أدلى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بموقفه الاسبوعي لجريدة “الانباء” الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي ينشر غدا جاء فيه: “إنه يوم الفصل بإمتياز اللبنانيون مدعوون الأحد المقبل للمشاركة في إنتخابات مفصلية يختارون عبرها بين مشروعين وسياستين وتوجهين ومنطقين. إنه يوم الفصل بين منطق الدولة والعبور إلى الدولة التي تعبر عن هواجس كل الأطراف وتبدد مخاوفهم وبين منطق الازدواجية المؤقتة- الدائمة بين الدولة وشبه الدولة. إنه يوم الفصل بين احترام التنوع والنظام الديمقراطي بكل مرتكزاته التي أرساها إتفاق الطائف وبين طروحات ملتبسة لا تراعي التوازن الدقيق الذي أرساه الطائف لا سيما لناحية المناصفة وصيغة المشاركة في السلطة. إنه يوم الفصل بين من يريد أن يكون للجمهورية رئيسا يملك القدرة على حسم الصراعات وحل الازمات وبين رئيس مشلولة إمكانياته ويقتصر عمله على إدارة الأزمات دون إيجاد الحلول وبين من يريد إعلاء شأن المؤسسات الدستورية كموقع وحيد لمناقشة القضايا الخلافية وبين من يعرقل هذا الخيار من جهات مختلفة. إنه يوم الفصل بين من يريد السعي الجدي لمعالجة القضايا الاقتصادية الاجتماعية من خلال رسم خطة وطنية للخروج من المعضلات المتراكمة في هذا الملف وبين من يريد الاستمرار في رهانات خاطئة تطيح بالحد الادنى من الاستقرار المطلوب من أجل النهوض الاقتصادي والاجتماعي. ولا بد لاحقا من الاختيار بين ليبرالية اقتصادية فاحشة ومتوحشة أثبتت فشلها على المستوى الدولي وبين بناء مؤسسات منتجة في القطاع العام تعيد الاعتبار للانتاجية بكل معاييرها بعيدا عن سياسات الخصخصة العشوائية. إنه يوم الفصل بين من يريد حماية منجزات التحرير والاستقلال وتحقيق التكامل بينهما لحماية لبنان من كل المخاطر الخارجية الاسرائيلية بالدرجة الاولى وبين من لا يريد الاستفادة من دمجهما; وبين من يريد إعادة الاعتبار لاتفاقية الهدنة وإحترام القرار 1701 والتأكيد على عدم الانحياز شرقا أو غربا وبين من لا يراعي هذه التوازنات الدقيقة التي تؤثر على لبنان وموقعه وإستقراره. إنه يوم الفصل بين من يريد تطبيق اتفاق الطائف بكل حذافيره لا سيما ألا يكون لبنان ممرا أو مستقرا لأي تنظيم يستهدف المساس بأمنه أو أمن سوريا وبين من يريد إعادة إنتاج الاشكال السابقة من العلاقات بين البلدين.
إنه يوم الفصل بين من يريد أن يبحث عن صيغة تعزز قدرات لبنان الدفاعية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي من خلال إستيعاب قدرات المقاومة والاستفادة من تجاربها تحت سقف الدولة وبين من يعتبر أن التوازي بين الدولة والمقاومة هو الصيغة الانجع لحماية لبنان.
إنه يوم الفصل بين من يتطلع إلى تطبيق مقررات الحوار التي أقرت بالاجماع وفي طليعتها ترسيم الحدود وتثبيت لبنانية مزارع شبعا ومعالجة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وبين من يؤجل تنفيذ هذه المقررات التي شارك في صنعها والتوصل إليها لأسباب خاصة أو مراعاة لتحالفاته الخارجية.
اللبنانيون مدعوون في السابع من حزيران لأن يقولوا كلمتهم بثقة ومن دون تردد أو خوف. لقد حققت 14 آذار الكثير من المنجزات والطريق أمامها لا تزال طويلة وشائكة وقاسية. لن يحدث أكثر مما حدث وسنبقى على تمسكنا بخياراتنا الوطنية وبالسلم الاهلي والوحدة الوطنية. تصويت الشعب اللبناني يوم الاقتراع لخيارات الرابع عشر من آذار هو تصويت لاستكمال المشروع الاستقلالي العروبي في مواجهة المشروع الاسرائيلي الذي تحدق مخاطره بلبنان وفلسطين التي قد تشهد تهجيرا جديدا. فالمناورات الاسرائيلية الجارية حاليا خطيرة جدا وهي تعكس مرة جديدة المخططات العدوانية الاسرائيلية ضد غزة ولبنان وحتى إيران ما قد يجر المنطقة الى انفجار شامل يودي بكل ركائز الاستقرار الحالية على هشاشتها. كل هذه التحديات تستوجب تقوية لبنان وتحصينه لمواجهة الأعاصير الآتية وهي كبيرة وكثيرة.
بمعزل عن نتائج الانتخابات النيابية لا بد من التأكيد على أهمية إستمرار هيئة الحوار الوطني برئاسة رئيس الجمهورية لأنها قادرة على معالجة الملفات والاستحقاقات الكبرى وهي نجحت في تخفيف الاحتقان في مراحل عديدة. ولقد توصلت هذه الهيئة فيما سبق الى مجموعة من التفاهمات السياسية حول عناوين كبرى قادرة أن تكون منطلقا للمرحلة المقبلة خصوصا أنها أقرت بالاجماع. لذلك كل القوى مدعوة لقبول النتائج بشكل حضاري بعيدا عن الغوغائية والصخب السياسي الذي لن يودي إلى أي مكان. أخيرا في ذكرى إستشهاد الرئيس رشيد كرامي لا بد من إستذكار هذا الرجل الوطني العروبي الذي قدم الكثير من التضحيات في سبيل لبنان والقضايا العربية في محطات متلاحقة ونوجه له التحية في هذه الذكرى الاليمة.
ختاما في مجال آخر وبعيدا عن الانتخابات وصخبها لا بد من توجيه السؤال الى بلدية بيروت عما قيل حول عزمها تحويل جانب من حديقة الصنائع إلى مرآب للسيارات وكأنه لا يكفي هذه المدينة الهجمة الاسمنتية العشوائية التي قضت على كل الاخضرار فيها فلماذا هذا المشروع في هذا الموقع بالذات? أم أنه وحش الغباء فعلا?”.