**
جاءنا بالبريد من اتحاد العمال المستقل
الإتحاد العمالي المستقل في سورية
نقابة عمال الصناعات الكيميائية
نداء إلى كافة المنظمات الدولية و الإقليمية المعنية بالصحة والبيئة ومنظمات العمل الدولية الرسمية والمستقلة:
يشغل قطاع الصناعات الكيميائية الحيز الأكبر من المنشآت الصناعية في “سورية” ويشتغل في هذا القطاع ما يزيد على الثلاثين بالمائة من عمال “سورية”, ولا تخلو منطقة أو مدينة كبيرة في بلادنا من منشآت كيميائية تدخل منتجاتها في كافة مجالات الأعمال الصناعية والزراعية والطبية.
هذا القطاع الصناعي أصبح نقمة على “سورية” وشعبها وعمالها ودول جوارها بسبب فساد وبيروقراطية وتخلف النظام المجرم الأكثر فسادا في العالم الذي يحكم بلادنا بالحديد والنار وإليكم الصورة.
1- التراخيص :إن السلطات البلدية والبيئية التي تعنى بمنح التراخيص لبناء وتأسيس المنشآت الصناعية الكيميائية تفتقر إلى أية مقدرة علمية أو تقنية حقيقية لفرض و تطبيق الشروط الضرورية لحماية البشر والبيئة على الشركات و الأفراد الراغبين في تأسيس هذه المنشآت الصناعية الكيميائية في “سورية” وذلك لأسباب:
أ- انعدام التخصص والكفاءة العلمية والمهنية بين موظفي هذه السلطات وذلك بسبب سياسة العشوائية التخصصية وإنتقائية الرشاوى والمحسوبيات المتبعة في تعيينات موظفي هذه السلطات التي تعنى بأخطر مهمة متعلقة بأمن الأمة في المجال الصحي والبيئي, بل إننا نؤكد أن غالبية تسعين بالمائة من هؤلاء الموظفين لا يملكون المؤهلات العلمية اللازمة ليعملوا في هذا المجال أما العشرة بالمائة الباقية فإنها تتشكل من خريجين لا يملكون من معارف تخصصاتهم ما يكفي لقبولهم في السنوات الأولى من الجامعات.
ب- حتى و إن توفرت بعض القدرات التقنية لدى بعض هذه السلطات فإن هذه المقدرات لا يمكن أن تشارك في صنع قراراتها لأن المعيارين الرئيسين في عمل هذه السلطات هما نفسهما المعياران الوحيدان المتحكمان في اتخاذ جميع قرارات كافة السلطات التابعة لنظام “البعث” ألا وهما (الرشاوى والمحسوبيات).
2- التفتيش والرقابة : إن السلطات المخولة مراقبة عمل هذه المنشآت و التفتيش التقني و البيئي تعاني من نفس الكوارث التي تعانيها السلطات المخولة منح التراخيص لهذه المنشآت , و هذا الفشل أدى إلى تردٍ مطرد في أداء هذه المنشآت و تأثيراتها على محيطها و العاملين فيها و حتى على مستهلكي منتجاتها حتى وصل الأثر السلبي لهذه المنشآت إلى معدلات خطيرة تهدد الأمن الصحي و البيئي في “سورية” و المنطقة بأسرها.
3- السلامة الصناعية : تعاني كافة منشآت الصناعة الكيميائية من فقر شديد في مستلزمات السلامة الصناعية في المجالات التالية:
أ- الأبنية: تعاني الأبنية التي أقيمت عليها هذه المنشآت من افتقار شديد في تركيبة البنى الأساسية والتحتية , ذلك أن أكثر هذه الأبنية ليست بالقوة الكافية لمقاومة أي نوع من أنواع الكوارث كالحرائق و الفياضانات و التسريبات و الانهيارات الجزئية , بالإضافة إلى انعدام الملاجيء ومخارج الطواريء و معدات الإطفاء الكافية وهذا الضعف خطير جدا على حياة العاملين في هذه المنشآت و على السكان المجاورين لها.
أيضا تكاد تنعدم الألبسة الواقية و معدات السلامة الصناعية للأفراد العاملين في هذا القطاع و إن توفرت هذه المعدات و الملابس فإنها تكون رديئة و قليلة و غير كافية لسد نسبة قليلة من إحتياجات العمال.
ب- البنى التحتية: تعاني هذه المنشآت من فقر كبير في حجم و كفاءة البنى التحتية و هذا يسبب دوما حوادث خطيرة تصيب عمال و رواد هذه المنشآت, و أخطر ما تفتقر إليه هذه المنشآت في هذا المجال هو شبكات فعالة و آمنة و كافية لتصريف النفايات و البقايا الناتجة عن عمليات التصنيع, ذلك أن شبكات التصريف القائمة توصل غالبية نفايات هذه المنشآت إلى المحيط المجاور دون أية معالجات أو آليات احتواء و تأمين من إيذاء البيئة و السكان فلا يوجد في “سورية” نهر واحد أو شاطيء بحري أو حتى بئر واحدة أو حوض جوفي لا يعاني من التلوث بالنفايات الكيميائية السامة بدرجة ما و ما أكثر البحيرات و الأنهار التي تعد ميتة و ملوثة تماما في “سورية”.
فإذا كان هذا حال المسطحات و الأحواض المائية التي ربما يبعد بعضها أميالا عن هذه المنشآت فكيف يتصور حال العاملين في هذه المنشآت و هم يعانون من اتصال شبه يومي و مباشر في الغالب بهذه النفايات؟.
هذا عدا عن التلوث الغازي الذي لا يخفى على أي زائر لـ “سورية” والذي يفوق المعدلات المسموح بها بعدة أضعاف في المدن السورية الصغيرة وفي المناطق الريفية النائية.
ج – التصنيع والتخزين والنقل: إن نظرة بسيطة إلى كافة خطوط الإنتاج وأماكن التخزين ووسائط النقل في هذه المنشآت توضح النقص الرهيب والخطير في مستلزمات السلامة العامة و سلامة العاملين , إن أكثر ضحايا حوادث العمل القاتلة أو تلك التي تفضي إلى إعاقات دائمة أو أمراض مزمنة خطيرة هم من عمال قطاع الصناعات الكيميائية في “سورية” و نسبة هؤلاء الضحايا إلى عدد العاملين في هذا القطاع هي الأكبر على الإطلاق بين سائر القطاعات و هي تفوق بأضعاف كثيرة نسبة الإصابات بين عمال هذا القطاع في دول الجوار و المنطقة بأسرها تقريبا.
هذا عدا عن الإصابات التي يتعرض لها الأشخاص المجاورون لهذه المنشآت أو آلياتها و التي لا توجد لها إحصائيات أو أنظمة تأمين و رعاية تغطيها بشكل معقول.
د- نوعية المنتجات وجودتها: في ظل غياب كامل لنظام الرقابة والتفتيش على المنشآت والمنتجات الصناعية الكيميائية بما فيها العضوية و الدوائية فإن المنتجات التي يطرحها هذا القطاع في الأسواق تعد بحق الأسوأ و الأخطر على الصحة في منطقة الشرق الأوسط بأسرها , و نظرا للستار الحديدي المفروض على الصحافة و الإعلام المحلي و الدولي فإن تغطية الكوارث الصحية – و ما أخطرها و ما أكثرها – التي توقعها هذه المنتجات على صحة المستهلكين و العاملين و على البيئة تكاد تكون معدومة سوى بعض النتف الإخبارية من هنا و هناك مما يسمح بها نظام الرقابة المخابراتي الإرهابي المتحكم بالبلاد و العباد ليجمل وجهه الراسبوتيني المادوسي القبيح ببعض مساحيق الكذب و ادعاءات الحرية.
هـ – الرعاية الصحية: يفتقر عمال قطاع الصناعات الكيميائية في “سورية” إلى الحد الأدنى الكافي من العناية الصحية المناسبة لظروفهم الإستثنائية البالغة السوء , و يعاني هؤلاء الأمرين من تكاليف علاج الأمراض التي يتعرضون لها لأنها كبيرة و صعبة التشخيص و العلاج لأنها ليست من طبيعة جرثومية في الغالب , فمثلاً ينتشر السرطان بين عمال هذا القطاع بشكل كبير مع العلم بأن مرض السرطان ينتشر في “سورية” بنسبة كبيرة جدا تعد الأعلى في “الشرق الأوسط” بسبب التلوث الرهيب الذي تسببه المصانع و المنشآت الكيميائية في طول البلاد و عرضها.
و لقد انخفض متوسط الأعمار في “سورية” كثيرا في العقدين الماضيين نتيجة انفجار التلوث الصناعي الناتج عن الفساد السياسي , و يحظى عمال و موظفوا قطاع الصناعات الكيميائية بالنصيب الأوفر من وفيات الشباب بين عمال بقية القطاعات في “سورية”.
و طبعا لا يوجد أي نوع من التأمين الصحي أو الدعم الحكومي يحتمي به عمالنا من غول المرض و فواتير العلاج.
و- الضمان الإجتماعي للوفاة و الإعاقة: كثيرة هي العائلات الصغيرة التي فقدت معيلها من عمال قطاع الصناعات الكيميائية , و لكن هذه العائلات تنال عذابا شديدا على يد النظام البعثي الفاسد ذلك أنها تنال الحد الأدنى من الحد الأدنى لرواتب و تعويضات الوفاة بسبب صغر سن العامل المتوفى في الغالب و تترك لتصارع الحياة دون معيل بعد فقد المعيل.
أما بالنسبة للرواتب التقاعدية و تعويضات الإعاقة فإنها لا تكفي حتى لإطعام هؤلاء العمال أو عائلاتهم حتى الخبز المحض و من المعيب حقا تسمية هذه المبالغ التافهة التي ينالها عمالنا المصابون أو عائلاتهم بعد وفاتهم (تعويضات).
ز- النقابات العمالية: من العار حقا أن نطلق إسم (نقابات) على هذه الهيئات المخابراتية البعثية التي تتجسس على عمالنا و تبتزهم و تنهب مستقطعات رواتبهم المسماة كذبا و فجورا (اشتركات نقابية).
و في غياب النقابات فإن عمالنا يعانون الأمرين من تدهور الأجور و سوء شروط التعاقد و انعدام الشروط الصحية المناسبة في أماكن العمل, و لذلك تنتشر بشكل كبير حالات التسريح التعسفي والعمل دون عقود وضمانات وبأجور تافهة وعمالة الأطفال في هذا القطاع الصناعي في “سورية” وخاصة ضمن المنشآت الخاصة.
إننا إذ نعرض في بياننا هذه الصورة السوداء لواقع عمالنا و مواطنينا فإننا نناشدكم التجاوب مع نداءاتنا و التحرك الفوري لإرسال لجان خبيرة متخصصة لتقصي الحقائق دون الإصغاء إلى ادعاءات سجاني وطننا و شعبنا من مجرمي نظام “البعث”.
نناشدكم إنقاذ صحة عمالنا وأبناء وطننا وأطفالنا. إن الدولة الغير قادرة على الحفاظ على أمن و سلامة مواطنيها تصنف كدولة فاشلة لدى منظمة الأمم المتحدة فكيف بدولة تعمل على إهدار حياة وأمن مواطنيها الصحي والبيئي و ماذا بقي من الأمة تحافظ عليه دولة كهذه؟!
هذا هو حال “سورية” و شعبها مع نظام “البعث” المجرم منذ نصف قرن فأين هي العدالة الدولية و أين هي الشرائع الإنسانية و أين هي دول العالم الحر و الضمير العالمي ؟؟!
و نوجه نداءنا أيضا إلى كافة الجمعيات و الأحزاب و الشخصيات السورية التي تعمل خارج أسوار الظلام التي تحيط بوطننا أن يضموا بياناتنا و نداءاتنا إلى وثائقهم و أن يترجموها و يحملوها معهم في صدر ملف قضية تحرير “سورية”.
معـا إلى الأمـام نحو الحـريـة
المكتب النقابي للإتحاد العمالي المستقل في “سورية”
نقابة عمال الصناعات الكيميائية
ilu-syria@msn.com
أبو بـكري المـغربـل
رئيس النقابة