وطنية – نظم لقاء سيدة الجبل ندوة في مجمع اده ساندس السياحي في جبيل تحت عنوان “العيش المشترك في جبيل وكسروان آفاق المستقبل مسؤولية مشتركة”، تحدث فيها النائب السابق فارس سعيد، في حضور المهندس ظافر سليمان ممثلا الرئيس ميشال سليمان، الشيخ احمد اللقيس ممثلا الشيخ غسان اللقيس، الشيخ محمود خضر، رئيس حزب السلام اللبناني المحامي روجيه اده، رئيس اقليم جبيل الكتائبي جورج حداد، نائب رئيس اتحاد بلديات قضاء جبيل خالد صدقة، رئيس رابطة المختارين ميشال جبران، المرشحين للانتخابات النيابية في دائرة كسروان الفتوح وجبيل: جان الحواط، نوفل ضو، كريم ناظم الخوري وحشد من رؤساء البلديات والمخاتير، ابناء قضاء جبيل وفاعليات سياسية حزبية، نقابية، روحية، اجتماعية، رؤساء اندية وجمعيات.
بعد ذلك، القى سعيد كلمة قال فيها:
إن الطائفة الشيعية هي مكون أساسي من مكونات بلاد جبيل التاريخية. وتتوزع عائلاتها على قرى الجرد الجنوبي أو ما يسمى جبة المنيطرة، التي كانت حتى نهاية القرن التاسع عشر تحت نفوذ مشايخ آل حمادة، وقرى الوسط الجنوبي أي القرى المحيطة بوادي نهر ابراهيم الذي يفصل قضاء جبيل عن فتوح كسروان. وتتميز عائلات جبيل الشيعية إنها مصدر عائلات بعلبك الشيعية، إذ نزحت غالبية هذه الأخيرة من جبل لبنان، وخاصة جرد جبيل، إلى سهل البقاع على مراحل ومنذ أواسط العصر المملوكي. (وفقا لكتاب كمال الصليبي) ولو دققنا في تاريخ النسيج الاجتماعي البقاعي لوجدنا أن مسلمي البقاع هم اساسا سنة في غالبيتهم وأتى الشيعة من الجبل إلى البقاع، وسرعان ما يتبين أن العائلات بين الجبل والبقاع هي نفسها، ومنها: زعيتر- شمص- مقداد- برو- حيدر- أحمد – الحسيني…”
وتابع: “في جبيل قرى مختلطة مارونية – شيعية عديدة، أذكر منها: لاسا- المغيري- يانوح- مزرعة السياد- مشان- أدونيس- سنور- الحصون- طورزيا… عاشت هذه القرى بسلام دائم حتى خلال الحرب الأهلية ولم يسجل ولا مرة أي حادث أدى إلى عنف أو إلى تفرقة.
في جبيل أيضا قرى مسيحية (مارونية) تحتفظ داخلها بجبانة قديمة للتأكيد على الوجود الشيعي سابقا. أذكر منها: قهمز- مجدل العاقورة- فتري- زبدين- بشللي- ميفوق.
شارك الشيعة الموارنة في القطاع الزراعي، ما جعل أسلوب العيش والعادات الأهلية متطابقين بشكل واضح حتى في نمط الغذاء والملبس إلى العتابا والميجانا”.
واردف: “دخل الشيعة منذ الانتداب الفرنسي المسرح السياسي والانتخابي الجبيلي مع السيد أحمد الحسيني الذي أدى دورا محوريا في العلاقات المسيحية – الاسلامية في المنطقة. يتوزع آل الحسيني بين مزرعة السياد الملاصقة لقرطبا في الجبل وشمسطار في البقاع،التي وبرغم وجودها هناك كانت تابعة إداريا لجبل لبنان في زمن المتصرفية.
أدى السيد أحمد دورا سياسيا بارزا وتقرب من سلطات الانتداب ومن الكنيسة المارونية.
بدأ نزوح شيعة المنطقة من جبيل في بداية السبعينيات في اتجاه رمول المطار، والتي أصبحت في ما بعد جزءا من الضاحية الجنوبية لبيروت. يعرف الجميع أن أحياء آل مقداد وآل عواد وغيرهم هي من أعتق أحياء الضاحية الجنوبية، ومع نزوحهم تقربت بعض النخب وبخاصة الشباب من كوادر فتح والحركة الوطنية وانتقل بعضهم من رعاية الشعبة الثانية إلى صداقة فتح واليسار اللذين فتحا لهم باب المنح الجامعية إلى الاتحاد السوفياتي وكان منهم أطباء ومهندسون توزعوا على بلدات المنطقة وقراها وعائلاتها”.واضاف: “بعد العام 1982 تقرب شبابهم من أمل وحزب الله وبقي من استمر في القرى يمارس حياته الريفية، وعلاقات العيش المشترك، بل العيش الواحد، على أكمل وجه.إذن، ومنذ ما قبل الاستقلال حتى نهاية الحرب الأهلية، تميز العيش المشترك بين الشيعة والمسيحيين في بلاد جبيل بالخصائص الاتية:
– وحدة حال على الصعيد الاجتماعي، يقويها قطاع زراعي مشترك.
– تقارب في وتائر الترقي الاجتماعي، في مجالات التعليم والوظائف الحكومية والأعمال التجارية.
– لم يكن للتنافس السياسي التقليدي بين الأحزاب أي طابع طائفي من شأنه أن ينعكس على العيش المشترك.
– هذا مع تمسك الجانبين بعقيدتهم الدينية، على قاعدة فهم مشترك لغاية الأديان، وهو أنها تعلم الناس كيف يعيشون معا بسلام.
– إلى ذلك جسد عيشهم الواحد فهمهم الواحد لمعنى الوطنية اللبنانية، بخصوصيتها الكيانية والتزامها شروط الدولة الوطنية وانفتاحها على محيطها العربي.
– كذلك قدم شيعة بلاد جبيل صورة مشرفة عن الاعتدال الإسلامي الشيعي، على نهج الإمامين موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين. ما بعد الحرب، وخصوصا ما بعد العام 2005 الذي شهد انتفاضة الاستقلال، سرعان ما شهد لبنان انقساما طائفيا ومذهبيا حادا على قاعدة الصراع بين خطين، خط السيادة والاستقلال والعبور إلى الدولة، وخط التبعية للمحور السوري -الايراني الذي أصر على استمرار تغييب الدولة – اقول: بعد ذلك، واستمرارا حتى اليوم، لم تسلم بلاد جبيل من ذاك الاستقطاب الذي عرّض العيش المشترك فيها لخطر شديد”.
وقال: “يتمثل الخطر في الواقعة الأساسية التالية: تراكب التنافس السياسي التقليدي على التجاذب الطائفي، وارتباط هذا الأخير بمرجعيات غير لبنانية، لا سيما المرجعية الإيرانية بواسطة حزب الله الذي يعمل على قاعدة: أنا الشيعة والشيعة أنا في كل لبنان!. بطبيعة الحال لا ينفرد حزب الله بهذه السياسة، بل تشاركه فيها كل الأحزاب السياسية الطائفية التي تدعي احتكار تمثيل طوائفها. كيف ينعكس هذا الأمر خطرا على العيش المشترك؟ ببساطة، لأن العيش المشترك هو عيش بين مواطنين ينتمون إلى طوائف مختلفة، وبشروط الدولة الجامعة، وليس بين كتل طائفية ومذهبية مغلقة تتزاحم على الدولة، بحسب عبارة فقيد لبنان الغالي سمير فرنجية، فكيف إذا ارتبط هذا التزاحم بمشاريع خارجية؟! لا اريد أن أستذكر الوقائع المؤلمة، من مشكلة “لاسا” الشهيرة وما قبلها، وصولا إلى إصرار حزب الله على ترشيح مسؤول أمني لديه للمقعد الشيعي في الانتخابات النيابية المقبلة.. إذ لم يعد لديه مكان لغير الحزبيين النظاميين!..
أريد فقط أن أحدد موقفي ومنهجي حيال هذه المسألة بالنقاط الاتية:
– إن الأولوية عندي هي لصون العيش المشترك، بل العيش الواحد، في بلاد جبيل.
– هذه الأولوية وهذا النهج يشهد عليهما انتمائي الواقعي والتاريخي إلى مدرستين معروفتين: مدرسة أنطون ونهاد سعيد في بلاد جبيل، ومدرسة سمير فرنجية على مستوى لبنان.
– إن إخوتنا الشيعة في بلاد جبيل مكون أصيل من مكونات هذه المنطقة، وجزء لا يتجزأ من هويتها الاجتماعية والثقافية والوطنية.
وعليه، نرفض اعتماد سياستين في التعامل معهم والنظر إليهم:
– سياسة اعتبارهم أهل ذمة لأنهم أقلية عددية، كما يحاول تصويرهم التيار الوطني الحر.
– وسياسة اعتبارهم وديعة وجالية لجهة حزبية أو لجهة خارجية، كما يحاول تصويرهم حزب الله”.
وتابع: “على ما تقدم، أدعو أهلي الشيعة والمسيحيين في بلاد جبيل إلى التفكر والتدبر، لنعود معا وجميعا إلى أصالتنا، بوصفنا شاهدا ملكا على العيش المشترك في لبنان”.
وذكر سعيد بوثيقتي عنايا العام 1975 ووثيقة قرطبا العام 1976 اللتين وقعا عليهما وجهاء بلاد جبيل من اجل الحفاظ على العيش المشترك في هذه المنطقة رغم الاحداث التي عصفت بالوطن”.
وتطرق الى موضوع الانتخابات النيابية لاسيما ترشيح حزب الله لمرشح من خارج المنطقة وقال: “ان القانون سيعطي هذا المرشح القدرة أن تصب الأصوات الشيعية بغالبيتها عنده، وسيؤمن الحاصل الانتخابي، محررا من قيود المنطقة محليا وله مرجعية خارج جبيل، وهذا حقه فمن وافق على هذا القانون الانتخابي وشارك في صياغته هو الذي اوصلنا الى ما وصلنا اليه، فأمام أي مشكلة سواء أكانت عقارية أو اجتماعية أو أمنية أو سياسية سنكون أمام واقع جديد”.
وأضاف: “أريد أن أوجه سؤالا بكل حرية ضمير، هل ما زال عندنا وعند اخواننا الشيعية بوعي وبقدرة القيادات السياسية القديمة أن تعمل كما حصل في الماضي مع تبدل موازين القوى والأرجحيات التي انتقلت من يد الى أخرى؟ وهل ما زال لدينا جميعا ولدى كل النسيج الجبيلي الداخلي من المرجعيات والقيادات الروحية الاسلامية والمسيحية والامنية والسياسية والبلدية والاختيارية، امام كل هذه المشاكل النائمة واقع جديد وقدرة وعي كاف؟ أم ان البلد كله في عصفورية سياسية وسندخل لا سمح الله في العصفورية السياسية نفسها، ولن نعرف ايجاد الحلول لمشاكلنا العالقة؟ وهل غدا امام اي قضية قد تحصل في منطقتنا، ستأخذ هذه المواضيع أبعادا واستقطابا طائفيا ومذهبيا وشد الحبال بيننا وبين الاخرين؟”.
ووجه دعوة للمرجعيات الروحية الجبيلية المسيحية والشيعية والسنية وعلى رأسها راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، لـ”خلق اطار منذ اليوم للمشاكل التي حذرت منها، وذلك بعيدا من الانتخابات حيث لا اعتقد أن هناك وعيا انتخابيا كافيا لمواجهة كل هذه المواضيع، واتمنى على هذه المرجعيات اللقاء وفي اسرع وقت ممكن من اجل طرح كل هذه المواضيع القائمة في ظل الواقع الجديد الذي سندخل اليه، لذا علينا ان نتحضر منذ اليوم والا نصل الى هذا الواقع المنتظر ونتفق على ما يجب القيام به”.
وقال: “ادعو المرجعيات السياسية، التيار الوطني الحر والكتائب والقوات اللبنانية وكل المرجعيات المستقلة الحزبية وغير الحزبية، حيث هذه المنطقة تضم رئيسا سابقا للجمهورية نحترمه ونقدره، وقيادات امنية نفتخر بانجازاتها، ندعوهم جميعا لكي يطرحوا على انفسهم السؤال التالي: اذا استيقظنا في 7 ايار المقبل على واقع سياسي جديد، كيف يمكن ان نبني سويا شبكة امان التي عرفها اسلافنا واباؤنا لكي نبعد الاصطدام الذي اراه لا سمح الله ات”.
ودعا سعيد مرشح “حزب الله” الشيخ حسين زعيتر الى “مناظرة تلفزيونية بينهما اينما يريد وفي اي محطة تلفزيونية يريدها، هدفها ليس وباي شكل من الاشكال الاصطدام ، بل فقط من اجل ان ننتزع من بعضنا البعض جملا تطمينية لمستقبل هذه المنطقة”.
وتوجه الى الحاضرين بالقول: “صوتوا في الانتخابات النيابية لمن تشاؤون واينما تريدون شرط عدم المس بالعيش المشترك في قضاء جبيل، ممنوع المس بالنسيج الداخلي لهذه المنطقة، او ان يؤخذ هذا الكلام من اجل الاثارة الانتخابية او رغبة بالاصطدام مع احد، لا بل بالعكس، لهذه المنطقة رجالها، فكما يوجد حزب قوي على مساحة لبنان، هناك مجتمع في هذه المنطقة ممنوع ان يفكر احد أن حيطه واطي”.
وقال: “ما زال امامنا لموعد الانتخابات النيابية 40 يوما وسنصل في 7 ايار الى واقع جديد، وقد وضعت امامكم كل ما لدي في موضوع العيش المشترك وكل ما املك من صدق وحيوية للحفاظ عليه، وكل ما املك من احترام لاسلافي واهلي والعميد ريمون اده وحزب الكتائب اللبنانية والمرجعيات الشيعية المحلية والتي كان لديها الواعي الكامل، كما اوجه التحية للمرجعيات السنية في هذه المدينة التي لم تغادرها خلال الحرب الاهلية، لا بل شاركت اخوانها المسيحيين باحزانهم وافراحهم وفي الاحتفالات والمهرجانات السياسية”.
وختم سعيد داعيا الجميع الى “التنبه لاننا دخلنا في مرحلة جديدة في لبنان وجبيل وفي 7 ايار سندخل الى واقع جديد جدا وعلينا ان نكون متيقظين”.