وأكتُم علمي عن ذوي الجهل طاقتي
ولا أُُنثــر الـدُّر الثميــن علــى الغنـم
فـمـن مـنـح الجُهـــال عـلمـاً أضـاعه
ومن منع المُستوجبــيــن فـقـد ظـلم
الإمام الشافعي
وصلتني رسالة من الأستاذ رزكار عقراوي المنسق العام لمؤسسة الحوار المتمدن، يطلب مشاركتي في موضوع تقييمي حول: (الحوار المتمدن إلى أين؟) بمناسبة الذكرى الثامنة لتأسيسه. و للصدفة البحتة فإن الرسالة وصلتني و أنا عازم على الامتناع عن النشر في هذا الموقع. حيث أنشر حالياً بصحيفة وزارة الثقافة المصرية (القاهرة) و صحيفة الأهالي المصرية، و موقع شفاف الشرق الأوسط، وموقع دروب إضافة إلى الحوار المتمدن، وعنهم يتم النقل إلى مواقع أخرى عديدة.
لعل أهم ما يأخذه البعض على موقع الحوار المتمدن أنه ينشر لمبتدئين إلى جوار كتاب ناضحين إلى جانب قامات كبار، خالطاً حائلها بنابلها، لكن هذا عندي شأن لا اعترض عليه، لأنه يمنح المبتدئ الثقة ليسعى للاستفادة من زملائه الكبار فيكبر، و يضيف لنا مزيداً من الثراء، إضافة لكونه يُطلع جيل الشيوخ على جديد الشباب، فأنا ضد تصنيف الكتاب، لكني أيضاً ضد التطاول على القامات الكبيرة، لأن ذلك ليس من أدب الكتابة و لا من شيم الأسرة العلمانية. و هذا أيضاً لا يعني منع النقد الموضوعي الذي يتناول الموضوع و ليس ضمير الكاتب و شخصه و سريرته، فالأول مطلوب بالضرورة العلمية، والثاني مرفوض بالضرورة القيمية. فقد ساءني بشدة ما تعرضت له سيدتي أنا شخصياً الدكتورة وفاء سلطان من تجريح و تهجم تجاوز حدود الموضوعية. والغريب أن من هاجموها استثمروا وقفتي المرحلية لظروف المعركة الدقيقة و حساباتها داخل مصر، وأقول للسيدة وفاء جائزتك يا سيدتي تشرفني وتسعدني و على رأسي من فوق، و رؤيتك تتحدثين تبهرني بشجاعتها و منطقها، لا أعرف ما هي الجائزة، لكني بانتظارها لأعرضها بمكتبي حباً و كرامة، إن شرط العلمانية هو السماح بالنقد الموضوعي دون حدود و لا أسقف حمراء، لذلك أفهم أن تكون مسلماً أو مسيحياً و أن تكون أيضاً علمانياً، أي أنك لا تفرض دينك على غيرك، و تقبل نقد دينك لأنه لا دليل على صدقه، لذلك لا نصدقه إنما نؤمن به والفارق عظيم في آليات الموقفين، فكل دين يزعم المؤمنون به أنه الصدق المطلق، و هو ما يعني عدم (الصدق بالمرة)،لتناقض الأديان تناقضاً تاماً و المصدر واحد إذا سلمنا بالإيمان. نعم أفهم أن يكون العلماني يؤمن بدين لحاجته النفسية إليه لسد فجوات مقلقة لديه، فلكل ظروفه القاهرة أحياناً، لكني لا أفهم أن يطرب مسيحي علماني لنقد الإسلام و ينزعج بشدة من نقد الدين المسيحي، أو أن يطرب مسلم علماني لنقد اليهودية و المسيحية، و يشن الحملات على من ينتقد الإسلام، أو أن ينتقد أحدهم الإسلام لما فيه من خرافات كالجن و العفاريت، و هو نفسه من يحكي لنا أن القس فلان يخرج الجن و العفاريت من الملبوسين، و يشرح ذلك و يستفيض في التدليل عليه، أو من يبين نقائص الإسلام في قنواته الفضائية، ليدعونا إلى دينه هو بحسبانه الدين السليم و الكامل؟!
إن من يزعم العلمانية و ينزعج من نقد دينه هو منافق يرتد عند أول ناصية و يبيعنا جميعاً عند أول موقف، مقابل اكتمال راحته النفسية و هدوء باله، و حل مشاكله النفسية في عالمه الوهمي.
ساءني أيضاً أن يتم نشر ردود إسلامية تهاجمني في شخصي كما في كتابات منشورة بالحوار المتمدن، بينما كل المواقع الإسلامية ترفض نشر أي مقال أو أي تعليق و لو موضوعي و محترم لأي علماني. كما ساءني أيضاً استثمار ما أتعرض له من محن لإصراري على البقاء في مصر و لأني اخترت دور التغيير من الداخل، و من ثم تتغير مواقفي أحياناً بدرجة أو بأخرى حسب طبيعة الضغوط و نوع المعركة، فأمارس أحياناً التقية المشهورة لديهم لأتقي شرهم، و أحياناً آخذ خطوة إلى الخلف لآخذ بعدها خطوتين إلى الأمام، لكن كلها خارج موضوعات بحثي التي أوجهها لقارئ، هي معارك قانونية أحياناً و دبلوماسية أحياناً و بدون قوانين حاكمة أحياناً، فلكل خصم استخدام ما تحت يديه من أدوات و وسائل للانتصار على خصمه، و تحتاج أحياناً لأوراق غير أوراق البحث العلمي، لكني لم أتنازل يوماً عن خياراتي المعلنة و الواضحة للبصير و الأعمى، و هو ما أدى ببعض كُتاب الحوار المتمدن للدعوة لوقف حملة الموقع لتأييدي، بعد أن اعترفت للنبي بأنه سيد الخلق و قلت الشهادتين في التليفزيون المصري، كما لو كانت حملة التأييد كانت قد أضافت إليّ شيئاً يرفع من معاناتي، و كما لو كان أحدهم ساهم في شراء مراجعي و أوراقي، أو دفع الأجور للمحامين و رسوم القضايا، و لا يكفونا شرهم بسكوتهم عنّا، و هم في نعيم بلاد الأجانب حيث الرفاه و الأمان بعيداً عن مشاكل الوطن و كوارثه المتتالية، بل و يُقرعّونني و يطلبون رفع الدعم عني (أي دعم بالضبط؟ !) لتصريحاتي الإيمانية الإسلامية، أو كما لو كنت ضد الأديان لكونها أدياناً فقط، و ليس لكونها مُعطلاً و مُعوقاً للتقدم و الحداثة، و كما لو كان الناقدون لديهم ترف خُسارة شخص مثلي لا يستطيعون استطاعته و لا يقدمون و لو يسيراً مما يقدمه، هم أنفسهم المداحين حين تسمح الظروف لي بالصول و الجول و تحقيق الانتصارات للطرف العلماني، فهم مشجعي مباريات، إن انتصر فريقه رفعه على الأعناق وكتب (مدد يا سيد يا قمني)، و إن تراجع فريقه (ولو لأسباب تكنيكية و مرحلية من أجل الهدف الاستيراتيجي)، انهالوا عليه تقريعاً و لوماً و تأنيناً و تأثيماً، المسألة عندهم تسجيل أجوان، و هؤلاء لا يصح أن يكونوا كتاباً بل هم من غوغاء العوام.
مرة أخرى لابد من السماح بالنقد الموضوعي الهادئ و الرصين، و أن يتناسب حجم الناقد مع حجم المنقود من حيث درجة إحاطته بالموضوع و بالمنهج، فالنقد هو نافذة النور و بوابة المستقبل و ضمانه للسلامة المنهجية، لأنه يساعدنا على تصويب أخطائنا، و مثلي مثل زملائي أتعرض للنقد أحياناً و أتركه دون تعليق، و أحياناً يستدعي النقد الرد و الجدل، و هناك نقد آخذ بما جاء فيه و أشير إليه في كتاباتي التالية بعد التصويب مستفيداً من هذا النقد، أما البذاءات و النقد المؤدلج فهو مما لا يلتفت إليه الكاتب الحقيقي.
تعالوا أحيطكم علماً بمثلبة حقيقية للحوار المتمدن، بحادثة كارثية و مُقرفة معاً، هي السبب في قراري الانقطاع عنه، خاصة إني لا اتقاضى منه و لا من غيره من مواقع أجراً، رغم أن كتاباتي هي مصدر عيشي المتواضع أقدمه عن حب و رغبة مصروفاً عليه من وقتي و قوت عيالي، لشراء دفاتري و أقلامي و مصادري و مراجعي، و هي شأن هائل يثقل الكواهل، أقدمه كله قرباناً على مائدة العلمانية من أجل وطن عزيز يعيش فيه مواطن كريم.
لاحظت أن أحد كُتّاب الحوار المتمدن من المثابرين على الكتابة قد تخصص في كتاباتي، و قد سبقه إلى هذا التخصص كثيرون، أتذكر منهم الشيخ الدكتور / عبد الله كامل (شقيق الشيخ صالح كامل) الذي كرس لأعمالي كتاباً من ستمائة صفحة لإثبات كفري و مروقي، نشرته دار التراث الإسلامي بالقاهرة منذ سنوات، و منهم الأستاذ منصور أبو شافعي و هو بدوره ذو مرجعية إسلامية سلفية، لكنه أقل تشدداً من زميله الدكتور كامل و أفضل منه أدباً، و اكثر اهتماماً بالمنهج و تكنيك العمل، و في كلا الحالتين لم انشغل بالرد لأنه سيعني التفرغ للرد على كُتب بكتب، فلماذا كل هذا الهم؟ كتبي في السوق، و كتبهم في الأسواق، و للقارئ الاختيار و الحكم. هناك بعد اتنين آخرين لكن من لون آخر، أولهما هو صاحب كتاب (الحياة السرية لمحمد)، الذي ترجمه عن كتابي الإسلاميات كله تقريباً و وضع اسمه عليه (البروفيسور: أ.أ. أحمد) و هو أستاذ انثربولوجيا يعمل بأمريكا، أما الثاني فهو المثابر المتخصص في كتاباتي بنافذة الحوار المتمدن، فقد تخصص في سرقة كتاباتي بمصادرها و مراجعها، و ما يقف وراءها من سنين عمر طويل، عشتها بحثاً و تنقيباً وراء النصوص في أمهاتها، و ابتداع الفكرة الجديدة، بعد رصد الذين تناولوا الموضوع قبلي، و إلى أين انتهوا؟ و من أين سأبدأ أنا؟، ثم وضع الخطة لكل موضوع بما يناسب المنهج المختار للبحث اجتماعي أم رياضي أم تاريخي، و بما يؤدي إلى أفضل النتائج المطلوبة، بعد حشد المؤيدات العقلية و البرهانية و النصية المصدرية، ناهيك عن تصنيف المادة العلمية بعد جمعها حسب ترتيب الموضوع ليصل لهدفه، و توزيعها على محاوره حسب الخطة الموضوعة، و معها الأفكار الأساسية وراء كل سطر و صفحة، الرجل سرق عمري كله بشديد البساطة.
الغريب أنه شديد البجاحة فقد بدأ بسرقة ما سبق لي نشره بالحوار المتمدن ذاته، أحياناً ينقل بالنص، و أحياناً ببعض التصرف الساذج، ثم انتقل لكتابي حروب دولة الرسول و هو كتاب ضخم تم نشره عدة مرات، و آخر مرة نُشر ضمن مُجلد و فيه أربع أقسام هو (الإسلاميات)، و هو موجود على مواقع كثيرة بالمجان لشديد الأسف. و الكتاب من القطع الكبيرة و يقع في 610 صفحة. و أخذ صاحبنا بنشر سلسله بعنوان (المعارك المحمدية الكبرى) حتى أنجز الجزء الأول من كتابي حروب دولة الرسول على حلقات طوال بالحوار المتمدن.
قمت بإبلاغ إدارة الحوار المتمدن برسالة شخصية فطلبوا منى كتابة ذلك في مقال بالأدلة، و كان ردي أني أفضل عدم فضح زميل علماني، فذلك يعطي الفرصة للطرف المعادي لنا جميعاً، متصوراً أنه زميل حقاً !!! و لأن الرجل نقل كل شئ، الفكرة و المنهج المختار، بل و أخذ ذات الخطة، و المراجع المختارة لهذه الخطة، و هي الموجودة بالحاشية بكتابي، و نسب كل شئ لنفسه بجسارة نادرة المثال، فكأني سأكتب كتاباً جديداً، الرجل أنجز نصف كتابي على حلقات طوال، و للرد احتاج لكتاب هائل يحوي مساحة كتابي الأصلي مقارناً مع كتابي الثاني الذي نشره صاحبنا على الحوار المتمدن و مساحة أخرى ناقدة بكتاب ثالث، و هو شأن سيكون السُخف بعينه.
المهم أحلت إدارة الحوار المتمدن إلى كتابي الإسلاميات و ضمنه حروب دولة الرسول للمقارنة، و أحطتهم علماً أنه أنجز الجزء الأول من الكتاب بانتهاء عرضه لغزوة بدر، الذي لم يعرضها هذا العرض وفق هذه الخطة بهذه المراجع بذاتها دون غيرها من مراجع، أحد من العالمين، بهذا المنهج بتلك الاستنتاجات سوى سيد القمني وحده. و أن عليهم أن يترقبوا بدء نشره للجزء الثاني من كتابي الذي يبدأ بغزوة أُحد قريباً. كل ما طلبته من الإدارة هو التدقيق بين كتابي و بين ما نشره و إعلامه بذلك ليتوقف، و ربما ليعتذر عن إساءته لكل العلمانيين بما فعل، و كان توقفه فقط يكفيني و ينتهي الأمر، فكتابي بالأسواق، و كان أول نشر له في نهاية الثمانيات في القرن الماضي، و للقارئ عين فاحصة و سيكتشف السارق و المسروق.
وإن لم يكتشف لا يستحق أن يكون قارئاً أهتم به.
هذه ليست أول مرة يتم فيها سرقة كتاباتي من العلمانيين، فلدي أسماء كبيرة أحتفظ بها دون إفصاح إلا حين يكون مطلوباً الإعلان و الكلام المباح، قامت بذات الفعل المُخزي، لكني كنت لا أنزعج لأن السارق استطاع أن يوصل الكلام إلى مساحة أوسع تليفزيونياً أو صحفياً، لأنه يملك مساحة نشر أوسع و أفضل لموقعه في صحيفة كبيرة أو صاحب برنامج ناجح، و له أيضاً قراءة الذين سيصل إليهم كلامي، المهم أن تصل الفكرة إلى الناس، فقط كنت أنزعج إذا أساء السارق للمادة المسروقة بتدخل أخرق أو غبي أو أحمق، يحرفها عن أهدافها و يؤدي ذلك لعكس المراد، و عادة ما كان يفعل ذلك من هم أقل علماً و معرفة، فتشعر أنهم كائنات طفيلية تصيب الموضوع ذاته بفيروس العطب و السخافة. و من لون هذه السرقات المزعجة تأتي سرقات صاحبنا المتتالية، و التي كان يتدخل فيها بغباء في بطن غباء غارق في يمّ غباء، أي في ظلمات ثلاث، فيدمر بجهالته و حمقه جهداً بذل فيه صاحبه عمره كله.
أمسى واضحاً لديّ أن بلاغي للحوار المتمدن قد وصله، بما أشار إليه في بداية موضوعه الجديد (المعارك المحمدية الكبرى / الجزء الثاني: غزوة أحد)، لكن الغريب أنه تابع المثابرة ليجعل موضوعه هذا بداية لنشر الجزء الثاني من كتابي حروب دولة الرسول.
يقول (شاكر الشيخ سلامه) في بداية موضوعه هذا و المنشور بالحوار المتمدن بتاريخ 5 / 12 / 2009: (وكما أشرنا في بداية الجزء الأول – بدر الكبرى – اعتمدنا في البعض من هذه الدراسة على البعض مما اعتمده القمني في بحثه في معارك محمد و جيشه، و لكن بنظرة مادية لها تختلف عما ذهب إليه القمني في بحثه و بخلاف التردد و التخوُف الذي عُرف عن القمني) صدقت المرحومة والدتي عندما كانت تقول “تكلم العاهرة تلهيك، و اللّي فيها تجيبه فيك”.
إذن شاكر سلامة يقول أن التشابه ناتج عن اعتماده مصادراً و مراجعاً اعتمدها القمني، لأنه سيعمل بنظره مادية (لا تفهم ماذا يعني هنا بالضبط بنظرة مادية؟ ! ربما يعني بها الشجاعة لأنه يقارنها بخوفي و ترددي؟، على كل حال الله أعلم) !!.
إن العودة لكل ما كتب الأستاذ سلامة مسروقاً من كتبي سيكون ضياعاً لوقت و هدر لساعات ثمينة لمثلي، يكفي القارئ أن يقرأ كتابي و يقرأ ما نشره الحرامي تحت عنوان المعارك المحمدية الكبرى. و سأكتفي منعاً لهدر الوقت بأصغر موضوعاته، هذا الذي بين يدينا و الذي يبدأ به نشر الجزء الثاني من كتابي مع معركة أحد، و بموضوع آخر بعنوان (الأسلمة و الإرهاب -2) المنشور بالحوار المتمدن بتاريخ 7 / 6 / 2009، كعينات عشوائية للمناقشة، و للتيقن من صدق اتهامنا له بالسرقة الفاجرة بجريمة متكاملة الأركان. و قبل المناقشة نحدد بعض المعاني و الأساليب المنهجية في البحث العلمي، لنفهم كيف سرق؟ و كيف دمر بغبائه المُقزز و لزاجته المُنفرة عملي كله.
أولاً: بالنسبة للمصادر والمراجع:
للمصادر الإسلامية خاصة ما تعلق بالسيّر و الأخبار و التآريخ سمات تميزها، فقد صُنفت من الأصل زمنياً، بحيث تغطي الفصول الأحداث سنة بسنة، إرتجاعاً إلى ما قبل الهجرة أو تقدماً في أحداث ما بعد الهجرة، كما نفعل في تاريخ الحضارات قبل الميلاد و بعد الميلاد فيكون السرد: أحداث سنة كذا هجرية و يليه أحداث سنة كذا هجرية.. إلخ. و هي في الجملة كتب موسوعية تقع في مجلدات و تحوى المجلدات أجزاء، و رغم الكثرة الهائلة لهذه المدونات الإسلامية، فإنها تكرر نفس الأحداث لنفس المواضيع بلا كلل و لا ملل، لكن الباحث المدقق سيجد اختلافات في كلمة أو عبارة أو إضافة كامنة في التفاصيل يمكن بجمعها إلى جوار بعضها أن تضيئ الحادثة المشهورة عند الجميع، و غير المعلوم عنها هذه التفاصيل، التي تفاجئ القارئ العادي و المتخصص معاً، و تشهد للباحث بجودة السعي و التنقيب و حسن فطنته.
و نظراً لتكرار طباعة هذه المصادر في دول إسلامية مختلفة، فإن ما يترتب على ذلك دوماً هو اختلاف أرقام الأجزاء و الصفحات في الكتاب الواحد بين بلد إسلامي و آخر، بل داخل البلد الواحد كمصر، ستجد طبعة دار المعارف لتاريخ الطبري يختلف ورود الموضوع في صفحاتها، عن ورود ذات الموضوع في صفحات الطبعة الأقدم من نشر دار البابي الحلبي بما يصل أحياناً إلى عشرات الصفحات، و تختلف عن طبعة (المكتبة العلمية) ببيروت فتجد موضوعاً بطبعة دار المعارف المصرية ص 20 من الجزء الأول مثلاً من ابن كثير / البداية و النهاية، موجودة في طبعة بيروت ص 11 من الجزء الأول، ناهيك عن الطبعات الشعبية التي بدأتها مصر بدار الشعب في الستينات من القرن الماضي، على هيئة تشبه المجلات الكبيرة تيسيراً لسعر الكتاب مُقسطاً على حلقات، تختلف فيها أرقام الصفحات بالكلية عن مثيلها الذي أصدرته دور إسلامية حديثة في نفس البلد. لذلك يكون مستحيلاً أن تجتمع مراجع و مصادر تم جمعها منذ حوالي ثلاثين عاماً و ما توافر زمنها من طبعات، و هو مختلف عما أضيف منذها إلى اليوم من كم هائل للمكتبة العربية من ذات المصادر الإسلامية بطبعات متتالية، و أن هذا الجمع قد تم وفق الخطة الموضوعة الخاصة بالباحث وحده لتحقيق أهداف ترصدها الخطة و تسعى إليها، هذا مصدر قديم و هذا مصدر حديث و هو نفس الكتاب باختلاف زمني و باختلاف الناشرين، و هذا مصدر لبناني و ذاك مصدر سعودي الطباعة، لذلك يصبح مستحيلاً على أي باحث أن يزعم أنه رجع لذات المراجع بنفس الطبعات التي جمعها باحث آخر و التي لا تجتمع إلا لواحد، هو من جمعها بنفس الأجزاء بنفس أرقام الصفحات بنفس الطبعات. لاشك المراجع و المصادر متاحة للجميع، لكن من يعتمد طبعة سورية ستختلف بين يديه الصفحات و الأجزاء عما في الطبعة الأردنية لذات المصدر، و لأن جمع الباحث هذه الكُتب أثناء البحث يعتمد الصدفة البحتة، حسب الموجود أمامه بالمكتبة من كتب لها دور نشر مختلفة، فقد يأخذ الباحث طبقات ابن سعد طبعة مصرية، و يأخذ الطبري طبعة لبنانية، و يأخذ النسفي طبعة شعبية من دار الشعب المصرية، و يأخذ سيرة ابن هشام بطبعة سعودية حسبما توفر أمامه، فإن لم يرد عند صاحبنا السارق سوى هذه المصادر بذات الترتيب بذات الصفحات بذات الطبعات التي كانت تتوافر منذ ثلاثين عاماً، فإنه يكون سارقاً فاجراً لا محالة.
ثانياً: أسلوب جمع المادة العلمية:
يعتمد جمع المادة العلمية على خطة البحث و خطواتها و أهدافها، إضافة إلى المنهج المستخدم فيها، فمنهج الاستدلال الرياضي يبدأ بفرض الفروض لحل المشكلة الماثلة أمام الباحث، و من ثم يأخذ بجمع المادة العلمية المتعلقة بهذه المشكلة بالذات من مصادرها و مراجعها لتشكل له مادة خام يدعم بها فروضه، و يستخدمها أيضاً كقرائن و براهين على وجهة نظره التي يريد أن يصل إليها في البرهان، و هو عادة المنهج الذي استخدمه كأسلوب عرض للمادة المجموعة و إعادة ترتيب عناصرها حسب الأهداف المرصودة، ثم أعمد إلى المنهج المادي التاريخي (المشهور بالماركسي) الذي أستخدمه كأسلوب عمل و فحص لمكونات النص و علاقته بزمنه و بيئته و اقتصاده و شكله المجتمعي و نطاقه السياسي.. إلخ، ثم أعمد إلى تفسير النصوص لتنطق بالمخفي وراءها من أحداث حدثت في واقع الأرض، و بعد حشد المادة يتم تصنيفها و ترتيبها ليلحق كل منها بالأبواب المرصودة في خطة البحث. و مثل هذه الطريقة اختيار خاص تماماً، فلم يحدث أن جمع باحث في الإسلاميات بين المنهج المادي التاريخي (الذي يتضمن بالضرورة التطورية الدارونية) و بين المنهج الرياضي في آن معاً، مع حشد المادة التي تتناسب و المنهجين معاً ناهيك عن تصنيفها و تبويها لتتلاءم مع الخطة و المنهجين، لتصبح إبداعاً متفرداً بذاته لا يستطيع زاعم أن يزعمه. فلا يوجد في المكتبة الإسلامية بطولها و عرضها كتابات توفرت فيها هذه الشروط و الخصائص سوى كتابات سيد القمني وحده، باختياراته التي تختلف عما هو معتاد من اعتماد منهج واحد في البحث العلمي، و الانتماء لمدرسة بعينها. هو خلق جديد لم يكن له وجود سابق، و لا تعرفه المكتبة العربية، فإن كرره أحد، فإنه سيكون باليقين القاطع مرتكباً لجريمة السرقة في فعل فاضح علني، و بهذا تكون جريمته لون من ألوان الاغتصاب الفكري و هو من الجرائم الكبرى المنكرات، فأن تسرق دولارات أو دنانير أمر، أما أن تسرق فكر و روح إنسان فهو الجريمة في أبشع معانيها.
ثالثاً: أسلوب استخدام المادة العلمية:
عند الاستعانة بالمادة الموجودة في المكتبة التراثية الإسلامية، يمكن للباحث البارع أن يستكمل نفس الرواية من أكثر من مصدر، فيأخذ نفس الرواية من ابن هشام و ابن حبيب و الحلبي مثلاً، ليثبت أولاً لقارئه المتخصص أنه لم تفته المصادر الأخرى للرواية، أما الباحث الأذكى فهو الذي يقع على تفاصيل متناثرة غير مكرره بين الروايات مما يجعلها غير معلومة لعامة الباحثين، فتشكل كشفاً برهانياً يدعم به رؤيته، و لكن لهذه العلمية شروط وضعها لنا علماء منهج البحث العلمي، يجب الالتزام بها بصرامة لا تقبل احتمالاً.
فعند إيراد نص يستشهد به الباحث يجب أن يضعه كما هو في المصدر دون أي تدخل من جانبه حتى لو كان به أخطاء طباعية، و أن يضعه داخل علامات تنصيص ” “، ليفرق القارئ بين كلام الباحث و كلام النص المدمج في متن عمل الباحث.
و لكن للباحث هنا حقوقه إزاء تعامله مع النص، فلو كان النص مطولاً، و هو المعهود بالمكتبة الإسلامية، و فيه اضافات عن شئون أخرى تخرج عن مُراد الباحث، فله أن يقفز على هذه الإضافات، شرط أن يضع مكانها نقاطاً أفقية هكذا…. ليفهم القارئ أن الباحث قد أسقط هنا عمداً جزءاً من النص ليرجع إليه إن شاء، لكن بشرط ألا يكون منتقياً لما يوافق هواه مهملاً ما يخالف هذا الهوى، بمعنى ألا يقتطع من السياق ما قد يناقض هدف النص الأصلي، كما في القول ” لا تقربوا الصلاة ” و إهمال ” و أنتم سكاري”.
و على الباحث أن يرصد في حاشية بحثه المعلومات الكاملة للمصدر التي استقى منه النص، و هي على الترتيب الصارم كالآتي: اسم المؤلف، اسم المحقق إذا كان للكتاب محقق، اسم دار النشر التي نشرت الكتاب، تاريخ نشر الكتاب و يسمى تاريخ الطبعة لاحتمال طباعته عدة مرات بنفس دار النشر فتختلف الصفحات بين طبعات الكتاب، اسم البلد الناشر: بيروت، القاهرة، لاهور.. إلخ، رقم المجلد إذا كان هناك اكثر من مجلد، رقم الجزء إذا كان أكثر من جزء، رقم الصفحة، و في حال تكرر ذات المرجع بالبحث تتم الإشارة إليه موجزه كالآتي: (سبق ذكره، صفحات كذا). و غير هذا الترتيب خطأ منهجي يؤاخذ عليه الباحث المحترم.
رابعاً: حقوق الباحث إزاء المصادر:
للباحث الحق في اختصار سرد مطول لو زاد النص المُراد اقتباسه عن صفحة واحدة، و أن يكتبه بأسلوبه مُلخصاً، شرط ألا يهمل أُسسه و أعمدته و أهدافه أو أي عنصر هام أصيل بالنص، و في هذه الحال لا يضع علامات تنصيص، و عندما يشير في الحاشية إلى المصدر يبدأ بقوله: أنظر كتاب كذا لفلان، أي سيتغير ترتيب الحاشية و نبدأ بعنوان الكتاب لا باسم المؤلف، ليفهم القارئ من عدم التنصيص و من عبارة أنظر، أن الكلام ليس نصياً إنما أورده الباحث بتصرف.
و أحياناً يحتاج النص إلى شرح و توضيح في داخل متنه، لذلك يجب أن يكون التوضيح سريعاً في كلمة أو كلمتين أو جملة قصيرة، و في هذه الحال يضع كلامه بين أقواس هكذا: ( ) أو بعلامات الجملة الاعتراضية هكذا – – و أن يضيف كلمة / الباحث، أو / المؤلف – لنهاية جملته بعد القاطع / ليميز كلامه المدمج بمتن النص، عن بقية النص.
ولأن الشيخ سلامة طفيلي حشرى و عيهور في الوقت نفسه، فإنه لا يعلم بكل هذا، لأنه لا هو باحث و لا هو كاتب و لا هم يحزنون، هو واحد عابر سبيل ممن استهوتهم العلمانية و قيمها في الحقوق و الحريات، كاستهواء الخمر و نشوتها أو استهواء الرقص و الانفلات الخلقي الجرمي، متصوراً أن العلمانية هي إباحة تامة لكل القيم، رغم تكراره عبارات الفخامة و الإحاطة: كقوله المتكرر: سبق و أن تمكنا، و كما قلنا في بحثنا السابق، مستندين على أهم المصادر و المراجع المعروفة لنا، سنقدم هنا الأدلة و البراهين من أمهات الكتب الإسلامية.. إلخ.. إلخ ! صاحبنا لا يعرف معنى النقاط الأفقية، و لا وظيفتها، و لا إلى ماذا تشير، و لا يعرف سبب علامات التنصيص و لا وظيفتها، فيخلط كلامي الشخصي بكلام النص المصدري و يسوقه إلينا راجعاً إلى المصادر في حاشيتي بكتابي صفحات و أجزاء، و ما كنت أُسقطه من نصوص هو لعدم حاجتي إليه في بحثي، و أضع بدلاً عنه نقاطاً أفقية تأتي عنده كذلك في ذات المواضع، إنه يهمل ما أهمله سيد القمني بالكلمة و الحرف و عدد الأسطر، و لم يخطئ الرجل و لو مرة واحدة في النقل الأمين و السرقة بفعل علني فاضح، و يتصادف أن تجتمع عنده مصادري التي جمعتها عشوائياً حسبما توافر أمامي منذ ثلاثين عاماً من طبعات مختلفة البلدان، فهذه لبنانية و أخرى تونسية و ثالثة مصرية و رابعة سعودية و خامسة باكستانية و سادسة عتيقة (مصرية فقط ) كطبقات ابن سعد الصادرة عن دار الشعب في مصر، و دار الريان، و لا تتوافر لغيرنا لكون الأولى مدعومة من الحكومة المصرية، و الثانية مدعومة من بيوت الأموال الإسلامية، و مع ذلك تجد عنده نفس المصادر و نفس الأجزاء و نفس الصفحات.
القبض على اللص متلبساً:
في الموضوع الأخير الذي ينعي فيه اللص الخائب و الرقيع على سيد القمني خوفه و تردده بدلاً من شكره على موقفه النبيل و عدم رغبته في فضحه، و ليستمر في فجره بسرد وقائع غزوة أحد، و يستشهد بالنص بأقواس لا بعلامات تنصيص فهو لا يعلم وظيفة أياً منهما، يقول: (لما أصيبت ] صوابها أُصيب [ يوم بدر من كفار قريش أصحاب القُليب، و رجع فلهم إلى مكة… مشي… رجال من قريش ممن أصيب آبائهم و أبناؤهم ] لاحظ الأخطاء القاعدية / النحوية التي لا يرتكبها تلميذ مرحلة أولى، إنه ينقل نقلاً و مع ذلك يخطئ [ و إخوانهم من قريش تجارة، فقالوا: يا معشر قريش، إن محمداً قد وتركم و قتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه، لعلنا ندرك منه ثأراً، ففعلوها فاجتمعت قريش لحرب رسول الله (ص) حين فعل ذلك أبو سفيان و أصحاب العير بأحابيشها، و من تابعها من بني كنانة و أهل تهامة و خرجوا بالظعن – أي النساء – التماس الحفيظة، و ألا يفروا / ابن كثير / البداية و النهاية / ج 4/ ص 11 و 12). و حتى يدقق القارئ أضيف له ما ورد عندي في الحاشية من معلومات النشر كي لا يذهب لطبعة أخرى مختلفة.. الناشر دار الكتب العلمية، و بلد النشر بيروت، الطبعة الرابعة الصادرة سنة 1988، ص 11 و 12.
الفواصل بالنقاط في كلام السيد الحرامي عددها ثلاثة فواصل، الفاصل الأول أهملت فيه ” ورجع أبو سفيان بعيره ” و وضعت بدلاً منها هذه النقاط لأني سبق و حكيت موضوع أبي سفيان، فقمت بأسقاطها و و وضعت النقاط محلها، و الفاصل الثاني أهملت فيه ما ورد عند ابن كثير ” عبد الله ابن أبي ربيعة و عكرمة ابن أبي جهل و صفوان ابن أمية “، و هو ما فعله الحرامي بدوره، و الفاصلة الثالثة، أهملت سطوراً طويلة عددها ستة عشر سطراً حتى ” و خرجوا معهم بالظعن – النساء – التماس الحفيظة و ألا يفروا ” و هي ذات السطور التي أهملها الشيخ سلامة حرفاً حرفاً و كلمة كلمة، و كلمة النساء هنا ليست في نص ابن كثير إنما تعبير شارح من عندي، لذلك وضعتها بين شرطيتين داخل نص بن كثير ككلمة اعتراضية من الباحث شارحة لمعنى الظعن، و هو ما أخذه صاحبنا محتسباً إياه ضمن كلام بن كثير.
تعالوا ننتقل نقلة أخرى داخل ذات الموضوع و ما كتبه حول اغتيال المسلمين لسيد النضير (كعب بن الأشرف) و يروي الرواية التي أخذتها عن ابن كثير، و يهمل نفس ما أهملته بالتدقيق المبين، لنقرأ معاً النص الذي يزعم أنه إخذه من بن كثير بينما هو لا يعلم شكل كتاب بن كثير يقيناً، يقول الشيخ سلامة نصاً (حين قال كعب: أترون أن محمداً قتل هؤلاء؟… فهؤلاء أشراف العرب و ملوك الأرض !! و الله لئن كان محمد قد أصاب هؤلاء القوم، لبطن الأرض خير من ظاهرها / ابن كثير / ج 4 / ص 8). و لو رجعنا للنص الأصلي بكتاب بن كثير ص 8 لن نجد هذا الكلام بالمرة، فهناك حكاية أخرى، إنما سنجده ص 7 نهاية الفقرة الأولى و سنجده غير ذلك بالمرة، فالنص هو ” و قال محمد بن إسحق كان من حديث كعب بن الأشرف و كان رجلاً من طئ أحد بني نبهان، و أمه من بني نضير، أنه لما بلغه الخبر عن مقتل أهل بدر حين قدم زيد بن حارثة و عبد الله بن رواحه، قال: و الله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها “.
فمن أين أتى الحرامي بهذا الكلام؟ أتى به من كتابي حروب دولة الرسول الجزء الثاني ص 240، و قد أخذته عن السهيلي في شرح و تفسير السيرة النبوية لابن هشام في كتابه (الروض الأنف)، طبعة دار المعرفة، بيروت، عام 1978، المجلد الثالث، ص 139 و 140، فكيف نسبها الشيخ سلامة لابن كثير؟ لأنه أخطأ النظر في حاشية كتابي فسجل الهامش الثاني بدلاً من الأول كمصدر و قال إنه (ابن كثير البداية و النهاية ج 4 ص 8)، بينما هو في الروض الآنف للسهيلي. حتى علامات التعجب و الإستفهام التي وضعتها في سياق هذا النص أو غيره، وضعها في ذات المكان، و لم تكن في أصل النص لا بالسهيلي و لا بابن كثير و لا إبن أي أحد !! هى فقط عند ابن القمنى.
و يستكمل نقلاً عن السهيلي و هو لا يعرف قطعاً من هو السهيلي ليقول: ” إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال – اللهم ما اكفني ابن الأشرف، فقال له محمد بن مسلمة: أنا يا رسول الله أقتله، فقام محمد بن مسلمة منقلباً إلى أهله، فلقى سلكان بن سلامة… فقال له محمد بن مسلمة إن رسول الله قد أمرني بقتل بن الأشرف، و انت نديمة في الجاهلية و لن يأمن غيرك فاخرجه إلىّ لأقتله.. فخرج سلكان.. إلخ “.
و بالرجوع إلى السهيلي (سبقت الإشارة لمعلومات النشر) مج 3 ص 200 بالجزء الثالث ستجدها كلها قصيدة شعرية لا علاقة لها بالموضوع من قريب أو بعيد، و يضيف مصدراً إضافياً موجود بحواشي كتابي ص 241 هو ” البهيقي ج 3 / ص 191، 192 ” و هو المصدر السليم، أما المصدر الذي أشار إليه عند السهيلي فخطأ مطبعي ورد عندي على ذات السطر الوارد به البهيقي، فنقله عني كما هو، أما المسافات المنقوطة فمكانها في النص خمسة أسطر أهملتها فأهملها بدوره بالصفحات 189 و 190 بالتحديد من كتاب البهيقي: دلائل النبوة و معرفة أحوال صاحب الشريعة، توثيق د. عبد المعطي قلعجي، نشر دار الريان للتراث، القاهرة، الطبعة الأولى، سنة 1988.
و روى أربعة أبيات من الشعر للصحابي كعب بن مالك شماتة في مقتل كعب بن الأشرف، كنت قد انتقيتها من السهيلي من بين الأبيات التي قيلت في هذه المناسبة، و من قصيدة من بين 7 قصائد من المطولات، و اخترت القصيدة المذكورة ص 244 من الجزء الثالث و عدد أبياتها عشرين بيتاً، و اخترت من العشرين بيتاً ما يناسب خطتي و أهدافي و حسي الفني الشعري و ما يناسب ذوقي. أبيات أربعة ترتيبها في القصيدة من البيت الحادي عشر إلى الرابع عشر، و هي ذات الأبيات التي استشهد بها صاحبنا دون بقية القصيدة وكل القصائد الأخرى، الرجل يعرف حتى مزاجي الشعري و ما يرضي ذائقتي منه.
يتابع الأستاذ المقدام المادي و ينقل عني قول البهيقي: (و كان كعب يُكنى أبو نائلة، فقالت امرأته: لا تنزل يا أبا نائلة إنه قاتلك، فقال ما كان أخي يأتيني إلا بخير، و لو يدعي الفتى لطعنة لأجاب… و أدخل سلطان يده في رأس كعب… إلخ). محل النقاط الأفقية كنت أهملت خمسة أسطر لألتزم خطتي، ففعل الشيخ سلامة ذات الفعل.
يتابع (فلم يزالوا يتخللونه بأسيافهم حتى طعنه أحدهم في بطنه بالسيف خرج منها مصرانه، و خلصوا إليه فضربوه بأسيافهم… فقتل الله عز و جل بن الأشرف). و مكان هذه النقاط كنت قد أهملت ستة أسطر لا تشغل خطتى، و استبعدها بدوره كاملة من أول كلمة لآخر كلمة، و بدأ كلامه من حيث بدأت و انتهى إلى حيث انتهيت.
لنذهب إلى موضوع آخر من مطولات الشيخ سلامة هو (الأسلمة و الإرهاب – 2)، بنظرة سريعة فقد طال الموضوع على القارئ، يحكي لنا – من كتابي طبعاً – حكاية غزوة قينقاع و أسرهم و عزم النبي على قتلهم، و لكن ليتدخل حليفهم في زمن الجاهلية عبد الله أبي سلول الأنصاري، ليمنع عنهم القتل، يقول: (فقام مخاطباً محمد: يا محمد أحسن في مواليي، فلم يرد عليه النبي، فقام يكرر، و مرة أخرى يعرض عنه النبي، فيأخذ الغضب بعبد الله حتى يدخل يده في جيب درع الرسول يمسكه من لحمه الشريف و هو يقول: يا محمد أحسن في مواليي ] كتبها كل مرة موالي خطأ و ربما هو لا يعلم معناها [، حتى غضب النبي غضباً شديداً، و رؤي لوجهه ظلل و هو يقول لعبد الله: ويحك، أرسلني، أرسلني، بينما ابن سلول لازال ممسكاً به و يقول: لا و الله لا أرسلك حتى تحسن في مواليي، أربعمائه حاسر و ثلاثمائة دارع قد منعوني من الأحمر و الأسود من الناس، و تحصدهم في غداة واحدة؟ أني و الله امرؤ أخشى الدوائر !! و هنا قال له النبي: هم لك.. الطبري ج 2 ص 480).
و لأن الرجل لا يعرف معنى علامات التنصيص، لم يلحظ إني لم أضع على هذا الكلام هذه العلامات، و هو ما يعني أني سأرويها على طريقتي، فظنها نص كلام الطبري و أوردها منسوبة إليه نصاً، بينما هي نص كلام القمني في كتابه حروب دولة الرسول و ليست نص كلام الطبري في كتابه تاريخ الأمم و الملوك، طبعة دار الكتب العلمية بيروت، المجلد الثاني ص 49 حيث يقول: ” رجع الحديث إلى ابن إٍحق عن عاصم بن قتادة، قال: فحاصرهم رسول الله (ص) حتى نزلوا على حكمه فقام إليه عبد الله بن أُبي ابن سلول حين مكنه الله منهم، فقال: يا محمد أحسن في مواليي – و كانوا حلفاء الخزرج – فأبطأ عليه النبي (ص)، قال: فأدخل يده في جيب رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص): أرسلني، و غضب رسول الله (ص) حتى رأوا في وجهه ظلالاً – يعني تلوناً – ثم قال: ويحك أرسلني، قال: لا و الله لا أرسلك حتى تحسن في مواليي، أربعمائة حاسر و ثلاثمائة دارع قد منعوني من الأسود و الأحمر تحصدهم في غداة واحدة، و إني و الله لا آمن و أخشى الدوائر، فقال رسول الله (ص): هم لك “.
و سيلحظ القارئ هنا أن مرجعي بكتابي كان نعم الطبري، لكنه كان طبعة قديمة تركتها بقريتي بعد نزوحي للقاهرة و هي المعتمدة بكتابي (حروب دولة الرسول)، لذلك اشتريت طبعة جديدة، لكن صاحبنا و للغرابة الشديدة علم بالطبعة القديمة مثلي تماماً، و التي جاء فيها الموضوع بالجزء الثاني، و لكن ليس كما ذكر ص 480 لأن هكذا يصل اختلاف الصفحات عن طبعة الطبري اللبنانية التي اشتريتها حديثاً بالمجلد الثاني ص 49 بحوالي 431 صفحة، و هو فارق هائل لا يمكن حدوثه، و السر فيه خطأ مطبعي و رد عندي في حاشيتي عن طبعة دار المعارف القديمة للطبري، فقد جاء رقم الصفحة في الحاشية بزيادة صفر، فبدلاً من ص 48 طبعها الطابع 480، و يكون الفارق في الأصل بين الطبعتين المصرية و اللبنانية صفحة واحدة. و لأن صاحبنا لا يعرف كوعه من بوعه، نقلها كما هي (ص 480)، بينما العارف بكتب التراث الإسلامي يستطيع بمجرد التخمين أن يقول لك أن هذه الحادثة بأي باب و ربما بأي فصل، و بأي جزء، و ما أعلمه فقط بالخبرة، أن ص 480 بالطبري لابد أن تكون زمن الفتوحات الكبرى، لكن صاحبنا ينقل أحداث حدثت زمن النبوة إلى أحداث زمن الفتوحات الكبرى بغلطة مطبعية حدثت فى كتابى أنا بالذات والمصادر بنصوصها بريئة من هذا الخطأ.
يحكي لنا في ذات الموضوع عن عملية اغتيال أبي رافع سلام بن الحقيق فيقول عن السرية الإسلامية التي خرج أصحابها لتنفيذ المهمة (فخرج من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر: عبد الله بن عتيك، مسعود بن سنان، عبد الله بن أنيس، أبو قتادة الحارث بن ربعي و خزاعي بن أسود حليف لهم… حتى إذا قدموا خيبر أتوا دار بن أبي الحقيق ليلاً… ثم يروي راويهم… فلما دخلنا عليه أغلقنا عليه و علينا الغرفة، فابتدرناه و هو على فراشه بأسيافنا، فوالله ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه، كأنه قطنة ملقاه… و تحامل عليه عبد الله بن أنيس بسيفه فأدخله في بطنه حتى أنفذه. و هو يقول: قطني قطني.. إلخ / ابن كثير / مج 4 / ص 139: 142).
بالطبع لا يمكن أن يشكل هذا المقطع أربع صفحات كاملة من 139: 142 من ابن كثير في طبعتهاللبنانية الدُبل، أي أنها في الحجم ضعف الكتاب الجاير العادي مرتين، أي تساوي ثمان صفحات في طبعة مصر. المهم نقف مع النقاط الأفقية، و التي أهملت أنا فيها قول بن كثير طبعة دار الكتب العلمية بيروت ص 140 ” و نهاهم (أي النبي) أن يقتلوا وليداً أو امرأة ” و ذلك لأني كتبت في كتابي نقلاً عن ذات المصادر الإسلامية أن جيش المسلمين قتل الأولاد في قريظة و النساء في أكثر من موقعة كوقعة زيد بفراره، و اعتبرت العبارة تزّيُداً من بن كثير، لذلك أهملته و هو ما جاء عنده مهملاً بدوره. أما محل النقاط الثاني فقد أهملت تفاصيلاً لا تشغل القارئ، و نصها ” فلم يدعوا بيتاً في الدار حتى أغلقوه على أهله، قال: و كان في عليه له إليها عجلة، قال فأسندوا إليها حتى قاموا على بابه فاستأذنوا فخرجت إليهم امرأته فقالت: من أنتم؟ قالوا: أناس من العرب نلتمس الميرة، قالت ذا صاحبكم فادخلوا عليه، فلما دخلنا أغلقنا عليه و علينا الحجرة ” هذا نص الكلام الذي أهملته، و هو بالتمام و الكمال بالحرف ما أهمله الشيخ سلامة رجل العلمانية المقدام.
و قوله ” كأنه قطنة ملقاه ” علامة على البياض نقلها عني خطأ، لأنها بكتابي ” كأنه قبطية ملقاه “، و القبطية هي صناعة مصرية منسوبة لأقباطها و يسميها العامة قفطان، و كانت نسيجاً فاخراً من الكتان تمكن المصريون القدماء من تحويله إلى حرير أبيض لامع كالنسيج المعروف اليوم بالساتان.
الطريف أني عندما انتقلت من راوي إلى آخر داخل ذات النص قلت هكذا “… ثم يروي راويهم… ” لكن صاحبنا يأخذها كما لو كانت ضمن نص بن كثير !! و يقول “.. ثم يروي راويهم..”؟ !!
ومحل النقاط الأخيره بعد قوله ” كأنه قطنة ملقاه ” أهملت نص بن كثير: ” فلما صاحت بنا امرأته جعل الرجل يرفع عليها سيفه ثم يذكر نهي رسول الله (ص) فيكف يده و لولا ذلك لفرغنا منها بليل / ص 140 / ج 4 “، و هو ذات النص الذي أهمله صاحبنا بدوره.
يحكي الشيخ سلامة (قصة اغتيال أبي عفك / عمرو بن عوف ذلك الشيخ الذي تخطى بعمره القرن من الزمن، فقد خانته قواه و لم يعد قادراً على مسك دمعة نزلت من عينه، و هو يرى رجلاً مسلماً آخر يذبح أمام مسجد محمد النبي، و هو الحارث بن سويد بن الصامت، الذي أمر محمد النبي عويمر بن ساعده بذبحه أمام المسجد بسبب قتله المسلم المجذر بن زياد في فوضى هزيمة أحد انتقاماً لقتله لأبيه في الجاهلية، و الحارث هو ابن سويد بن الصامت الذي عُرف بين القبائل العربية بالرشد و الحكمة و العقل السديد، و أنه ابن صاحب صحيفة لقمان التي وافق عليها الوحي، فلم يستطع أبا عفك أن يمسك دمعه، فانهمرت الدمعات من عينيه و أرسل نواحه بشعر حزين ينحب و يبكي الحارث بن صحيفة لقمان، و شيخ بمواصفات ابن عفك (صحها: أبي عفك) حين يرسل نواحه و بكائه يكون له صدى و أثر نفسي مؤلم في نفوس القبائل العربانية، الذين يقدسون المسنين و يكنون لهم عظيم الاحترام و اقدسه، مما أوجع قلوب الناس، و كان شعره باكياً حزيناً، أورد البعض منه السهيلي نقلاً عن ابن هشام المعتمد على سيرة بن إسحق… ] يذكر خمسة أبيات من الشعر [ و مرة أخرى نُغُض عن الأخطاء النحوية الكارثية لنعود إلى السهيلي ص 244 مج 4 كما قال: فلا نجد من كل هذا سوى الآتي: ” سرية سالم بن عمير لقتل أبي عفك: قال ابن اسحاق: و غزوة سالم بن عمير لقتل أبي عفك أحد بني عمرو بن عوف ثم من بني عبيدة، و كان قد نجم نفاقه، حين قتل الله الحارث بن سويد بن صامت، فقال: ] و يذكر الأبيات الأربعة [ “.
فمن أين لصاحبنا برواية طويلة عريضة يحتسبها نصاً و ينسبها إلى السهيلي؟ الحق أقول لكم أن الرجل لأول مرة يبذل جهداً، لأن الكلام كلام سيد القمني و يرتبط بسياق سابق بكتابي يتحدث عن صحيفة لقمان و صاحبها، و لكنه اجتهد في محاولة استبدال عدة ألفاظ بألفاظ أخرى مرادفة للمعنى، فشوه جماليات نص كلامي الذي ورد بكتابي حروب دولة الرسول ج 2 ص 296 حيث يقول سيد القمني: ثم انطلق سيف الإسلام داخل يثرب، يعمل لإسكات أي لون من ألوان الاستهانة بالدولة، و هي الاستهانة و المعارضة التي يمكن أن تشكل كارثة لدولة عسكرية في زمن حرب. و هو ما نقرأه في قصة اغتيال أبي عفك / عمرو بن عوف، ذلك الشيخ الذي تخطى بعمره من الزمان قرناً، فلم تبق لديه قوى تمكنه من إمساك دمعه، و استمرار تجلده، و هو يرى مسلماً آخر هو الحارث بن سويد بن الصامت و هو يُذبح بباب المسجد النبوي، و هو ابن سويد بن الصامت الذي عُرف بين العرب بالحكمة، و بأنه صاحب صحيفة لقمان التي وافق عليها الوحي القرآني، فانهمر دمع أبي عفك مرسلاً شعره نحيباً باكيا الحارث بن صاحب صاحب صحيفة لقمان، و رجل في عمر أبي عفك إن أرسل نواحه في الفيافي بين العربان، الذين يقدسون المسنين و يعبدون الأسلاف و يحنون الهامة للمعمرين، لا يتركها إلا بقلوب كليمة موجوعة جزعة، و هو الشعر الباكي الذي جاءنا خبر منه في رواية بن إسحق ] هنا فتحت علامات التنصيص لأذكر النص [ “عن غزوة سالم بن عمير لقتل أبي عفك أحد بني عمرو بن عوف ثم بني عبيدة، و كان قد نجم نفاقه حين قتل رسول الله (ص) الحارث بن سويد بن الصامت ” ] هنا أغلقت علامات التنصيص لأستطرد في كلامي [ و إشارة ابن اسحاق لنفاق الرجل تشير إلى أنه كان حتى قوله ذلك الشعر مسلماً، و ما نافق إلا بتلك البكائية التي يقول في طرف منها / الأبيات الأربعة / ص 291، 292 / كتاب الإسلاميات حروب دولة الرسول.
خلط الرجل حديثي خارج علامات التنصيص بحديث السهيلي عن بن إسحق داخل علامات التنصيص لأنه لا يعرف وظيفتها و تصورها جميعاً نصاً واحداً ورد عند السهيلي بشكله هذا.
لو أخذت أُعدد ما فرغت، فالرجل نقل كل كلامي و نسبه لنفسه بشديد البساطة و الغباء معاً، أختم هنا بفقرة أخيرة يحكيها من كتابي المذكور عن أحداث غزوة قريظة، فيقول: (و كاد ينجو من المقتلة رجل من أشراف قريظة، لولا رغبته هو في الموت ذبحاً هو أبو عبد الرحمن بن الزبير بن باطا القرظي، و كان يوم وقعة بُعاث قد مّن على ثابت بن قيس و خلى سبيله، فلما أصبح ثابت مسلماً رأى أن يرد الدين إلى أبو عبد الرحمن، فذهب بحكايته القديمة و دينه بالحياة يرويها للنبي و يطلب حياة أبي عبد الرحمن، فمنحه إياها، و ذهب ثابت يبشر أبا عبد الرحمن بالحياة، ليدور بينهما الحوار التالي:
أبو عبد الرحمن: أي ثابت، ما فعل الذي كان وجهه مرآة صينية تتراءي فيها عذارى الحي كعب بن أسد؟
ثابت: قُتل.
أبو عبد الرحمن: فما فعل سيد الحاضر و البادي حيّ بن أخطب؟
ثابت: قُتل.
أبو عبد الرحمن: فماذا فعل مقدمتنا إذا شددنا و حاميتنا إذا كررنا عزال بن السمول؟
ثابت: قُتل.
أبو عبد الرحمن: فما فعل المجلسان (يعني كعب بن قريظة و بن عمرو بن قريظة)؟
ثابت: ذهبوا، قُتلوا.
أبو عبد الرحمن: فإني أسألك بيدي عندك يا ثابت، ألا ألحقني بالقوم، فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير، فما أنا بصابر لله قبله و لو نضح، حتى ألقي الأحبة. و هنا أخذه ثابت من يده و أوقفه في طابور المذبحة ليأخذ دوره، فضربت عنقه / الطبري / ج 2 / ص 589 و 590).
و إليكم الصفحة 102 من الجزء الثالث طبعة دار الكتب العلمية ببيروت، ستجدون رواية فيها نفس العناصر، لكني بكتابي صنعتها على طريقتي و صنعت الحوار و الديالوج المسرحي و وضعت الشخوص المتحاورة بين ثابت و صديقه اليهودي القرظي أبا عبد الرحمن، فلا يوجد حواراً كهذا بكتبنا التراثية السردية و لا غير التراثية.
أما المدخل التقديمي لهذا النص فكله صنعتي وحدي و ختامة صنعتي وحدي، و لن تجدها لا عند الطبري ولا غير الطبري، ستجدها فقط عند سيد القمني ثم من بعدي عند الشيخ سلامة.
إن كل ما شغل الشيخ سلامة هو أن يجمع أكبر حشد ممكن من الأدلة الوثائقية لتأكيد أن النبي محمد كان مجرد أفاق، و أنه شيخ منسر و قتّال قُتلا، و زير نساء، فقط !! لذلك لم ينشغل – و ربما لم يفهم – القراءة التاريخية المجتمعية السياسية الاقتصادية التي هي الموضوع و الأساس في العمل كله، و بدلاً من أن يذهب للمكتبات يجهد نفسه ليجمع ما يريد من مادة، فتح كتابي و جلس أمامه ينقل و ينسخ و ينشر، و ينعي على سيد القمني تردده و خوفه، فإذا كانت تلك أغراض صاحبنا فما أغباه هدف و ما أتعسه مسعى و ما أسخفه موقفاً، إنشغل فقط بحشد أخطاء محمد، بينما أي إنسان سواء كان نبياً أم ملكاً أم إنساناً عادياً، له من الأخطاء ما لو جلسنا نرصده لناءت به الكتب، أو كما لو كانت مهمة العلماني هي سب الأنبياء و التنقص منهم دون مؤهلات أخرى. إن هذا الإختيار كمن يختار أن يسرق أو يسير في الشارع عارياً متصوراً أنه هكذا قد أصبح علمانياً !! لذلك فإن البحث عن المفروض و التدليل على المعلوم هو عمل عبثي، مكان صاحبه الطبيعي بين فاقدي العقل و الفهم و التمييز، بين الغنم.
سادتي إدارة الحوار المتمدن
بغض النظر عن القيمة الفكرية لكاتب من الكتاب حتى نحترمه او نقدره أو نتطاول عليه، فإني قد أعلمتكم بالخلل، و تسترت على الرجل و طلبت منكم التستر معي عليه ليتوقف عن عبثه، و رغم ذلك سمحتم له أن يستمر، بل و أن يسبق موضوعه الجديد بالتطاول على شخصي المتواضع، و هو آخر موضوع نقله حديثاً بعد الشكوى التي وافيتكم بها (لاحظت خلال الأيام الماضية أن الرجل وصل في غزوة أحد إلى الحلقة الثامنة أو التاسعة نقلاً من كتابي)، أي نشرتم له رغم شديد وضاعته و إساءته لكل الفريق العلماني بعبثه الصبياني، رغم شرحي لكم ذلك، بدلاً من الحمد و الثناء على رجل مسروق علناً و فضّل الستر على السارق.
لهذا لا أرى أن الحوار المتمدن بموقفه هذا وسماحه بذلك أهل لكتاباتي، التي تتساوى عنده مع كائن من هذا النوع الحشري الطفيلي والإجرامي الذي يتغذى على فكر الآخرين و يغتصب بنات أفكارهم علناً، و يتم السماح له بذلك.
سادتي قراء الحوار المتمدن
لكم عظيم احترامي وإجلالي و إصراري على أني مجرد نفر متواضع بدون رتب بينكم، و أنتم أهلي وناسي وتعرفون أين تجدون كتاباتي.
شكراً سيدي الحرامي، شكراً سادتي (إدارة الحوار المتمدن) المشاركين للحرامي الوضيع في جريمته، وشكراً قرائي لصبركم على هذا الموضوع المثير للأسف و الحزن و القرف معاً.
elqemany@yahoo.com
* القاهرة
درس في البحث العلمي….. وأخلاقياته
أستاذنا العظيم الدكتور سيد القمني:
كم من لئيم مشى بالزور ينقـلـه**
لا يتقي الله لا يخشى من العـار
يود لو أنه للـمـرء يهـلـكـه **
ولم ينلـه سـوى إثـم وأوزار
فإن سمعت كلاماً فـيك جـاوزه **
وخل قائله فـي غـيه سـاري
فما تبالي السما يوماً إذا نبـحـت ** كل الكلاب وحق الواحد الباري
وقد وقعت ببيت نـظـمـه درر **
قد صاغه حاذق في نظمه داري
لو كل كلب عوى ألقمته حجـراً **
لأصبح الصخر مثقالاً بـدينـار
سوف تظل قامة شاهقة وفخر لكل محبيك…
سمير راغب
درس في البحث العلمي وأخلاقياته 1. في صفحاتهم الاسلاموية لا يسمحون لعلماني بأن يدلي بوجهة نظره. لكن صفحاتنا العلمانية تمنحهم مساحة كبيرة ليعبروا عن وجهات نظرهم. وهي وجهات نظر معروفة غبية تخلو من العمق.. وتمتليء بالشتائم.. والأتهام بالكفر .. 2. العلماني النصّاب هو من يمتنع عن نقد دينة و الرضى بمهاجمة دين الآخرين. ولكن استاذنا القمنى الكبير: هناك فارق كبير بين العلماني المسلم والعلماني المسيحي. أنا لا أعتقد أن مهمة المسيحي نقد دينه ولا من وظيفة المسلم نقد دينه..الذي يجب نقده وتفكيكه معرفيا هو الأسلام كبنية سلطوية تتشبث كالأخطبوط بالسلطة والمجتمع والقيم .. وهذه البنية تعوق الأنتقال نحو العلمانية.. هذه… قراءة المزيد ..