إذا كانت جريدة الشروق هي الأولى انتشارا في تونس حسب ما تعلنونه يوميا في الصفحة الأولى فإن الالتزام بالجدية والامتناع عن الكذب والابتعاد عن لغة الشتم والكراهية يصبح من أوكد ضرورات عملكم، لأنه بعكس ذلك تصير الجريدة، بانتشارها الواسع، قطارا واسعا ناقلا وموزعا للجهل واللاوعي أو للكذب والكراهية وهذا ما لا يريده لها أي مواطن تونسي يحب الكرامة لنفسه ولوطنه.
ما دفعني إلى الكتابة لجريدتكم هو قراءتي لمقال بتاريخ 16-8-2007 بعنوان “”اليزيدية” من أصغر الأقليات في العراق…وتقدس الشيطان”
قبل تعليقي على مقالكم سأبدأ بعرض مقتطفات من الموسوعة “ويكيبيديا” حول الطائفة “اليزيدية”:
“اليزيديين أو الإيزيديين (بالكردية: Êzidî) هم أتباع طائفة دينية في الشرق الأوسط ذات أصول قديمة.ويعيش أغلبهم قرب الموصل و سنجار و سهل نينوى في العراق. وتعيش مجموعات أصغر في سوريا ، تركيا ، إيران ، جورجيا وأرمينيا. يعود انتمائهم القومي إلى القومية الكردية و ذلك بسبب العادات المشتركة بينهم و بين الأكراد المسلمين حالياً فأغلب الأدعية و النداءات التي يطلقها الأكراد المسلمين مستنجدين بالله تكون ايزيدية بحتة و حتى العادات ، فيوم الأربعاء مكروه فيه السفر عند كافة الأكراد ، هذا ان دل فأنه يدل بأن الأكراد المسلمين حالياً كانوا ايزيديي الديانة و لكن تحولوا إلى الأسلام بعد الفتوحات. وهناك ادعاءات بارتباط أسمهم بيزيد بن معاوية من قبل بعض الباحثين الذين فاتهم أن تاريخ الأيزيدية سبق ولادة وموت يزيد الأموي بأكثر من ألف سنة .
…
لايخفي ان جميع الذين كتبوا عن الايزيدية تعرضوا إلى معرفة اصل تسمية الايزيدية وأختلفوا في ذلك لأسباب ذاتية وموضوعية ، فمنهم من نسبهم إلى يزيد بن معاوية ومنهم من نسبهم إلى يزيد بن انيسة الخارجي ومنهم من دعى ان تسميتهم أتت من يزد ويزدان ….الخ . ويلاحظ كل من بحث ذلك اعتمد على معالجتها من الخارج ، وكي نعرف حقيقة التسمية علينا الاعتماد على الداخل ، أي العلوم الدينية الايزيدية ، لذا اقول انك لو سألت اي ايزيدي ماهي ديانتك ؟ سيرد عليك اني ئيزيدي ، وعلى اثر التعريب اصبحت الكلمة هذه يزيدي .
ان تسمية الايزيدية واضحة وصريحة في الاقوال الدينية كما هو في القول الاتي باللغة الكوردية : ئيَزي يىَ من ثةدشايا هزار وئيَك ناظ ل خو داناية ناظىَ مةزةن خوداية ومعنى هذا القول ( الهي الجليل تسمى بألف اسم واسم والاسم الكبير هو الخالق ) وفي قول اخر ( دينىَ من ئةوة يىَ ئةزدايم ) بمعنى ديانتي هو من خلقني ، واذا سألته من خلقه ؟ يرد عليك ( وى خودا ) اي هو خلق نفسه ، وكلمة خودا باللغة الكوردية تتألف من مقطعين هما ( خو و دا ) خو تعني النفس ، الذات ودا تعني منح ، اعطى ، خلق ، هنا الكلمة تعني خلق نفسه أي الخالق ، لذا فمعنى الايزيدية ( الذين يدينون – يتبعون الله ) ومما يؤيد هذا ان نابو الاثاري والمؤرخ الالماني كان خبيرا بالاثار واللغات القديمة السومرية والبابلية والاشورية ، اكتشف مؤخرا ان كلمة ايزيدي مكتوب بالخط المسماري منذ العهد السومري ، وهي تتكون من ثلاث مقاطع ( ئى زي دي ) والتي تعني الذين يسيرون على الطريق الصحيح ، او الروح الخيرة والغير ملوثة او الخيرين ، لذا يمكننا القول ان تسمية الايزيدية قد أتت من هذا الاشتقاق منذ الالف الثالث قبل الميلاد وهذا يدل دلالة واضحة ان الايزيدية من الديانات القديمة جدا في منطقة الحضارات العظمى في الشرق.
من هنا اهتدى الايزيدية إلى وحدانية الله منذ ظهور الوحدانية على يد ابراهيم الخليل ( ع ) في الفترة 1861 –168 ق م اذا امنت الايزيدية بوحدانية الله وحافظت على تعاليمها الدينية نقلا جيلا بعد جيل إلى يومنا هذا
…
اثارت ملاحظة للنائب الكردي الايزيدي حيدر قاسم ششو في الجمعية الوطنية العراقية، يوم الاربعاء العاشر من اغسطس 2005، توجه بها إلى رئيس الوزراء ابراهيم الاشيقر (الجعفري)، طالباً منه مراعاة مشاعر الايزيديين بعدم التعوذ من الشيطان الرجيم في كلمته أمام الجمعية، انتقاه بعض الأوساط ووكالات الأنباء، التي ذهب بعضها لتعريف الديانة الايزيدية (اليزيدية) باعتبارها ديانة تقول بعبادة الشيطان، وان الايزيديين هم عبدة الشيطان!
ومن المعروف عن اليزيدين أنهم يكرهون اللعن، ولا يحبذون جمع حرفي الشين والطاء، ويتجنبون ذكر الشيطان، ويحرمون البصاق على الأرض علناً، وإذا رسمت على الرمل حلقة حول يزيدي لا يستطيع كسرها.”
يبدو إذا أن قولكم في مقالكم سابق الذكر : ” وتعود جذور هذه الطائفة إلى القرن الثاني عشر ومؤسسها هو عدي بن مصطفى الأموي الذي ولد في دمشق عام 1162 وتوفي في لالش التي تبعد حوالي 10 كلم عن شيشخان…” بعيد عن الجدية المطلوبة.
بل إن عنوان مقالكم كاف وحده للإيحاء بنوع من العداء أو الكراهية لهاته الطائفة من طوائف الشعب العراقي: “”اليزيدية” من أصغر الأقليات في العراق…وتقدس الشيطان”.
فصاحب هذا العنوان لا يوحي بصغر حجم الطائفة إلا سعيا منه لطمس عظمة ما تحمله من الإرث التاريخي للشعب العراقي وللإنسانية قاطبة… ذلك الإرث الذي يمثل مرجعا ووثيقة نادرة للتعرف على تاريخ شعوب المنطقة قبل آلاف السنين وتاريخ ثقافاتها وأديانها قبل ظهور الديانات الساميّة الثلاث.
ثم إن نفس العنوان لمقالكم المذكور يسعى إلى تكفير الطائفة بعبارة “تُقدّس الشيطان” . والتكفير كما هو معروف ليس له من غاية سوى نشر الكراهية ضد الآخر وضد من يختلف تفكيرا أو اعتقادا والسّعي إلى الإساءة له والاعتداء عليه.
هذا السلوك التحقيري والتكفيري للطائفة يصدر عادة عن الأصوليين والإرهابيين، أما أن يصدر عن جريدة واسعة الانتشار في تونس فهذا أمر غريب حقا وخطير.
والأكثر غرابة أن تنشروا مثل هذا المقال بمناسبة الاعتداء الإرهابي على الأهالي الآمنين من أبناء الطائفة وسط مساكنهم ومضاجعهم. هكذا.. بمناسبة قضاء 1000 نفس بشرية بريئة، لا ذنب لها سوى أنها مارست البعض من حرية المعتقد أو أنها حافظت على تراث الأجداد الذي هو تراث كل البشر، تنشر جريدتكم الاحتقار والتكفير للضحايا وأهلهم!
مهما كانت نواياكم فأنتم مسؤولون على انتشار الفكر الطائفي المعادي لحقوق الأقليات وفكر الحركات الإرهابية في وطننا الحبيب .
chzjhmi@yahoo.fr
تونس
زهير الشرفي 17-8-2007
حق اليزيدية من حقوق الإنسان: رد على جريدة “الشروق” التونسية
أردت أن تدافع عن هذه الطائفة
فأدنتها !!!!!!!