من اليوم الرمضاني الأول وفي الحلقة الأولى لمسلسل باب الحارة في جزئه الثالث خرجت جنازة أحد أهم أبطال المسلسل في جزأيه الماضيين. ولعل مخرج المسلسل الشامي بطريقته المحكمة وبالعزاء الذي أقامه استطاع أن يسقي جماهير المشاهدين مقلبه ويغطي عليهم خلافاً بينه وبين أبي عصام كان سبباً رئيساً ووحيداً لعدم مشاركته في المسلسل مما دفع به خروجاً من مأزقه لتمويت الرجل وإظهار الحزن عليه ومن ثَمّ إغلاق ملفه وتغييبه من الحارة ولتمضي أمور مسلسله فيما بعد من دونه.
صحيح أن المخرج لم يعلن عن تشكيل لجنة للتحقيق في أمر أبي عصام ليعلم الناس إن كان اغتيالاً أو انتحاراً بسبب أو بدون أو هو شهادة أواستشهاد، كما لم يظهر لنا كلام الادعاء العام في هذا الشأن أو تصريحات المسؤولين ووعودهم القاطعة بالجهود المبذولة للكشف عن خفايا الجريمة ومن يقف خلفها، أو ظهور المعلقين والمشفطين والمحللين إياهم ليعقبوا ويدلّسوا على الناس، وصحيح أنه تغاضى عن تعاطف الجماهير ومحبتهم لبطل مسلسله، ولكن الأصح أيضاً أن المخرج بقصد أو بغير قصد استطاع أن يحاكي باللاوعي وبرمزية ما طريقة أسّس لها قامعون مستبدون فاسدون ومفسدون على أن الخلاف معهم والخروج عليهم لأي سبب معناه نهايتهم وخروج جنازتهم والمشي فيها والمشاهَد من تاريخهم شاهد.
بالغاء الآخر قمعاً واستبداداً ولو بإخراج جنازته نستطيع أن نفهم ونتفهم الموقف الرسمي تجاه المعارضة السورية عموماً والسيد عبدالحليم خدام خصوصاً ابتداءً من اللحظة التي قذف فيها بنفسه خارج عبارة النظام قبل أن يخرجوا جنازته معلناً انشقاقه عنه ومفارقته له وانحيازه للوطن حسب تصريحه عندما كان له أن يختار، ونستطيع أن نتفهم فيها أيضاً ماصدر مجدداً منذ أيام عن الجهات الرسمية من أحكام ضده لاتهامه بالافتراء الجنائي على القيادة السورية والإدلاء بشهادة كاذبة أمام لجنة التحقيق الدولية بشأن مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وكتابات وخطب لم تجزها الحكومة السورية كما اتهمته بالمؤامرة على اغتصاب سلطة سياسية ومدنية وصلاته غير المشروعة مع العدو الصهيوني والنيل من هيبة الدولة ومن الشعور القومي وأشدها دس الدسائس لدى دولة أجنبية لدفعها للعدوان على سوريا. وهي تهم يمكن بتعديلات بسيطة على عباراتها أن توجّه لأي معارضٍ سوري.
هنالك حقيقة يفترض استحضارها، وهي أن المشكلة بين السيد خدام والنظام تبدّت بعد انشقاقه وقوله لا لنظام العائلة الأسدي كما يحب أن يصفه. أما قبل ذلك فلم يظهر لنا شيء من خلاف رغم كل ما قيل من كلام واتهامات على طريقة (فرد الملاية) والردح في جلسة مشهودة كانت في حينها لمجلس الشعب على قناة التلفزيون السوري المحلية والفضائية سببها موقفه الجديد. ورغم أن كل ما قالوه عن الرجل كان عن تاريخ سابق لسنين وسنين من جلستهم، فإن عضواً واحداً منهم لم يسأل نفسه أين كان كل هالأعضاء في ماضي هالسنيين مما تكلموا فيه إلا أن يكون اكتشافه لما كان جاء ليلة سماعه خبر انشقاق السيد خدام عن النظام ولاعلم له فيه من قبل.
غضبَ المجلس في حينه، وقامت قيامة الرفاق ووطنيتهم قومةً واحدة على ما يبدو لأن الملاحقة تطال من ترك سفينة النظام فقط، أما من كان داخلها أو بقي فيها فهو من الحبايب ولا تثريب عليه وستره مطلوب ولو كان من أكبر النهابين والفاسدين. وهو كلام ينسجم تماماً مع ما قاله السيد خدام في حينه من أن جماعة المجلس وغيرهم لم يقولوا ما قالوا إلا بسبب موقفه السياسي المستجد وانحيازه للوطن، وإلا أين كان الجميع فيما قالوا من كلام يدينهم أنفسهم قبل غيرهم.
الكلام السابق يؤكد نفسه بنفسه من خلال الأحكام الجديدة التي صدرت والتي اعتبرها خدام تعبيراً عن حالة الاختناق والقلق والضيق التى يعيشها النظام فى سوريا بسبب عزلته الداخلية وكره المواطنين للنظام الذي حول سوريا الى سجن كبير وزاد فى معاناة شعبها بسبب استبداده وفساده. أما ما يستوجب التوقف في رد النائب السابق السابق لرئيس الجمهورية على اتهامه بالاتصال باسرائيل من قبل النظام فهو تأكيده أن السوريين والرأي العام العربي يعرفون الدور الذى تقوم به اسرائيل لحماية النظام الحاكم الفاسد والمستبد والضغوطات التى تمارسها من اجل فك عزلته وفتح باب الحوار معه.
مايلفت النظر في المحكمة المشار إليها وأحكامها أنها لم تتعرض إلى ما قيل عن خدام من كلام من قبل السادة أعضاء مجلس الشعب وما فيه من اتهامات، وإنما انصبّت التهم تاريخاً على ما بعد انشقاقه وخروجه على النظام، بل أشارت إلى قضايا تتهم فيها السلطة الرسمية عادةً معارضيها من كان منهم في الداخل والخارج وبنصوص باتت تتكرر دائماً بين واحدٍ وآخر. ومن ثم كان نصيب السيد خدام كنصيب غيره من المعارضين فيما وجه إليه من تهم الافتراء والكذب على الدولة والنيل من هيبتها، وتوهين نفسية الأمة والصلات مع العدو الإسرائيلي والسعي لتغيير النظام بالقوة وكأن السعي لتغييره بغير القوة مسموح.
قد يقال الكثير عن المحكمة وأحكامها وما كان من تعليقات حولها، ولكن هذا لا يلغي حقيقة واضحة أن عبد الحليم خدام النائب السابق لرئيس الجمهورية السوري لفترة طويلة والمعارض الحالي كان في انشقاقه ويبقى في تصريحاته ومقابلاته وأحاديثه فيما آلت إليه قناعته شاهداً ملكاً على فساد النظام واستبداده ليس كغيره من الشهود، كما هو في الوقت نفسه شاهد على صحة رأي المعارضة وصواب قناعتها وعدالة قضيتها ونظافة أهلها.
تعتقد الأنظمة القمعية الفاسدة والمفسدة أنه بإخراج جنازات معارضيها أو اعتقالهم وإيداعهم سجونها وزنازينها بتهم محضرة ومجهزة، وكيل التهم جزافاً، وعمل الاستعراضات من محاكمات وأحكام أنها تحسن صنعاً وتمكّن لنفسها في الأرض. قد يصح هذا في مسلسل تمثيلي مثل “باب الحارة”، ولكن على صعيد الحياة والواقع فإن حقائق التاريخ تؤكد أن إخراج البلاد والعباد من أزمات مستعصية ومستحكمة ليس هذا طريقها. فما أمر الظالمين عنّا ببعيد، وما كان يوماً أمر فرعون برشيد. إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
cbc@hotmailme.com
• كاتب سوري- كندا
3 تعليقات
جنازة في مسلسل “باب الحارة”
َوإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُون.
.لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ استَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. َعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ.
يعتبر 11 سبتمبر انعطاف تاريخي عالمي تضرر منه العرب والمسلمون اكثر من الامريكيون مما يدفعنا ان نفكر من الفاعل الحقيقي المتستر لهذا الارهاب؟ لقد كشفت 11 سبتمبر عيوب العرب بان برزت على السطح مليشيات طائفية(كما في العراق ولبنان والصومال وافغانستان…) وعرقية اخطر من القاعدة وايضا بدات الشعوب العربية تعي ان اكثر نظمهم فاشلة وديكتاتورية وتعتمد على الشعارات والمافيات المخابراتية والمليشيات للحفاظ على نهب الشعوب واذلالها وانها تسحق كل من ينادي بتطبيق علم الديمقراطية واحترام الانسان. وتنظيم القاعدة هو دمية ارهابية تستغل ضد المسلمين وتخويف الشعوب الى عشرات السنين.
جنازة في مسلسل “باب الحارة”
العربي الشريد.. إيقاع الموت والضياع!!
يوسف الكويليت-الرياض
أمم تتحدث عن فلسفات المستقبل البعيد بمقاييس الزمن، وكيف تقيس سرعته من خلال الإبداع والإنتاج، وما هي الموجات التي تستدعي الاستعداد للتغيير، وأخرى في القاع، خلف الزمن تعيد تخلفها بصناعة الموت، وغلق منافذ الأمن الاجتماعي وفق شعور أبله وتصرف أخرق..
العربي الشريد الذي تتقاذفه أمواج البحار ليعبر إلى بلدان حقوق الإنسان وحريته وتأمين عيشه هرباً من جحيم المظالم والفقر والسجون، بات طعاماً لأسماك البحر، والناجون فقط تستقبلهم الملاجئ البائسة، أو السجون، وهي صور لم نشهدها لمن هم أكثر جوعاً في أفريقيا أو آسيا، لكنه العربي المختنق بين فقر السلطة لتحقيق أبسط وسائل العيش، وبين ثقل كلفة الحياة في تلبية أقسى احتياجاته، وتأمين سلامته الذاتية..
ملايين من اللاجئين ممن تأويهم بلدان عربية، أو دولية، إما بسبب التشريد على الهوية أو مواجهة الموت، أو الفرز بمن مع أو ضد الحاكم والحزب والطائفة، وحين يتم تهجير الملايين من الشعب العراقي والسوداني، وتتناثر فئات عديدة على قارات العالم، إما هاربة من الجحيم، أو حاملة لحقائبها الثقيلة المترعة بالمال، والكفاءات والمملوءة بالغبن وقتل فرص الإبداع والاستثمار فأين يتجهون؟
من يصدق أننا في بلاد الأنهار والنفط، وبيئات التنوع الجغرافي، والمنافذ الاستراتيجية والأجيال الشابة يشكل مَن هم تحت خط الفقر من العرب 40% وأن هذه النسب لا تنجو منها بلدان الأغنياء والفقراء، وأن الإنسان العربي، لا يستطيع الحصول على الوظيفة إلا بالارتزاق والاستزلام، والتبعية، وأن إيجاد كرسيّ في فصل دراسيّ، أو سرير في مستشفى، أو سكن لائق أو دفع فواتير أعباء المياه والهاتف والكهرباء، والحصول على فسحة صغيرة في الزمن ليفكر أو يعيش عصره كمواطن سويّ، لا يمكن أن تتحقق إلا بالتكيف مع حياة وسلوك السيد، والعبد..
كنا نصوّر الهند والبرازيل، بأنهما بلدا المدن (الأورستقراطية) المحاطة بمدن الصفيح ممن يتوالدون في الأكواخ ويرمون موتاهم من الأطفال في براميل النفايات، لكن من يشهد المدن العربية الكبرى يرى نفس الصورة، ومن يعرف تصاعد الجريمة والنسبة المتضاعفة من الجانحين والمجرمين الذين تكتظ بهم السجون، يدركء أن الخلل الاجتماعي، هو سياسي قبل أن يكون تربوياً، لأننا إذا كنا نرسل لمدارسنا الملايين لمكافحة الأمية، ثم لا يجدون سكة يسلكونها إلى تأمين لقمة العيش، فإن الطريق إلى السجن هو النتيجة النهائية، وأنه مع تصاعد البطالة، سوف نجني على تماسك الأسرة مع تزايد الانحرافات والإدمان على المخدرات، أي أن المواطن العربي، لا خيار له إما المغامرة بالخروج من الوطن بأي وسيلة، أو الانحدار إلى التفسخ والجريمة، وهما الطرق السالكة وحدها إلى القاع..
بيئة الفساد العربية، أصبحت تقليداً عاماً، حتى إن من يجازف بنشر أو قول الحقيقة وحده من يقف في دوائر الشرطة والمباحث للمساءلة والتحقيق وربما السجن، لكن أن يوجد مَن يهمل في واجبه أو يشجع على الفساد، أو يصل لمراكز مرموقة ويجعلها وسيلة ارتزاق واحتماء بقوانين السلطة، فهو المرموق والمرهوب، ومن هنا صارت المكوّنات الاجتماعية تفصلها حواجز بين منتفعين تضمهم الطائفة، أو العلاقات الشخصية، والبناء الهرمي للحزب ودوائر الأمن، وخلفهم المهمشون، وهذا الخلل مع تصاعد وسائل الانتشار للوثائق، ووصولها إلى الرأي العام المحلي والدولي، أوجد قنوات لا تخضع للحجءب والمنع، وبالتالي صار تأثيرها يفوق الإعلام الرسمي والمسيّس عندما تحول جهاز الحاسوب إلى إشاعة كل ممنوع ومتستَّر عليه، وبقيت الأسرار بلا حواجز وهنا القضية التي لابد من معالجتها قبل أن تتصادم الإرادات القاهرة مع المقهورة..
جنازة في مسلسل “باب الحارة”
الله طلب من كل انسان وخاصة العقلاء والمفكرين ان يقولوا لا للطاغوت لا للمليشيات لا للارهاب لا للنظم الشمولية لا للمافيات المخابراتية والا فان المجتمع سيدمر كما في سوريا ويوم القيامة سيحاسب الانسان فردا . الله شرح ذلك في موقف الانسان ضد فرعون ولهذا عندما يكون الانسان جاهل واحمق فيقفز كالقرد بالشعارات بالروح بالدم نفديك يا ابو الجماجم ويستعبده الطاغوت ويستغله في تدمير الشعب والامة والانسانية فانه سيحاسب بالدنبا قبل الاخرة استخف قومه فاطاعوه فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم