دولة الكرد.. الآن!: درس “روجآفا” من أجل تأسيس “الدولة”

1

ترجمة وتحرير : مصطفى إسماعيل

تعدُّ كلمة “روجآفا” ومعناها بالكردية “الغرب”, وهي كتسمية تعني “كردستان سوريا”, أو بتعبير آخر المناطق السورية التي يسكنها الكرد، من الكلمات الجديدة التي دخلت إلى قاموسنا التركي. السياسة والإعلام التركي اللذين حاولا طيلة سنوات الاستعاضة عن تسمية “كردستان العراق” (لعدم الرغبة في لفظ كلمة كردستان) بتسميات أخرى مثل: شمال العراق أو المناطق الشمالية من العراق, نجدهما اليوم لا يستخدمان تسمية شمال سوريا.

مع ذلك, فإن تسمية “روجآفا” قد تمَّ تعميمها بعد الوقائع في “شمال سوريا”, وخاصة مع استيلاء حزب الاتحاد الديمقراطي PYD على مدينة سري كانيه (رأس العين) في 16 يوليو / تموز, وتصاعد الاشتباكات بعدها بين وحدات حماية الشعب YPG التي تعد الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي من جهة, ودولة العراق والشام الإسلامية المرتبطة بزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري من جهة أخرى, والتنظيم الأخير يُطلقُ عليه في أماكن أخرى تسمية “جبهة النصرة”.

حتى المواطن التركي العادي باتَ على بينةٍ من الوضع في شمال سوريا مع الاشتباكات الحاصلة هناك وتوسعها الجغرافي. فهذه الاشتباكات ممتدة من سري كانيه وحتى 170 كم في جنوب شرقها حيث منطقة رميلان النفطية السورية, وهذه الاشتباكات من جهة أخرى تمتد إلى 100 كم غرب سري كانيه حيث آكجاكاله / تل أبيض.
الآن. فإن مركز الصراع المسلح هي منطقة تل أبيض, حيث أن لواء جبهة الأكراد ذا التوجه الإسلامي المقبول في عداد الجيش السوري الحر قد تحالف مع حزب الاتحاد الديمقراطي PYD لتطهير تل أبيض من مشتقات تنظيم القاعدة. ما يحدث هو إما أن الاتفاقات والتحالفات السابقة تتعطل أو هنالك تغيير في مواقع القوى المتحالفة.

ما الذي يحدث؟ لماذا هنالك صدامات وصراعات في هذه المنطقة الواسعة؟ لماذا تحدث هذه التطورات الآن؟.

1 – توقيت هذه التطورات مرتبط ببدء تأمين نظام بشار الأسد العاصمة دمشق ومحيطها, وكذلك خط دمشق – حمص, وأيضاً تأمين خط حمص – الساحل (بانياس, طرطوس, اللاذقية), واسترجاع بعض النقاط التي استولت عليها المعارضة المسلحة.

2 – أما وقد استجمع النظام قواه في المناطق السابقة, ولاستعادة سيطرته على المناطق القريبة من العراق ( المنطقة النفطية) والمناطق المحاذية للحدود التركية, فقد أطلق شرارة القتال بين الكرد والمجموعات الإسلامية المعارضة المتمركزة في المنطقة, وقد تم بذلك إذكاء حالة المواجهة الكائنة هناك منذ سنة.

3 – الصراع المسلح القائم في المنطقة له أهمية وقيمة لدى الطرفين المتحاربين. فتنظيم القاعدة في العراق يتطلع إلى إعادة تأسيس دولته في العراق وسوريا عبر جمع محافظة الأنبار السنية في العراق وقسم من محافظة الموصل السنية وقسم من سوريا تسكنه العشائر العربية السنية ولن يتحقق ذلك إلا بإخراج الكرد من المنطقة ثم الاستيلاء على المناطق النفطية. وبالمثل، فإن كرد سوريا إذا ما سيطروا على المنطقة فإنهم سيتصلون جغرافياً مع كرد العراق.

4 – يشكل كرد سوريا أغلبية سكانية في المناطق السورية المحاذية لتركيا ابتداءاً من القامشلي المجاورة لنصيبين, وصولاً إلى عفرين المتاخمة لمدينة ريحانلي التركية. إضافة إلى عفرين, فإن الكرد يشكلون أغلبية في كوباني (عين العرب) التي تقع جنوب منطقة سروج التركية أيضاً, وجميع هذه المناطق تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD, وقد تمت السيطرة مؤخراً على سري كانيه (رأس العين) أيضاً. ولا يشكل الكرد غالبية في كل مناطق “روجآفا”. ففي تل أبيض هنالك العرب, وفي جرابلس هنالك العرب والتركمان, والمنطقتان (تل أبيض وجرابلس) هما جيبان لا كرديان في “روجآفا”, وسيطرة الاتحاد الديمقراطي PYD على تل أبيض هو ذو أهمية لجهة وصل الجزئين: منطقة كوباني والمنطقة الكردية الشرقية.

في حقبة بدأت فيها تركيا عملية حل سياسي مع كردها, ومع الاحتياج إلى الدعم من كرد سوريا للعملية, وإبعاد مشتقات “القاعدة” عن المنطقة, ما حدث هو جلوس سياستنا السورية على “أسس طائفية” والوقوع – متعلقاً بهذه النقطة – في فخ بشار الأسد! فالحكومة التركية لجأت مجدداً إلى “حساسية الدولة التقليدية من الكرد” مع استيلاء حزب “ب ي د” على سري كانيه واحتمال تأسيس إدارة ذاتية كردية على الأراضي السورية, ولجأت تركيا مجدداً إلى موقفها السلبي الذي كان في حقبة ما ضد كرد العراق.

لسنا نعيش في عقد 1990, بل في عقد 2010, فالموقف والتصورات المتعلقة بالأمن القومي التركي التي اتخذت ضد كرد العراق حينها, لا يمكن اتخاذها اليوم ضد كرد سوريا.

لقد أسس الكرد “المؤتمر القومي” الذي يضم ممثلي الكرد في الأجزاء التي يعيشون فيها, وقد أصبح قوة تجميع وتوحيد والثقة بالنفس لهم. فقد اجتمع في صلاح الدين التي تقع على مسافة 20 كم من أربيل ويقيم فيها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني “اللجنة التحضيرية للمؤتمر”, وبهذه المناسبة فقد ألقى البارزاني كلمة افتتاحية قال فيها: “الحمد لله أننا نعيش اليوم في حقبة مختلفة, فلا أحد يجرؤ اليوم على اضطهاد الكرد بقوة السلاح, وهذه الحقيقة باتت مفهومة من القوى الإقليمية أيضاً. لهذا فإن هذه الحقبة تستدعي من الشعب الكردي وقواه السياسية فتح صفحة جديدة واستراتيجية منظمة لتوقيع تفاهمات مشتركة من أجل تحقيق السلام وتحقيق ارتباط الجميع بهذه التفاهمات”. وهو بذلك قد رسم الغرض من المؤتمر القومي الكردستاني.

البارزاني وطالباني.. وعبدالله أوجلان!


مهمة وملفتة للانتباه أيضاً العبارة التالية في حديث البارزاني : “المؤتمر القومي الكردستاني واحد من أهم أهداف جميع القوى والأحزاب السياسية الكردية, وخلال فترة طويلة كنا على اتصال وتبادل آراء مع جلال الطالباني وعبدالله أوجلان ودوائر كردية أخرى”.

هذه الكلمات تعني أن عبدالله أوجلان يشكل مع الشخصية الكردية التاريخية جلال الطالباني الذي بقي خارج المؤتمر لأسباب صحية ومسعود البارزاني ثلاثي قيادي قومي كردي. وهكذا فإن حزب العمال الكردستاني PKK, وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD (من مكونات منظومة المجتمع الكردستاني KCK) وطبعاً مضافاً إليهما حزب السلام والديمقراطية BDP يعدون من اللاعبين الفاعلين في المؤتمر القومي الكردستاني.

مفهومٌ سبب تصدر ” روجآفا ” لأجندات المؤتمر القومي الكردستاني :

في الواقع تحدث صبري أوك وهو أحد قادة حزب العمال الكردستاني في أجتماع صلاح الدين التحضيري للمؤتمر القومي الكردستاني قائلاً: “حقيقة فإن اجتماعنا هذا ومن ثم المؤتمر القومي الذي سينعقد يأتيان في مرحلة تاريخية دقيقة. هنالك غليانٌ في المنطقة الإقليمية, وهذا يؤثر على الشعب الكردي. شعبنا يصلُ إلى حريته للمرة الأولى, ولكن هنالك العديد من القوى في المنطقة لا تريد وصول الكرد إلى حريتهم. استمعنا اليوم إلى الأخبار, هنالك هجمات تستهدف الكرد في روجآفا, وعلى اجتماعنا ومؤتمرنا دعم شعبنا في روجآفا وتقويته, هنالك حالة كردية فعلية في الجنوب (كردستان العراق), شعبنا معتز بهذه الحالة وفخور بها. إن توسيع النضال السلمي وحق الدفاع عن النفس كفيل بحل القضية” وبهذه الكلمات فإن أوك أوضح خصوصية وأهمية وضع روجآفا بالنسبة لجميع الكرد.

ينبغي الانتباه إلى الحالة التالية: البارزاني الذي هو الصديق العلني الوحيد لتركيا في المنطقة افتتح المؤتمر بكلمة، وقد ضم إليه ممثلين لحزب العمال الكردستاني بشكل علني: صبري أوك وروناهي سرحد.

هنالك ” حقائق جديدة ” في المنطقة, وهنالك فائدة من التكيف السريع معها, ومع ذلك فإن المرئي هو أن النظام السياسي التركي يكرر المقولات نفسها للدولة التركية بين 1920 – 2000, ومؤخراً يكرر الشيء نفسه بلسان حزب العدالة والتنمية الحاكم – يالجين أكدوغان مثالاً-.

ينبغي تذكير قادة تركيا بـ “درس في التاريخ” مرة أخرى: ما هو جيد بالنسبة للكرد, هو جيد بالنسبة إلى تركيا, وإذا كان الكرد في “روجآفا” يريدون التحرر والتأسيس لحكم ذاتي لهم, فهذا بالنسبة لتركيا خاصة أمر جيد.
إذا لم يكن هنالك سبب آخر, فأقلَّه من أجل هذا السبب:

لأن “روجآفا” أي كرد سوريا هم بالنسبة إلى كرد تركيا (الذين هم جزء لا يتجزأ من تركيا) أشبه باللحم والظفر, وهم (كرد سوريا) جزء لا يتجزأ من كرد تركيا.

• المصدر : صحيفة راديكال Radikal التركية.

1 تعليق
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
khaled
khaled
10 سنوات

دولة الكرد.. الآن!: درس “روجآفا” من أجل تأسيس “الدولة”
The Kurds as in the map above, have presence in four Countries Turkey, Syria, Iraq, and Iran. Their area is larger than Syria itself. They should have their own State, and have Passage to the Mediterranean from Iskandarone Buffer. Why the world would accept the creation of Alawite State by a criminal in Damascus, of a population less than a Fraction of the Kurds Population. This nation had been under the Arab , Turkish and Iranian Dictators for hundred of years. It is time to have their full Independence.

khaled-stormydemocracy

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading