وجدي ضاهر “الشفاف”- خاص، بيروت
ما زالت تداعيات اعادة التموضع الجنبلاطي ترخي بظلالها على الوضع السياسي اللبناني ولكن أيضاً على الوضع داخل الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط، وذلك للمرة الاولى في تاريخ هذا الحزب. المعلومات التي توفرت لـ”الشفاف” تشير الى ان اللقاء الذي جمع جنبلاط بزعيم تيار المستقبل كان دون المستوى المطلوب ولم يحقق الغاية التي ارادها جنبلاط منه، أي جلاء وايضاح حقيقة ما اسماه “إعادة تموضع” والتي اعتبرها تيار المستقبل اغتيالا سياسيا للحريري.
ونقل زوار الحريري عنه بعد اللقاء، ردا على سؤال بشأن ما إذا كانت توضيحات جنبلاط اقنعته خصوصا بان جنبلاط لم يغادر الاغلبية: “يجب ان نقتنع”! وبمعنى آخر، ان الحريري لم يقتنع، ولكن الخيارات والتوضيحات التي جاء بها جنبلاط لم تترك مجالا للحريري للقبول أم عدم القبول.
اما على صعيد الحزب الاشتراكي، فللمرة الاولى ترتفع اصوات منددة بمواقف رئيسه. وهذا الذي دفع بجنبلاط لايفاد امين السر العام في الحزب المقدم شريف فياض، مع قياديين آخرين، لتوضيح وشرح مواقف جنبلاط للحزبيين. وتشير المعلومات ان لقاءات فياض بالمحازبين من غير الدروز باءت ايضا بالفشل. ولم تقنع ايضاحات فياض احدا من الحزبيين، خصوصا عندما فاجأوه بأسئلة لم تكن متوقعة من نوع: اذا كان الحزب للدروز دون سواهم من اللبنانيين، فلماذا نحن اشتراكيين اذا؟
واذا كان شعار “لبنان اولا” لا يقنع جنبلاط، فما هو البديل؟ وهل البديل هو “الدروز اولا”؟ واذا اراد جنبلاط حماية الدروز، وهذا لن يتحقق حسب ما تناهى لـ”الشفاف” من معلومات عن مصادر حضرت عدداً من لقاءات فياض، فمن يحمي الاشتراكيين المتوجدين في جميع المناطق اللبنانية، ام ان هؤلاء من الذين لا يدخلهم جنبلاط في حساباته؟
ومن الاسئلة التي تم توجيهها الى فياض ولم يستطع الاجابة عنها: ما هو مصير تحالفاتنا مع قوى 14 آذار؟ وما ذنب هؤلاء الحلفاء الذين احرجتنا معهم؟ واذا كان موقف جنبلاط نابعاً من حسابات الربح والخسارة في الانتخابات، وان كتلة جنبلاط تراجعت بعدد نوابها لصالح الحلفاء من كتائب وقوات لبنانية، فهل هذا يبرر اتهام الحلفاء بالعمالة والانعزال واليمين، وتاليا تحليل دمائهم؟
وهل اعادة التموضع هذه تستوجب تخوينا للحلفاء واستسلاما امام قوى 8 آذار وتكليف الوزير السابق وئام وهاب ليصبح المتحدث الرسمي باسم الحزب التقدمي الاشتراكي؟
وحقيقة الامر ان أجوبة فياض لم تكن مقنعة هي الاخرى للحزبيين ما اضطره للقول “هذا هو وليد جنبلاط” وانتم تعرفونه فما الذي نستطيع القيام به!
من جهة اخرى، وحسب المعلومات التي توافرت لـ”الشفاف”، فان رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري محرج ايضا من مواقف جنبلاط. خصوصا وان اتفاق بري جنبلاط لا يتطلب ذهاب جنبلاط الى حد تبني شعارات قوى 8 آذار، بل على العكس كان الاتفاق بين بري جنبلاط ان يتلاقيا في منتصف الطريق الى الوسطية، لا ان يتمادى جنبلاط في اعادة تموضعه ليصل الى المقلب الآخر، الامر الذي لا يترك للرئيس نبيه بري مساحة وسطية لينتقل اليها.
وما فاجأ جنبلاط ايضا موقف تيار المستقبل الذي جاء عنيفا وقاسيا ما اضطره الى الرد. حيث تشير المعلومات ايضا الى ان القوات اللبنانية منذ اليوم لتصريحات جنبلاط ادركت انها المستهدف الاول بهذه التصريحات، فاخذت قرارا نابعا من مسؤولية وطنية بعدم الرد على جنبلاط وتجاهل تصريحاته. بالمقابل، قرّر حزب الكتائب الرد الا انه تراجع بناء على طلب من تيار المستقبل الذي أخذ على عاتقه الرد على جنبلاط حرصا منه على وحدة قوى الرابع عشر من آذار في شقها المسيحي بعد ان راجت إشاعات بأن جنبلاط نسق مواقفه مع المملكة العربية السعودية وتاليا مع تيار المستقبل الامر الذي نفاه تيار المستقبل من خلال رده على جنبلاط.
وتضيف المعلومات ان بوصلة جنبلاط اخطأت هذا المرة وهو سيضطر قبل انتهاء السنة الحالية الى لملمة مواقفه الحالية والاخيرة لان مؤشرات الرياح الاقليمية ليست في الاتجاه الذي يعتقد انها سائرة اليه.
فسوريا بدأت بالتحول، وهي تاليا لم تعد سوريا التي يحن جنبلاط اليها. وايران لم تخرج بعد من ازمة انتخاباتها الرئاسية وقد لا تخرج منها قريبا. خصوصا ان الازمة الانتخابية الايرانية سوف يتم رفدها بعقوبات دولية ذكية قد تكون ايران في مأزق يفوق قدرتها على تجاوزها. وعدا ذلك، فالوضع اللبناني ليس مأساويا بالحجم الذي يصوره جنبلاط لنفسه وللآخرين إنطلاقاً من ان المحور السوري الايراني انتصر على الولايات المتحدة والغرب عموما، وبالتالي يجب اعادة تموضع جميع القوى السياسية في ضوء هذا المعطى.
وقد لخّص قيادي في تيار المستقبل هواجس ومخاوف الزعيم الدرزي بالمقارنة مع مواقف زعيم تيار المستقبل بالقول “هناك من قٌتل والده وسكت، وهناك من قُتل والده وقرر عدم السكوت”.
جنبلاط غرق في وحل تصريحاته وايضاحاته لم تقنع لا المحازبين ولا الحلفاء
لا يحتاج اللبنانيون ولا السوريون ولا العراقون ولا اليمنيون الى جهد كبير ليعرفوا من هو المجرم الحقيقي النظامين الايراني والسوري المصدرين والداعمين للمليشيات والقتل والإرهاب، ولن ترتاح لبنان ولا العراق ولا اليمن ولا المنطقة ولا العالم الا بتغيير النظامين الايراني والسوري المصدرين والداعمين للمليشيات