رسالة 14 (عدد 20): “الصورة” الإقليمية حول لبنان

0

رسالة 14

عدد – 20 –

27 نيسان 2010

أوّلاً: بشأن “الصورة” الإقليمية حول لبنان في الساعات الماضية:

1. إنّ متابعة دقيقة للمواقف والتحرّكات في الساعات الأخيرة، بالاستناد إلى المعطيات الإعلامية، تقود ـ المتابعة ـ إلى الإحساس بأنّ ثمة أمراً داهماً فعلاً:

• نقلت صحيفة “السفير” الصادرة اليوم خبراً من العاصمة الفرنسية باريس مفاده أنّ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيوفد في الساعات المقبلة اثنين من كبار مستشاريه إلى دمشق لإبلاغ القيادة السوريّة بأنّ التهديدات الإسرائيلية جديّة وبأنّ على سوريا “تهدئة اللعبة”. ومراسل “السفير” في باريس جديّ مهنياً.

• مع الإشارة إلى أنّ مانشيت “السفير” اليوم حملت “عناوين حربيّة”.

• هذا مع العلم أنّ لدى فرنسا ـ التي للتذكير كانت أوّل دولة غربية طبّعت مع دمشق وانفتحت عليها ـ ملاحظات حول السياسة والسلوك السوريّين في الإقليم ولبنان.

• كذلك، أعلنت الخارجية المصرية اليوم أنّ وزيرها أحمد أبو الغيظ وجّه رسالة إلى نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون تناولت “ما لمسه” خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، معرباً عن خشيته من تدهور في الأوضاع “قد يؤدي إلى مواجهة مسلحة على غرار 2006”. وشدّد على “دور أميركا لنزع فتيل التوتر وتجنّب انزلاق الموقف إلى مواجهة يدفع لبنان ثمنها من دون مسؤولية من جانب الدولة اللبنانيّة”. كما أعلن أيضاً أن أبو الغيظ وجّه رسائل بالمعنى نفسه إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وإلى “جهات دوليّة” معنيّة بالوضع اللبناني، وبحث في الموضوع مع وزراء خارجية عرب وأوروبيين في لوكسمبورغ أمس.

• أي استنفار ديبلوماسي مصريّ، في حين أنّ أبو الغيظ عندما زار لبنان السبت الماضي حاول “الطمأنة”.. إلاّ إذا كان في لقاءاته الرسمية قال أمراً آخر؟.

• واللافت في الصورة أيضاً، التحرّك الديبلوماسي الكثيف لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي بدأه السبت الماضي مجرياً اتصالات بقادة العالم، قبل أن يزور القاهرة اليوم ويلتقي الرئيس المصري حسني مبارك.

2. تتزامن هذه الصورة الموحية بأنّ ثمّة أمراّ داهماً مع عنوانَين بارزين اليوم:

• الأوّل، حصول اختراق نسبيّ على المسار الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

• تمثّل بما يأتي: إعلان البيت الأبيض أنّ المبعوث الأميركي جورج ميتشل أجرى مباحثات بناءة في إسرائيل ومع السلطة الفلسطينية، الحديث عن حلّ الأزمة الإسرائيلية ـ الأميركيّة عبر موافقة إسرائيل على تجميد بناء الوحدات الاستيطانية في القدس ولو من دون إعلان هذا التجميد رسمياً.. وإعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس استعداده لقبول العودة إلى مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بعد عرض الأمر على لجنة المتابعة العربيّة السبت المقبل.

• أمّا العنوان الثاني، فكان ولا يزال استمرار تعثّر التسوية الدوليّة ـ الإيرانيّة.

3. من هنا، أي على خلفية المقدّمات الآنفة، ثمّة أسئلة كثيرة جداً تُطرح:

• هل أنّ هذه الصورة “الاستنفارية” (لا نتحدث هنا عن استنفار الرئيس الحريري) هي بمثابة تصعيد للضغط على سوريا لتحييدها في وقت لاحق عن النزاع مع إيران و”حزب الله”؟.

• الضغط الفرنسي بعد الضغط الأميركي؟.

• هل أنّ هناك ضيقَ ذرع أميركياً من سوريا (بالنسبة إلى “التحامها” بإيران) يجعل أنّ هناك تحوّلاً أميركياً مستجداً ومتجدداً باتجاه “تأديب” سوريا؟.

• علماً أن إسرائيل تكرر يومياً أنها “غير معنية” بأيّ مواجهة مع سوريّا؟.

• هل أنّ إسرائيل تعتبر أنها قدمت “تنازلاً” (!) للولايات المتحدة في الموضوع الفلسطيني (إتاحة المجال لاستئناف العمليّة السلميّة) فترغب في قبض الثمن بحرب على لبنان (و”حزب الله) إضعافاً لإيران؟.

• هل أنّ الاختراق المشار إليه، رغم كونه جنينياً وأوّلياً، سيستثير إيران وأذرعتها لمنعه من التنامي؟.

• وفي هذا الإطار، ما لُغز زيارة وفد “حزب الله” إلى قطر الأسبوع الماضي، والتي لم يرشح عنها شيء إعلامياً؟.

• وهل الحركة المصرية (اتصالات ورسائل أبو الغيظ) هي مجرد “تعاطف شقيق” مع لبنان بعد أن لمس القلق اللبنانيّ، وهي تضامن مع لبنان، أم أنّها تنطلقُ من معلومات ومعطيات لدى القيادة المصريّة؟.

• وعلى الهامش (!) لماذا يتكرّر عدم انعقاد القمّة المصريّة ـ السوريّة، في وقت تقول التسريبات السوريّة إنّ القمة ليست متاحة بعد وإنّ زيارة أبو الغيظ إلى بيروت تأتي لتأكيد أن العلاقات الثنائية “غير مستوية” بعد بما أن هذه الزيارة تتم قراءتها سورياً على أنّها موقف مصريّ يعلن عدم التسليم بـ”البلغصة” السوريّة في لبنان؟.

• أم أنّ كل الأسئلة السابقة تُختصر بسؤال واحد: هل كلّ ما نشهده هو بمثابة إعداد للمسرح لحزيران وما بعد حزيران (العقوبات على إيران)؟ هل هذا التمهيد بمثابة إبراز صورة الحرب لتجنّبها بإفهام من يعنيهم الأمر بأنها مكلفة جداً؟.

4. بإزاء ذلك، من شأن 14 آذار أن تُظهر الآتي:

• دعمها لحركة الرئيس الحريري بما هي حركة باسم الدولة اللبنانية، وحركة إحتماء بالشرعيتين العربية والدولية.

• التأكيد على تمسّكنا بضرورة تجنب الحرب.

• عبر التمسّك بالدولة وبالقرار 1701.

• واعتبارنا أنّ وحدتنا الوطنية لا تتعزّز إلا بالتضامن حول خطة لتجنب الحرب لا لاستدراجها وتقديم الذرائع لها.

ثانياً ـ حول بعض جوانب الوضع الداخلي:

1. بالنسبة إلى موضوع الانتخابات البلدية:

• الموضوع الأخطر في تطورات المسألة البلديّة يتمثّل في سياسة “حزب الله” القائمة على قاعدة “ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم”.

• يُصادر الطائفة الشيعية ويحتكر تمثيلها + يسعى إلى التحكم بمصائر الآخرين.

• أي توافق بشروطه واستئثار أو تعطيل.

• حيث يسمّي ـ باسم التوافق ـ ممثلي الشيعة في المجلس البلدي لبيروت ويريد أن يكون شريكاً مضارباً في السنّة (بحجّة “سنّة المعارضة”) ويدعم تصعيد عون لشروطه.

• في وقت تُظهر وقائع البلديات في المناطق المسيحيّة تحديداً، “تحلّل” التيّار العونيّ.

2. بالنسبة إلى رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط:

• انطلاقاً مما كنا توصلنا إليه في الرسائل السابقة بشأن التمركز السياسيّ لجنبلاط، إذ توقعنا تصعيده للخلاف معنا وبأسلوب عدائي.

• يبدو أنّ جنبلاط ماضٍ في مغادرة “البين بين”، أي مغادرة كونه خارج 14 آذار لكن داخل الأكثرية النيابيّة.

• باتجاه الانضمام الفعلي إلى جبهة سياسيّة أخرى، جبهة 8 آذار.

• بمسميات ممانعة ومقاومة وعلاقات مميزة الخ..

• وأوّل الغيث لقاؤه أمس مع سليمان فرنجية وطلال ارسلان.

• تزامناً مع تبشير “حزب الله” بأن 8 آذار “بات” الأكثرية الشعبيّة والنيابيّة.

• الأمر الذي يجري استخدامه للضغط على الحريري.

• وهو أمر يشترك فيه جنبلاط بوعي لكونه ينفذ دفتر شروط سورياً ـ إيرانياً.

• مع ملاحظة أخيرة: يتمركز جنبلاط خلافاً لعاداته في لحظة تطورات وتحولات كبرى، ينبغي القول أن معظمها يفاجئه أي إنه يتمركز في لحظة تحولات كان يفترض عكسها.

رسالة 14 (عدد 19): ذكرى إنسحاب الجيش السوري في 26 نيسان 2005

Comments are closed.

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading