أحد أهم دروس “الربيع العربي” هو أن القيادات العسكرية لم تعد “فوق المساءلة”! وقد سقطت قيادات المجلس العسكري في مصر، قبل أيام، بدون مقاومة! وتسير “الثورة” في سوريا إلى الإنتصار على “الجيش النظامي”. وقبل ذلك، انتصر ثوار ليبيا على كتائب القذافي، وانتصر شعب اليمن على “الحرس الجمهوري”! أي أن بلدان العربي تتّجه للإلتحاق بالنظام اللبناني الذي كان فيه دور الجيش محدوداً و”صامتاً”، و”خاضعاً للسلطة المدنية”، حتى حلول “الزمن الأسدي الرديء”!
ليس النائب المرعبي وحده من ينتقد الجيش وقائده. بل إن أكثر من نصف الشعب اللبناني يأخذ على الجيش تخاذله في ٧ أيار ٢٠٠٨ (بعد انتصاره، والشعب كله كان وراءه، على عصابة “فتح الإسلام” الأسدية، رغم تهديدات السيد حسن نصرالله بأن “نهر البارد خط أحمر”..!) كما اعترف قائده السابق العماد ميشال سليمان في رسالة شهيرة وجّهها إلى ضبّاطه ! ويأخذ على الجيش قبوله بإعطاء حزب الله “حق الفيتو” على المرشحين لقيادة الجيش! ويأخذ على قادة الجيش سعيهم للوصول إلى رئاسة الجمهورية!
قيادة الجيش ليست وحدها مسؤولة عن وجود “جيشين” في البلد! هذا صحيح. ولكن محاولة رفع حصانة نائب لأنه طرح مسائل تدخل في صلب النظام الجمهوري، أي محاولة إرهاب “نائب عن الأمة” ليست مقبولة على الإطلاق!
لا داخل البرلمان، ولا خارجه!
الشفاف
*
المركزية – تسلمت الامانة العامة لمجلس النواب اليوم كتابا من وزير العدل شكيب قرطباوي يطلب فيه رفع الحصانة عن النائب معين المرعبي لملاحقته قضائيا على خلفية تعرضه للجيش اللبناني.
وجاء الطلب مرفقا بمذكرة من النائب العام لدى محكمة التمييز تضمن نوع الجرم وزمانه ومكان ارتكابه، وعلى خلاصة من الادلة التي تستلزم اجراءات عاجلة. وذلك عملا بأحكام المادة 91 من النظام الداخلي للمجلس.
يشار الى ان الخطوة الثانية بعد تسجيل الطلب ستكون بدعوة رئيس مجلس النواب هيئة مكتب المجلس النيابي ولجنة الادارة والعدل الى جلسة مشتركة لدرس الطلب، ومن ثم تقديم تقريرها في مهلة اقصاها اسبوعان عملا بأحكام المادة 92 من النظام الداخلي.
واذا لم تقدم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعينة، وجب على رئاسة المجلس اعطاء علم في ذلك للمجلس في اول جلسة يعقدها، وللمجلس ان يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة اضافية يراها كافية او وضع يده على الطلب والبت به مباشرة.
وعندما يباشر المجلس البحث في طلب رفع الحصانة يجب استمرار المناقشة لبت الموضوع نهائيا عملا بأحكام المادة 94 من النظام الداخلي.
اما قرار رفع الحصانة فيتخذ بالاكثرية النسبية وفقا للمادة 34 من الدستور التي تنص على انه لا يكون اجتماع المجلس قانونيا ما لم تحضره الاكثرية من الاعضاء الذين يؤلفونه وتتخذ القرارات بغالبية الاصوات واذا تعادلت الاصوات سقط المشروع المطروح للمناقشة “وبذلك يرفض طلب رفع الحصانة” وللهيئة المشتركة المؤلفة من هيئة مكتب المجلس ولجنة الادارة والعدل، عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة تقدير جدية الملاحقة والتأكد من ان الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية ولا يستهدف حرمان النائب من ممارسة عمله النيابي، عملا بأحكام المادة 98 من النظام الداخلي،
وعليه توقعت مصادر نيابية ان يوجه الرئيس بري الدعوة الى هيئة المكتب ولجنة الادارة والعدل الى الاجتماع الاسبوع المقبل على ابعد تقدير.
قرطباوي: ووزع في قصر العدل ان الوزير النقيب قرطباوي احال الى رئيس مجلس النواب طلب النيابة العامة التمييزية رفع الحصانة عن النائب معين المرعبي مرفقا بالمستندات استنادا الى شكوى قيادة الجيش التي تقدمت بها ضد المرعبي امام النيابة المذكورة.
المرعبي: من جهته اكد معين المرعبي ان “لا قيادة الجيش ولا أي كان يستطيع منعنا من قول الحق، فيحق لنا التكلم كل ما يجب للحفاظ على حياة المواطنين”، لافتاً إلى انهم “يتخاذلون عن القيام بواجباتهم بحماية الناس والسيادة الوطنية”، مشدداً على انه “لا يتكلم عن المؤسسة العسكرية إنما عن القيادة والمسؤول عنها”، قائلاً: “دمنا بنقّط جيش”.
وفي حديث تلفزيوني، إعتبر المرعبي ان “قيادة الجيش والحكومة يجب محاسبتهما”، مؤكداً انه “حاضر للمحاسبة”، متمنياً ان “تتم هذه المحاسبة من أكبر الهرم إلى أصغره”.
حمادة: النائب مروان حمادة استغرب الموضوع وقال: ان مبادرة وزير العدل غير دستورية اصلا. كان من المفترض به، كرجل قانون، ان يعلم ذلك. فالمادة 39 من الدستور لا تتحمل التأويل في منع ملاحقة النائب، اذ تنص على انه “لا تجوز إقامة دعوى جزائية على أي عضو من أعضاء المجلس بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدة نيابته”.
لذلك، بصفتي عضوا في هيئة مكتب المجلس، اتمنى على الرئيس نبيه بري ان يرد الطلب شكلا، كي لا نضطر في هيئة مكتب المجلس وفي لجنة الادارة والعدل، الى ان نرده اصلا وبأكثرية ساحقة.
وليلاحق وزير العدل المجرمين العابثين بأمن البلد والخاطفين على اشكالهم، قبل ان يتلهى بمعاقبة ممثلي الشعب على آرائهم.
العدالة في لبنان إن حكت:إذا ما قُدّر لإنسانٍ غير ملمٍّ بما يجري في لبنان، أن يطلع على الادّعاء المرفوع ضدّ النائب المرعبي، لربّما خُيّل إليه للوهلة الأولى، أنّ الديمقراطيّة والقانون بأحسن أحوالهما في هذا البلد المسحوق: نعم سيرى هذا الإنسان أنّه يمكن حتّى تجريد نوّاب الأمة من حصانتهم، وإحالتهم على المحاكمة عندما يُخطئون!! يا حبّذا لو كانت الأمور كذلك!! واحسرتاه، في لبناننا المستباح، قد اعتاد المواطنون المساكين أن يروا بأعينهم، كيف بالزور والبهتان يُصيّرون المواطن الصادق فتّاناً طائفيّاً مجرماً، وكيف بالوقاحة والكذب المفضوح، يصيّرون المواطن المجرم صِدّيقاً صالحاً وطنياً. ترى هل أذنب معين المرعبي بحقّ الدولة ومؤسّساتها… قراءة المزيد ..