**
كنا نتحدث في لقاء تليفزيوني عن ظاهرة «انفلات» الشباب والشابات في الجامعة ولواذهم بصور شاذة من العلاقات كالزواج العرفي أو زواج «البوي فرند» الذي أباحه فقيه يمني وأخف هذه الممارسات تبادل القبلات.
القضية قضية علاج ظاهرة اجتماعية، وليست فتوى مستقلة أو رد على سؤال: أحلال أو حرام.. وقد مللت من القول إني لا أفتي وأن عزوفي عن المستفتي والمفتي يكاد يصل إلى حد القرف، فضلاً عن إني لا أجيز لنفسي، ولا للفقهاء أيضًا أن يقولوا هذا حلال.. وهذا حرام.
هي إذن دراسة لظاهرة اجتماعية شاذة في ضوء الإسلام.
وهناك أكثر من مدخل لعلاج هذه القضية سنقتصر في مقالاتنا الثلاث على مدخلين منهما؛ لأن المعالجة المسهبة لمشكلة من هذا النوع هو مما لا يمكن أن يسمح به المقال الصحفي، وآمل أن نكمل الموضوع في كتاب مستقل يظهر قريبًا.
المدخل الأول لهذه القضية هي أنها رد فعل سيئ لفعل سيء، وكما هو معروف، فإن الفعل يكون له رد فعل، وأن رد الفعل يأخذ خصائص الفعل الأصلي فإذا كان الفعل الأصلي فاسدًا يقوم على اعتبارات سطحية، ومظهرية، فلابد أن يكتسب رد الفعل شيئاً من هذه الخصائص.
أما ما هو الفعل الأصلي فهو مسلك الآباء والأمهات وتعنتهم في حكم
شروط الزواج.
فما أن يتقدم أحد الشباب إلى الأب والأم ليخطب ابنتهما حتى يحاسبانه حساب الملكين.. كم لديه من ثروة؟ ماذا سيدفع من مهر؟ هل لديه شقة؟ هل هو مستعد لتقديم أثاث لثلاث غرف؟ هل هو «جامعي» لأن ابنتهم جامعية؟ والشاب مسكين لا يملك إلا القليل الذي ادخره، أو ساعده والداه فيه، أو ما يحصل عليه من مرتب عمل.
إن شرطاً واحدًا من هذه الشروط قد لا يتوفر للشاب العادي وعندئذ يُرفض بلا رحمة.
إن الإسلام عندما يأمر بشيء، أو ينهى عن شيء، فإنه يرتب الأوضاع بما يسهل إتيان هذا الشيء أو الامتناع عنه، فعندما يرتب عقوبة قاسية على السرقة، فإنه يفترض أن يكون المجتمع عادلاً، ويشترط شروطاً عديدة لسلامة الإجراءات، فإذا لم يتحقق هذا فيصبح من غير المنطقي أن ننفذ عقوبة السرقة على سارق. وهذا ما أدركه عمر بن الخطاب عندما قال لأحد الذين رشحهم للولاية، ماذا تفعل إذا أتي إليك بسارق؟ قال أقطع يده. قال فإن عمر بن الخطاب سيقطع يدك إذا كان السارق جائعًا.
وفي الحالة التي نحن بصددها فإن الرسول وضع المعيار الذي يجب أن يلحظ عند التزويج «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه.. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، وقد ضرب الآباء والأمهات بهذا المبدأ عرض الحائط، وعندما يأتيهم صاحب الدين والخلق، ولكنه فقير.. فإنه يرفض فورًا.
فماذا ننتظر، وقد رفضنا المبدأ النبوي وتجاهلنا تحذير الرسول «إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض»، لقد حدث ما حذرنا منه الرسول ، وليس تبادل القبلات إلا أبسط صور هذه «الفتنة والفساد الكبير».
لماذا تلومون الشبان إذا لاذوا بصور شاذة ومنحرفة من السلوك الجنسي بعد أن حرمتموهم من الزواج الشرعي؟
لماذا تطالبونهم بسلوك مثل سلوك الصحابة، وما من واحد منكم يقبل أن يزوج ابنته كما زوج محمد ابنته الحبيبة فاطمة من عليِّ، بحشية ورداء إن غطى الرأس بدت الأقدام، وإذا غطى الأقدام بدت الرأس.
لكي نكون عدولاً يجب أن نحكم في كل حالة في سياقها، ولا يمكن أن نقتطع نصوصًا عن الأصل الذي أدى إليه، ولا يجب أن نصلح الظاهرة نفسها إذا تجاهلنا الأصل والسبب الذي أدى إلى هذه الظاهرة. هذه كلها اعتبارات يجب أن تكون نصب أعيننا، ولا يجوز إغفالها واتباع أسلوب «النعامة» التي تخبئ رأسها ظانة أن ذلك سيحول دون حدوث الوقائع.
يجب أن نعلم أن «طبائع الأشياء» حاكمة، وأن الله تعالى وضع سنناً للمجتمع لا يمكن أن يسير ويتقدم إلا بها وأن مخالفتها ستؤدي لا محالة إلى فساد كما قال الرسول . ولن يجدي شيئاً أن نلوم الشبان والشابات، كما لن يجدي شيئاً أن ننصحهم لأن الفعل لابد وأن يولد رد فعل، وأن الفعل السيئ لابد وأن يولد ردًا سيئاً، فلنعد إلى قول الرسول ، ولو اتـُـبع هذا المبدأ لحُلت المشكلة، ولما كان هناك صورة من صور الانحراف ما بين الشباب والشابات، ولكننا ضربنا به عرض الحائط، ورفض الآباء والأمهات صاحب الدين والخلق.
لماذا نندب ونلطم إذا تصرف هؤلاء الشباب لذلك، وقد دفعهم إلى ذلك دفعًا الآباء والأمهات المحترمون، المبجلون الذين يتمسكون بالمظاهر «البورجوازية» المخالفة كل المخالفة لما وضعه الإسلام، بل والمخالفة لطبيعة الأشياء. ففي الخارج مثلاً، ما أن يبلغ الشاب الثامنة عشر حتى يستقل بحياته، وعندما يريد الزواج، فلا يطالب بمهر ولا يطالب بملكية شقة، وإنما يسكن «استوديو»، أي غرفة وصالة صغيرة ودورة مياه ومطبخ، وما حاجته وهو يستهل حياته بثلاث غرف؟ فحل المشكلة حلاً يقترب من الحل الإسلامي.
قولوا لنا ماذا يفعل هؤلاء الشبان والشابات!!؟؟
يقولون «ليستعفف أو ليصم»، كما قال الرسول «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإن لم يستطع فليستعفف وليصم فإنه له وجاء».
نقول هل يعقل أن يستعفف خمس سنوات مثلاً أو يصم هذه المدة!!؟؟
إن الرسول عندما قال هذا افترض أن المدة لن تطول وأنها قد تستمر شهورًا ثم تنتهي.
هناك شاهد يمكن أن نستأنس به: فعندما كان الرسول في إحدى الغزوات شكا إليه أصحابه أنهم يعانون من بعدهم عن زوجاتهم حتى لقد قال أحدهم «هل نختصي»؟
لم يقل لهم الرسول تعففوا أو صوموا.. ولكنه أباح لهم زواجًا مؤقتاً بمدة بعدهم عن زوجاتهم.. وهو ما يقولون عنه نكاح المتعة.
ثم حرمه بعد ذلك..
ولكنه يعطينا مؤشرًا أن الرسول « عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ » (التوبة: 128)، وإذا كان بعض الصحابة قد «عنتوا» عندما حيل بينهم وبين زوجاتهم لعدة أيام.. فهل نقول للشباب اصبروا لسنوات.
* * *
مع هذا كله فقد يقول قائل:
هل لو لم يتعسف الآباء والأمهات، فهل تتصور أن المشكلة ستنتهي، ولن يكون هناك انحراف أو تحلل عما وضعه الإسلام من معايير في العلاقات الجنسية؟
فأقول: إن هذه التجاوزات ستحدث ولكنها ستكون محدودة وستحدث كثمرة للضعف البشري، وليس « كرد فعل سيئ لفعل سيئ ».
وهذا ما ينقلنا إلى المدخل الثاني وهو تعامل الإسلام مع الضعف البشري.
وهو ما سنعالجه في الحلقة المقبلة.
gamal_albanna@infinity.com.eg
* القاهرة
حديث القبلات هو يعنى كانو الشباب منتظرين كلام الشيح جمال البنى ولا هو فتواه هى اللى هتخلى الشباب ينحرف مهو ده اللى بيحصل ولا نضحك على بعض وبيحصل اكتر من كده بس احنا للاسف مجتمع نحب كل شىء يتعمل بس من تحت لتحت ولا نريد حل مشاكلنا بوعى وبطريقه سليمه وكل انسان يدعى الشرف فهو يخدع نفسه قبل ان يخدع الاخريين هل البنات الى اتجوزو عرفى مش برضه ليهم اباء لماذا فعلو ذلك اتقوا الله وبدل مترفضو وبعدين ابناؤكم يفعلو مايفعلو من وراكم حلو المشكله بدل الهجوم بجهل او اقراؤ دينكم صح عندما حضر رجل للرسول صلى الله عليه وسلم… قراءة المزيد ..
حديث القبلات 1طيب أنا عندي سؤالان لجمال البنا ـ الذي نأسف أنه يرتقي على ظهر الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله ـ فليتسع صدره لهما. 1. هل لو أنا لم أستطع أن أضبط نفسي وأستعفف لمدة طويلة، ثم رأيتني أقبل ابنتك أو أختك مثلا، وهي تقبلني بكل ما تعني القبلة من كلمة، ولا أدري إن كان بإمكاننا ضبط أنفسنا عند حدود القبلة، فنحن بشر ضعفاء، فهل سترضى بذلك؟ ولا تنسى أن الشاب الذي سيقبل لا بد أن يقبل فتاة وليس حجراً أو شجراً، وقد تكون هذه الفتاة ابنتك.. أرجو الإجابة بصدق من غير مواربة… تفضلوا اسمعوا جمال البنا ورده الجميل… قراءة المزيد ..