عمان (رويترز) – شقت الاحتجاجات السورية التي اندلعت في مدينة درعا الجنوبية قبل نحو ثلاثة اسابيع طريقها الى ضاحية بالقرب من دمشق حيث يتجمع الالاف كل ليلة لتشييع متظاهرين قتلتهم قوات الامن بالرصاص.
وبرزت ضاحية دوما التي تقطنها غالبية سنية كبؤرة جديدة لتحدي حكم الرئيس بشار الاسد الممتد منذ 11 عاما الذي هزته الاحتجاجات التي انتشرت في انحاء سوريا بعد اندلاعها بادىء الامر في درعا.
وأحد المطالب الرئيسية للمحتجين هي انهاء حالة الطوارئ المفروضة منذ عقود والتي يقول محامون ونشطاء ان السلطات تستخدمها لكبح المعارضة وتبرير الاعتقالات العشوائية واطلاق يد الشرطة السرية في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 20 مليونا.
وقال شهود ان الاف الاشخاص كانوا يتجمعون مساء أمام الجامع الكبير في دوما الواقعة على بعد اميال قليلة الى الشمال من دمشق لتأبين عشرة متظاهرين قتلتهم قوات الامن بالرصاص خلال مظاهرات يوم الجمعة.
والقت السلطات باللوم على “جماعات مسلحة” في فتح النار وقتل عدد غير محدد من المواطنين وقوات الامن في دوما يوم الجمعة. وتقول ايضا ان شرطيين قتلا في قرية قريبة يوم الثلاثاء بينما كانا في “دورية عادية”.
وقال شهود ان قوات الامن انتشرت بكثافة يوم الاربعاء في درعا حيث اغلقت الكثير من المحال التجارية تضامنا مع ضحايا دوما. لكن السكان قالوا ان قوات الامن غابت قليلا عن المشهد في دوما التي يسكنها مئات الالاف مما منحها نسائم حرية قالوا انهم لم يتنفسوها منذ عقود.
وقال أحد السكان “تشعر دوما كما لو كانت مدينة محررة. لكننا نتوقع ان هذه مظاهر خادعة مؤقتة وان الشرطة السرية انسحبت الى مراكزها فقط لامتصاص الغضب في الشوارع.”
وقال ساكن اخر “مذبحة يوم الجمعة لا تنسى. الناس خائفون من تكرار الامر هذه الجمعة.”
وقال سكان ان جنازتين اقيمتا يوم الثلاثاء لمحتجين اثنين توفيا متأثرين بجراحهما مما يرفع اجمالي القتلى في دوما الى عشرة.
وشارك الالاف في الجنازة الجماعية للثمانية الاخرين يوم الاحد والتي تحولت الى احتجاج مناهض لحكم البعث بزعامة الاسد الذي يتولى السلطة منذ انقلاب عام 1963 .
وخارج دوما في الشوارع المؤدية الى دمشق وضعت الحكومة لافتات اعلانية تحمل شعار “حاصروا الفتنة الطائفية واعزلوا رموزها. الطريق الوحيد الى الاصلاح هو بشار الاسد.”
وقال الاسد – الذي ينحدر من اقلية علوية في سوريا – في كلمة له الاسبوع الماضي ان بعض المحتجين لهم مطالب مشروعة لكن المظاهرات الجماعية مؤامرة اجنبية لاثارة الفتنة الطائفية.
ورد الاسد على الاحتجاجات التي استلهمت الثورات العربية في تونس ومصر بمزيد من القوة – حيث قتلت قوات الامن التابعة له عشرات المحتجين في انحاء البلاد – ووعود غامضة بالاصلاح.
وتوافد قادة المجتمع المدني ورجال دين على دوما لتقديم واجب العزاء. وتحولت المنطقة الواقعة أمام المسجد الى ساحة حاشدة للمطالبين بالحريات والوحدة.
وقال الشيخ معاذ الخطيب رئيس مجلس ادارة جمعية التمدن الاسلامي لحشد كبير من المعزين مساء يوم الثلاثاء “نتكلم بالحرية من أجل كل انسان في هذا البلد من أجل كل سني وعلوي واسماعيلي ومسيحي من شعب عرب أو من شعب الاكراد العظيم.”
وأضاف قائلا “ان الحرية شئ يولد مع الانسان لا يتكرم به أحد على أحد. الحرية ملك من الله وليس ملك حاكم ولا حكومة ولا دولة. هذا الشعب العظيم خرج ليمارس حقه في التظاهر المشروع وما في أيدي أحد منهم سلاح.”
وتابع قائلا “كلهم ينادون وننادي معهم .. سلمية سلمية سلمية” مرددا الشعار الذي تبناه المحتجون المنادين بالديمقراطية اثناء ثورتهم الشعبية الناجحة في مصر.
وانخرط الحشد في ترديد “سلمية سلمية سلمية. الحرية الحرية الحرية. الشعب السوري ثائر. الشعب السوري واحد.”
وتعمل وسائل الاعلام في سوريا في ظل قيود قاسية. وطردت سوريا مراسل رويترز في دمشق الشهر الماضي. وطرد ثلاثة صحفيين أجانب اخرين لرويترز بعد ان احتجزوا ليومين او ثلاثة واحتجز مصور سوري يعمل لحساب رويترز لمدة ستة ايام.