عبارة – سؤال يتردد دائماً على لسان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط: «قولوا ماذا نفعل؟». ومنذ قرر أمير الحرب طي صفحة الحرب وهو كمن ينتقل من مأزق إلى مأزق ولو بدا له أو أراد بكل حسن نية أن ينتقل من مصالحة إلى أخرى. المصالحة هي مع «الآخر»، أما المأزق فهو تارة مع الآخر وطوراً مع الذات. وهنا، في مصارحاته مع خلوته الدرزية الضيقة، تتجلى مأسوية المأزق الجنبلاطي المتمثل في التوفيق بين المحافظة على أمن الدروز في لبنان وسوريا أيضاً، وإقامة خطوط سلام لا تماس مع سائر مكونات المجتمع اللبناني دون الانقياد إلى ردود الفعل الانفعالية التي تغري الشارع. والزعيم الدرزي الذي صال وجال بطائفته بين حروب وتفاهمات وسلام ومعارك من أنواع مختلفة، يشعر اليوم بأنه بحاجة إلى مساعدة من داخلها. لم يعد الأمر يقتصر على أوامر أو تصورات يمكن فرضها بتعميم يصدر دون جلبة أو دون نقاش. بل صار جنبلاط يحتاج إلى نقاش، وإلى طلب المساعدة، وإلى رفع الصوت لأجل إقناع من حوله بأنه اختار هذه الطريق ولا سبيل غيرها. تنشر «الأخبار» اليوم النص الحرفي لكلام جنبلاط الذي قاله في خلوته الشهيرة قبل بضعة أسابيع مع بعض مشايخ الطائفة الدرزية، في دارة المرجع الروحي الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين. و«الأخبار» تفعل ذلك حرصاً على إبراز هذا النهج المسؤول والعميق في المكاشفة وإظهاراً لمدى المعاناة الوجدانية التي يعيشها أحد أبرز زعماء البلاد حرباً وسلماً. ورغم أنه تم حذف بعض العبارات التي قد تكون معبرة عن موقف أو فيها شيء من زلة لسان لحظة الانفعال.. وما أكثره عند جنبلاط، يبقى هذا المحضر صفحة للتاريخ. والقلق الذي يعبر عنه جنبلاط يتجاوز الدروز إلى سواهم من الطوائف، وهو قلق لبناني عام في ظل نظام يعاد استنساخه مرة بعد حرب، وفي جوهر ما يقول جنبلاط أفكار وطروحات تقترب كثيراً من تنظير العماد ميشال عون وحزب الله عندما ذهبا إلى التفاهم الشهير بينهما. ولعل في ما قاله جنبلاط ما يلهم الآخرين أيضاً، سواء منهم ضعفاء اليوم أقوياء الأمس أو أقوياء اليوم ضعفاء الأمس.
في ما يأتي النص الحرفي لكلام جنبلاط:
اليوم، تحالفنا مع 14 آذار، مع بعض الرموز المسيحية، مش كتير راكب، مش معناتها بدنا نغير، بس يعني، بدنا ننتبه. أصبحتم تعرفون تاريخنا مع المسيحيين، تاريخ بيت جنبلاط مع المسيحية التقليدية التي تقف مع بيت جنبلاط، وتاريخ بيت جنبلاط، وتاريخنا المشترك مع التقليدية المسيحية التي لا تقف معنا.
عندما تريد السير مع سمير جعجع ومع آل شمعون، هذا الحلف هو ضد الطبيعة، لكن عندما تسير مع آل البستاني، وغير آل البستاني، فهذا حلف مع الطبيعة.
سعد الحريري، حليفنا وصديقنا جعل البعض يطمع، ومن هؤلاء غطاس خوري، وغطاس تقليدياً رجل شمعوني، وإذا لم ينسحب غطاس، فيمكن هو ودوري شمعون أن يربحا، ويخسر آخر من بقي معنا من المسيحيين، أي إيلي عون.
دوري شمعون لم يتصل بي، رغم أنكم تذكرون الموقف الذي اتخذناه مع داني شمعون، لكن ما في شي بيبين مع حدا، جنس بالأساس عاطل، لكن، قمنا بواجبنا، أما دوري شمعون، فلم يتصل بي. ولكن، مثل ما قلت لسعد الحريري، إنك مسؤول عن طمع غطاس، وسوف أتحدث عن شمعون مع صديقي مروان حمادة، ولأن كل واحد ينتظرني حتى آخر لحظة، فسوف أقول إن مروان، حبيبنا وصديقنا وكل شيء لكن، الحمد الله ما حدا يتدخل في الأمر. لازم أنا مسح كل شيء ورا مروان… تفضلوا… صار دوري شمعون ما بيحكي معنا..
في منطقة عاليه، راح أعمل تسوية، وأترك محل للمير طلال، لا أريد مشاكل داخلية بين الدروز، ولأنه من يوم اللي وصلت فيه رسالة اغتيال صالح العريضي – المير طلال يعرف من قتل صالح، ونحن نعرف من قتل صالح – فأنا لا أريد أن يقوم البعض بتوريطنا بمشاكل داخلية، وهذه أمور ليس وقتها الآن، ومش واقفه الأمور على مقعد. للمير طلال مكانه، وموقعه، وبالأخير، علينا أن نتعامل بواقعية.
المير طلال اليوم مع سوريا، وأنا ضد سوريا، لكن علينا أن ننظر إلى المستقبل، يمكن النافذة من خلال المير طلال تنفع مع سوريا، وتحفظ جماعتنا فوق وفي ضغط كبير على جماعتنا فوق، ولنر أمامنا، لدينا البحر ولدينا إسرائيل ولدينا سوريا. سوريا تبقى موجودة وإسرائيل لن نذهب إليها، لم نذهب إليها سابقاً، ولن نذهب إليها.
وعلى سيرة إسرائيل اليهود ما عندهم حفظ قيمة لحدا، سنة 1982، عندما صار تحالف بين إسرائيل والموارنة، ظن الموارنة أنهم أذكياء. الذي حصل، أن إسرائيل استخدمت الموارنة ورمت بهم لاحقاً فكيف إذا حدا منا، لا سمح الله وأنا حاسم انو ما في حدا منا بفكر إنو إسرائيل بتحمي حدا… إسرائيل بدها حالها، ولا تحمي أحدا… لذلك سوف أترك مقعداً في عاليه للمير طلال.
وفي موضوع العلاقة مع الشيعة، ومثلما قال الشيخ (يشير إلى الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين)، زمطنا من قطوع، لكن الجو لا يزال غير جيد وأريد مساعدتكم، الجو الدرزي غير جيد، ومش مليح، ولا يزال هناك على خطوط التماس، رح سميها خطوط تماس، لكن، لا نريدها خطوط تماس، حيث هناك عيش مشترك نحن والشيعة، يعني في الشويفات، دير قوبل، عرمون لا يزال هناك جو درزي مش مليح.
الواقع الشيعي فرض حالو، بالعدد، بالمصاري، بإيران، أفريقيا، هم يشترون الأراضي ويملأون الفراغ، لأن كل فراع سوف لن يبقى فراغاً.. في تلك المنطقة على الساحل، هناك تنافس بين السنة والشيعة، هناك منطقة سنية وهناك منطقة شيعية، لكن علينا أن نعيش مع الشيعة، مجبورين أن نعيش مع الشيعة، هم يعرفون، أنهم عندما حاولوا القدوم إلى الجبل الكل وقف بوجههم لكن تحت في الساحل، مجبورين نعيش سوا.
لا زلت ألاحظ أجواء درزية، في بعض الأوساط الحزبية (عندي) والدينية (عند قسم منكم) هذه الأجواء غير جيدة، وما فينا نكمل هيك، لأنه في المرة الماضية زمطنا بأعجوبة، يعني أن الحظ ساعدنا… الحظ ساعدنا، رأيت الشباب ورأيت وسمعت المشايخ بدهم يقتلوا عن أبو جنب… وكنا دخلنا بحرب لها أولها وليس لها آخرها، وأحب أن أذكر أنه عندما بدأنا الحرب ضد الموارنة سنة 1975، وانتهينا سنة 1989 حتى الـ1991 عندما دخل السوري وحسم الأمور… هذه الحرب كلفتنا الكثير.
مع الشيعة، ليس لدينا مصلحة وعلينا أن نجد طريقة تحفظ وجودنا ونعمل طريقة حوار مع الشيعة. كيف يتم الأمر في الوقت الحاضر، لا تسألوني.. أنا بعرف انو في الوقت الحاضر، سوريا مش سامحة لحسن نصر الله أن يجتمع معي، أنا أعرف هذا الشي. لكن علينا أن نجد طرقاً.. مع عبد الأمير قبلان، مع غيره، مع نبيه بري، لازم نتواصل.
الشيعة اليوم هم ثلث البلد، هم اليوم مليون ومئتا ألف مواطن، ومثل ما بتعرفوا، من جنوب خط الشام، حتى الجنوب هم يشكلون الأكثرية، نحن في الوسط… المسيحيون لن يعودوا خلص، إنهم ينقرضون، السنة موجودون، لكن البحر السني الكبير ليس عندنا، بل في عكار.. هناك في الشمال..
لذلك، أريد منكم أن تساعدوني على تخفيف هذا العداء، ومش وقتها الآن نتذكر حربنا مع الشيعة اللي صارت على أيام فخر الدين.. مش وقتها الآن، كان في إمارة درزية وقتها، ولكنها راحت ماذا نفعل؟
ـ يتدخل أحد المشايخ: لكن المحبة من جانب واحد..
ـ يقاطعه جنبلاط: طيب ماذا نفعل يا شيخنا؟ قل لي ماذا نفعل؟ إذا لم نبادلهم بطريقة ونتواصل، معنا، فماذا نفعل؟ نصطدم؟ وماذا نفعل لاحقاً..
ـ يتدخل شيخ آخر: الآن دور السياسة، حضرتك يا وليد بيك بدك تتدخل..
ـ جنبلاط: طيب، لكني أحتاج إلى مساعدتكم وها أنا أقول لكم أمام الشيخ (أبو محمد) إنني أحتاج الى مساعدتكم.
ـ يقاطعه شيخ: تقول لنا وليد بيك، إن الجيش هو من يحمينا، نحن تحت القانون، لكن الجيش لا يتدخل وفي كل مرة تحصل حادثة لا يتدخل الجيش.
ـ يقاطعه جنبلاط: هناك حادثة حصلت في بيروت، وقبل أن أصل إلى بحمدون، وخلال 3 ساعات، كان الجيش قد اعتقل المسؤولين عن قتل ابن زين الدين وهناك أحداث أخرى تحصل، وقبل مدة، وقعت حادثة في الشويفات، وكنا نحن من اعتدى عليهم، ليس كل شيء يحصل من قبلهم… اسمح لي أن أقول لك يا شيخنا، نحن من اعتدى في الشويفات، وقمنا بضرب 2 ــــ 3 شيعة ولم أعرف بالحادثة إلا في وقت لاحق.. لذلك، يجب أن نرى ما علينا وما على غيرنا، يجب أن نكون متوازنين وحذرين، والاعتداء لا يحصل دائماً من قبلهم، بل يحصل اعتداء من قبلنا.. وقبل أن نتحدث عن دور الجيش يجب أن نتحدث عن دورنا وعن مسؤوليتنا.
ـ الشيخ: نحن ما اعتدنيا عليهم أبداً.
ـ جنبلاط مقاطعاً: مش صحيح، اسمح لي شيخنا أن أقول لك، حصل تعدٍّ من قبلنا عليهم وأنا أقول لكم إنني أريد بعض التوجيه من قبلكم… أنا سوف أعمل مع الحزب وأنا أشكو أمامكم من الحزب التقدمي الذي أنا رئيسه لكنني أشكو من بعض التشنج المذهبي والفئوي ضد الشيعة، لا نقدر على الاستمرار في هذه الطريقة… حتى إذا وقعت أي حادثة، من قبلنا أو من قبلهم، يجب أن لا تأخذ طابعاً درزياً ــــ شيعياً.
أريد أن أقول لكم أكثر من ذلك، مع الشيعة، يمكنك أن تجد طريقة ولو بصورة نسبية لمعالجة المشكلة، لكن مع السنة في شيء ثاني. في الوقت الحاضر، سعد الحريري، وما يسمى الاعتدال موجود عند السنة، لكن ومثلما تعرفون هناك بين السنة، مناخ ينشأ، وبنتيجة ما يحصل في العراق، وأفغانستان وباكستان، عم تربى الأصولية السنية..
ـ شيخ: هذه خطيرة.
ـ جنبلاط: قولوا لي من الأخطر، أنتم تعرفون..
ـ مشاريخ: الأصولية السنية أخطر..
ـ جنبلاط: حسناً، لنعرف إلى أين نحن ذاهبون.
ـ شيخ: وليد بك، يعني أن أي شخص منا يفتح قنوات مع الشيعة، لن يتعرض للتخوين؟ هل تؤمن له تغطية؟
ـ جنبلاط: كيف.. ما حدا بيخون حدا، أنا عم أطلب منكم التواصل مع الشيعة، أنا عم روح لعند نبيه بري، لكن أريد أن تنعكس هذه الأجواء إلى تحت … ولو ما نطلبه فقط هو تخفيف التشنج.
هناك مناطق لم تعد لنا، كركول الدروز، بطل اسمو كركول الدروز، وخندق الغميق لم يكن لنا بالأساس، في وطى المصيطبة، عم نشتري أراضي لكن هناك مناطق نحن وإياهم فيها. كيف سنستمر؟ هل يحمل كل منا البندقية بوجه الآخر. أو نتفاهم… قولو لي ماذا أفعل في مناطق مثل الشويفات ودير قوبل وعرمون… وأنا مستعد لأن أشتري أراضي فيها، لكن هناك مناطق حصل تداخل بيننا وبينهم فيها.
ـ مشايخ: بدها الأمور معالجة بالسياسة، لكن هناك مناطق عم يدخلوا إليها ومعهم أسلحة.
ـ جنبلاط: مظبوط، مظبوط، لماذا؟ لأننا نحنا من باع الأراضي هناك، صار في حسينية ويمكن أكثر ماذا نفعل؟ هذا واقع فرض حاله.. جل البحر لم يبق منه للدروز إلا القليل، بعد في شوية أراضي للدروز. هذا هو الواقع، ماذا نفعل؟ علينا تعزيز وجودنا حيث نحن موجودون، وعلينا شراء أراض حيث نحن موجودون، وأن نعزز مراكزنا الاقتصادية ومؤسساتنا. لكن، حيث هناك تداخل، علينا أن نعيش معهم. وإذا لديكم حل آخر، قولوا لي ما هو؟
ـ شيخ: أريد أن أسألك وليد بك: التعايش بدّو يكون مشترك أو من جهة واحدة فقط؟
ـ جنبلاط: هناك تداخل. ماذا نفعل، قولوا لي، أعطوني حلاً بديلاً من التعايش بتفاهم…
ـ شيخ: طرحنا إقامة مجمعات سكنية كبيرة تسهّل على الشباب الدروز الزواج والسكن فيها.
ـ جنبلاط: هلّق، اشتريت أرض، كلّفتني 4 ملايين دولار، وقدمتها للأوقاف الدرزية، لكن لدينا مشكلة مع الأوقاف. أنا اشتريت الأرض وتركتها للوقف، لكن الأوقاف لا تملك الحق في البيع. علينا إذاً أن نجد طريقة تجارية حتى نقدر أن نعمّر ونستثمر. ودعوني أشرح لكم هذه النقطة. اليوم، لن يأتي أحد إلى أرض الوقف، ويستأجر العقار، لأن صك الملكية أهم بكثير من عقد الإيجار. ومع الأسف، ما حدا بيستأجر في أرض الوقف. وضعنا قانوناً لكنه يحتاج إلى تعديلات، علينا أن نصل إلى حل، نجعل المواطن يملك الشقة، لكن العقار يبقى للوقف… علينا أن نجد طرقاً مرنة، لأن أي درزي يريد أن يستثمر سوف يقول لك أريد هذه الشقة لي أنا، وليس للوقف.
ـ شيخ: هذه مسؤوليتنا نحن، لأننا بعنا أراضينا.
ـ شيخ آخر: طيّب، هل لدى الشيعة استعداد للتعايش معنا؟
ـ جنبلاط: قبل أن نطرح السؤال عليهم، أنا أسألكم: هل لديكم الاستعداد أنتم للتعايش؟
ـ مشايخ: مش نحنا بلّشنا، الحق على السياسة. قبل 7 أيار ما كان عنّا هذا النفور، مش نحن عملنا النفور.
ـ جنبلاط: هم الذين قاموا بالأمر في دير قوبل. طيّب، الآن هل نقدر على إغلاق الموضوع؟ أو ما هو المطلوب، هل نقيم كربلاء درزية؟ السنّة الآن اخترعوا كربلاء جديدة. على أساس كان في كربلاء واحدة للحسن والحسين، هلّق السنة فتحوا كربلاء جديدة اسمها 7 أيار مع انو راح ببيروت 3 قتلى… أنا أسألكم أليس علينا نحن الدروز أن نضع خطاً فاصلاً ونغلق الموضوع؟ لقد قتلوا منّا، وقتلنا منهم… هل نتوقف أم نستمر بالقتل؟ هذا هو السؤال؟
ـ شيخ: اسمح لنا وليد بيك، في حرب الجبل سقط لنا ألفا شهيد، وهذا الذي قتلهم بيده على جسر دير دوريت شرّف على المنطقة الآن وصار حليفاً لنا اليوم.
ـ جنبلاط: لكن، كم أخذت من الوقت حتى أقفلنا هذا الملف؟ أخذت معنا 15 سنة، ولما كانت الحرب، كنت أطلب الذخيرة، كان حافظ الأسد يلبّي طلبي سريعاً (الواحد بدو يذكر المساوئ والمحاسن) كانت قوافل الذخيرة تأتي من جديدة يابوس حتى حمّانا… صحيح خضنا الحرب، لكن اليوم ماذا أفعل؟ من أين أحصل على الذخيرة؟ من البحر؟ أو من إسرائيل؟ لا، من إسرائيل لا…
ودعني أقول، كنا في بيروت محاصرين، وكنا عم نناقش وننظّر حول الـ50 زائد واحد، وصحيح كان فينا نجيبوا لنسيب لحود رئيساً للجمهورية… يومها التقيت بشو اسمو هيدا.. سمير جعجع، كان بيتمنى الحرب، المسيحيون كانوا يتمنون أن ندخل في حرب نحن والشيعة، حتى يتفرّجوا علينا، وحتى بعض السنّة كانوا أيضاً يتمنون أن نتواجه نحن والشيعة، شفناهم ببيروت للسنّة، أتى بألف واحد من عكار، لم يصمدوا أكثر من ربع ساعة.
نحن لا نقدر على الدخول في حرب مذهبية ونفسية وسياسية ضد الشيعة، وقلت لكم اذهبوا، وانظروا إلى أولئك الذين يطلقون اللحى ويحلقون الشوارب.
ـ مشايخ: هؤلاء أكثر خطورة…
ـ جنبلاط: طيب، الآن كل بيروت الإسلامية تتمدّد نحونا، ماذا نفعل؟ في الجبل فوق، لا تزال الأمور مضبوطة، لكن على الساحل ماذا نفعل؟
ـ شيخ: هناك واقع، علينا أن نعمل على تغييره.
ـ جنبلاط: الانتخابات رح تصير، ولن يتغيّر شيء جوهري في هذه الانتخابات، ومصيبتنا الآن أن وليد جنبلاط مش قادر يشكل لائحة في الشوف لأن النعرة الانعزالية عادت، والجنس العاطل، مع الأسف، يبقى من الجنس العاطل، وإذا في حدا بيعرف بالموارنة فهم الدروز وآل جنبلاط.. مش هيك؟
أما بالموضوع الشيعي، افهموا ما يحصل الآن، بريطانيا عم تفتح على حزب الله، أميركا عم تحاور إيران، لأن الكل بدهم يواجهوا الخطر الطالباني في أفغانستان وباكستان.. وعبد الله بن عبد العزيز عم يحاور سوريا، فلذلك خلّينا نكون واقعيين، وأنا أعرف وضع المير طلال، ويا ريت لديه نفس القوة ونفس الفريق مثلي أنا، لكن بدنا ندعمه، لأنه يبقى نافذة ويساعد على حماية الدروز في سوريا. أنا أقول لكم هذا الكلام… أنا وليد جنبلاط المعادي للنظام السوري… لازم نفكّر بطريقة تراعي مصالح جماعتنا فوق.
ـ شيخ: لماذا تركنا الأمور تصل إلى هذه النقطة يا وليد بيك؟…
ـ جنبلاط مقاطعاً: يا شيخنا، لم نقدر على شيء آخر، من العام 2004 حتى العام 2005. قلنا لا للتمديد، بدأت الضربات، مروان والحريري وسمير قصير وجورج حاوي. ما كنّا قادرين نتنفّس.. في مسؤولية على الكل. صحيح عليهم مسؤولية ولكن علينا نحن مسؤولية. والآن بدنا نعيد النظر. في الدوحة اتفقنا على تخفيف اللهجة ونعمل تهدئة، وأنا الآن أتمنى أن نتفق معكم، وبتوجيهات الشيخ بالنسبة للمرحلة المقبلة، بالنسبة للمستقبل، إنو نتفق ونقرّر إنو بدنا نعيش نحن والشيعة، وما عم قول إنو نحنا اعتدينا عليهم…
والآن السؤال: هل نطوي صفحة 7 أيار أم لا؟
ـ شيخ: صحيح، لكن بدنا الشيعة يتفهّموا الأمر، عندهم هجمة شرسة على مناطقنا…
ـ جنبلاط: طيّب، شو بنعمل، في مناطقنا نحن عم نتقلّص عددياً، لكن هم، الشيعة، وهناك السنّة أيضاً… هذه عرمون وبشامون، قسم شيعي وقسم سني، ماذا نفعل؟ نحن محكومون بالعيش المشترك، بحكم الجغرافيا وبحكم التوسّع القائم عند الشيعة، ومصدر قوتهم ليس إيران فقط.
بيروت، التي نسميها بيروت الإسلامية السنية، لم يبق منها حتى الآن سوى الطريق الجديدة. نذهب إلى شارع الحمرا الذي كان للأرمن وللمسيحيين، الآن أصبح الحمرا للشيعة. راس بيروت صارت مع الشيعة أو مع الحزب القومي، بتروح على زقاق البلاط والخندق، صار كلو للشيعة، كركول الدروز، لازم نسميه الآن كركول الشيعة، البسطة التحتا والفوقا، كل بيروت هيك، إنهم يشترون الأراضي والعقارات… وصادف أنهم يملكون مراكز نفوذ وقوة في أفريقيا الغربية من نيجيريا وحتى سيراليون، ومعهم مصاري كتير، وعم يشتغلوا هناك ولديهم دخل كبير.
هناك أمور تتغيّر، حتى في بيروت، وعندما كانت الحرب كنا نحن نقاتل مع الشيعة (الحركة الوطنية) ومع الفلسطينيين.. أنا لا أطلب حلاً سحرياً، أريد طريقة للتواصل وتخفيف العداء معهم…
ـ شيخ: بالنسبة للعلاقة مع السوريين، نحن لم نكن نتمنى أن تصل الأمور إلى هذا الحد، أن نذهب إلى أميركا ونطلب تغيير النظام وقلب الدنيا في سوريا… وخصوصاً أن لدينا أهلنا في سوريا… حسناً، اللي صار صار، لكن الشيعة عندهم مشروع كبير، وليست مسألة عابرة حتى نلفلف الأمور هيك، هني هاجموا مناطقنا، وصار في دم بيناتنا، وهاجمونا من جبل الباروك حتى فقش الموج على الشويفات… والحمد لله، صار في توفيق بالتصدي لهم، وكسرنا راسهم.. الجماعة انكسر راسهم عسكرياً على الأرض…
ـ جنبلاط مقاطعاً: والآن ماذا نفعل؟ اسمح لي، هل الموضوع عسكري أم سياسي؟ فإذا كان عسكرياً فقط، يعني أننا ندخل في حلقة دم لها بدايتها وليس لها نهايتها تخرب مناطقنا ومراكزنا الاقتصادية وتدمر مؤسساتنا وكل المعركة من دون أفق…
أنا عملت حرب، كنت معكم، لكن في وقتها أمّنت الطريق، من الاتحاد السوفياتي إلى سوريا إلى حمانا إلى المختارة إلى بيروت، اليوم المعادلة تغيّرت. نحن مع حفظ الكرامة، لكن مع إدارة الأمر سياسياً، حسناً، هناك واقع فرض نفسه، وهو واقع إسلامي، سني وشيعي، وليس فقط شيعياً، هذه عرمون والشويفات، وكل الساحل من خلدة حتى صيدا… علينا نفكّر لبعيد.. رحت على أميركا، صحيح، وطلبنا منهم المساعدة، قلت لجورج بوش وللباقين بدنا عقوبات على سوريا، لكن بالآخر طلعت معنا المزحة، بأن العقوبات طلعت ضد ميشال سماحة ووئام وهاب…
بدي قول شغلة، نحن عملنا واجباتنا مع أنفسنا ومع رفيق الحريري، وهوي موضوع المحكمة الدولية، هلّق ماذا يصدر وماذا يكون حكم المحكمة ما حدا بيعرف. لكن ما عاد بدنا نعمل معركة أكتر وأكبر… بتقول المحكمة بشار مسؤول، أو بريء، الحكم لها…
وبعدين صاحب العلاقة نفسه، سعد الحريري، شو قال؟ قال إذا النظام السوري طلع بريء، أنا مستعد اعتذر… طيّب هوي صاحب العلاقة، أنا من جهتي مش رح اعتذر، لأن موضوع كمال جنبلاط كنت قد طويته وقتها، طلعت وصافحت حافظ الأسد كرمال عروبة الجبل وعروبة بني معروف وكرمال وجودنا…
المير طلال يقوم بسياسة حكيمة، وعلينا أن نساعده، لأنو من خلال مساعدته نكون عم نساعد أنفسنا.. وعلينا أن نعمل على تقوية طلال أرسلان حتى يحفظ وجودنا ويحفظنا… أنا أقول هذا الكلام..».
إقرأ أيضاً:
خلفية الفيديو الجنبلاطي: تمرّد درزي على “وليد بك” وتهديد بمهاجمة “مصالحة خلدة” إذا حضرها نعيم قاسم
جنبلاط في الخلوة الدرزيّة: محكومون بالتعايش مع الشيعة… أو قولوا لي ما العمل؟
باستلهام القليل القليل من المخيلة، يمكن للسيد جنبلاط أن يتصور التعايش، الضروري، طبعاً، مع الشيعة، لكن في وضعية الوقوف، لا الانبطاح. إلا إذا كانت طبائعه السياسية العميقة، والمتجذرة في غريزته بالبقاء على قيد الحياة، عادت تملي عليه، خطاباً وممارسة، ما فعلت طوال العقود الاخيرة، إزاء عائلة الاسد مثلاً. على جنبلاط أ يقوم بعملية تقييم ساكنة هادئة وحكيمة لأدائه منذ اغتيال ابيه على أياد عائلة الاسد المجرمة، جهراً وعلناً. لئلا تؤدي نفس المواقف إلى نفس النتائج. لا سمح الله.