ربما ينقص مقال الأستاذ نبيل الصوفي، أدناه، نقطة معلومات مهمة، وهي أن “فراس” العدني الذي قتل في نهر البارد بلبنان (في طريقه إلى الجنة) استفاد حسب معلومات توفرت لـ”الشفاف” منذأسابيع من جواز سفر يمني حقيقي، أي قانوني، بإسم مستعار وفّرته له جهة أمنية في صنعاء. أي أن جهازاً أمنياً يمنياً لعب دوراً في هذه العملية “الإستشهادية” على أرض لبنان، كما تفعل سلطات باكستان حينما تغرّر ببعض العرب للقيام بعمليات إنتحارية في أفغانستان الآن. ولم تسلط الأضواء بعد على هذا الدور الذي يعني أن بعض أجهزة الأمن في اليمن متورّطة في أعمال الإرهاب.
عدن – نبيل الصوفي الحياة – 22/08/07//
فراس وعبدالرحمن وكمال، ثلاثة يمنيين، سقطوا في شمال لبنان وفي العراق مقتنعين بأنهم يمارسون «الجهاد»، قبل أن ينهوا العقد الثالث من أعمارهم.
عرفتهم أحياء مدينة المعلا في محافظة عدن على الساحل الجنوبي لليمن، بعلاقتهم الحسنة بالمساجد ونشاطاتها، قبل أن يبدأوا رحلة «الجهاد» التي انتهت بالأول في مخيم نهر البارد «شهيداً» في سجل جماعة «فتح الإسلام»، وبالآخرين في سجل القتل اليومي في العراق.
وتروي مصادر مطلعة حكاية فراس (26 سنة) الذي ترفض أسرته الى الآن مجرد «الاعتراف» بما حدث له، اذ يرد أفرادها بعصبية على من يسألهم عنه: «ليس لدينا ابن بهذا الاسم ولا نعرف عنه شيئاً». وتقول المصادر: «بعد سنوات من التدين الفردي، والانخراط في النشاطات الجماعية للمساجد، لاحظ رفاقه عليه تحولاً لافتاً، اذا بدأ فراس اللحجي (هكذا تفضل المصادر المقربة من أسرته تسميته تجنباً لمزيد من الإزعاج)، ارتداء ملابس شبيهة بالزي العسكري. وعلى رغم التحاقه بأكبر مؤسسة صحافية في المحافظة هي «مؤسسة 14 أكتوبر»، ضمن طاقم التجهيزات الفنية، كان اللحجي، وفقاً لأحد مشايخه في المسجد، «يتغير شيئاً فشيئاً، وأصبحت معاملاته أكثر حدة، ونقاشه أكثر ثورية».
وتضيف المصادر ذاتها: «خلال الفترة الأخيرة بدأ يتحدث برغبة شديدة عن الجهاد واختلف مع كثيرين من أقرانه في المسجد. صار يرتدي دائماً حزاماً وسروالاً بألوان قوات الصاعقة العسكرية. وبدأت النزعة الجهادية تظهر لديه في شكل قوي الى درجة انه كان لا يفارق مسدسه، علماً أن أبناء عدن لا يميلون الى حمل السلاح».
ويشير أحد أصدقائه الى انه شاهد رفيقه للمرة الأخيرة أثناء صلاة عيد الأضحى الأخير، وكان يرتدي بذلة عسكرية ويحمل مسدساً. ويقول: «حدثني حينها عن رغبته في الذهاب الى العراق للجهاد».
ووفقاً لمصادر الأقارب والأصدقاء، فإن «مقتضيات الاهتمام» بـ «الجهاد»، جمعت الشبان الثلاثة فراس وعبدالرحمن وكمال، بإثنين آخرين، رفضت المصادر كشف اسميهما «لأنهما ما زالا يقاتلان ضمن تنظيم فتح الإسلام في لبنان». وبحسب المصادر ذاتها، فإن «خلية تعمل داخل مدينة عدن لتجنيد الشبان وترحيلهم الى العراق»، هي التي موّلت انتقال المجموعة الى العراق، علماً أن اثنين من أفراد «الخلية اللوجستية» اعتقلا أخيراً ضمن تحريات أجهزة الأمن اليمنية عن محاولة تفجير، كشفت علاقة الخلية بتنظيم «القاعدة».
ووفقاً لتجربة «فراس»، فإن تأثره بالخطاب الجهادي قاده الى البحث عن «وسائل اعلامية» كأشرطة الكاسيت وأفلام الفيديو، وبيانات الجماعات الجهادية، ما أوقعه ضمن دائرة «مجموعة الدعم اللوجستي» التي تبدأ عملية الاستقطاب بتوزيع أفلام مصورة للعمليات التي ينفذها «المجاهدون» في العراق. ويقول شاهد إن المجموعة نفسها وبعد تأكدها من أهلية «المستقطب» للثقة تبدأ البحث عن تمويل لرحلته.
وعلى رغم توجيه الشهود اتهامات لـ «أجهزة استخبارات عربية» بمساعدة المجاهدين للانتقال الى العراق ولبنان، فإنهم يؤكدون أن غالبية التبرعات تأتي من «فاعلي خير لمصلحة المسلمين في الدول المستهدفة» كالعراق وفلسطين. ويكشف هؤلاء أن رحلة أحد أفراد مجموعة فراس موّلت بـ200 ألف ريال يمني (نحو 1100 دولار) قدمتها سيدة عدنية «تبرعت بمصاغها لمصلحة مقاومة احتلال العراق».
وكانت وجهة فراس وزملائه العراق، غير انها تغيّرت – بحسب المصادر – في سورية وصارت لبنان. وتوضح المصادر ان اتصالات، نادراً ما تحصل عموماً، أجريت بين «مجموعة الدعم اللوجستي في عدن والذين رحّلوها الى سورية» لإقناع المجموعة اليمنية بتحويل مسار «الرحلة الى الجنة» عبر لبنان، بدلاً من العراق، وأن الأمر صوّر باعتباره «خطوة أولى لتنفيذ عمليات استشهادية ضد الصهاينة، ولبنان أقرب الى فلسطين من العراق».
وفيما أصر عبدالرحمن وكمال على الذهاب الى العراق، غادر فراس ورفيقاه الى لبنان ليجدوا أنفسهم داخل مخيم «نهر البارد» الذي اندلعت فيه، «من دون تعبئة مسبقة»، معركة بين الجيش اللبناني وتنظيم «فتح الإسلام»، الآتي من الانشقاقات الفلسطينية داخل الأراضي السورية، وزعيمه شاكر العبسي الذي كان عمل في اليمن كمدرب على الطيران قبل اعادة توحيد البلاد.
(الحياة)