المشهد بعد الربيع العربي كبير إلى حد لا يمكن معه تخطيه على الأقل في اللحظة الراهنة.”
نزاع معقد
تتفق الدول على إدانة محاولات الأسد لسحق انتفاضة بدأها مدنيون سلميون ومع ذلك تراكمت بينها الخلافات حتى باتت تمثل النزاع الأكثر تعقيدا منذ 25 عاما.
وكان العرب انقسموا بين مؤيد ومعارض لبغداد بعد غزو القوات العراقية للكويت في عام 1990 ثم طردها منها على أيدي قوة تقودها الولايات المتحدة ومثل هذا الانقسام السمة المميزة للدبلوماسية الإقليمية لسنوات لاحقة. لكن النزاعات الجديدة تتعلق بقوى سياسية نشطت بفعل الربيع العربي بعد عقود من القمع ولذا قد تستمر فترة أطول.
وتعهدت قمة الكويت في “إعلان” بإنهاء الانقسامات لكنها لم تصدر بيانا ختاميا وهو ما يكشف عن تعذر الاتفاق على مواقف مشتركة.
وغادر ولي العهد السعودي الأمير سلمان الكويت بعد ساعات. وأرسلت دولة الإمارات حاكم الفجيرة لتمثيلها في القمة فيما اعتبره محللون علامة تشير إلى عدم استعدادها لمناقشة خلافاتها.
ولم يبد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أي تغير في آرائه. وقال في كلمته أمام القمة “أنعشت التحولات الواسعة التي شهدتها منطقتنا خلال السنوات الثلاث الماضية آمال الشعوب العربية بمستقبل أفضل تستحقه” معبرا عن رأي يتعارض بشدة مع رؤية معظم دول الخليج.
وتبرز هذه الجملة إحدى نقاط الخلاف الأساسية بين الدول العربية وهي دعم قطر لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة الآن في مصر والتي يعتبر حكام كثير من دول الخليج تصورها للحكم الجمهوري واتباعها أساليب تعبئة الأصوات للفوز في الانتخابات خطرا سياسيا محدقا.
وتتهم السعودية والإمارات والبحرين قطر بالتدخل في شؤونها الداخلية وسحبت سفراءها من الدوحة قبل ثلاثة أسابيع احتجاجا. وتشعر هذه الدول بالغضب لرفض قطر وضع حد لما تراه سيلا من الدعاية التحريضية لحساب الاخوان المسلمين تبثه قناة الجزيرة الفضائية.
السعوديون “حازمون للغاية”
كما تشعر هذه الدول بالقلق مما تعتبره تدخلا قطريا في اليمن. وتنفي قطر تدخلها في أي مكان لكنها تعهدت بعدم تغيير سياستها الخارجية التي تفترض فيما يبدو أن الاسلاميين هم المستقبل في السياسة العربية.
وقال دبلوماسي “السعوديون لم يريدوا التوافق بل أرادوا اعتماد الحزم الشديد مع قطر. وكان هناك مشاكل بخصوص الإخوان المسلمين ومستقبل مصر وسوريا. وقد فعلت الكويت كل ما بوسعها لتحقيق توافق لكن السعوديين كانوا حازمين للغاية.”
وفيما يخص سوريا تدعم الرياض والدوحة جماعات إسلامية تقاتل قوات الأسد لكنهما تتنافسان على النفوذ بين تيارات المعارضة السياسية والمسلحة. وفي المقابل يلقى الأسد دعما سياسيا من العراق والجزائر ويحصل على اسلحة من روسيا ودعم عسكري واستشاري من إيران.
وذكرت الكتبي أنه في معركة وقعت في الآونة الأخيرة في بلدة يبرود شمالي دمشق طلب القطريون من الجماعات الاسلامية التي يمولونها الانسحاب من القتال في تحرك يهدف فيما يبدو لإغاظة السعودية. وسقطت المنطقة في وقت لاحق في أيدي الجيش السوري.
ومن بين الخلافات الأخرى اتهام بغداد لقطر والسعودية بدعم المقاتلين الاسلاميين في محافظة الأنبار العراقية. وينفي البلدان هذا الاتهام.
لكن ثمة خلافات أخرى قائمة بشأن ما تعتبره كثير من دول الخليج تدخلا في شؤونها من جانب إيران التي تنافس السعودية على النفوذ في المنطقة.
ويبدو أن عمان – وكذلك قطر بدرجة أقل – تتعاملان بهدوء مع مساعي إيران للعودة للساحة الدولية عن طريق تهدئة المخاوف بشأن برنامجها النووي. وتقول طهران إن مساعيها النووية سلمية لكن الغرب يخشى أن تكون تلك الأنشطة واجهة تخفي برنامجا للتسلح النووي.
واتهمت السعودية والبحرين طهران بتأجيج الفتنة بين الشيعة في البلدين. كما يشعر هذان البلدان والإمارات بعدم الارتياح لمسار التفاوض بين إيران والقوى العالمية لتسوية النزاع النووي.
وحث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الدول العربية على تجاوز الخلافات التي قال انها تعوق العمل العربي المشترك. وقال “الأخطار كبيرة من حولنا ولن نتمكن من الانطلاق بعملنا العربي المشترك إلى المستوى الطموح دون وحدتنا ونبذ خلافاتنا.”
وبدا أن أمير قطر يوجه اللوم لرئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي بسبب تهميش الأقلية السنية في العراق التي تميل إلى اعتبار المالكي دمية في يدي إيران.
كما بدا أن الشيخ تميم يوجه رسالة لمصر التي أعلنت الاخوان المسلمين جماعة إرهابية. وأصدرت السعودية إعلانا مماثلا هذا العام.
وقال أمير قطر “لا يجوز أيها الأخوة أن ندمغ بالإرهاب طوائف كاملة أو نلصقه بكل من يختلف معنا سياسيا. فشأن ذلك أن يعمم الإرهاب بدل أن يعزله.”
“رويترز”: إيران وسوريا ستُسرّ بخلافات القمة العربية جودت سعيد.أخرجت لهم هذه الورقة -التي يحملها في الصورة- وقلت لهم، هذا هو مهديكم المنتظر..” ! http://www.sasapost.com/wp-content/uploads/جودت-سعيد-840×1028.jpg جودت سعيد لم تشغل قضية الاعتدال والتسامح واللاعنف مفكراً إسلامياً معاصراً، كما شغلت فكر الشيخ جودت سعيد وأطروحاته الإسلامية، حتى أصبح يمثل تياراً خاصاً من تيارات الفكر الإسلامي المعاصر المناهض لفكرة العنف والتطرف، في وقت صعدت فيه الأفكار الجهادية والمتطرفة للحركات الإسلامية السلفية إلى واجهة النشاط السياسي الإسلامي لتلك الحركات، خلال العقود الثلاثة الأخيرة. لكن ذلك ومع هذه الدعوة للاعنف لم يمنعه من أن يقف ضد الاستبداد والديكتاتورية على خلاف الكثيرين من رجال الدين، وإن ظل… قراءة المزيد ..