في عام 1980 قرأ المرحوم الشاعر السوري ممدوح عدوان، لي ولعدد من الأصدقاء ـ أطال الله في عمرهم ـ وعذرا فهذا من كلام المسنين، قرأ لي قصيدته بيروت “هي ورقة من توت… سقطت فما عرت سوى التابوت”. قلت له يومها: أحوجتك القافية بيروت غير هذا. احتد النقاش ووقف معه الأصدقاء، وبقيت وحيداً، وما زلت كذلك بعد ثمانية وعشرين عاماً، وأظنني سأموت على ما أنا فيه.
بيروت الجمال.
بيروت قلب الحق والخير.
الجمال لا ينفد، الجمال لا يسأل، الله الجمال.
القبحاء هم يسألون.
في بيروت مقهى اسمه التاء المربوطة، صباياه، شبابه، ازرار ورد تفتحت في ساحة الحرية.
اضاؤوا الليل، لونوا نهارهم بلون القمر الزهري. مقهى ثلثاه لأحاديث السمر والحب والسياسة، وثلثه مكتبة، من لا يجد الحياة فيه فليسأل جيناته اللاإنسانية عن السبب.
بيروت عصية على الغزاة.
ان انتصروا، ان انهزموا.
ان قيل لهم “TUO”
إن قيل لهم )SKNAHT(
بيروت الباقية، يزين جبينها اكليل نصر، وتنعقد على خصرها الفتنة، وفي قدميها خلخال من ذهب الابدية.
بيروت المعرفة والعلم والحرية والدم.
لن يفلت غاز من الحرية، الحرية لا ترحم اعداءها. هكذا علمنا تاريخ الانسان، وعلى الهويات القاتلة ان تدرس قوانين الغابة جيداً فمآلها هناك وقد تتعثر بأدواتها الجارحة وسلاحها الشرعي ومالها الحلال.
بيروت اللفظة، تكررت هنا، لن يعيب عقد الماس لو زادت ماساته.
بيروت حبة القلب، دمعة العين ضياء الفرح، عاشقة الحياة الابدية.
وليذهب عشاق الموت وهواة الانتحار الفارغ إلى جحيم الحياة الدنيا والآخرة.
(*) معارض سوري
adeb.talb@gmail.com