يخصص تقرير العربية نت السينمائي مادته الرئيسية هذا الأسبوع لفيلم المخرج اللبناني برهان علوية الأخير (خلص) الذي أحدث فوزه بجائزتي السيناريو والمونتاج في الدورة الرابعة لمهرجان دبي السينمائي قبل أسبوعين جدلا في كواليس لجنة تحكيم المهرجان، كما أثار استياء بين جمهور المهرجان ومحبي السينما خارجها، بسبب مستوى الفيلم الرديء، الذي لا يستحق أن يكون فيلم مهرجانات أولا، وثانيا لوجود أفلام أكثر أهمية في المهرجان وتستحق فعلا جائزتي السيناريو والمونتاج، اللتين حصل عليهما فيلم (خلص).
خلص: أفكار قديمة وسينما بدائية
صدمني فيلم السينمائي اللبناني برهان علوية الأخير (خلص)، لأني لم أكن أتوقع من صاحب (كفر قاسم) و(بيروت اللقاء) وعديد من الأفلام الوثائقية الهامة، أن يظهر عمله الأخير بالصورة البدائية التي شاهدتها في (خلص) نصا وتمثيلا وإخراجا ومشهدية، والأهم من ذلك كله رؤيةً، وبغض النظر عن قيمة المخرج برهان علوية السينمائية والثقافية ليس في لبنان فقط، بل وفي العالم العربي، فهو ليس مجرد تقني، بل صاحب مشروع سينمائي وثقافي وفكري، وبغض النظر أيضا عن المجاملات التي أحيط بها فيلمه (خلص) نقدياً وصحافياً، أو حتى الجوائز التي حصل عليها الفيلم في المهرجانات التي شارك فيها أو قد يحصل عليها في مهرجانات لاحقة، بسبب اسم وقيمة مخرجه لا لأنه يستحق الإطراء أو الجوائز، فإن فيلم (خلص) يمثل كارثة فنية في كل عناصره فيما لو ظهر بتوقيع مخرج مغمور، وتصبح الكارثة أكبر حين يكون موقعاً باسم مخرج بقيمة برهان علوية، ومهما كانت الصعوبات التي عاناها علوية في إنتاج وأخراج الفيلم، والسنوات العديدة التي قضاها في التحضير له وفي صناعته، فإن ذلك لا يعد مبرراً للمستوى الضعيف الذي ظهر فيه ولا يهم المشاهد، لا من قريب أو بعيد.
مشكلة فيلم (خلص) الأساسية في رأيي هي في عدم راهنيته وفي تخلفه عن حركة الحياة والأفكار، فبرهان علوية، الذي حاول أن يصنع فيلماً عن الحرب الأهلية اللبنانية ونتائجها على البشر، بقي أسير منطقها، ولم يستطع النظر إليها من بعيد بعد كل السنوات التي مرت على انتهائها، والأفكار التي تبدلت والأيدلوجيات التي انهارت في لبنان وخارجه، فلم يعد الصراع الطبقي الحاد الذي تستند إليه حكاية الفيلم البدائية والساذجة، والتي تذكر في الطريقة التي عولجت وقدمت بها بأدب الواقعية الاشتراكية الرديء.لم يعد هذا الصراع الطبقي مطروحاً في الأدب والفن بهذا الشكل المباشر والساذج الذي ظهر في (خلص)، حين تقرر الفتاة عبير (تؤديها ناتاشا أشقر) ترك حبيبها الشاعر أحمد (يؤدي الشخصية فادي أبو خليل) لتتزوج من رب عملها التاجر ريمون (يجسده رفعت طربيه)، وتجري مقارنة طبقية بين الشاعر الذي هجرته والتاجر الذي تزوجته أقرب إلى المحاضرة الأيدلوجية في خلية شيوعية منه إلى الحوار الحياتي أو الدرامي، أو اللغة المتداولة بين الناس عادةً، أو حين يقرر المصور روبي (يؤديه ريمون حصني) وصديق الشاعر أحمد الانتقام من مدير مشفى؛ لأنه رفض معالجة طفل صدمته سيارة لأنه لم يدفع تكاليف العلاج مسبقاً مما يؤدي لموته، وبسبب هاتين الحكايتين اللتين تنتميان إلى القواعد الأيدلوجية أكثر من انتمائهما لفن الدراما؛ يقرر الصديقان الشاعر أحمد والمصور روبي القيام بعمليات انتقام تذكر بالحركات اليسارية الطفولية من مضطهديهما ابتداءً بمدير المشفى، ومروراً بالقائد الحزبي السابق الذي تحول إلى تاجر مخدرات، وصولاً إلى الحبيبة عبير التي فضلت التاجر على الشاعر، والتي يتدخل عنصر الحب للحيال دون قتلها كما فعلا مع ضحيتيهما السابقتين.
وسذاجة حكاية الفيلم ستظهر بشكل أكثر وضوحاً فيما لو تم تجريدها من المفردات الطبقية أو التفاصيل التي تخص الحرب اللبنانية، وستبدو أقرب إلى الميلودراما البائسة المصنوعة بشكل رديء؛ سواء في بناء سيرورة الحدث المفبرك، أو في الحوار المتصنع الأقرب إلى حوار الكتاب الإنشائي الكليشهاتي منه إلى حوار الدراما الحياتي الحي، أو في إدارة أداء الممثلين التي تجعل المشاهد يشعر بأنه أمام واحد من المسلسلات اللبنانية السمجة.
أعود إلى البداية لأقول أن فيلم (خلص) صدمني، لأنه أولاً يحمل توقيع برهان علوية صاحب المشروع والتاريخ السينمائي المميز، وثانياً لأنه يأتي بعد فيلم لبناني مهم، أعتبره الفيلم الأبرز عربياً في عام 2007 هو عمل نادين لبكي الجميل (سكر بنات).
إشارات: 2007 سينمائياً
* لو أردت أن أرتب الأفلام السينمائية العربية الهامة التي أنتجت وعرضت في عام 2007 لما وجدت أفضل من فيلم اللبنانية نادين لبكي (سكر بنات) يستحق المركز الأول، وستحتل المراكز التالية له الأفلام المغاربية (آخر فيلم) للتونسي نوري بوزيد، و(البيت الأصفر) للجزائري عمر حكار، و(أسرار الكسكس) لعبد اللطيف كشكش، في حين ستكون السينما المصرية والأفلام السورية للأسف خارج التقييم!
* عانت الكوميديا الشبابية المصرية أزمة في عام 2007، وإيردات أفلام محمد هندي ومحمد سعد وبدرجة أقل أحمد حلمي هذا العام قدمت دليلاً على هذه الأزمة، فهل يشهد عام 2008 نهاية هذه الفورة غير الصحية لهذا النوع من الانتاج السينمائي الهابط!
* لم تقدم مهرجانات السينما العربية في عام 2007 خدمة لحركة الانتاج السينمائي العربي، وغلبت على نتائجها الحسابات الاقليمية والعلاقات الشخصية، في تراجع المستوى الفني كمعيار في تقييم الأفلام والحصول على الجوائز !
إيرادات السينما في أمريكا
تصدر فيلم الحركة والمغامرة الجديد National Treasure: Book of Secrets والذي تدور أحداثه حول “سر مقتل إبراهام لينكولن” إيرادات الأفلام بأمريكا الشمالية مسجلا 45.5 مليون دولار، وتدور قصة الفيلم حول شخص يبحث عن كنز (نيكولاس كيدج) إلا أنه يتحول للبحث عن الحقيقة وراء اغتيال إبراهام لينكولن عن طريق كشف الغموض في 18 ورقة مفقودة من المفكرة اليومية لجون ويلكس بوث قاتل لينكولن.
وتراجع من المركز الأول إلى المركز الثاني فيلم الحركة I Am Legend بترجمته العربية تحت عنوان “فيروس نيويورك” بايرادات 34.2 مليون دولار، وتدور قصة الفيلم الذي يقوم ببطولته ويل سميث حول عالم بارع، ولكنه يعجز عن احتواء فيروس خطير يجتاح نيويورك.
كما تراجع أيضا من المركز الثاني إلى الثالث الفيلم الكوميدي “فرقة السناجب” بإيرادات 29 مليونا، والفيلم مأخوذ من مسلسل رسوم متحركة أنتج خلال الثمانينات من القرن المنصرم، ويدور حول بعض المواقف الطريفة لمجموعة موسيقية من السناجب.
وجاء في المركز الرابع الفيلم الدرامي الجديد “حرب تشارلي ويلسن” مسجلا 9.6 مليون دولار، وتدور قصة الفيلم حول معاملات عضو الكونجرس تشارلي ويلسن السرية في أفغانستان التي تهدف لمساعدة المتمردين في حربهم ضد السوفيت، ويقوم ببطولته توم هانكس وامي آدامز وجوليا روبرتس.
واحتل المركز الخامس فيلم الجريمة والرعب الجديد “حلاق لندن” مسجلا 9.35 مليون دولار، وتدور قصة الفيلم حول عودة سويني تود المعروف باسم بنيامين باركر إلى لندن التي طرد منها بقرار من القاضي توربين، وبعد استقراره فيها يفتح باركر محل حلاقة ويبدأ في محاولاته للتخلص من كل الذين ظلموه، والفيلم بطولة جوني ديب.
النقاد السينمائيون الهولنديون يختارون “حياة الآخرين” كأفضل فيلم لعام 2007
في تقليد تتبعة جمعية النقاد السينمائيين الهولنديين، باختيار ثلاثة أفلام كأفضل أفلام للعام كله، أعلنت الجمعية عن أفلامها الثلاثة لعام 2007، باختيارها للفيلم الألماني “حياة الآخرين” الذي أنتج بميزانية لا تتعدى المليوني دولار كأفضل فيلم لعام 2007، ، والفيلم حقق الكثير من النجاحات في المهرجانات السينمائية التي عرض فيها منها حصوله على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 2007، وحصوله على جائزة أفضل أوربي لهذا العام.
وقصة الفيلم التي تجري في ألمانيا الشرقية تكشف القمع الفكري الذي كان يتعرض له المثقفين الألمان في ظل الحكم الشيوعي، من خلال حكاية رجل أمن ألماني يتولى مراقبة أحد المثقفين الألمان المناهضين للحكم الشيوعي، ويتأثر كثيرا بأفكار المثقف ويجد من الصعوبة الوشاية به، وهو الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى إنقاذ حياة المثقف.
كما اختارت جمعية النقاد الهولنديين الفيلم البريطاني الكلاسيكي “التعويض”، الذي يروي قصة تجري أحداثها قبل الحرب العالمية الثانية عن قصة حب بين فتاة ثرية وابن الطباخة في القصر الذي تعيش فيه، وقصة الحب هذه تنتهي نهاية غريبة عندما تعتقد أخت الفتاة أن الشاب مهووس جنسيا وتتصل بالشرطة التي تلقي القبض عليه، ثم يطلق سراح الشاب ويلتحق بالحرب العالمية الثانية ويحاول إعادة ما انقطع في علاقته.
أما الفيلم الثالث الذي اختارته الجمعية، فكان الفيلم الروماني الذي فاز بسعفة مهرجان كان الذهبية “4 أشهر 3 أسابيع يومان”، الذي يقدم قصة شديدة القوة عن صديقتان في رومانيا الشيوعية، يحاولان التخلص من حمل إحداهما في ظروف صعبة للغاية.
توقف شخصية بورات
أعلن الممثل الكوميدي البريطاني ساشا بورن كوهين، أنه لن يمثل في المستقبل شخصية المراسل التلفزيوني من كازاخستان (بورات)، وهي الشخصية التي قدمها في برنامجه التلفزيوني البريطاني الشهير، وأثارت الكثير من النقد بين وسائل الإعلام الكازاخستانية لما تظهره من الطبيعة البدائية للمجتمع الكازاخستاني.
وفيلم “بورات” الذي يروي رحلة تلك الشخصية إلى أميركا، أثار أيضا الكثير من النقد في أمريكا، مجددا لما يظهره من طبيعة الأميركين وطبيعة الحياة في أمريكا، كما أثيرت كثير من الدعاوى القضائية على الفيلم من ناس شاركت في الفيلم دون علمها،
كما أعلن الممثل البريطاني أيضا أنه لن يؤدي مرة أخرى شخصية “علي جي” وهي إحدى الشخصيات الشهيرة التي اشتهر بها برنامجه التلفزيوني وقدمها في فيلم أيضا، دون أن يحصل الفيلم نفس النجاح التجاري الذي حققه فيلمه “بورات”.
راشيل في عيد العشاق
تقوم الممثلة راشيل بيلسون بتصوير مشاهدها الأخيرة مع المخرج دوج ليمان في فيلم الخيال العلمي “جونبير” الذي تقرر أن يبدأ عرضه الأول في صالات السينما الأميركية يوم 14 فبراير/ شباط المقبل من عام 2008 أي في عيد العشاق، حيث تقوم بدور امرأة في الخامسة والعشرين من عمرها.
وتدور أحداث الفيلم التي تقوم ببطولته راشيل إلى جانب الممثل صمويل جاكسون، حول شابٍ صغير ينتمي لأسرةٍ مفككة، يكتشف أن لديه القدرة على الانتقال من مكانٍ لآخر في لمح البصر، وخلال سعيه إلى الكشف عن الرجل الذي يعتقد أنه مسؤول عن وفاة أمه، ويلفت هذا الشاب انتباه “وكالة الأمن القومي” وشاب صغير آخر لديه القدرات ذاتها.
هي فوضى يتفوق على أفلام شاهين السابقة في الإيرادات
حقق فيلم “هي فوضى” ليوسف شاهين وخالد يوسف إيرادات تقترب من 10 ملايين جنيه (مليونا دولار تقريبا) وذلك للمرة الأولى في تاريخ أفلام شاهين الذي يقدره الشارع المصري، إلا أنه لا يتفاعل مع أفلامه، كما أثار الفيلم الذي يتعرض للفساد المستشري في أجهزة الدولة العديد من الحوارات في المجتمع المصري بين مؤيد له في أوساط المثقفين ومن يوجه الاتهام إلى صانعي الفيلم بإثارة البلبلة الاجتماعية. ويصور الفيلم أمين شرطة (ضابط صف) والدور الفاسد والقمعي الذي يقوم به في الفيلم، والذي أداه باقتدار الفنان خالد صالح أحد أكثر الوجوه الواعدة في السينما المصرية الآن.
ويقول الناقد طارق الشناوي إن الفيلم “لا يمت إلى عالم شاهين بصلة من حيث ثراء السينما في كادرات المشاهد ومن حيث الصورة والمؤثرات الصوتية والإضاءة”، ويشير إلى “ظهور أسلوب خالد يوسف في الفيلم كرؤية إخراجية تستند بشكل صريح إلى بطولة الحوار، الذي قد يصل أحيانا إلى درجة الفظاظة من حيث القول والمشاعر والأحاسيس التي يقوم بتقديمها طوال عرض الفيلم”، في حين رأى الكاتب عزت القمحاوي أن “الفيلم يبدو مركبا من فيلمين ويختلف نصفه الأول عن الثاني في ذكاء اللقطة ورهافتها وفي الإيقاع والبناء الدرامي والجمالي للمشاهد المتعاقبة”.
(موقع “العربية”)