أولا: عزيزي علي، إجلس لكي أنصحك.
أليس أنت من كنت تردّد ذلك مرارا؟ كنت تدعو أصحابك المقربين لقلبك إلى منبر الخطاب، وكنت تجلس على الأرض وتقول: انصحوني، جنّبوني مشقة ومسؤولية يوم الحساب والكتاب. ألم يكن هذا خطابك، والذي كنت تقول فيه: انتقدوني، سواء كنت بين الناس أو كنت وحيدا؟ والآن أنا، محمد نوري زاد، من منبر خطابي، وأنت الجالس على الأرض، وجميع المشتاقين للقائك، يشهدون على هذا الخطاب. وقبل أن أركّز على أصل الخطاب وأدلي بنصائحي، يجب قبل ذلك أن أوضّح عمق العلاقة العاطفية التي تجمعني بك وكمّ المقالات التي كتبتها والأفلام الوثائقية التي أنتجتها حول عظمتك. وأعلم بأنك لا تحتاج إلى عاطفة مَن هم مثلي، لكن إخلاصا منّي في ذلك قلت هذا مجدّدا، ومن أجل ألاّ يُقدِم أولئك الذين يشقون الصدور من أجل كل شيء على اتهامي بالارتداد، ولكي لا يسعوا إلى جرّي نحو منعطف يسهّل الاعتداء عليّ، رغم علمي بأن هؤلاء أصحاب حيلة ولن يألوا جهدا في إقصاء كل من يطرح خطابا متفاوتا أو يختار طريقا مغايرا.
ثانيا: عزيزي علي، ليتك لم تذهب إلى الحرب وإلى سفك الدماء. ليت الإسلام لم يحتوِ على الجهاد والحرب في سبيل الله، وليته بحث عن طرق أخرى للمواجهة. أنا وجمعٌ كبيرٌ ممّن يحبّونك نفضّل النهج الذي اخترته في الأعوام الـ25 من سكوتك والذي كنت خلالها تقدم المشورة الصادقة والرحيمة لمنافسيك. لكن حينما أصبحتْ إدارة وإرادة المجتمع المسلم تحت سلطتك خلال خمسة أعوام وبضعة أشهر، تنقّلتَ من حرب إلى أخرى، جعلت الفاجعة تسيطر على بيوت العديد من الأُسر من الطرفين، وفتحت الطريق من بعدك لانتشار الحقد. إنّ محور جميع حروبك خلال خلافتك لم يكن ردّا على الغزو الخارجي لأراضي المسلمين ولم يكن أمورا لها صلة بالقضايا الإنسانية والجماهيرية، إنما لأنك كنت تريد البقاء على سدة الزعامة والخلافة. فالبعض لم يكن يفضّلونك ولم يكن يفضّلون طريقة حكمك وكانوا يفضّلون استقالتك، وأنت في سبيل ذلك وضعت السيف بينك وبينهم فقضيت عليهم وتقدّمت.
ثالثا: نعم، ليتك بدلا من التوجه نحو الحرب، التي شغلت الجميع وأصبحت في متناول الجميع، قد توجّهت نحو أمور خاصّة بك. ألا يعتبر مثيرا للأسى أنك تتميّز بميزات إنسانية بينما الذين يردّدون “يا علي” يعرفونك عن طريق سيفك “ذو الفقار” ومن خلال قوة ذراعك؟ قوة الذراع يتم استنساخها باستمرار بين الشباب، من محارب إلى آخر، ومن بطل إلى آخر. لكن ليتك استهدفت القيم البشرية التي ظلت بضاعة ممتدّة على الأرض. ما هي هذه البضاعة؟ هي التسامح، هي تحمُّل المعارضة، هي السلام، هي التصدّي لإنقاذ الناس من المحن التي ابتليت بها، هي إنقاذ الناس من الأمراض والجهل. ليت نظرتك التي اتّجهتْ نحو زاوية خاصة من الدين، وبالطبع هي نظرة ضيّقة، قد استبدلتها بنظرة دينية واسعة النطاق. وبدلا من قولك للآخرين: ما أؤمن به هو عين الحق وأصل الدين، كان عليك أن تحفّز الناس على اختيار الدين والعقيدة، أن تحفّزهم على الالتزام بالأخلاق الإنسانية، كالحكمة والتسامح وعدم إقصاء الآخر واحترام حقوق الآخرين. إذا كان خيارك هو هذا الطريق كنت استطعت أن تجعل الكثيرين ينضوون تحت جناحي زعامتك.
رابعا: في إحدى خطبك الرائعة – وقد تكرر ذلك، حتى في سياق شهادة “صعصعة بن صوحان” – قلت للجميع: سلوني قبل أن تفقدوني. بل قلت مرارا: سلوني عن طرق السماء فإني أقرب إليها من طرق الأرض. هذا مطلب عظيم. وقد تكون أنت أوّل من رفع هذا الشعار من بين جميع الناس في العالم. فالشخص الذي يقول بأنه أقرب إلى طرق السماء من طرق الأرض، هو في الواقع يقول بأنه رغم علمه بأسرار الدنيا فهو يعلم أكثر عن أسرار السماء. والآن أنا محمد نوري زاد، الذي لا أعرف شخصا أكثر صدقا منك، لدي تساؤل: عزيزي علي، لقد رأيت بأمّ عينيك خلال 63 عام من عمرك كيف كان الناس يعانون من أمراض غير معروفة، كالطاعون والجدري والأمراض الجلدية والباطنية وارتفاع ضغط الدم، وكانوا كأوراق الخريف يسقطون على الأرض، وأنت لم تستعِن ولو لمرة واحدة – نعم لمرة واحدة – بأي ورقة من أوراق طرقك السماوية من أجل كشف سرّ هذه الأمراض والوصول إلى طرق لعلاج المرضى، ولم تسعَ لجعل اسمك مشرّفا عبر التاريخ في أنه كان سببا في إنقاذ البشر من أمراض متعددة.
خامسا: عزيزي علي، لقد كنت قادرا على كشف سر الكثير من المسائل غير المعروفة المتعلقة بأمور السماء والأرض، فليتك قمت بالكشف عن معادلتين رياضيتين وليتك طرحت اختراعين ووضعتهما في أيدي أصحابك لكي يقولوا للناس وبكل كبرياء وفي مختلف العصور: تفضلوا هذه بعض الإشارات العلمية المختصرة عن إمامنا وكبيرنا. لماذا استطاع فيثاغورث قبل عدة قرون من وجودك أن يتوصل إلى بعض المعادلات الرياضية وأنت لم تتوصّل إلى ذلك؟ لماذا كنت ترى الموت يفتك بالناس بسبب الأمراض فيما أنت – الذي كنت تعرف العلاج – مررت بجانبهم دون أي اهتمام؟ لماذا رجّحت الإشارة إلى بعض العبارات التي لم تكن تؤدي نهاياتها إلاّ إلى الغموض؟ ألم يكن مثيرا للأسى أنك لم تكمل مرحلة سكوتك التي استمرت 25 عاما؟ أنت باشتراكك في الحروب التي خاضها النبي قتلت الكثير بسيف ذو الفقار فجعلت العزاء يدخل بيوت الكثير من جيرانك. فإذا كانت كل قبيلة ستنسى الدماء المهدورة، فإن المجتمع العربي لن ينسى ذلك. في المحصلة فإن الكثيرين لم يكونوا راضين عن زعامتك. كان من الأفضل أن تجلس في البيت وتساهم في ازدهار البشر من خلال علمك السماوي والأرضي، بدءا من الطب مرورا بالفلسفة والحكمة والهندسة والعلوم الاجتماعية والتربوية والإنسانية، كان يجب عليك كشف الأسرار غير المنتهية لهذا الكون ووضعها للبشر ككنز لا يمكن تجاهله. ولم يكن لأحد دخل في ذلك. لقد كنت مستشارا جيدا للخلفاء. ما كان يفتقده الناس ليس قتل الأخ لأخيه أو الاغتيالات المتعلقة بأفضلية النوع من أجل الاستمرار في السلطة، إذ أن هذا النوع من القتل وهذه الطريقة في الاغتيالات كانت موجودة وستبقى موجودة. أنت تعرف جيدا ما كان يفتقده الناس. لماذا لم تتجه إلى الطريق الثاني عزيزي علي؟ لماذا لم تستمر في سكوتك الذي استمر 25 عاما وحوّلتَ نهايات حياتك إلى اضطراب؟
سادسا: لماذا حولت سنين عمرك الأخيرة إلى سفك للدماء؟
لماذا فتحت الطريق لسفك الدماء بين مريديك ومخالفيك؟
ليتك بدلا من إخراج “ذو الفقار” من غمده، قمت بتهيئة قلمك الساحر لكتابة الآتي: أي دين يريد أن يظهر حقيقته للآخرين عن طرق سفك الدماء، ويريد أن يثبّت بقاءه عن طريق سفك الدماء، ويريد أن يزيد من عدد أنصاره عن طريق سفك الدماء، هو ليس بدين، هو كآبة ممزوجة بعضها ببعض من أجل جرح وخدش الروح البشرية. في الواقع من الجُبن بمكان أن أتجاهل حِكَمِك النورانية، أو على سبيل المثال أن لا أذكر الجانب الإنساني والتربوي في رسالتك إلى مالك الأشتر، والتي أعتبرها رسالة فريدة من نوعها. لكني كنت أفضل أن أشاهدك صديقا لجميع البشر في جميع العصور، لا صديقا فقط مع تلك المجموعة من الناس التي تفضّلك وتفضّل طريقك، والتي كانت مشغولة خلال كل الفترة التي تجاوزت الألف عام بفرش سجادة التفرقة والكراهية والحروب وسفك الدماء ولم يكونوا يملكوا أي فن آخر. والسيد الخميني الذي تأسّى بك، كان قد أشغل أواخر سنين عمره في إراقة الدماء، بحيث أنه منذ قيامه بالثورة بدأ في إراقة الدماء إلى الأشهر الأخيرة من عمره. هو أمر، خلال رسالة له إلى رجال الدين الشيعة، بإراقة دماء آلاف من الناس. وقام هؤلاء الشيوخ والسادة بإراقة الدماء بكل حرص خلال السنوات الشيعية، سواء تلك الدماء التي أريقت في سقف مدرسة “الرفاه” ومذابح خلخالي، أو الدماء التي أريقت خلال سنوات الحرب الحمقاء (مع العراق)، أو الدماء التي أريقت في غيرها من الظروف. كل الدماء التي أريقت كانت تتأسى بما كنت أنت تقوم به عزيزي علي.
سابعا: ليتك قضيت على جذور العبودية أثناء فترة خلافتك، على الأقل في مدينة الكوفة. كنّا سنفتخر بذلك ونقول لشعوب العالم: انظروا فإن إمامنا قضى على العبودية قبل أكثر من ألف عام، والأشرار قتلوه لهذا السبب. أعني بأنه إذا كان استشهادك بسبب إلغائك للعبودية، لكان كل العالم يؤيدك اليوم. أي أن ما كانت تفتقده البشرية لم يكن مجيء دين جديد ورسم خطوط بين البشر بأنه يجب أن تنظروا من هذه الزاوية إلى الوجود أو إنكم ستصبحون كفارا وستباح دماءكم.
ما تفتقده البشرية هو الإنسانية، ما تفتقده البشرية هو الاحترام، احترام حقوق الإنسان، مهما تنوعت أيديولوجية هذا الإنسان.
(يتبع)
*
عزيزي “محمد نوري زاد” ليتك تخرس بدل هذا الكلام التافه ما هذه الجرأة على اتهام الامام علي بسفك الدماء هذا بهتان لان التاريخ يشهد بأن الامام علي لم يبتدء القوم بقتال ما قام به لم يكن الا دفاعا عن الاسلام وهم من ارادوها حربا فاضطر الامام علي للقتال لتثبيت المسلمين على دينهم ومن المجحف بحق الامام علي عليه السلام ان تشير الى قتاله الكفار زمن النبي محمد صلى الله عليه واله . وهذا تناقد واضح في كلامك . لولا سيف علي لما انتصر المسلمون في معارك التي خاضوها زمن النبي . فهل كان المطلوب من الامام علي أن يسكت ويجبن… قراءة المزيد ..