لعل هذا الكتاب جاء في وقته بعد تصريحات الشيخ القرضاوي حول “القرآنيين” لـ”المصري اليوم” والتي ضاعت وسط عاصفة انتقاداته للشيعة وإيران والردود المضادة له.
فالقرضاوي كفّر “القرآنيين” صراحةً في حديثه للجريدة المصرية:
سؤال: إذا كان الشيعة ينكرون أصولاً في العقيدة ومع ذلك تعتبرهم مسلين فلماذا لا نفعل الأمر نفسه مع القرآنيين بدلاً من تكفيرهم؟
القرضاوي: من قال إنه لا يؤمن بالسنة كافر، لأن معنى هذا أنه لا يؤمن أن الصلوات خمس وصلاة الظهر أربع ركعات، والصبح ركعتان وإلا كيف عرف فهي تفاصيل لم تذكر في القرآن بل في السنة.. من ينكر السنة فهو كافر
ولا نخال الشيخ القرضاوي كان يجهل أن اعتراض “القرآنيين” ليس على السنّة بل هو، أولاً، على ابتكار مئات الألوف من الأحاديث في فترات بعيدة عن العصر النبوي بعد أن كان مجموع الأحاديث في المدينة لا يزيد على 500 حديث. وثانياً، لأنه “لا يمكن تحكيم أحاديث مظنونة أو منحولة أو حتى لو كانت صحيحة في النص المقدس المقطوع بصحته”!!
أيها الشيخ القرضاوي: أنت تعرف حتماً أن لا تكفير في الإسلام! هل فتّشت قلوب القرآنيين؟
الشفاف
*
ظهر أخيرًا كتاب جديد للأستاذ جمال البنا بعنوان «جنـاية قبيـلة حدثنـا».
يذكر الكتاب في مقدمته أنه لا يقصد «السنّة»، لأن السنة هي العمل والمنهج والدأب والطريقة، ولكنه يعني الأحاديث الشفوية التي تناقلها المحدثون عبر مائة وخمسين عامًا قبل أن يبدأ التدوين. وفكرة الكتاب أنه في العهد النبوي والخلفاء الراشدين كان الموقف المقرر هو تحريم كتابة الأحاديث، وإن من كتب شيئاً فإنما يكون بفكرة أن يحفظه، وبعد ذلك يتخلص منه، ويذكر الكتاب حشدًا من أحاديث الرسول ومن أقوال الخلفاء الراشدين عن هذا فضلاً عن الواقعة التاريخية، أن الأحاديث لم تدون في عهد الخلفاء الراشدين، وأن عمر بن الخطاب بعد أن ارتأى تدوينها ظل يستخير الله شهرًا ثم خرج وقال: إنه ذكر أقوامًا وضعوا كتبًا وانكبوا عليها، «وأنا لا أشرك بكتاب الله شيئاً»، وبجانب تحريم التدوين فإن الوصية المؤكدة والمكررة كانت هي الإقلال من الرواية، ولا نجد لأكبر الصحابة وأعظمهم إلا أحاديث معدودة بحيث يمكن القول أن جملة الأحاديث التي كانت تدور في المدينة قلما تزيد على خمسمائة.
انقلب الحال عندما تحولت الدولة الإسلامية من دولة المدينة إلى مرحلة الإمبراطورية وعندما انتقلت عاصمتها من المدينة ــ عقر الإسلام ــ إلى دمشق ذات التاريخ البيزنطي، وإلى بغداد ذات التاريخ الفارسي، إذ ظهرت «قبيلة» احترفت احترافاً رواية الحديث والبحث عنه في آخر الدنيا كأنما تصوروا أن الرسول قد قال مائة ألف حديث، وأن هذه الأحاديث قد خبئت في مكان ما كما كان يخبئ قدماء المصريين قبورهم وأن عليهم أن يستكشفوها، كما استكشف علماء الآثار ما تركه المصريون، وتعددت الأقوال عن أفراد يروون خمسين ألف حديث ومائة ألف حديث وخمسمائة ألف حديث حتى قيل إن أحمد بن حنبل كان يلم بمليون حديث.
كيف حدث هذا؟؟!!
بالطبع أن فكرة استكشاف هذه الأحاديث في الهند والسند وبخارى وإيران.. الخ، لا أثر لها من الصحة. والحقيقة أن تطور المجتمع الإسلامي وبلوغه مرحلة الإمبراطورية أظهر قضايا لم تكن مألوفة أيام حكم الرسول المدينة، وكان من الضروري وضع أحكام لهذه القضايا المستجدة لها صفة شرعية، ولا تتوفر الشرعية إلا في القرآن أو السنة، والقرآن لا يذكر التفاصيل، وقد أنزل ودُوِّن فلن يمكن إضافة شيء إليه، فلم يبق إلا السنة، فبدأت العملية بسلسلة من الترخص في شروط الحديث الصحيح، ثم جعل الحديث الحسن يلحق بالحديث الصحيح وجعل الحديث الضعيف يلحق بالحسن، ولكن هذا لم يكف فلم يعد مناص من وضع الأحاديث. ورغم ما يبدو من بشاعة هذا فقد مارسه «الوضاع الصالحون» الذين وضعوا أحاديث في فضائل كل سورة من سور القرآن، وكان الحكام يستحثون الفقهاء بحيث لم يجد الفقهاء بدًا من وضع أحاديث تتضمن ما انتهوا إليه من أحكام وسهل ذلك عليهم «مناخ الاستحلال» الذي ساد المجتمع المصري وتحدث عنه الكتاب بإسهاب وضرب أمثلة عديدة له.
في الفصل الأخير للكتاب يوضح المؤلف «جناية» قبيلة حدثنا على العقيدة التي عرفها الرسول بأنها: «الإيمان بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر والقدر خيره وشره»، جاءت «قبيلة حدثنا» فأدخلت في العقيدة رؤية الله تعالى يوم القيامة، وبأن له يدين ليسا كأيدي البشر، والإيمان بعذاب القبر والشفاعة والحوض والميزان ذي الكفتين واللسان.
وجنت على القرآن بما ادعته من نَسخ، بحيث تنسخ آية أطلقوا عليها “آية السيف” قرابة مائة من آيات السماح والصفح والسلام، كما أوجدت أسبابًا هزيلة لآيات عظيمة رائعة الدلالة، والنسخ وأسباب النزول مرفوضان لأسباب تتعلق بالصفة الشكلية والصفة الموضوعية. فمن الناحية الشكلية لا يمكن تحكيم أحاديث مظنونة أو منحولة أو حتى لو كانت صحيحة في النص المقدس المقطوع بصحته. ومن ناحية الموضوع، فإن النسخ مستبعد. فكلمة نسخ تعني بجانب محي، معنى مضاد هو أثبت، وقد جاء « إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » (الجاثية : 29)، وعندما تأتي كلمة ننسخ في الآية 106 من سورة النور «مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا»، فإن معنى الإثبات أنسب لما جاء بعدها «أَوْ نُنسِهَا»، كما أن كلمة الآية لا تعني في القرآن نصًا أو كلمة ولكن معجزة أو دلالة أو قرينة وقد جاءت في ثمانين موضع بهذا المعنى نصًا.
كما أن «قبيلة حدثنا» أقحمت العشرات وربما المئات من أحاديث عن إسرائيليات لا اصل لها، وتحدثت عن مئات الأحاديث عن «الغيب» والغيب لا يعلمه إلا الله، والرسول يقول «لا أعلم الغيب». وامتدت جناية «قبيلة حدثنا» إلى الرسول فأكدوا أنه مرض حتى لا يعرف يمينه من شماله، وأنه قال «تلك الغرانيق العلا وأن شفاعتهم ترتجى» في سورة النجم، وأنه كان يطوف على نسائه كل ليلة، وأنه أوتي قوة ثلاثين رجلاً. ويدخل في جناية «قبيلة حدثنا» أنها هي التي وضعت صورة المسلم النمطي الذي ينظر إلى الوراء ولا ينظر إلى المستقبل ويسير مطرقاً منكسرًا حتى لا يتهم بخيلاء أو ينظر إلى نساء.. الخ، وملأوا حياته بأنواع من الدعاء وصنوف من القربات من صلاة أو صيام حتى لم يبقوا في يومه فراغ لعمل أو ثقافة أو معرفة أو مهارة.. الخ. وأخيرًا فإنهم جنوا على المجتمع المسلم، وضرب المؤلف بالآثار الوبيلة على المجتمع نتيجة لأربعة أحاديث مثل «الأئمة من قريش» التي حكمت الخلافة، ومثل «أطع الأمير وإن ضرب ظهرك وغصب مالك»، ومثل «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»، وحديث «من بدل دينه فاقتلوه» الذي بنوا عليه حد الردة، وهناك العشرات من الأحاديث من هذا النوع.
والكتاب في 106 صفحة من القطع المتوسط
إيميل الأستاذ جمال البنّتا: gamal_albanna@infinity.com.eg
جنـاية قبيـلة “حدثنـا”
أزهري — katon3344@yahoo.com
بسم الله الرحمن الرحيم ((ولا تقف ماليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤادكل أولئك كان عنه مسئولا)) فكان أحرى بك ياأ/جمال أن تذهب للأزهروتعرض هذا الأمرقبل أن تطبعه وتطرحه على العوام بما فيه من تدليس
جنـاية قبيـلة “حدثنـا”
جمال البنا يتحدث عن دين الانسان … فكيف للدواب من البشر فهمه
جنـاية قبيـلة “حدثنـا”
استاذنا لك الشكر والتقدير على المجهود الرائع الذى بذلته وارجو ان لا يأخذ احد المتحزلقين كلامك ليهاجم به الإسلام لأن الموضوع بعيد كل البعد عن ذلك الإسلام دين الله اتى به سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
اما الكتب فهو يتناول مجموعة معينة ومحددة من الأحاديث التى وضعت او مشكوك فى صحتها وفى صحة نقلها
جنـاية قبيـلة “حدثنـا”
الى الأستاذ البن
ا
ليست الجريمة في اتباعنا لقبيلة حدّثنا. بل ايضا لقبيلة بسم الله الرحمن الرحيم. فما الفرق بين الاسرائيليات والمنحولات التي وصلتنا من نفس العصر، والقرآن الذي وصلنا من نفس العصر ايضا. كل هذه الافكار من القرون الوسطى لا تستحق ان يقضي بها المتحضّر وقتا ولا يجدر بالمتنور ان يجعل من كل فكر القرون الوسطى مرجعية نافذة .
جنـاية قبيـلة “حدثنـا”
نرجع دائماً للبداية وهي إن الكثير من الأحاديث هي موضوعة لأغراض تجاوز القرأن الكريم وتفصل تفصيلاً لأرضاء رغبات حكام من يسموا بوعاظ السلاطين .