من أحداث حرق دار الكتاب المقدس بالخانكة 6 نوفمبر 1972 إلى الإعتداءات الاثمة على الأقباط بقرية بمها بالعياط يوم 11 مايو2007 ،هناك المئات من الإعتداءات الكبيرة والصغيرة التى وقعت على الأقباط وستستمر هذه الإعتداءات كمعبر عن الاضطهاد الذى يقع عليهم وتتكاتف عوامل كثيرة فى استمراره سواء كانت مجتمعية أم من مؤسسات الدولة بسلطاتها الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية. نحن هنا امام عمل متكامل يبدأ بتوصيف الحدث وينتهى بالاحكام القضائية التى تشجع على استمرار الجريمة مرورا بسلسلة من المظالم تتخذ آليات تعبر عن تكريس ومأسسة الظلم والتمييز والأضطهاد.
أولا: توصيف الحدث
من أحداث الخانة إلى أحداث العياط نحن امام أحداث واضحة التوصيف، إعتداءات اثمة على الأقباط ، وجرائم وعدوان يقع عليهم، واعتداء فى الاساس على القانون وعلى السلام الاجتماعى وعلى مواطنيين مسالمين.هل هذا التوصيف يحتاج إلى فذلكة؟.
ولكن التناول الإعلامى المصرى على مدى أكثر من ثلاثة عقود فى معظمه يتسم بالمراوغة والتضليل ويتراوح التوصيف بين الإنكار والتدليس. ويمكن تصنيف توظيف الإعلام المصرى لهذه الحوادث فى عدد من الاتجاهات، فهناك الإنكار وهو إدعاء ان كل شئ على ما يرام وأن ما حدث يعبر عن اتجاهات فردية يقوم بها شخص مجنون أو غير عاقل بما فى ذلك نفى هذا الإتجاه لوجود تمييز يقع على الأقباط من اساسه.وهناك التجاهل التام كما يحدث فى كثير من منابر الإعلام الرسمى، إلى التقليل من شأن الحدث ونشره فى عدة سطور فى الصفحات الداخلية. وهناك التوصيف التتويهى التضليلى حتى لا نعرف من اعتدى على من ومن الجانى ومن الضحية مثل هذا الوصف المقيت المسمى بالفتنة الطائفية، أو وصفها باشتباكات بين مسلمين وأقباط، أو أحداث عنف أو مواجهات طائفية أو أحداث مؤسفة ، أو صدامات ومعارك بين مسلمين وأقباط…كل هذه الأوصاق تضليلية لتوزيع المسئولية على الطرفين، وكأن المسلمين والأقباط فى موقع وأحد وليسوا اغلبية واقلية ومعتدين ومعتدى عليهم. ولكن اسوأ الاوصاف هو ما يتسم بالكذب والتدليس كالقول استفزازات الأقباط للاغلبية المسلمة أو المتطرفين من الجانبين معتبرين كل قبطى يشتكى من المظالم الواقعة عليه متطرف!!!.
الحد الادنى لبدء الحل الجاد لأى مشكلة هو التوصيف الصحيح سواء كان التوصيف الاعلامى أو الامنى أو القانونى أو المجتمعى، ولكن مما يؤسف له أن كل الأعتداءات التى وقعت على الأقباط تم توصيفها عمدا بشكل خاطئ وبطريقة مضللة وأقل ما يقال عنها إنها غير امينة وغير مهنية وغير محايدة وغير وطنية.
ثانيا: سيناريو يوم الجمعة
يقول المستشار طارق البشرى فى كتابه التحريضى ” الجماعة الوطنية، العزلة والاندماج” ، “أن المسلم المصرى يتلقى تعليمه الدينى بشكل علنى سواء فى المدارس أو المساجد … ولكننا لا نعرف ما يقال عن الإسلام والمسلمين فى الكنائس وما يقال عن العرب والعروبة مثلا”.
الأمر واضح ، فعشرات الحوادث التى وقعت على الأقباط كانت يوم الجمعة وفى سيناريو يكاد يكون واحدا وهى تجيب على هذا السؤال. إشاعة تتداول ومنشور يوزع يدعو إلى الجهاد ونصرة الإسلام والمسلمين والأقتصاص من الكفار، تندفع على اثره الحشود بعد صلاة الجمعة المعبأة بخطب نارية تحض على الكراهية والعنف لتبدأ أعمال القتل والنهب والحرق والتخريب والإعتداء على المسالمين الامنيين.قد تكون الحشود بالمئات وقد تكون بالالاف كما حدث فى الاسكندرية فى اكتوبر 2005 . ثم نسمع فى نهاية الاحداث من المحرضين انفسهم والذين كانوا يصرخون فى مكبرات الصوت دعوة على الجهاد، يقولون إنها فتنة لعن الله من ايقظها!!!. ويجتر الأقباط احزانهم وآلامهم فى انتظار هجمة أخرى من الرعاع.
وهذه أمثلة على ما حدث من إعتداءات على الأقباط بنفس السيناريو يوم الجمعة بعد الصلاة:
■ يوم الجمعة8 سبتمبر 1972 قام الرعاع بعد صلاة الجمعة بحرق جمعية النهضة الارثوذكسية بجهة دمنهور بالبحيرة.
■ يوم الجمعة 2 مارس 1990 قام الرعاع بعمليات حرق ونهب وسلب واسعة فى مدينة ابو قرقاص المنيا حيث تم حرق عشرات المنازل والمحلات والصيدليات وسيارات الأقباط بالاضافة الى جمعية الشبان المسيحيين وجمعية خلاص النفوس وكنيسة مار جرجس للكاثوليك ببنى عبيد ابو قرقاص.
■ يوم الجمعة 11 مايو 1990تم الهجوم بالمدافع الرشاشة على الأقباط فى الاسكندرية وقتل فى الهجوم القس شنودة حنا عوض وزوجته والدكتور كمال رشدى والفونس رشدى وسامى عبده وبطرس بشاى والطفل مايكل صبرى.
■ يوم الجمعة الموافق 16 مارس 1990 تم القاء عبوة متفجرات على كنيسة السيدة العذراء بعين شمس.
■ يوم الجمعة 20 سبتمبر 1991 عاث المتطرفون بالسيوف والسنج نهبا وسلبا وتخريبا لبيوت ومحال الأقباط وصيدلياتهم فى المنيرة الغربية بحى امبابة بالقاهرة.
■ يوم الجمعة 19 يونيه 1992 انطلق المتطرفون فى قرية صنبو بديروط للقتل والتخريب ، فقتل ثلاثة أقباط وتم تخريب وحرق 64 منزلا ومتجرا يملكها أقباط منها 8 أتت عليها النيران بالكامل.
■ يوم الجمعة 16 اكتوبر 1992 عاث المتطرفون تخريبا وتدميرا لممتلكات الأقباط فى مدينة طما بمحافظة سوهاج وتم قتل اثنين من الأقباط وحرقت الكنيسة بالكامل وأستمرت أعمال السلب والتخريب لاكثر من ثلاث ساعات.
■ يوم الجمعة 5 مارس 1993 اندلعت أحداث القوصية وتم الإعتداء على ممتلكات الأقباط وارواحهم.
■ يوم الجمعة 5 مارس 1993 قتل المتطرفون المواطن القبطى عادل بشرى فى قرية مير بمحافظة اسيوط وهو عائد من الكنيسة إلى منزله.
■ يوم الجمعة 11 مارس 1994 ارتكب المتطرفون مذبحة امام الدير المحرق باسيوط قتل على اثرها اثنين من الرهبان وثلاثة من زوار الدير الأقباط.
■ يوم الجمعة 3 فبراير 1997 قام الغوغاء والعامة بعد الصلاة بالاعتداء على المواطنيين الأقباط فى قرية منافيس مركز ابو قرقاص بالمنيا وتخريب ممتلكاتهم بالإضافة إلى أعمال السلب والنهب.
■ يوم الجمعة 14 فبراير 1997 قتل المتطرفون ثلاثة أقباط فى قرية كوم الزهير مركز ابو قرقاص.
■ يوم الجمعة7 مارس 1997 قام الغوغاء بعد الصلاة بمهاجمة الكنيسة لإنزال الصليب بقرية التمساحية باسيوط وعاثوا نهبا وتخريبا لمنازل ومحلات الأقباط.
■يوم الجمعة 14 اغسطس 1998 قام المتطرفون بقتل قبطيين فى قرية الكشح بسوهاج وتم إتهام الأقباط بقتلهم وتعذيبهم وباقى القصة معروفة.
■ يوم الجمعة 31 ديسمبر 1999 بدأت أحداث الكشح بالتخريب والقتل والنهب لممتلكات الأقباط واستمرت حتى 2 يناير 2000 وقتل على اثرها 21 قبطيا وتخريب العشرات من المحلات والبيوت ونشر الرعب فى القرية.
■ يوم الجمعة 7 نوفمبر 2003 قام الغوغاء بالهجوم على ممتلكات ومحال الأقباط فى قرية جرزا بالعياط وتم نهرب وتخريب 13 منزلا وإصابة خمسة من جراء الهجوم .
■ يوم الجمعة 3 ديسمبر 2004 قام الغوغاء فى قرية منقطين بالمنيا بهدم وحرق كنيسة الأقباط والإعتداء على ارواحهم وتخريب منازلهم واعمالهم.
■ يوم الجمعة 14 اكتوبر 2005 و21 اكتوبر 2005 قام الاف من الغوغاء بمهاجمة بيوت ومحلات الأقباط فى محرم بيك بالاسكندرية ومحاصرة كنيسة مارجرجس ونشر الرعب بين الأقباط فى الأسكندرية
■ يوم الجمعة 14 ابريل 2006 قام متطرف أو مجموعة من المتطرفين بمهاجمة اربعة كنائس بالاسكندرية بالسيوف وقتل قبطى واصيب خمسة اخرين من جراء هذا الهجوم الإرهابى.
يوم الجمعة 11 مايو 2007 هاجم متطرفون بعد صلاة الجمعة منازل ومحال الأقباط بقرية بمها بالعياط ونقلت وكالة رويترز احتراق 27 منزلا ومتجرا للاقباط منها عشرة منازل دمرت بالكامل بالاضافة إلى متجرين وواصلت رويترز بأنه فى فبراير 2007 أحرقت متاجر لأقباط بعد شائعة عن قصة حب بين فتاة مسلمة وشاب قبطى فى جنوب مصر.اما صحيفة المصرى اليوم فقالت أن المتهمين احرقوا 25 منزلا و5 محال للأقباط واستخدموا الشوم والحجارة والأسلحة البيضاء فى الإعتداء على المصابين والكيروسين فى إشعال الحرائق بالمحال والمنازل.
هذا بخلاف العشرات من الحوادث والإعتداءات الأخرى التى حدثت فى ايام اخرى غير الجمعة والكثير منها استهدفت الأقباط فى مناسباتهم الخاصة واحتفالاتهم وأيام الآحاد ونذكر منها:
(منشأة دلو- قليوبية ،اغسطس 1978)، (التوفيقية-سمالوط، سبتمبر 1978)، (الاسماعلية ، يوليه 1980)،( الزاوية الحمراء-القاهرة، يونيه 1981)، (ابو قرقاص ، 1989 ، فبراير 1990، مارس 1990)، (عين شمس ،مارس 1990)، (سنهور- الفيوم، ابريل 1990)، (منيا القمح- الشرقية، ابريل 1990)، (منفلوط- اسيوط ،ابريل 1990)، (النوبارية، مايو 1990)، (حوش عيسى –البحيرة 1991)، (امبابة القاهرة، سبتمبر1991)، (صنبو وديروط- اسيوط ، مارس 1992)، (ديروط- اسيوط ، مايو 1992)، (صنبو- اسيوط ، يونيه 1992)، (طما- سوهاج، اكتوبر 1992)، (مدينة اسيوط، فبراير 1993)،(القوصية –اسيوط ، مارس 1993)، (دير المحرق- اسيوط ،مارس 1994)، (مير- اسيوط، اكتوبر 1994)، (كفر دميان- شرقية، فبراير 1996)، ( البدارى-اسيوط، فبراير 1996 )، (دير العزب-الفيوم ،ابريل 1996)،(طهطا- سوهاج، اغسطس 1996)،(الفكرية- ابو قرقاص، فبراير 1997)، (التمساحية- اسيوط ، مارس 1997)، (عزبة كامل تكلا- بهجورة بنجع حمادى، مارس 1997)، (طحا الاعمدة- المنيا ، اغسطس 1998)، (ابو تيج-اسيوط ،نوفمبر 1998)، (الكشح- سوهاج، اغسطس 1998، يناير 2000)، (قصر رشوان – الفيوم، اغسطس 2000)، (بنى واللمس- مغاغة، فبراير 2002)، ( منقطين- سمالوط، ديسمبر 2004)، (دمشاو- المنيا، يناير 2005)، (تلوانة-الباجور منوفية،ابريل 2005)، (العدر- اسيوط، مايو 2005)،(كفر سلامة- شرقية، ديسمبر 2005)، ( العديسات- قنا، يناير 2006)، (عزبة واصف غالى- العياط ، فبراير 2006)، ( الاسكندرية، مايو 1990، اكتوبر2005، ابريل 2006)،( بمها- العياط ، مايو 2007).وطبقا للكتاب السنوى الذى يصدره مركز بن خلدون، فإن عدد الأحداث الطائفية العنيفة التى وقع فيها ضحايا من الأقباط واستدعيت تدخلا امنيا واسع النطاق تجاوزت المائة والعشرين خلال الفترة من الخانكة 6 نوفمبر 1972 إلى احداث الأسكندرية 21 اكتوبر 2005 ، هذا بالاضافة إلى المئات من الأحداث الأخرى الصغيرة التى لم تلفت نظر وسائل الإعلام لرصدها أو جرى تعتيم كامل عليها. وقد قدرت فى دراسة سابقة ان اكثر من اربعة الآف قبطى قتلوا واصيبوا فى العقود الثلاثة السابقة من جراء اعتداءات المتطرفين المسلمين عليهم ،علاوة على خسائر تقدر بعشرات الملايين من الدولارات ونشر الرعب والتهجير بين الأقباط المصريين…..والباقية تأتى.
ثالثا: التعامل الأمنى
لن اتحدث عن دور الأمن الأساسى فى منع الجريمة وحماية الممتلكات العامة والارواح وهى المهمة التى يقاس نجاح أى جهاز امنى فى العالم بنجاحها، ولن اتحدث عن التحريض والتواطئ الأمنى ضد الأقباط الذى يصل إلى حد المشاركة غير المباشرة ضدهم والتى رصدته الكثير من منظمات المجتمع المدنى المصرى فى تقاريرها، ولن اتحدث عن حملات أمنية مباشرة للهجوم على مراكز العبادة للاقباط كما حدث فى بطمس وشبرا الخيمة واسيوط وسمالوط ودير الانبا انطونيوس وغيرها، ولكنى ساتحدث هنا عن الحد الادنى وهو توصيف الحدث بامانة وكتابة محضر تحقيق أمين ومحايد ونزيه. يؤسفنى أن اقول اننا لم نحصل على محضر شرطة واحد خلال العقود الثلاثة الاخيرة يدون ما حدث ضد الأقباط بامانة وحياد. انظروا إلى بيان وزارة الداخلية الاخير حول أحداث بمها بالعياط حيث ذكر البيان عدد المنازل المحترقة ثلاثة منازل وعدد المصابين ثلاثة باصابات سطحية طفيفة من أبناء الطائفة القبطية!!، وتذكروا بيانات النبوى اسماعيل عن أحداث الزاوية الحمراء ودور الشرطة فى الكشح وكفر دميان والعديسات وسمالوط.
وفى النهاية وكالمعتاد تقبض الشرطة على مجموعة من الأقباط وتبتزهم حتى تجرى مصالحات شكلية تجبر الأقباط على التنازل عن حقوقهم القانونية وحقوقهم فى التعويضات العادلة وعن حق الدولة فى ردع الجريمة وحق المجتمع فى الآمن والسلام.
رابعا:الردع القانونى
الجمعة 11 مايو2007 حدث ما حدث فى قرية بمها بالعياط، السبت 12 مايو 2007 تم تبرئة المتهمين بالاعتداء على ارواح وممتلكات الاقباط فى قرية العديسات فى 17 يناير 2006 حيث حرقت منازل الأقباط ودمروت بيوتهم وقتل قبطى فى الاحداث ومات طفل قبطى فزعا واصيب العديد من الأقباط. من الذى قتل ودمر ونهب إذن؟، هل الأقباط قتلوا انفسهم ودمروا بيوتهم بايديهم؟، وماذا تعنى رسالة القضاء هذه فى نفس توقيت أحداث العياط؟.
فى كل الحوادث العديدة التى وقعت على الأقباط يشير الأقباط باصابع الإتهام إلى اسماء بعينها، هذا حرض وهذا قتل وهذا حرق وهذا نهب، لان المعتدين لم ياتوا من المريخ ولكنهم جيرانهم واهل بلدهم ولدى عشرات الأسماء التى رصدتها والتى أدلى بها الأقباط المعتدى عليهم، ورغم تأكيد الأقباط على مرتكبى هذه الجرائم وتسميتهم بدقة تأتى الأحكام دائما مشجعة للجرائم ضد الأقباط!!.
منذ عام 1970 وحتى عام 2007 رصدت الأحكام القضائية للمعتدين على الأقباط لم أحصل على حكم وأحد بإعدام مسلم لانه قتل قبطيا رغم قتل مئات الأقباط خلال تلك العقود، فى حين صدرت اعدامات بالجملة على المعتدين على السياحة أو على رجال الشرطة وتم تحويل الكثير من هذه القضايا إلى المحاكم العسكرية التى أصدرت احكامها بسرعة وبحزم.
تصدر المحاكم احكاما بحظر رجوع القبطى إلى دينه الذى خرج منه تحت جملة من الضغوط وتتهمه بالردة رغم عدم وجود قانون للردة معتمدة فى أحكامها على رأى الفقهاء، ومحاكم أخرى تأخذ رأى الأزهر فى قضايا قانونية. فى محاكم أخرى يتحول القاضى إلى مشرع ويخلق قاعدة قانونية ويحكم بناء عليها، وفى قضايا أخرى يتجاهل القاضى القانون ويتحول إلى مصلح إجتماعى حتى يعفى المعتدى من العقاب….. أين يجد الأقباط العدل إذن؟.
خامسا: مجلس الشعب
قبل حرب اكتوبر شكل مجلس الشعب لجنة لتقصى الحقائق فى أحداث الخانكة التى حدثت فى 6 نوفمبر1972 برئاسة دكتور جمال العطيفى، وصدر عن اللجنة تقرير متوازن لم تنفذ أى من توصياته حتى هذه اللحظة. وأتضح أن التقرير جاء لتهدئة الأمور قبل حرب اكتوبر 1973. بعد أحداث الاسكندرية فى اكتوبر 2005 تقرر تشكيل لجنة اخرى لتقصى الحقائق من مجلس الشعب ولكنها لم تبدأ عملها حتى الآن وتم تنويم الموضوع. منذ عام 1998 يرقد فى ادراج مجلس الشعب مشروع القانون الموحد لبناء دور العبادة الذى قدمه المستشار محمد الجويلى ويرفض المجلس مناقشته رغم إنه يصدر قوانيين خلال عدة ساعات عندما يريد ،ورغم أن هذا القانون سيقلص مساحات العنف ضد الأقباط والتى يأتى الكثير منها للهجوم على كنائسهم بحجة عدم الحصول على ترخيص. منذ اكثر من ربع قرن يرفض مجلس الشعب مناقشة مشروع قانون الاحوال الشخصية الموحد للمسيحيين والذى اعيد تقديمه مرة اخرى عام 1998. رفض المجلس إصدار أى قانون يجرم التمييز فى المجتمع على اساس الدين ويجرم هذه الإعتداءات. رفض مجلس الشعب إضافة اية فقرات فى التعديلات الدستورية الاخيرة تجرم التمييز على اساس الدين او العرق او النوع.
هاج مجلس الشعب وماج لمجرد رأى قاله وزير الثقافة عن الحجاب ولا يهتز نفس المجلس لعشرات الاحداث الدموية التى وقعت على الأقباط… وفى هذا يكفى.
والخلاصة
هناك غياب للوقاية المجتمعية وغياب للعلاج القانونى الرادع، الثقافة المجتمعية، والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية تصب كلها فى اتجاه واحد يشجع الأعمال العدائية ضد الأقباط.
النقابات المهنية تسرع بقوافلها لزيارة مسلمى البوسنة والشيشان وتجمع الأموال لدعم الجهاد حول العالم ولا تكلف نفسها بتخفيف آلام شركاء الوطن والذين يمولون هذه النقابات من اشتراكاتهم.
نقابة المحامين تعقد الندوات للدفاع عن صدام حسين وترسل محاميها للدفاع عن المتطرفين ولكنها تتخاذل فى دعم المعتدى عليهم من الأقباط.
حتى الأموال التى تم جمعها من الداخل والخارج لإعادة بناء كفر دميان لا نعرف من استولى عليها ولم يقدموا شيئا لابناء القرية الغلابة المعتدى عليهم.
ماذا يمكن أن يكون وضع الذمية اكثر من هذا الذى يحدث؟
للأسف لم يستطع المجتمع المصرى بمؤسساته وثقافته أن يفصل المواطنة عن الدين، وما زال األأقباط يعانون من وضع أقرب إلى وضع الذمية التاريخى.
الأقباط مضطهدون وهناك مسئولية على كل قبطى سواء كان علمانيا أم رجل دين وسواء كان فى الداخل أو الخارج، هناك مسئولية شخصية لمقاومة هذا الاضطهاد بكل الطرق السلمية والقانونية المحلية والدولية ومن يتقاعس هو شخص مقصر فى حق نفسه اولا قبل ان يكون مقصر ا فى حق شعبه ووطنه.
المدير التنفيذى لمنتدى الشرق الاوسط للحريات
magdi.khalil@yahoo.com
واشنطن