حتى “الأصوليون” لا يحبّون آية اللعان: لأنها تساوي المرأة بالرجل، ولأنها تُبطِل أية عقوبة عن المرأة المتّهمة بالزنا، ولأنها تقطع عليهم طريق التذرّع بـ”شرفهم” المزعوم وبـ”تقاليدهم” المتخلّفة! ولذلك اخترعت عدة بلدان عربية “بدعة” تخفيف عقوبات القتل بداعي الشرف المزعوم!
*
الدمام – فاطمة آل دبيس
سجلت محاكم السعودية تراجعاً في قضايا اللعان (قذف الرجل زوجته)، بواقع 65 في المئة. ونظرت المحاكم العام الماضي 84 قضية، تصدرتها الرياض والطائف وتبوك بواقع 20 قضية لكل منها. فيما لم تسجل مكة المكرمة إلا قضيتين، وجدة خمس، وراوحت المناطق الأخرى بين قضية وأربع قضايا.
فيما سجلت المحاكم العامة في خمس مناطق رئيسة في المملكة خلال 1434هـ، 239 قضية لعان. وجاءت الرياض في المقدمة، بـ105 قضايا، تلتها مكة المكرمة بـ34 قضية، ثم جدة بـ51، تليها الطائف بـ42، ثم المدينة المنورة التي سجلت سبع قضايا.
واعتبر القاضي السابق محمد الجذلاني، اللعان «من أبشع أنواع القضايا، لأنها لا ترتبط بمعيشة معينة، أو وضع اجتماعي معين»، ولمعرفة العوامل المؤدية لمثل هذه القضايا أكد على «الوقوف على كل قضية، ومعرفة تفاصيلها»، مشيراً إلى أنها «قد تنتشر بين السعوديين المتزوجين من أجانب، أو تساهل الرجل في اختيار المرأة قبل الارتباط بها».
وقال الجذلاني لـ «الحياة»: «إن ما يؤكد أن الإسلام صالح لجميع الأزمان هو تشريعه اللعان، وهو شهادة مؤكدة بالأيمان، مقرونة باللعن من جهة الزوج، وبالغضب من جهة الزوجة، قائمة مقام حد القذف في حق الزوج، ومقام حد الزنا في حق الزوجة».
بدوره، قال الأمين العام لجمعية حقوق الإنسان خالد الفاخري، لـ «الحياة»: «توجد أساليب حديثة لاعتبار اللعن كأن لم يكن، مثل اللجوء لتحاليل الـ DNA، والبصمة الوراثية، وغيرها من الأمور التي توصل لها العلم»، لافتاً إلى أن هذه القضايا «لا يمكن أن تنشأ إلا بعد انعدام الثقة بين الزوجين، فيترك للمرأة الخيار بعد صدور نتائج البصمة، إذا ما كانت ترغب في الردع لزوجها أو الفراق. ولكن في حال ثبوت أن الابن من صلب الرجل، فإنه ينسب له هو، خلاف الذي كان سابقاً، إذ يتم التفرقة بينهما، ويدرأ الحد، وتنتفي صفة الولد الذي نسب للأب»، مؤكداً أن «الأخذ بهذه التحاليل والبصمات يسهم في ضمان عفة المرأة ونفي أي ادعاء عنها». وذكر الفاخري أن «اللعان جاء من الطرد والإبعاد، وهو ما يجري بين الزوجين من الشهادات والأيمان المؤكدة في حال مخصوصة، وهي إذا رمى الزوج زوجته بالزنا، ولم تكن له بينة على ذلك، وأنكرت الزوجة ذلك إنكاراً باتاً، أو ادعى الزوج أن ولد زوجته ليس منه، وأنكرت هي تلك الدعوى ولا بينة لديها، فإنهما يلجآن إذ ذاك للملاعنة على الصفة التي بين الله تعالى حيث يقول: «والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلاّ أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين»، فإن تم اللعان بينهما، حصلت الفرقة بينهما على التأبيد، ويدرأ الحد وتنتفي نسبة الولد الذي لاعنا فيه عن الزوج».
وأوضح الفاخري كيفية اللعان، وهي «أن يقول الزوج عند القاضي أمام جَمْع من الناس: «أشهد بالله إني لمن الصادقين بما رميت به زوجتي فلانة من الزنا، يقول ذلك أربع مرات، ويشير إليها إن كانت حاضرة، ويسمِّيها إن كانت غائبة بما تتميز به، ثم يزيد في الشهادة الخامسة – بعد أن يعظه القاضي ويحذره من الكذب – «وعليَّ لعنة الله، إن كنت من الكاذبين»، ثم تقول المرأة أربع مرات: «أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنا»، ثم تزيد في الشهادة الخامسة «وأن غضب الله عليّ إن كان من الصادقين»، مؤكداً أنه إذا «تم اللعان فإنه يترتب عليه، سقوط حد القذف عن الزوج، وثبوت الفرقة بين الزوجين، وتحريمها عليه تحريماً مؤبداً، ولو لم يفرق القاضي بينهما، ينتفي عنه نسب ولدها ويلحق بالزوجة، ويتطلب نَفْيُ الولد ذِكْرَه صراحة في اللعان».