من يتابع يوميات حزب الله اللبناني لا بد أن يخطر بباله تاريخ الفرق والطوائف الدينية التي اشتهرت في العالم الإسلامي منذ الخوارج حتى عصرنا الحاضر، والتي حادت عن الدولة الإسلامية وأضعفتها وأدت إلى انهيارها وضياع القيم والمبادئ الدينية والإجتماعية في المجتمع العربي والإسلامي.
و بما أن التاريخ يعيد نفسه كما قال “كارل ماركس”، حيث تتغير الشخصيات و الأسماء وتبقى الوقائع والأحداث محتفظة بالمضامين والأهداف ذاتها لا بد من وقفة تأمل طويلة عند الشبه الكبير الذي يجمع ما بين فرقة “الحشّاشين” الإسماعيلية وحزب الله الشيعي.
بالعودة إلى بدايات القرن الثاني عشر الميلادي، حين ظهرت فرقة “الحشّاشين”، التي أسسها الحسن بن الصباح بن علي الشيعي الإسماعيلي، كمنظمة إرهابية اعتمدت على مبدأ الإغتيال السياسي من أجل الوصول إلى السلطة، اعتمد حزب الله الشيعي في بداية نشأته على المبدأ ذاته، حيث قام في أواسط الثمانينات بتصفية كوادر و شخصيات القوى الوطنية اللبنانية، خاصة تلك التي كانت تقود المعارك والعمليات العسكرية في الجنوب ضد الإحتلال الإسرائيلي. إغتال من إغتال منها وهجّر من هجّر، وتسنى له إحكام قبضته على مناطق الجنوب و التفرد بالمقاومة، ليحتكر لاحقاً، أي في العام 2000، شرف تحرير الجنوب من رجس الإحتلال. هذه الخطوة كانت بداية تسلّقه لسلم السلطة. ففي حين كانت ثقافة الإغتيال والإنتحار، عند “الحشّاشين”، الطريقة التي استعانوا بها لإقامة الدولة الإسماعيلية، نجد أن ثقافة العسكرة والإغتيال ذاتها هي الأداة التي أرعب حزب الله من خلالها المجتمع اللبناني وسيطر عليه.
كان الحسن بن الصباح، مؤسس فرقة “الحشّاشين”، داهية عصره. وكان لقبه “السيد” أو “شيخ الجبل”. عاش متواريا في قلعته، كما يعيش السيد حسن نصر الله أو “سيد المقاومة” متواريا في مخبئه! وكلاهما طوّع النصوص الدينية واستخدم الآيات القرآنية لإضفاء القداسة على أعماله وأهدافه! الأول كان يحتمي بنَسَبِه لآل بيت رسول الله كي يضمن طاعة أتباعه وشرعية دعوته، والآخر اعتمد أيضا على نسبه ورتبته الدينية ليسيطر على عقول و عواطف جمهوره.
أنشأ “الحشّاشون” قلاعا محصنة لتعليم الشباب أصول المذهب الإسماعيلي وتدريبهم على فنون القتال والمعارك، وأساليب التخفي والتورية. أشهرها قلعة “آلموت” في بلاد الري في إيران، وأنشأ حزب الله في لبنان مراكز عسكرية يتدرب فيها الشباب على الأمور ذاتها، إضافة إلى “المربعات الأمنية”، التي يسكن فيها قادته.
قلعة “آلموت” كانت مزودة بجنة دنيوية فيها كل ما لذ وطاب من النساء والأطعمة والشراب. ومجتمع حزب الله الخاص يملك أماكن خاصة للهو على الطريقة الإسلامية: “عقود الزواج المؤقت”، نجومها مجاهدو المقاومة المستعدون دوما للقتال والشهادة وأرامل الشهداء وفتيات نذرن عذريتهن لإمتاع المقاومين ومؤانستهم.
استطاع الحسن بن الصباح إقناع مريديه أن طاعته هي السبيل الوحيد لدخولهم الجنة! فقد أنشأ، كما تنقل الروايات، إلى جانب قلعته حدائق غناء مليئة بصنوف الأشجار المثمرة. وبنى فيها القصور وأماكن اللهو والمجون، وشقّ فيها الجداول التي تفيض بالماء والخمور والعسل، وأسكن فيها الغانيات اللواتي يرقصن ويغنين ويعزفن الموسيقى! لا يدخلها إلا من قرّر أن يصبح فدائياً، على استعداد للموت في سبيل تنفيذ مشيئة القائد. وكان يعطيهم مادة الحشيش، ويدخلهم إليها، فيخرجون منها أشد قناعة باتباع أوامر القائد.
على المقلب الآخر استخدم حسن نصر الله الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تتحدث عن ثواب الشهادة ومكانة الشهيد في الجنة كي يدفع الشباب إلى القتال. ولذلك لا تخلو منطقة شيعية لبنانية من لوحات إعلانية تروج للشهادة في سبيل الله، مثل “الشهداء أمراء أهل الجنة” و”لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون”. إضافة إلى المحاضرات والندوات الدينية التي تتحدث عن “الحور العين”، اللواتي ينتظرن الشهيد ساعة سقوطه ويحملنه إلى مكانه المعد له في الجنة إلى جانب الأنبياء والشهداء في سبيل الدين.
الفريقان اعتمدا على إثارة حماسة الشبان واستغلال قدراتهم الجسدية وضعف خبراتهم في أمور الحياة، واستخدماهم من أجل الوصول إلى السلطة و إحكام السيطرة على البلاد والعباد. تروي التواريخ أن فدائيي الحسن الصباح كانوا شبانا في مقتبل العمر، في الوقت ذاته نجد أن جيش حزب الله جلّه من الشبان تحت العشرين من العمر، كذلك الشهداء.
يتشابه التنظيمان في صفات الانضباط والسرية المطلقة والتقيد بالأوامر، وتُفرّقهما صفات أخرى. فـ”الحشّاشون” اشتهروا بالتقشف والبعد عن الناس والملذات الدنيوية، بينما “الإلهيون” تفوقوا على أفراد المجتمع اللبناني بأساليب الترف والبذخ والرفاهية، خاصة فئة المسؤولين والتجار.
أما من حيث الإستقلالية أو التبعية في القرارات، نجد أن المركز الرئيسي لـ”الحشاشين” الذي يتلقون منه الأوامر هو قلعة “آلموت” في إيران، تماما كما حزب الله التابع لمركزية “ولاية الفقيه” في إيران. “الحشّاشون” كانوا يملكون قلعة أخرى مقرها “الشام”، لها زعيمها الخاص الملقب أيضا بـ”شيخ الجبل”. كانت قلعة الشام تتفرد بإقامة التحالفات السياسية الإقليمية،في حين كانت قلعة إيران تشكل المرجعية الروحية للجميع.
أجاد “الحشّاشون” لعبة التحالفات والإنقلاب المفاجئ عليها. كتحالفهم الشهير مع صلاح الدين ضد الصليبيين، ثم إنقلابهم المفاجئ عليه حين أرسلوا أحد شبانهم لاغتياله في عملية فاشلة. في السياسة الداخلية، أتقن حزب الله أسلوب التحالف ومن ثم الإنقضاض على الحلفاء. وما عملية إغتيال رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري سوى الدليل الأسطع على هذا الأسلوب.
استخدم “الحشّاشون” أسلوب الإغتيالات لإشاعة الخوف في مجتمع الدولة الإسلامية، ومن أجل تصفية الحكام الذين اعتبروهم حجر عثرة في طريق إقامة دولتهم، وللحصول على مكاسب سياسية واقتصادية. “حزب الله” استخدم، من جهته، فائض القوة والسلاح لديه من أجل الأهداف ذاتها! في 7 ايار، وفي “يوم القمصان السود”، أشاع الخوف في نفوس أهالي العاصمة اللبنانية. وبسلاحه أيضا عمل على تصفية كل المعارضين لسلاحه، وفرض نفسه رقماً صعباً في المعادلة السياسية الداخلية، وصولاً إلى انقلابه الأخير على حكومة سعد الحريري، حيث تمكّن من تشكيل حكومته الخاصة.
وفي المحصلة… اشتهر “الحسن بن الصباح”، في قلعته الحصينة، بتصنيع مادة الحشيش ونشرها بين أتباعه من أجل السيطرة على عقولهم كي ينفذوا أوامره دون تفكير. أما حزب الله، فبتصنيعه لحبوب “الكبتاغون”، و نشرها بين الشباب اللبناني يهدف إلى تخدير هذه الفئة من المجتمع كي يضمن لنفسه الإستمرارية دون أية معوقات أو اعتراضات.
حسن الصباح وخلفاؤه: دين ومتعة واغتيالات وشهادة في سبيل الله!
لماذا حزب الله الم يكن حشاشي لبنان إلا الحريري و السنيورة .لكن للأسف كل من يقاوم العدو الأسرإيلي يعتبر حشاش في زمن الذل العربي
حسن الصباح وخلفاؤه: دين ومتعة واغتيالات وشهادة في سبيل الله!
دائما العقول المخدرة دينيا او مخدراتيا او مخابراتيا لاتقبل حقائق التاريخ ومدى مطابقته للواقع ولا يتعلمون منه. والعقول المخدرة دائما تنسج القداسة حول افكار مرجعيتها وطوائفها وزعمائها ولكن المسألة مجرد وقت وسيمضون كما مضى غيرهم مهما استمات شبيحتهم العاهرون في الدفاع عنهم فسيأتي الوقت الذي هم فيه ساقطون لا محالة.
حسن الصباح وخلفاؤه: دين ومتعة واغتيالات وشهادة في سبيل الله!
sa5if inti w makaltak ma fi as(af min heik