رسالة 14
عدد – 28 –
10 أياّر 2010
أوّلاًـ حول الإنتخابات البلدية في مرحلتها الثانية في بيروت والبقاع
1. بالنسبة إلى بيروت:
• بنجاح “لائحة وحدة بيروت” المشكّلة من 12 من الطوائف الإسلامية و12 من الطوائف المسيحية، بكامل أعضائها، نكون ربحنا المناصفة الإسلاميّة المسيحيّة التي شكلت العنوان السياسي المركزيّ للمعركة في العاصمة.
• ومما لا شكّ فيه أنّ تثبيت المناصفة، التي كانت معرضة لخطر حقيقيّ، إنما هو ـ تثبيت المناصفة ـ إنجازٌ “ميثاقيّ”.
• غير أننا في المقابل لا نستطيع القول أننا ربحنا المشاركة الكثيفة في الاقتراع الشعبيّ في بيروت.
• فمع أن نسب المشاركة تفاوتت قليلاً بين منطقة وأخرى في بيروت، فارتفعت نسبياً حيث كان ثمة معركة مخاتير.
• فإنّ “معدّل” المشاركة في العاصمة كان ضعيفاً قياساً إلى جبل لبنان وقياساً إلى البقاع (قياساً إلى المعدل في المحافظتين الأخيرتين).
• أي في حدود 24 في المئة بحسب ماكينة “تيار المستقبل”.
• للأمر هذا علاقة بعدة اعتبارات.
• أن العاصمة “تاريخياً” لا تشهد إقبالاً كثيفاً على صناديق الاقتراع، وأنّ العدد “الفعليّ” للناخبين فيها أقلّ من عددهم “الرسميّ” على لوائح الشطب.
• وعلى صعيد المجلس البلدي لم تكن هناك لائحة منافسة لـ”لائحة وحدة بيروت”، ما أدى إلى استرخاء بأنّ اللائحة الوحيدة ستفوز.
• وإذا كانت الانتخابات النيابيّة في 7 حزيران من العام الماضي شهدت إقبالاً أعلى، فلأنّ المعركة يومها كانت سياسيّة حادّة وبعناوين سياسيّة عالية.
• في حين أن الانتخابات أمس كان عنوانها السياسيّ الوحيد هو المناصفة كما قلنا، وهو من نوع العناوين التي لا يكون لها “مفعول شعبيّ”. والدليل أنّ المناصفة التي يفترض أن تشدّ المسيحيين لم تحدث مفعولاً شعبياً لدى المسيحيين.
• أي أن ثمة “عصباً” لم ينشدّ في مكان ما.
• والحال أيضاً أن بيروت كان جرى البدء فيها بمحاولة توافق، أي أن القرار بالمعركة فيها أخذ وقتاً (تأخّر).
• ومع ذلك يمكن القول إنّ زعامة الرئيس سعد الحريري في بيروت تكرّست. هذا مع العلم أنّ ثمّة من يدعو إلى تقديم أشمل وأعمق للعلاقة بين “تيّار المستقبل” وقيادته من جهة وبين جمهوره في غير منطقة من جهة أخرى، العلاقة من كافة جوانبها، ذلك أنّ نسبة التصويت هنا وعدم الفوز هناك “قد” تكون رسائل بأكثر من معنى ينبغي درسها.
• وإذا كان مما لاشكّ فيه أنّ زعامة الحريري تكرّست، فإنّ غلبة مسيحيي 14 آذار في العاصمة تأكّدت (بنتائج المخاتير).
2. بالنسبة إلى البقاع:
• مع تسجيل حقيقة أنّ عون لم يكن منافسنا في زحلة.
• فإنّ 14 آذار خسرت في عاصمة البقاع (خرق بإثنين فقط).
• الأخطاء التكتيكية (من ضمنها تشجيع بعض 14 آذار اللائحة الثالثة في مرحلة من المراحل) + بعض التناقضات الحليفة + خطاب سياسي ليس بمستوى الخطر الذي يشكله وقوع زحلة في قبضة جماعة سوريا (الياس سكاف وحلفاؤه).
• ذلك أنّ زحلة كانت على خطّ الإهتمام السوري المباشر.
• أما في البقاع الغربيّ ذي الغلبة السنيّة، فقد أكّد “تيار المستقبل” قوّته وقوة حضوره.
• وإن كان ينبغي عدم الاستخفاف بخسارته في بعض البلدات.
• خسارةٌ قد تؤشر إلى عدم فهم سياسي من بعض جمهور التيار لسياسات الرئيس الحريري، فيذهب هذا البعض إلى اعتبار أن ذهاب الرئيس الحريري إلى سورياً (مثلاً) يبيح له هو (ذلك البعض) الفتح على السوريّين.
• ونحن هنا نتحدث عن البقاع الواقع تحت الضغوط السوريّة.
• علماً أننا دعونا غير مرة إلى الانتباه من هدف سوريّ هو التعرّض لزعامة الحريري ولـ”تيار المستقبل” في المعاقل السنيّة.
• أمّا في البقاع الدرزيّ، فقد وجّه دروز راشيا وغير بلدة رسائل إلى رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط.
• إعلان جنبلاط فصل “فرع عين عطا” في الحزب بنتيجة رفض الفرع قرارات رئيس الحزب.
• وسير الحزب في راشيا بالمعركة البلدية جاء بضغط من القواعد الحزبيّة التي رفضت قرار التوافق مع زياد العريان (المقرّب من سوريا).
• كذلك في البقاع الشمالي، حيث زعم “حزب الله” أنّ المعركة البلديّة السياسيّة الوحيدة كانت في مدينة بعلبك، وقد فاز فيها.
• ولم يخجل نعيم قاسم من إعلان أن الفارق بين لائحته الفائزة واللائحة المنافسة المدعومة من “تيّار المستقبل” وعائلات كان في حدود 1500 صوت!
• لكن الحزب خسر في بلديّات عدّة في القضاء: اللبوة، بدنايل، بريتال الخ..
• ونسبة تصويت شيعيّ أقلّ من المرّات السابقة.
• ما يعني أن إمكانات المعركة مع “حزب الله” في بعلبك مفتوحة.
• ولكن هنا أيضاً ثمّة رسائل سياسيّة من الجمهور الشيعيّ بأن “تعبنا”.
3. إن المقدمات الآنفة تهدف إلى الآتي:
• الدعوة إلى قراءة نتائج البلديات سياسياً وليس انتخابياً فقط.
• فلا نهمل القراءة إذا كنا فزنا في منطقة ما ونخطئ القراءة حيث لم نربح.
• هناك رسائل على مستوى الطوائف جميعاً ينبغي أن تُلتقط في جوانبها كافة السياسية والإنمائية والمعيشية والخدماتية الخ..
• وألّا نكتفي بتعزية أنفسنا بأنّ عون يشهد إنهياراً متسارعاً في البيئة المسيحية.
• لا بد من تكاشف من أجل التقاط “الموجة”.
• وهذا أمرٌ مهم في وقت لا يزال المزاج الشعبيّ العام راجحاً لصالح 14 آذار، أي في وقت لا يزال الاستدراك ممكناً ومفيداً.
4. ومع أنه ستكون لنا وقفات أمام عناوين مفصّلة من الوضع الداخليّ، فإننا نلفت سريعاً إلى ما يأتي:
• صحيح أن إطاحة الحكومة قرارٌ ليس في يد القوى المحليّة.
• لأن الحكومة وليدة توافق إقليميّ، سعودي ـ سوريّ أساساً.
• لكن الصحيح أن المتابعة مطلوبة من جانبنا لتطورات العلاقة العربيّة ـ العربيةّ.
• والصحيح أيضاً أننا سنشهد موسماً تعطيلياً متمادياً داخل الحكومة.
• وسنشهد موسماً من “حرب” بمسمّى اجتماعي على الحكومة.
ثانياً ـ حول التطورات الإقليميّة في الأيّام الماضية:
1. في المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية غير المباشرة:
• تمّ الإعلان أمس عن انطلاق هذه المفاوضات.
• التي يراها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي محطة ولو طويلة نسبيّاً (أربعة أشهر) نحو مفاوضات مباشرة.
• وستكون “غير المباشرة” برعاية الولايات المتحدة.
• التي أعلنت إدارتها أنّها أعطت “تطمينات” للطرفين في إطارها، محذرة من أن يُفشل أي منهما هذه الخطوة.
• لا شكّ أن هذه الخطوة “مقبولة”.
• لكن لا يمكن الرهان على تقدّم، في ظلّ الحكومة الإسرائيلية القائمة التي تتحدى حتى إدارة أوباما وترى أن لديها فرصة لإضعافه (في الانتخابات النصفية الأميركية في تشرين الثاني المقبل).
2. في غضون ذلك، وفي ظلّ التوتّر الإقليميّ المرتفع، يمكن تسجيل الآتي:
• زيارة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف إلى سوريا اليوم، حاملاً رسالة إسرائيلية تحذيريّة بالنسبة إلى تهريب السلاح إلى “حزب الله”.
• وقد يكون لزيارة الرئيس الروسيّ جانب يتعلّق باقتراب العقوبات على إيران.
• تزامناً القمة الثلاثية التركية ـ السوريّة ـ القطرية في اليومين الماضيين.
• لا يمكن النظر إلى هذه القمة على أساس أن ثمة إنحيازاً تركياً وقطرياً إلى “سوريا الإيرانية”.
• صحيح أن تركيا تؤدي دوراً وسيطاً بين المجتمع الدولي وإيران، وأن قطر “القريبة” من إيران أقرب من غير إيران.
• لكن، تبدو هذه القمّة ـ مأخوذة في جانبها الإيجابي ـ قمّة رفض الحرب الإقليمية، أي قمّة جلب سوريا إلى موقع وسط.
• وهذا التقدير، يبدو الأكثر منطقاً وواقعياً. وبمعنى معيّن، هذه غير قمّة الأسد ـ أحمدي نجاد ـ نصر الله.
• وفي هذا الوقت، تتوالى الضغوط على سوريّا.
• من عرقلة الجمهوريين لذهاب السفير الأميركي الجديد إلى دمشق.
• إلى الموقف الفرنسي “الجامد” حيال سوريا وصواريخ “حزب الله”، والذي يعبّر عنه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي يزور بيروت وسوريا هذا الأسبوع.
3. بين المفاوضات غير المباشرة واحتمال تعثّرها، وبين “النفس الطويل” للأزمة الدولية ـ الإيرانية، وبين احتمال الهروب إلى الأمام من الجانب الإسرائيلي أو من الجانب الإيراني.. لا يزال لبنان في دائرة الخطر.