تحت عنوان “القذافيستونز” كتب الصفحي الفرنسي “نيقولا بو” Nicholas Beau المقال التالي حول أبناء العقيد القذّافي الثمانية في جريدة “الكنار أنشينيه” الساخرة التي تتمتع بمصداقية كبيرة. و”نيقولا بو” هو أحد مؤلّفي كتاب صدر حديثاً بالفرنسية بعنوان “حينما يصبح المغرب إسلامياً” (يمكن قراءة مراجعة الكتاب بقلم مصطفى حيران على صفحات “الشفاف”).
يحمل مقال “الكنار أنشينيه” عنواناً جزئياً هو: “لاعب كرة قدم يتعاطى المنشّطات، ومجنون سرعة، ووريث يكثر من الكلام: أبناء القائد الليبي ليسوا واحة سلام”.
*
“القذافيستونز”
نزوات، وفلوس، ومظاهر خدّاعة. أبناء القذّافي السبعة في عمر الشباب، جذّابون، ويملكون ثروات طائلة. وهم يحبّون الفتيات الجميلات، وسيارات المرسيدس المصفّحة، والفنادق الفخمة جداً، وشاشات “البلازما”. الثانية بينهم، والأقرب إلى قلب والدها، أي الجميلة “عائشة”، تتخصص في القضايا الإنسانية وتخطب في الحشود، في قلب لندن، مدافعة عن إرهابيي “الجيش الجمهوري الإيرلندي”. مع “الإخوة القذّافي” يخيّل للمرء أن “الإخوة دالتون” (من أفلام الغرب الأميركي) قد اكتشفوا مجتمع “الجيت سيت”.
هؤلاء الثمانية أقرب إلى نموذج “الروك أند رول” من السفّاحين “عدي” و”قصي”، وأكثر لمعاناً من جمال مبارك أو من سعد الحريري. لقد أضفوا ألواناً إلى المجتمع السياسي العربي.
غالباً ما يتعرّض رئيس الدولة الليبية للإنتقاد بسبب عمليات إرهابية “صغيرة”، أو لاحتجازه “رهائن” من الممرضات البلغاريات. ولكن نادراً ما يلاحظ الناس أن “بابا قذافي” لديه، هو الآخر، مشاكل مع ذريّته الشهيرة.
إن “محمّد”، إبنه الوحيد من زواجه الأول، هو الوحيد الذي يعيش بعيداً عن الأضواء ويجني ثروة بصورة مقعولة في قطاع الإتصالات. وكان رجل الظلّ هذا هو الذي تفاوضت معه شركة EADS الفرنسية بخصوص عقدها الثاني مع ليبيا، وهو عقد “تيترا” Tetra للإتصالات المشفّرة. بالمقابل، فالأشقاء السبعة الآخرون، وهم أبناء الزوجة الثانية “صفيّة”، ليسوا من أنصار “الشيفرة”!
“الساعدي”، وهو الأكبر سنّاً، كان لاعب الوسط في فريق “بيروز” الإيطالي. وكان هذا “الأمل الرياضي الشاب” يحتل طابقاً كاملاً في أفخم فندق في المدينة الإيطالية. وكان يحجز غرفة لكلبه، وغرفة أخرى لسائقه. وبعد سنتين من التمارين، فقد “نجح” في فحص للمواد المنشّطة الممنوعة، ومُنِعَ من اللعب لمدة ثلاثة أشهر. والحصيلة أن هذا اللاعب الواعد لم يلعب، خلال سيرته الرياضية كلها، سوى لمدة 15 دقيقة، في 2 مايو 2004، في نهاية مباراة ضد فريق “جوف”. وأثارت هذه النتائج إستياء والده من هذا الهدر بدون طائل. وأعيد “الساعدي” على الفور إلى ليبيا، حيث بات مسؤولاً عن فريق لكرة القدم. وعند هزيمة فريقه في مباراة مع فريق “الأهلي”، قام حرس “الساعدي” بإطلاق النار على مؤيّدي الفريق المناوئ. وكانت الحصيلة 3 قتلى. ولسوء حظّه، كان الفريق المناوئ مملوكاً من أحد أشقائه. وكان ذلك مثار غضب جديد لـ”القائد”. ومنذ تلك الحادثة، تخلّى “الساعدي” عن كرة القدم وبدأ يهتم بـ”القوات الخاصة”، التي تستند إلى “اللجان الثورية”. ومن هذا الموقع الجديد، بات باستطاعة “الساعدي” أن يسدّد أهدافاً جديدة ولكن، هذه المرة، ضد شقيقه “سيف الإسلام”، الذي يكنّ له الحقد.
الشقيق الثاني، “سيف الإسلام”، هو الوحيد الذي نجح في صنع إسمٍ له في الخارج. بل، وتعوّد الناس أن يمزحوا حول غرامه بالنمرين البنغاليين اللذين يزعم “سيف الإسلام” أنهما يرافقانه أينما ذهب. ولا بأس، أيضاً، إذا كانت المؤسسة شبه الخيرية التي يرأسها قد باعت، بصورة غير مشروعة، كميات من الصابون والطحين لنظام صدام حسين أثناء فترة الحظر.
حيث أنه مؤيّد للغرب، فإن “سيف الإسلام” هو، حتماً، الأظرف بين أشقائه. فهذا المحدّث الدمث مستعد لبيع “الجماهيرية” المسلّحة فوق طاقتها مقابل بضع شهادات حسن سلوك. ويقول “سيف الإسلام”: “في نهاية المطاف، الليبيون يريدون أن يأكلوا الماكدونالدز، وليس اليورانيوم”. ولهذه الأسباب، قام بتسهيل عملية إطلاق سراح رهائن “جولو” في الفيليبين في سبتمبر 2000. وكان المسؤول عن استضافة أول وفد أميركي رسمي بعد رفع الحظر عن بلاده. كما أنه عمل بكل قواه منذ سنتين لإطلاق سراح الممرضات الليبيات، اللواتي أعلن على الملأ أنهن بريئات. وهذا حتى لا ننسى أن مساعده التونسي “محمد جنيفين” Mohamed Jennifen بذل كل طاقته لتسهيل بيع معدات شركة EADS الفرنسية لليبيا!
وهذه الأسباب كلها دفعت للغربيين للتسرّع واعتباره الوريث المحتمل لوالده. وبات حلم الغربيين أن ينسحب معمّر القذافي (68 عاماً) إلى خيمته بصورة نهائية.
الإبن الثالث، “المعتصم بالله”، هو الإبن “السرّي” في هذه العائلة. وباستثناء مجلة “جون أفريك”، فقد تجاهلت الصحافة الفرنسية وجوده. وهذا خطأ لا يُغتَفَر.
إن “المعتصم بالله”، الذي يحمل رتبة عقيد، كان قد دخل في نزاع مع والده لأنه نظّم، داخل الجيش، كتائب لمكافحة الفساد. وقد اختار اللجوء إلى مصر، حيث قلّده الرئيس مبارك وشاحاً، قبل أن يعود إلى ليبيا بصفة منسّق أجهزة المخابرات”. وقد انحاز “المعتصم بالله” إلى “سيف الإسلام” في نزاعه مع “الساعدي”. ومثل هذه التفاصيل مهمّة لتقدير حظوظ كل واحد من الأبناء لخلافة والده في يوم من الأيام.
بسبب قلة المعلومات، فغالباً ما تخلط الصحافة بين “المعتصم بالله” والإبن الرابع، “هنيبغل”. إن “هنيبعل” هو المجنون الذي يعشق قيادة سيارته “البورش” بسرعة 140 كلم/الساعة وبعكس إتجاه السير في جادة “الشانزيليزيه” ي باريس. وهذا حينما لا يمضي وقته في ضرب عشيقته الحامل في فندق باريسي فخم. وهذا ما دفع العدالة الفرنسية للإدعاء عليه بتهم “حيازة سلاح حربي”، و”خطف، و”إرتكاب أعمال عنف”…
صغيرا العائلة، “خميس” و”عز الإسلام”، بعيدان عن الأضواء، وقد اختارا المهنة العسكرية كما فعل أشقاؤهما جميعاً باستثناء “سيف الإسلام”. وهذا طبيعي باعتبار أن قادة الجيش، الذين رافقوا القذافي منذ البداية، يمسكون مفاتيح السلطة في طرابلس. ويعلّق أحد الديبلوماسيين قائلاً: “علينا ألا ننسى أن جنرالاً في الجيش، برتبة منسّق القوّات المسلحة، كان في استقبال الرئيس ساركوزي لدى زيارته الرسمية”. وأصحاب الرتب العسكرية هم الذي سيختارون خليفة القذافي.
إن بناء سلالة حاكمة ليس سهلاً فوق رمال متحركة. في مقابلة مع مجلة “نيوزويك” قبل أيام، قال “سيف الإسلام”، ردّاًً على سؤال حول احتمال وصوله إلى عرش بلاده، أن على ليبيا أولاً أن تضع لنفسها دستوراً. فحتى الآن تخضع ليبيا لوثيقة صغيرة تسمّى “إعلان مؤسسات السلطة الشعبية” صدرت في العام 1977، وتُحكَم نظرياً من جانب “اللجان الثورية” التي يترأسها إبن عمّ القذّافي المتشدّد والمتصلّب “أحمد إبراهيم”. وكان السؤال الثاني للصحفي الأميركي: “هل يوافق والدك على ما تقوله؟” وكان جواب الوريث المزعوم: “ربما ليس بنسبة مئة بالمئة، ولكن بنسبة ما”!!
أي أنه، في سوق طرابلس، فإن “سيف الإسلام” هو من يعتبر نفسه الأفضل حظوظاً بين أبناء عشيرته.
ترجمة: بيار عقل
“دولشي فيتا في طرابلس”: “القذافيستونز”
مش جديد علينا نحن الليبين
وننتظر المزيد
مطالبة برسم الـ Canard enchaînéمن حق القراء توجيه مطالبة علنية لصحيفة الـ Canard enchaîné، بتقديم رواية فكاهية أخرى، مستوحاة أيضاً من خوارق وعجائب الكهف العربي، ولكن هذه المرة عن الإخوة الأسد، في سوريا الصمود والتصدي والممانعة إلخ… فمن المظلّي باسل الذي انقذف صعوداً بسيارته الـ”فيراري” بدل الهبوط نزولاً ومظلّياً، إلى “العقيد” ماهر الذي أطلق رصاصة في بطن صهره آصف شوكت (بالمناسبة، هي المرة الوحيدة التي يكون تعرض فيها آصف شوكت في حياته لمعمودية النار) في سياق نقاش سياسي، عائلي حميم، عروبي، صامد ومتصدي وممانع، بدل إطلاقها في بطنٍ صهيوني إمبريالي مغتصب، مروراً بـ”بشرى” البنت المعجزة، العصرية والعلمانية والباريسية، صاحبة مليارات… قراءة المزيد ..