اعلن الرئيس السريلانكي ماهيندا راجاباسكا يوم الثلاثاء انه “تم تحرير البلاد من نمور التاميل”. وجاء كلام راجاباسكا في خطاب القاه امام البرلمان السريلانكي بعد يوم واحد من اعلان الجيش السريلانكي مقتل زعيم النمور فيلوبيلاي برابهاكاران، وبعد بث التلفزيون الحكومي صورا لجثة قيل انها تعود برابهاكار (الصورة المرفقة: جثة زعيم التاميل محمولة بين الجنود السريلانكيين المنتصرين). وقال راجاباسكا في خطابه: “انه يوم بالغ الاهمية ليس فقط لسريلانكا بل للعالم كله لاننا تمكنا من ان نلحق الهزيمة باكثر المنظمات الارهابية اجراما”. واضاف “ان البلاد تحررت من الإرهاب، وانه للمرة الأولى منذ 30 عاما تم توحيد البلاد”.
مراسل “الشفاف” في لاهور، أمير مير، وافانا بالرسالة التالية حول دور باكستان في مكافحة تمرّد النمور التاميل.
*
لاهور- لعبت باكستان، التي تُعتبر بين أبرز الدول التي تزوّد الجيش السريلانكي بعتاد عسكري متقدّم، دوراً رئيسياً في الهزيمة النهائية لحركة “نمور تاميل إيلام”.
لقد انتهى الآن الكفاح الذي خاضه النمور منذ ثلاثين عاماً لاقتطاع دولة مستقلة للتاميل، وانتهت أسطورة إستحالة هزيمة “النمور” عسكرياً مع مقتل قائدهم الأعلى “فيلوبيلاي براباكاران” ومعه كل أعضاء القيادة العليا للنمور. وتقول مصادر مطّلعة في المؤسسة الباكستانية أن التعاون العسكري بين سريلانكا وبالكستان كان قد تطوّر بصورة مؤثرة في السنوات الأخيرة حيث أن إٍسلام آباد، بعكس نيودلهي، لم تتردّد في تزويد الجيش السريلانكي بأحدث الأسلحة بغية تسريع عمليات مكافحة التمرّد التي وصلت ذروتها مع تصفية “فيلوبيلاي براباكاران”. وتقول المصادر أن قائد الجيش السريلانكي، اللفتنانت جنرال “فونسيكا”، زار باكستان قبل عام بالضبط- في الأسبوع الأول من مايو 2008- وأجرى محادثات تفصيلية مع الجنرال “أشفاق بيرفيز كياني” مهّدت لشراء أسلحة متقدّمة للقوات المسلحة السريلانكية التي كانت، حتى في تلك الفترة، منخرطة في قتال حاد مع نمور التاميل.
وفي ختام محادثاته مع السلطات العسكرية الباكستانية، أبرم اللفتنانت جنرال “فونسيكا” صفقة باعت باكستان بموجبها لسريلانكا 22 دبابة من نوع “الخالد” بقيمة 100 مليون دولار. كما أرسل الجنرال “فونسيكا” للسلطات الباكستانية قائمة مشتريات أسلحة بقيمة 65 مليون دولار. وتوزّعت القائمة بين أسلحة للجيش بقيمة 25 مليون دولار، وعتاد لسلاح الطيران بقيمة 40 مليون دولار. علاوة على ذلك، طلب قائد الجيش السريلانكي من باكستان 250 ألف طلقة هاون عيار 60، و81، و120، و130 ملم، بقيمة 25 مليون دولار، و150 ألف قنبلة يدوية طلب تسليمها خلال شهر واحد. ووافقت باكستان على طلب قائد الجيش السريلانكي بأن ترسل حمولة سفينة من المعدات العسكرية كل 10 أيام بغية تعزيز مجهودات الجيش السريلانكي للإستيلاء على مقر قيادة النمور في “كيلينوتشي”.
وفي 19 يناير 2009، وفي ختام إجتماع بين اللفتنانت جنرال (المتقاعد الآن) “سيد آثار علي” والجنرال السريلانكي “غوتابافا راجاباكس” في روالبندي، إتّفق البلدان على تعزيز التعاون في ميادين التدريب ، والمناورات العسكرية، وتبادل المعلومات الإستخبارية المتعلقة بالإرهاب. وتم التوصّل إلى الإتفاقية المذكورة وسط تقارير صحفية بأن طيارين باكستانيين شاركوا في ضربات جوية ناجحة ضد عدد من القواعد العسكرية لنمور التاميل في أغسطس 2008. كما أوردت تقارير صحفية أن مجموعة مدرّبة تدريباً عالياً من الضباط الباكستانيين كانت متواجدة في “كولومبو” لتوجيه قوات الأمن السريلانكية في عمليات مكافحة التمرّد التي تقوم بها ضد النمور.
يُذكَر أنها ليست أول مرة يساعد فيها جيش باكستان العسكريين السريلانكيين في قتالهم المديد ضد حركة نمور التاميل. ففي العام 2000، طلب السريلانكيون من باكستان أن تمدّهم، بصورة عاجلة، بقاذفات صواريخ متعددة المواسير وأسلحة أخرى متقدّمة إثر نجاح نمور التاميل، في عملية أطلقوا عليها تسمية “الموجات المتواصلة”، في إجتياح مواقع الجيش السريلانكي في الشمال والإستيلاء على “قاعدة إيلافانت بيس” ودخول “جافنا”، ووسط مخاوف بأنهم يمكن أن يأسروا الألوف من الجنود السريلانكيين المتمركزين في “جافنا”.
وبناء عليه، أقامت باكستان جسراً جوياً عاجلاً باتجاه كولومبو في مايو 2000، ونقلت قاذفات صواريخ متعددة المواسير وأسلحة وذخائر بينها مقذوفات مدفعية. وفي مارس 2006، طلب رئيس سريلانكا، “ماهيندا راجاباكسا”، أثناء زيارة لإٍسلام آباد مع وفد ضم 80 شخصاً بينهم ضباط كبار، قاذفات صواريخ متعددة المواسير وأسلحة أخرى متقدمة. وإبان تلك المحادثات، قال الرئيس السريلانكي أنه بحاجة إلى دعم عسكري من باكستان بهدف إنهاء تمرّد حركة النمور الإنفصالية.
وكان الناطق بلسان الجيش السريلانكي، البريغادير “أودايا ناناياكارا” قد أكّد تعاون باكستان مع سريلانكا لإنهاء التمرّد المسلح حينما أعلن، في 28 أبريل 2008، أن كلا من باكستان والهند قامتا بتدريب القوات المسلحة السريلانكية لمواجهة نمور التاميل. وأضاف، أن البلدين، كلا على حدة، قاما بتدريب الجيش السريلانكي وتجهيزه من أجل مكافحة التمرّد، وأن سريلانكا تقوم بشراء أحدث التكنولوجيات العسكرية من البلدين. وقال: “أرسلنا ضباطنا بصورة منتظمة إلى الهند وباكستان للقيام بدورات متخصصة. لقد خضعت أنا نفسي لأربع دورات في الهند وثلاث في باكستان. نحن نعرف أن هنالك خلافات بين الهند وباكستان، ولكن هذه الخلافات لا تعنينا وقد استفدنا من دعم البلدين”.
amir.mir1969@gmail.com