رأي في الحجاب

5

مقال ارتأت القبس عدم نشره

*

“.. بين العلم أن المرأة تختلف عن الرجل، وخاصة مع بلوغها سن الشباب حيث يعروها “المحيض” الذي تتأثر به أفعالها ومشاعرها، فتطرأ عليها مجموعة من العوارض منها “تبلد الحس” وتكاسل الأعضاء وتخلف في “الفطنة” وتقل قوة تركيز الفكر لديها!! واشد على المرأة زمان الحمل…. ولهذا جعل الدين القوامة للرجل على المرأة”!!

كتاب”التربية الإسلامية” الصف 12 وزارة التربية الكويتية

*

كنت أميل دائما للحياد من مسألة الحجاب واعتباره موضوعا شخصيا يتعلق بمن ترتديه. ولكن بالتمعن أكثر في الموضوع والبحث بصورة أعمق في خلفيات الحجاب التاريخية، وجدت أن قضية “الحرية الشخصية” في مسألة الحجاب أكثر تعقيدا مما كنت أعتقد، وأن المسألة بحاجة حقا للتصدي لها بالنقد الواضح والصريح بعد أن أصبح الحجاب رمزا سياسيا من جهة وموقف شديد التخلف والتعسف ضد نصف المجتمع من جهة أخرى.

يقول المفكر “الصادق النيهوم” في كتابه ” الإسلام في الأسر”، أن المرأة المسلمة عندما تتحجب، آملة أن تفوز برضاء الوعاظ، فإنها في الواقع، لا تلبس عباءة فقط، بل “تتقمص” شخصية مستحيلة، أول مفاجأة فيها، أنها شخصية لم يخلقها الله!!

ويقول بأن حجاب المرأة – مثل ختان الذكر- فكرة محلية جداً، لم يعرفها أحد سوى سكان الصحراء في العالم القديم، ولم يكن يحتاج إليها أحد سواهم، لأنها ليست فريضة دينية حقاً، بل مجرد إجراء وقائي لمكافحة العدوى لجأت إليه شعوب الصحراء بسبب ندرة الماء بالذات. وقد تحدد هذا الإجراء في ختان الذكر، لمنع تلوث الغرلة، وعزل المرأة في الحجر الصحي، خلال فترات الطمث والولادة، وهو إجراء طبي حكيم نجح في حصر أمراض تناسلية فتاكة كان من شأنها (وقتها) أن تزيد من أخطار الحياة في الصحراء. لكنه ليس إجراء دينياً، ولم يصبح فريضة لها علاقة بالدين، إلا على يد اليهود، خلال الألف الثانية قبل الميلاد…. وهكذا تحولت الأفكار النافعة إلى وصايا سماوية، وبالذات من خلال نصوص مقدسة في كتب اليهود، عندما كانت المرأة في نظرهم، ولا تزال لدى الغلاة منهم، نجسة متى ما دخلت مرحلة “الطمث”، الذي أعتبر دينيا مرضا معديا وناقلا له ويجب عزل أو حجب ناقلته عن الآخرين، وكذا الحال معها بعد فترة الإنجاب، حيث تعزل 40 يوما إن أنجبت ذكرا وضعف ذلك إن أنجبت أنثى، وكل ذلك إمعانا في إذلالها والحط من مكانتها من خلال الإيحاء بأن ما يخرج من المرأة من دم ليس ظاهرة طبيعية، بل لعنة ربانية متعمدة، لا بل وأصبح مع الوقت جسد المرأة بكاملة خطيئة يتطلب منها، ومن وليها، إخفاءه عن أعين الغير. وقد ساهم المجتمع الذكوري برمته وسهل، من خلال مختلف وسائل التربية والتعليم والإيحاء، ومقدمة المقال كمثال على ذلك، ومن خلال النصوص الدينية، سهل من استجابة المرأة لهذا الوضع وتقبلها لفكرة “نجاستها” وضرورة قيامها بإخفاء جسدها وصورتها وصوتها عن الآخر، وأن ترضى عن اقتناع بأن تلزم بيتها، وأن لا تخرج من غير عباءة أو حجاب يغطي جسدها بكامله، لكي لا تفسد إيمان الرجل وتقواه!!

ويعود المفكر “الصادق النيهوم” للقول بأن الحجاب، بالرغم من أنه أصبح الآن فريضة إسلامية، يدعو لها الوعاظ علناً باسم الإسلام، إلا أن هذه الدعوة ليس مصدرها النص القرآني، بل مصدرها الواعظ المسلم الذي يتكلم “بنفس عبراني، دون أن يدري. ويقول بأن فكرة أن المرأة مخلوق نجس هي كارثة تحققها فكرة الحجاب على ثلاث مراحل رئيسية، في الأولى تتعلم الطفلة أن الطمث نجاسة. وفي المرحلة الثانية، تكبر الطفلة، لكي تصير شابة وتتعلم أنها شخصياً قد أصبحت نجسة، وبات عليها أن تدخل في الحجاب. وفي المرحلة الثالثة، تكتشف المرأة المحجبة أن الحياة وراء الحجاب مجرد نوع من الموت العلني، في عالم خاو، ومفرغ عملياً من معنى الحياة. وهو اكتشاف لا تستطيع المرأة أن تواجه أبعاده بأي قدر من النجاح، إلا إذا عبرت الخط الفاصل، وماتت سراً من دون أن تدري!!

ولهذا تصبح قضية الحجاب فكرة قاتلة للنفس يجب ان لا نقبل بها على أنها مجرد تصرف شخصي. فالمجتمع لا يترك عادة لأي فرد أو أكثر بالتصرف بطريقة كارثية لمجرد أن ذلك من صميم حقوقهم الشخصية. فلا خيار مثلا في موضوع التطعيم ضد وباء ما، ورفض المصاب تناول الطعم لتعلق الأمر بحقوقه الشخصية مثلا أمر غير مقبول على الإطلاق طالما أن الخطر يشمل المجتمع برمته، وبالتالي يصبح التطعيم فعلا إجباريا وضد إرادة الفرد وحريته الشخصية، وكذلك يجب التعامل مع الحجاب. فالمرأة المحجبة لا تختفي وراء حجاب فقط لشعورها بأن ذلك من الدين، بل بسبب ما تعرضت له، عبر سنوات طويلة من التربية والتعليم المنزلي والبيئي، من أنها تشكل مشروع “عار” على أهلها، وهذا شكل عقلها وأحالها إلى مخلوق مريض، وهي بالتالي ليس بإمكانها أن تربي جيلا يمكن الاعتماد عليه في شيء….. وحال أمتنا ومصيرنا المظلم منذ قرون خير شاهد على ذلك.

ملاحظة: لو كانت المرأة التي يعروها المحيض قليلة الفطنة متبلدة الحس أيام معدودات في الشهر، كما تذكر كتب التربية والتعليم في مدارس الكويت، فلم تعاقب المرأة بقية الشهر على ذلك؟ وما ذنب الطفلة، أو المرأة بعد سن المحيض؟ وكيف نفسر نجاح مئات السيدات كقادة وإداريات مبدعات ورؤساء دول عظيمات، وعلى مستوى العالم أجمع؟

habibi.enta1@gmail.com

* رجل أعمال وكاتب كويتي

5 تعليقات
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
دهيليس رجاء
دهيليس رجاء
15 سنوات

رأي في الحجاب
السلم عليكم
انا ابلغ من العمر20سنة محجبة حديتا و اقولها بكل وضوح هدا هو ميلاد الجديد
استغفر الله و اتوب اليه.
ما العبرة من ان تلبس الفتاة لباس عار غير محتشم اتريد بنفسها الدل و الهوان لا فائدة ترجى منه هو و لله غزو تقافي
فاني ارجو من كل فتاة ان تتحجب
و اسئل لله ثبات و الغفران و الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على رسول لله صلى لله عليه و سلم.

بدر ابراهيم
15 سنوات

رأي في الحجاب الاستاذ احمد كل الشكر والتقدير على هذا المقال والنقد الصريح و المفيد و الموضوعى عن تاريخ الحجاب وكونْه من العادات والتقاليد-موضه لباس – قديمه فرضه الواقع والبيئه آن ذاك حاله حال العمامه أو الطربوش للذكور. فتقاليد الموضه-من ضمنهالبس الحجاب على الرأس- تخضع للتطور أوالتجديد أو التبديل حسب المتغيرات البيئيه و الاجتماعيه المتحركه فى حاجات المجتمع .لكن وعاظ التدين يريدون استمرار سيطرتهم و سطوتهم وحجرهم على المرأه و المجتمع من خلال استغلال غير شريف أو نظيف للدين. أستغرب لماذا لم تسمح جريدة القبس بنشر هذا المقال الموضوعى و المتزن بالنقدالبناء لكى تعم المعرفه ومن ثم قد يتحرك بعض… قراءة المزيد ..

أيمن
أيمن
15 سنوات

رأي في الحجاب الأخ ابراهيم، تحية اولا تعقيبا على ماقلت الأية “من وراء حجاب” خاص بنساء النبي و راجع بداية الآية. ثانيا ، آية الخمر إختلف في تفسيرها و انت ان نظرت الى الأية لا تجد امرا صريحا بالحجاب مثل ما هو معمول به اليوم، بل قال البعض المقصد هو ستر الجيب (فتحة الصدر) لئلا يظهر منها شئ عندما تعمل، كذلك لتعرف على انها حرة (ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين) و تذكر الروايات ان بعض الإماء كن يخدمن الرجال “تصطفق اثداءهن” فيؤذيهن الرجال فآمرت الحرائر بستر الصدر حفظا لهن. نعم نحن رجال و ننظر الى النساء و قد يقع… قراءة المزيد ..

إبراهيم
إبراهيم
15 سنوات

رأي في الحجاب هناك خلط واضح بين الحجاب والحيض !! خصوصا في نهاية المقالة !! .. فالحجاب ليس عقابا على الحيض !! ولكنه لباس محتشم للمرأة التي يرى الإسلام أن وظيفتها منزلية ، ووظيفة الرجل خارجية . وحجابها لا يستنقص من مقدارها شيئا ، لنتجاوز هذا كله ، ولنتكلم بصراحة أنا رجل وأنت رجل .. ألسنا نستمتع برؤية المرأة الجميلة ؟ وربما ترد إلى أذهاننا خطرات غير سوية … ؟! لنكن صرحاء وواضحين .. نعم هذا يحصل … ربما البعض يقول إنه طبيعي جدا ومشروع ما لم يتجاوز إلى الخطأ … ولكن الإسلام يراه غير مشروع الحجاب للحماية من أن… قراءة المزيد ..

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading