صرنا لانسمع عن نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام إلا ما تتناقله بعض وسائل الاعلام، بين فترة وأخرى من اخبار عن مؤتمرات يعقدها في بريطانيا أو بلجيكا أو المانيا، ويبدو ان ما أبقاه قيد التداول ومنعه من ان يصبح عرضة للنسيان الكلي، ويرفع من معنوياته في نفس الوقت،هو المواظبة على هذه الطقوس والخلوات التي يمارسها مع بعض حلفائه، مثل بقايا “تنظيم الاخوان المسلمين” الذين سبقوه بسنوات طويلة الى المنفى، ودفعوا ثمن مواقفهم غاليا بينما كان “أبو جمال” شاهرا نحوهم سيف النظام، يعتبرهم خونة للوطن، ويدعو الى مطاردتهم وتصفيتهم.
تكررت مؤتمرات خدام، وباتت شبه دورية منذ اسس تحالفه مع زعيم “الاخوان المسلمين” علي صدر الدين البيانوني، الذي أطلقوا عليه اسم “جبهة الخلاص الوطني”. يلتقي الجمع في أحد الفنادق الفاخرة ضمن دائرة شبه مغلقة، تكاد تتحول من شدة الانقطاع عن الآخرين الى محفل سري،يحيط به الغموض من جميع جوانبه. ويبدو للبعيد عن هذا العالم انه يذهب اكثر فأكثر في اتجاه الافتراضية، حتى ان الانتساب للجبهة المذكورة صار مطروحا عبر الانترنت، وربما كان السبب المباشر لذلك هو أن أركانها الأساسية مكونة من قيادات تفوق تعداد جماهيرها، وهذه القيادات عادة ما تكون منصرفة لمواجهة التحديات الكبرى، وليس لديها الوقت الكافي للتفرغ لاعمال تنظيمية وادارية، او ما شابه ذلك.
ينعقد اللقاء وينفض من دون أن يصدر عنه شيء جديد، لا على صعيد القول ولا الفعل، ليس هناك سوى الانشاء الذي بات باهتاً من كثرة ما لاكته البيانات والمؤتمرات. ولكن الطريف في الأمر هو أن كل اجتماع ينتهي بتوزيع للمهام القيادية وببيان يدعو الشعب للعصيان المدني، وكأن الشعب السوري لا يعرف ماذا يريد؟ وهو ينتظر التعليمات من خدام !وللأمانه فإنه منذ شباط/فبراير سنة 2006 تاريخ إعلان التحالف بين خدام و”الأخوان المسلمين”، لم يسجل لهذا الكيان السياسي أي دور أو فعل على صعيد تحريك الوضع السوري، لا في الخارج ولا في الداخل، ولم تصدر عنه مبادرة سياسية واحدة يمكن الوقوف عليها، وليس سراً أن الرهان الاساسي كان على مفاجأة يضمرها “ابوجمال”، الذي كلما مر عليه الزمن استغرق اكثر في حالة الباطنية والسرية، ورغم أن الزمن يتجاوزه بسرعة شديدة، فإنه يصر في بداية كل عام على ان النظام السوري راحل قريبا وعودته الى دمشق باتت وشيكة، وهو يعد نفسه والمقربين منه بإمضاء الصيف القادم في دمشق، وأعتقد ان البعض صدق هذه الخرافة، وصار ينطبق عليه المثل العربي الشهير “في الصيف ضيعت العنب”.
إن مبرر الحديث اليوم عن ظاهرة خدام له عدة أسباب، يظل أهمها الطنطنة الإعلامية من حول مؤتمره الأخير، الذي عقده في برلين، وتناولته أغلبية وسائل الإعلام بوصفه مؤتمر المعارضة السورية في الخارج، لكن في الحقيقة ان هذا اللقاء لايعبر عن المعارضة السورية في الخارج، وان كان ذلك لا يسقط عنه صفة معارضة النظام. لخدام وحلفائه كامل الحرية في معارضة النظام، ولكن ادعاءهم تمثيل المعارضة أمر غير سليم، فالكل يعرف المعارضة في الخارج، ونشاطاتها ومواقفها منذ اكثر من ثلاثة عقود تشهد لها.
إن علاقة خدام بالمعارضة تستدعي الحديث عن الدورالذي كان يمكن ان يلعبه بعد إعلان انشقاقه، وهو الأمر الذي انتظرته المعارضة، وبعض الاطراف الخارجية المعنية بالتغيير في سوريا. وقد تلخص موقف المعارضة المتمثلة في “إعلان دمشق”، في الفصل بين رجل النظام السابق، وبين المنشق عنه.وفي الجانب الأول طلبت منه المعارضة ان يعتذر عن ماضيه السلطوي حتى تتحاور معه. اما في الجانب الثاني فإنها رحبت بخروجه عن النظام، وانتظرت منه ان يترجم هذه الخطوة بسحب جزء من النظام خلفه، بعد تصريحاته حول عزمه على تفكيك النظام، ولكن لم يطل الوقت حتى تبين انه جاء ليلعب على أرض المعارضة، فبدلاً من ان يضيف لرصيدها، سحب طرفا منها الى جانبه، أي “الأخوان المسلمين”، الذين كانوا قد انضموا لاحقاً ل “اعلان دمشق”.
أما بصدد نظرة الخارج الى خدام وهو قد انشق على نظامه، فقد تابع المعنيون باهتمام تصريحاته ومواقفه خلال شهرين من الزمن، وكانت القناعة التي تولدت هي ان خدام ليس في وارد كشف الأوراق الحساسة للنظام، والتي يمكن ان تعرضه لهزة كبيرة، وذلك لأنه شريك في كل شيء، وادعاؤه بأنه كان متفرغا للسياسة الخارجية تفضحه تصرفاته الرهيبة في لبنان، وموقفه في هذا الصدد لم يتغير إلا حين تم سحب هذا الملف من يده، واصبحت له مصالح مباشرة مع بعض الاطراف اللبنانية. وبالتالي إن سقفه محدود جدا، وليس بوسعه ان يذهب بعيدا، وهذا الأمر هو الذي يفسر انسداد الأبواب الاقليمية والدولية امامه.
bacha@noos.fr
* كاتب سوري- باريس
خدام والمعارضة السورية مقابلة بشير البكر مع عبد الحليم خدّام الزائر الى النائب السابق للرئيس السوري عبد الحليم خدام انه أمام رجل سبعيني امضى منها قرابة نصف قرن في الحكم،بل يجد الرجل بعد ادلائه بسلسلة من المقابلات والاحاديث الصحافية،وتحوله الى حدث اعلامي،مايزال يتدفق حيوية تسعفه ذاكرة وقادة لاتخطئ الاحداث والتواريخ وحتى الاشخاص . ظننت للوهلة الاولى حين توجهت اليه لاجراء هذا الحديث انه افرغ جعبته ولم يبق لديه مايقول،لكن تجربته في السلطة السورية واشرافه لزمن طويل على الملف اللبناني،على قدر كبير من الغنى.وقد اضطررنا الى حصر الحوار في العناوين الرئيسية، التي دفعت هذا السياسي المخضرم للانشقاق عن الحكم في بلاده… قراءة المزيد ..
خدام والمعارضة السورية لنكن واقعيين ان 40 عاما من حكم البعث في سوريا تعني ثلاث اجيال تربت على مباديء البعث ومن اهم المباديء …. الغايه تبرر الوسيله ….. لذا لااظن ان الوضع في سوريا سيتحرك قيد انمله لسنين طويله حتى انتهاء هذه الاجيال ……. ان النغمة الاساسيه التي يلعب عليها الاخوان المتاسلمين هي اعادة الخلافه الاسلاميه والقوانين الاسلاميه مما لايجعل لهم قاعدة شعبيه في سوريا ذات التركيبه السكانيه المتنوعه ….. الى الان لم نسمع عن معارضه مقنعه تجعلنا نعتقد بان الوضع سيتغير …….. ولنكن صريحين ايضا مالذي يهم المواطن السوري من الديمقراطيه والتعدديه ووووو اذا كان بالكاد يحصل على لقمة… قراءة المزيد ..