لم أكن من مؤيدي الشهيد رفيق الحريري لأكثر من سبب لا مجال ولا فائدة من استذكارها اليوم وذكرها هنا.
ولكن سنة 2004 حينما أبلغ دولته النواب الوديعة قراره بالإستغناء عنهم على لوائحه في انتخابات سنة 2005. فرح قلبي وانشرح.
قلت، لقد فرضت الظروف في الماضي على الرجل عدّة أمور، ولكن ها هو اليوم يتحرر. انه تحرر من الوصاية. تحررٌ كهذا وجرأةٌ كتلك يجب أن يدفعاني كي أعيد النظر في موقفي. ثم ان رجلاً بقوته قادر حتماً على حماية موقفه الجديد. فَلِما لا أفرح وأستبشر خيراً؟ انه اقترب من آمالي وأفكاري، ومن آمال كثيرين في لبنان، مسيحيين ومسلمين أحرار. إنه ينتفض على الوصاية ليس من أجل مقاعد نيابية بل من أجل تحرر لبنان. فقتل الرجل.
وبشكل أوضح لقد أحب لبنانيون كثر رجلاً وقف وانتفض ولم ينتظروا أن يستشهد ليحبوه.
ان الرجل شهيد الموقف، ان الرجل كبير لأنه استشهد من أجل قيامة لبنان. نعم لقد سبقه كثر من خيرة أبناء الوطن ولكن لا معنى لأي مفاخرة بين من سبق ومن لحق، المهم اننا اجتمعنا وأتت ثورة الأرز لكي تثبت ذلك.
بعدَها بدأت محن كبيرة على لبنان، فكانت الإغتيالات والإضطرابات والتعطيل والتخوين…
قام سعد الحريري ورفاقُه بحمل كرة النار. لقد رمى القدر عليه عبئاً لم يَرمِه في يوم من الأيام على والده.
مطلوب أن يعمل، أن يحيي الآمال، أن يدافع عن المحكمة، أن ينظم أو يسهم في تنظيم صفوف رفاقه وجمهوره، جمهور “لبنان أولاً”، قولاً وفعلاً. ولكن الهاجس الأمني لم يُتِح له التواصل المباشر واليومي مع قواعده كما كان متاحاً لوالده.
ان هذه الأسطر ليست لتقييم الرجل لا مدحاً ولا انتقاداً علماً أن مجالات النقد كثيرة للأسف. يحمل مسؤوليةَ جزءٍ منها ويحمل رفاقه في ثورة الأرز جزءاً آخر.
هدفي اليوم فقط أن ألفت الزعيم الشاب، الى أن الجمهور الكبير من اللبنانيين ليس في 14 آذار وحتماً ليس في 8 آذار، ان الجمهور العريض هو مع من يحمي وينقذ لبنان. إنها مسؤولية كبرى.
وهذا الجمهور، مثلما فرح لرمزية التخلص من النواب الوديعة، خائف ومتوجس اليوم حينما يرى عودة ظاهرة النواب الوديعة بشكل ولو مختلف بعض الشيء عن الماضي.
نعم، ان بعض المراحل اقتضت التساهل تكتيكياً مع أشخاص معينين ممن عملوا لصالح السوري في لبنان أو لمصلحتهم الشخصية مع السوري. ولكن أن يأتي اليوم مدعٍ مُنَظرٍ (يخال نفسه سوسلوف العرب) انتهازي وذو تاريخ حافل بتعدد الولاءات ليشغل مقعداً نيابياً على لوائح 14 آذار، ففي ذلك إشارة خطيرة وخطيرة جداً على المستقبل، ليس تيار المستقبل بل مستقبل القضية. ثم، أهكذا يكافىء أهل بيروت بعدما حلّ بهم في 7 أيار 2008 وهمّ الذين يذخرون بطاقات كبرى؟
ان وضوح الخطاب السياسي الإنتخابي لسعد الحريري، كما سمعناه مؤخراً، يجب أن يترافق مع أفعال وقرارات واضحة ومع انتقاء رفقة درب صادقة تكمل الدرب الى جانبه من أجل “لبنان أولاً” وليس من أجل أنانياتها وغرورها أولاً. وقد يأتي يوم يبحث عنهم فيجدهم في مقلب أو موقع آخر لقاء مقعد وزاري أو ربما رئاسة الحكومة.
آملُ أن يُكذبني المستقبل، “فأخسر” وتربح مسيرة الدفاع عن لبنان وأهله الطيبين الطيبين.