آخر التقديرات (بعد فرز 50 بالمئة من الأصوات) تعطي فرنسوا هولاند 51،9 ونيقولا ساركوزي 48،1 بالمئة. وأغرب ما في هذه المعركة الإنتخابية هي أن الدورة الأولى أظهرت تفوّق أصوات اليمين ويمين الوسط على أصوات اليسار مجتمعاً. ولكن قسماً من أصوات اليمين المتطرّف (“الجبهة الوطنية”) ويمين الوسط (فرنسوا بايرو) اقترع لصالح المرشح الإشتراكي.
المعركة كانت بين من هم “مع ساركوزي” ومن هم “ضد ساركوزي”. وقد نجحت الجبهة المناوئة لساركوزي الذي “نجح” حتى في إثارة عداء بعض من كان يُفترض أن يكونوا معه.. وأولهم الرئيس الأسبق جاك شيراك!
لم تلعب السياسة الخارجية أي دور تقريباً في المعركة الرئاسية. فلم يتم التطرّق إلى موضوعي ليبيا (والدور الفرنسي الحاسم والمشرّف في إنهاء حكم “العار” القذافي) وسوريا. وحتى نيقولا ساركوزي لم يسعَ للإستفادة من دوره في ليبيا وسوريا! بالمقابل، أبدى الفرنسيون إستياءهم الشديد من السياسة “الأوروبية” التي كانت تهدف لإنقاذ “الأورو” بأي ثمن، ولإنقاذ اليونان والدول المتعثّرة الأخرى بأي ثمن، على حساب النموّ والقوة الشرائية للمواطن الفرنسي.
هزيمة ساركوزي هي، أيضاً، هزيمة للخيار الأوروبي. وقد تكون لها عواقب خطيرة إذا ما استمرت أوضاع أوروبا الإقتصادية بالتدهور، وإذا ما ظلّ النمو متوقّفاً. وفي المدى القريب، يمكن أن يؤثر انتصار هولاند سلباً على علاقات فرنسا مع ألمانيا ومع بريطانيا.
أخيراً، كانت العلاقة وثيقة جداً بين الرئيس ساركوزي وأمير قطر بصورة خاصة. وهذه العلاقة يمكن أن تتغيّر، لأن الإشتراكيين كانوا، تاريخياً، أقرب إلى السعودية والكويت.
الشفاف
*
وكالة الصحافة الفرنسية-
فاز الاشتراكي فرنسوا هولاند بالانتخابات الرئاسية الفرنسية التي جرت الاحد ما سيسمح بعودة اليسار الى الاليزيه بعد غياب استغرق 17 عاما.
ويصبح هولاند بذلك الرئيس السابع في الجمهورية الخامسة لمدة خمس سنوات، ليتزعم احدى الدول الجبارة في العالم التي تملك السلاح النووي، وهي عضو دائم في مجلس الامن، وتلعب دورا رئيسيا في الاتحاد الاوروبي.
كما انه الرئيس اليساري الثاني بعد فرنسوا ميتران الذي حكم ما بين 1981 و1995. مع العلم ان اليسار كان في السلطة ما بين عامي 1997 و2002 في اطار صيغة تعايش بين رئيس حكومة يساري ورئيس يميني.
واشارت تقديرات اربع مؤسسات استطلاع الى فوز هولاند جامعا ما بين 52 و53,3 % من الاصوات في الدورة الثانية من هذه الانتخابات.
وافادت مؤسسات “سي اي اي” و”تي ان اس سوفريس” وايبسوس، ان هولاند حصل على 52% من الاصوات مقابل 48% لمنافسه الرئيس نيكولا ساركوزي. في حين ان تقديرات مؤسسة هاريس انتراكتيف اعطت هولاند ما بين 52,7 و53,3%.
ويكون هولاند بذلك قد فاز على الرئيس اليميني نيكولا ساركوزي، آخر القادة الاوروبيين الذين اطاحت بهم الازمة الاقتصادية بعد اليونان واسبانيا وايطاليا.
وقال المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي بينوا هامون “انه حدث سعيد جدا ينهي سيطرة اليمين على الاليزيه طيلة 17 عاما”.
وساركوزي هو الرئيس الثاني الذي يهزم في محاولته لتجديد ولايته بعد فاليري جيسكار ديستان عام 1981.
وقدرت نسبة المشاركة بما بين 80 و82% وهي اعلى قليلا من النسبة التي سجلت خلال الدورة الاولى التي جرت في الثاني والعشرين من نيسان/ابريل الماضي. الا انها تبقى اقل من نسبة المشاركة التي سجلت في الدورة الثانية من انتخابات العام 2007.
والجمعة خلال اليوم الاخير من الحملة الانتخابية قال هولاند “انا مستعد لقيادة البلاد” داعيا الفرنسيين الى اعطائه فوزا واضحا.
وقبل اعلان النتائج كان انصار هولاند يستعدون للتظاهر في ساحة الباستيل وهو المكان الرمزي لليسار في فرنسا.
وتصدر هولاند الدورة الاولى من الانتخابات (28,63% مقابل 27,18 لساركوزي) وكان يعتبر منذ اشهر المرشح الاوفر حظا للفوز في هذه الانتخابات.
وقال لدى ادلائه بصوته “سيكون النهار طويلا لكني لا اعلم هل سيكون اليوم جميلا، سيقرر الفرنسيون ذلك”.
تخرج هولاند من المدرسة الوطنية للادارة الشهيرة في فرنسا التي خرجت كبار زعماء البلاد، وترأس الحزب الاشتراكي طيلة احد عشر عاما من دون ان يتسلم اي منصب وزاري.
وانتخب الاحد على خلفية ازمة اقتصادية قاسية تمثلت بزيادة قياسية للعجز في الموازنة ونسبة بطالة قياسية فاقت العشرة بالمئة وتراجع الصناعة ونشوء مخاوف لدى الفرنسيين من خضوعهم لخطة تقشف قاسية من قبل الاتحاد الاوروبي.
واعلن هولاند ان اول زيارة له الى الخارج ستكون الى المانيا لمقابلة المستشارة انغيلا ميركل لاقناعها باعادة التفاوض حول ميثاق الموازنة الاوروبية لادخال بند يتعلق بالنمو. واكد المقربون من هولاند انه سيتصل بها هاتفيا مساء الاحد.
وكان ساركوزي (57 عاما) حقق فوزا كبيرا عام 2007 قبل ان يمنى مساء الاحد باقسى هزيمة سياسية له طوال حياته السياسية التي تناهز الثلاثين عاما.
وبقي ساركوزي حتى اللحظة الاخيرة مقتنعا بامكان تحقيق “مفاجأة كبيرة”. وكرر مرارا بانه تمكن من تجنيب فرنسا فوضى اقتصادية مشابهة لتلك التي ضربت اليونان.
الا ان الرئيس المنتهية ولايته فشل في اقناع اي من مرشحي الدورة الاولى بتقديم الدعم له، بخلاف هولاند الذي حظي بدعم واضح من اليسار الراديكالي وانصار البيئة.
وبعد ان حصلت مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن على نحو 18% خلال الدورة الاولى استخدم ساركوزي خطابا متشددا ازاء الهجرة والمهاجرين على امل الحصول على اصوات هذا اليمين المتطرف. الا ان لوبن اكدت بانه ستصوت بورقة بيضاء في حين اعلن الوسطي فرنسوا بايرو انه سيصوت لهولاند.
ويكون الفرنسيون بذلك قد عاقبوا ساركوزي على سياسته “اليمينية بالكامل”.
وهناك فرق كبير بين المرشح الفائز والرئيس المهزوم.
هولاند يريد اعادة مناقشة المعاهدة الاوروبية واعادة التوازن الى الميزانية عام 2017، كما انه يريد فرض ضرائب على الاكثر ثراء ومحاربة البطالة عبر تامين وظائف خاصة للشبان.
ومن المتوقع ان يتسلم هولاند مهامه في الخامس عشر من ايار/ماية كحد اقصى.
وبعد ان يزور المانيا سيزور الولايات المتحدة للاشتراك في اجتماع الدول الثماني ثم يشارك في قمة للحلف الاطلسي حيث سيطالب كما وعد بسحب سريع للقوات الفرنسية من افغانستان.
دور فرنسا العربي كان الغائب الأكبر: هولاند الرئيس السابع للجمهورية الخامسة
إنتهى عصر ساركوزي ، الأخطاء القاتلة التي إرتكبها أثناء الحملة الانتخابية وإعتماد برنامج اليمين المتطرف الانتخابي حول الهجرة والدين الاسلامي والأزمة الاقتصادية ، كانت الأسباب المباشرة في سقوطه .علاقة فرانسو هولاند الرئيس الإشتراكي ، ستكون أفضل مع دول ربيع العالم العربي ، كما أن وصول الاشتراكيين إلى الحكم ، سيكون له الأثر الإيجابي على الثورة السورية