(الخبر التالي منقول من جريدة “الحياة”. والكتاب مترجم عن الإنكليزية مع أن المؤلّفين فلسطينيين. وقد نقلنا على صفحة “الشفاف” الإنكليزية تقديم القصص الخمس التي تدور حول “اليقظة الجنسية والمغازلة”. ويبدو من التقديم أن الشعب الفلسطيني “يتعاطى الجنس” مثل كل شعوب الأرض! والتساءل الذي يثيره قرار “حماس” هو: متى ستمنع “حماس” تدريس قصائد محمود درويش في المدراس الفلسطينية؟)
*
رام الله – محمد يونس
أثارت حكومة «حماس» أمس زوبعة كبيرة في المجتمع الفلسطيني، عندما كُشف النقاب لإقدام وزارة التربية والتعليم العالي فيها على مصادرة واحد من أهم كتب التراث الفلسطيني من المدارس الحكومية.
وجاءت الزوبعة بعدما كشف صحيفة «الأيام» اليومية وثيقة صادرة عن مديرية التربية والتعليم في محافظة نابلس تُظهر قرارا لوزير التربية والتعليم العالي الدكتور ناصر الشاعر يُطالب فيها مديري التربية في المحافظات بجمع وإتلاف كتاب «قول يا طير» للمؤلف الدكتور شريف كناعنة والذي يضم 45 حكاية من التراث الشعبي. وقال الوزير لـ «الحياة» ان «القرار اتخذته لجنة فنية بعد ان رأت انه مليء بالتعابير الجنسية. ومن الصعب علينا ابقاء كتاب من هذا النوع بين ايدي الطلاب لكنه موجود في السوق ويمكن للمهتمين ان يقرأوه».
وكشف مسؤول في الوزارة لـ «الحياة» ان قرار سحب الكتاب جاء من وكيل وزارة التربية والتعليم في غزة، حيث القيادة المركزية لحركة «حماس». وبررت الوزارة قرارها هذا بوجود «تعبيرات تخدش الحياء» في هذا الكتاب. ونص القرار الموجه لمديرات ومديري المدارس الحكومية على تشكيل لجنة لإتلاف الكتاب في كل مدرسة تتألف من مدير المدرسة ومدير المكتبة ومعلم.
وتحدث موظف كبير في الوزارة عن اتلاف 1500 نسخة من الكتاب، مبرراً القرار بوجود «تعبيرات جنسية» في بعض القصص لا يحبذ وصولها الى أيدي الطلبة. وعن سبب الاتلاف بدل الجمع، قال هذا المسؤول: «لم يكن هناك من آلية أخرى غير الاتلاف، فاذا ما جمعنا الكتاب فإننا سنحتفظ به في المكتبات المدرسية وسيصل الى أيدي الطلاب من جديد». وذكر ان لجنة تربوية مختصة أوصت بسحب الكتاب وإتلافه بعد وصول شكاوى من مديري ومعلمي المدارس، خصوصاً في قطاع غزة.
وكان كتاب شريف كناعنة ادخل الى المدارس الحكومية بتمويل من وزارة الثقافة التي تسعى الى إغناء المكتبة المدرسية وتطويرها. وعبّر الكاتب، وهو اكاديمي وباحث بارز في جامعة بيرزيت، اهم جامعات الاراضي الفلسطينية، عن حزنه الشديد على قرار سحب الكتاب وإتلافه. وقال انه عمل بجد لسنوات طويلة على جمع الحكايات الشعبية وتوثيقها في هذا الكتاب.
وأثار القرار استياء عاما في مختلف اوساط المثقفين في فلسطين. وقال الشاعر غسان زقطان لـ «الحياة»: «بدأ المثقفون يعدون لتحركات احتجاجية على هذا القرار». واضاف: «سيكون عنوان التحرك المطالبة بوزير مستقل للتعليم، فلا يجوز ان نسمح ان يتم تعليم ابنائنا وفق اجندات حزبية».
وقال الكاتب والشاعر زكريا محمد ان اتصالات بين المثقفين بدأت لتحديد معالم التحرك المقبل لإلغاء هذا القرار. واضاف ان «حكومة حماس لم تأت بأي شيء للشعب الفلسطيني سوى المنع، كانت البداية مع وزير الثقافة الذي منع الأفلام في قطاع غزة ثم جاء وزير التربية والتعليم ليمنع كتابا تراثيا من أهم كتب التراث في الوطن العربي».
ويعد المثقفون في رام الله لمسيرات واعتصامات في الايام المقبلة احتجاجا على قرار سحب الكتاب وإتلافه. وقال زكريا محمد: «اذا لم نتصد لهذا القرار فإن الحظر سيتواصل ليشمل كل الاشياء القيِّمة في حياتنا». واضاف: «الاسلاميون يسعون لالغاء التراث بما يضم من حكايات واغان وملابس ورقصات واستبدال نمط يسمونه النمط الاسلامي به». ووصف الخطوة بأنها «سياسية»، إذ «تريد (حماس) ان تجعل المجتمع يسير وفق ايديولوجيتها وهذا ما لن نقبله».
(الحياة)