قليلون هم من وقف مع المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان في معرض الهجوم الذي تعرضت له عقب عزمها على عقد مؤتمرها في بيروت حيث كان من المتوقع أن يتضمن المؤتمر انتقادات لحزب الله فيما يخص خرق المبادئ الإنسانية (تعرّض للمدنيين) أثناء حرب تمّوز 2006.
أكنّا نوافق مع رأي المنظمة الدولية هذه أم لا، فإن الضغط الذي تعرضت له ومن ثم المنع، لا يندرج ضمن مفردات حرية التعبير غير المشروطة التي نتمنى على الحكومة التمسّك بها. فحتّى لو افترضنا أنّ المنظمة ستنتقد أداء المقاومة من ناحية حماية المدنيين وحتّى لو بدا ذلك كأنه مساواة الجلاد بالضحية، ما الذي يمنع مناقشة هذا الأمر؟ ألم يعد لبيروت القدرة على استيعاب جميع الآراء الحرّة المتناقضة؟ وإن سلّمنا أنّ العدو مجرم فهل هذا يعني أننا معصومون؟
إنّ خطوة المنع لا تدل على أي شيء إيجابي إطلاقاً، بل تذكّر بممارسات عهد الوصاية السورية حيث يطال المنع كل شيء مخالف ومعارض لسلطة الإستبداد من (بسمات وطن في دير الأحمر، وبعض الإصدارات الجريئة…). أنا لا أنكر أن حكومة ما بعد الوصاية صانت الحريات على قدر ما استطاعت وأكثر مما يجب في بعض الأحيان (مخيم المعارضة- الحفاظ على حرية التظاهر يجب أن يقابل بالمحافظة على حرية العمل والتنقل أي التحرك بحرية). ولا شكّ اننا خطونا خطوة عملاقة في مجال الحرية منذ تحرير لبنان عام 2005 من العقلية الفاسدة وإن ليس بوجه كامل، فما زلنا نلاحظ وجود بعض الخطوط الحمر، وما حدث في موضوع المؤتمر أعلاه هو خير دليل على هذا.
وبالتأكيد أن عدم إعطاء الهواء للمنظمة الدولية (بحسب تصريح أحد مسوؤليها) خلال برنامج يتطرق إلى القضية عينها كان يعرض مؤخراً على قناة “المنار” التابعة لحزب الله اللبناني لا يعطي إنطباعاً مثالياً عن الفريق المستهدف بالتقرير، إلا إذا كانت مقاطعة كهذه من شأنها التعبير عن صحة وجهة نظر الفريق اللبناني المعني خصوصاً بالموضوع.
ولكي لا نحسب على الضالين بحسب التصنيفات الشائعة، نذكّر أن انتقادنا لقرار المنع هو أمر مبدئي من منطلق اعتناقنا للمذهب الليبرالي، ولا يعني بالضرورة اتفاقنا مع مضمون المؤتمر وتقرير المنظمة الذي ما زلت أجهل ثناياه.
fladi01@hotmail.com
* كاتب لبناني – صور
* تقرير هيومان رايتس ووتش، باللغة العربية، منشور على “الشفّاف” على الرابط التالي: