**
معلومات جريدة “النهار”، التي يعارض عميدها الأستاذ غسّان تويني تعديل الدستور لترشيح الجنرال سليمان، تفيد أن مبادرة ترشيح قائد الجيش لم تأت من كتلة 14 مجتمعة، بل من وليد جنبلاط وسعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، و”من خلف ظهر” الفرقاء الآخرين في 14 آذار، بما فيهم قائد القوات اللبنانية سمير جعجع والرئيس الأسبق أمين الجميل “اللذين علما بهذا الترشيح من الإعلام”!!
وأشارت “النهار” إلى رسالة بعث بها وليد جنبلاط إلى حسن نصرالله “قبل أيام”، ولكنها لم تعرض مضمونها، مع أن كلام وليد جنبلاط (المنشور أدناه) يعني أنه تمّ إطلاع نصرالله مسبقاً على المبادرة.
ويؤكّد الأستاذ وليد جنبلاط أن المبادرة جاءت بوحي لبناني فقط، ولكن السفيرين السعودي والأميركي، اللذين كان غيابهما “ملحوظاً” أثناء وساطة كوشنير، عادا للظهور فجأة وبصورة داعمة لترشيح ميشال سليمان للرئاسة.
بناءً عليه، الإرتباك الذي أثاره ترشيح قائد الجيش لا ينحصر بالمعارضة. فكتلة 14 آذار تبدو بدورها مرتبكة حيال التفرّد بإعلان ترشيح الجنرال.
**
معلومات “النهار”:
وقالت اوساط نيابية لـ”النهار” ان مجمل اللقاءات والاتصالات التي جرت امس ابرزت مفارقات جديدة في مسألة ترشيح العماد سليمان التي باتت المسار الجديد والمحفوف بالمصاعب قبل ان يبت مصير وصوله الى الرئاسة. واوضحت ان اتصالات سجلت مساء امس بين اركان من الغالبية والمعارضة، فيما تحدثت عن رسالة بعث بها قبل ايام رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط الى الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في اول اتصال من نوعه بينهما منذ مدة طويلة.
وعكس النائب غسان تويني حساسية هذه المرحلة باعلانه عقب زيارته بري امس ان رئيس المجلس “يقول صراحة انه ينتظر وعندما يأتونه بالاجماع يباركه”، ملمحا الى ان الاجماع هو شرط تعديل الدستور. ولفت الى ان بري “توصل الى شيء مع ميشال اده على رغم انه كانت هناك تحفظات عن بعض الامور ولكن كانت قابلة لان تجلى وتنجلي ولا اعرف ما اذا كانوا سيجرون فحصا للعماد سليمان”. واكد انه لن يصوت على تعديل الدستور.
ومع تجديد النائب بطرس حرب امس رفضه تعديل الدستور، افادت اوساط اطلعت على المحادثات التي اجراها الرئيس امين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية لـ”القوات اللبنانية” سمير جعجع في لقائهما مساء امس في معراب انهما فوجئا باعلان “خيار كبير” كتزكية العماد سليمان ومعرفته من الاعلام. وعلى رغم اشادتهما بقائد الجيش، فإنهما اعتبرا ان تعديل الدستور “ليس العوبة”، وقررا تكثيف الاتصالات في الساعات المقبلة لاتخاذ الموقف الملائم. وقالت هذه الاوساط لـ”النهار” ان الجميل وجعجع اعتبرا ان هناك معوقات كبيرة امام تعديل الدستور، وان ثمة اولويات عدة للمسيحيين يجب ان تؤخذ في الاعتبار قبل اتخاذ خيارات كبيرة كهذه، لكن ما جرى ان اركاناً كثراً في قوى 14 آذار علموا بهذا الخيار من الاعلام. واضافت ان لقاء رباعياً عقد فعلاً ليل الاثنين – الثلثاء في قريطم وضم الرئيس الجميل والنائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط وجعجع تناولوا فيه كل الخيارات الممكنة لمعاودة المشاورات بين بري والحريري. ولكن لم يطرح خيار تزكية العماد سليمان في هذا اللقاء. واشارت الى ان مشروع عقد لقاء لقوى 14 آذار امس قد ارجئ.
جنبلاط: لا وحي
اما النائب جنبلاط فقال ليلاً لـ”النهار”: “علينا ان نتجاوز موضوع تعديل الدستور، مع ان التعديل الدستوري اساسي انما الاهم هو استقرار البلد من خلال شخص كانت لديه يد كبيرة في توحيد الجيش وابعاده عن السياسة وحماية المواطنين والمؤسسات في اقسى ظروف الاحتقان في 23 و25 كانون الثاني الماضي. هذا الاختيار كان محض لبناني ولم يأتنا من وحي خارجي ولا من وساطات خارجية انتهى البعض منها في شكل فولكلوري. ويستحق ترشيح العماد سليمان تجاوز الحساسيات والمزايدات لان لقائد الجيش سجلاً ناصعاً في حماية المقاومة وحماية الديموقراطية وحماية المؤسسات”.
وكشف انه “شارك مع شخصين هما النائب سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة” في هذا الخيار. واوضح ان السنيورة “لعب درواً مهماً في هذا الاطار من منطلق حرصه على عدم البقاء في حالة غير صحية اي حالة الفراغ في الرئاسة الاولى وان يكن موقعه صحيحاً ودستورياً. وكان السنيورة احرص الناس على ان تكون الرئاسة لاصحابها، والحمد لله ان كلمة السر لم تكن اقليمية لكن هذا السر لم يبق مكتوماً وكنا في غنى عن التصريحات التي صدرت”، مشيراً الى ان اتصالات كانت جارية مع المعارضة بعيداً من الاضواء لاخراج المسألة.
واعتبر ان عودة الغالبية عن مبدأ رفض تعديل الدستور “هو تنازل كبير واحياناً مصلحة الوطن وقلق المواطن هم االاساس، فأنا لست وحدي ولا اعيش في برج، انما المسؤول السياسي هو من يستمع الى هواجس المواطن وهذا المواطن قلق وخائف ويريد الاستقرار”.
وعن الاعتراضات من داخل صف قوى 14 آذار قال جنبلاط: “لا شيء مهماً كله يعالج، والاساس هو السلم الاهلي والمكتسبات التي هي اهم من اعتراضات اي منا. واذكر ان ملفات اساسية تحققت منها المحكمة، وازمة الحكم انتهت، وسنتابع المقررات الباقية بالحوار بما فيها العلاقات الديبلوماسية (مع سوريا) والترسيم والتحديد، واعتقد ان لقائد الجيش مونة وطلة على السوريين وعلى الجميع ويستطيع ان يترجم هذا المطلب المحق. وقلنا ان سلاح المقاومة مؤجل على قاعدة الحوار وانطلقنا في هذا الامر من الـ2005”.
عون ومبادرته
وقد اثار موقف العماد عون تفسيرات متناقضة استدعت ايفاد رئيس “تكتل الاصلاح والتغيير” مساء المسؤول عن العلاقات السياسية في “التيار الوطني الحر” جبران باسيل الى الرئيس بري و”حزب الله” لشرح موقفه.
وبادر عون عقب اجتماع التكتل الى الترحيب بترشيح العماد سليمان قائلاً: “لو قبلوا بمبادرتي لكان العماد سليمان احد الاسماء الممكن طرحها”. لكنه اشار الى استمرار “العلل الدستورية” وقال: “نتمنى ان يزيلوها من امامه وبعد تذليلها نأمل ان يكون العماد سليمان مرشحنا وفقاً للمبادرة التي قدمناها”. واكد “ان نواب التكتل سيشاركون في ازالة العقبات الدستورية”.
وتسبب موقف عون بالتباس، اذ أوحى انه يربط تأييده ترشيح العماد سليمان بتنفيذ مبادرته التي تناولت جملة بنود من أبرزها ان يسمي بنفسه مرشحاً للرئاسة في مقابل ان يسمي النائب سعد الحريري رئيساً للحكومة من خارج كتلته، وان يكون انتخاب الرئيس لسنتين ويتعهد مذكرة التفاهم بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، وان تؤلف الحكومة الجديدة وفق التوزيع النسبي للكتل في المجلس، اي 55 في المئة للغالبية و45 في المئة للمعارضة، وتوزيع الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين واستكمال عودة المهجرين كأولوية ووضع قانون انتخاب جديد على أساس القضاء دائرة انتخابية.
لكن مصادر نيابية في “تكتل الاصلاح والتغيير” أوضحت لـ”النهار” ان عون طرح مبادرته مجدداً على البحث والتفاوض بين المعنيين ضمن سلة كاملة يفترض ان يجري البحث فيها بحيث لا يقتصر الامر على اسم المرشح. وقالت إن عون أبلغ الى التكتل خلال اجتماعه ان اسم العماد سليمان “كان الورقة المستورة التي احتفظ بها والآن انا اكشفها”.
وفي موضوع التعديل الدستوري، يبدو ان دراسات عدة اعدت لطرح المخارج المحتملة وتجاوز عقبة عدم اعتراف المعارضة بالحكومة. واذ ينتظر الجميع موقف الرئيس بري من هذه المخارج، قالت أوساط قانونية امس إن تعديل الدستور يفترض الا يشكل في ذاته مخالفة دستورية، وهو الامر الذي سيتعين معه العودة الى الوضع الدستوري للحكومة. فرئيس الجمهورية السابق اميل لحود لم يصدر مرسوماً باعتبار الحكومة مستقيلة بل اتخذ منها موقفاً سياسياً، كما ان الوزراء الشيعة لم يقدموا استقالاتهم الى رئيس الجمهورية بل الى رئيس الحكومة مما يعني انها غير نافذة، فضلاً عن ان العديد من هؤلاء واصلوا تصريف الاعمال وبعضهم يقوم بمهماته كاملة. لذلك فان الموقف السياسي يمكن ان يعالج بموقف سياسي، اما الموضوع الدستوري لاخراج التعديل فيتوقف على التوصل أولاً الى توافق سياسي.
وعلمت “النهار” ان بري طلب وضع دراسة قانونية عن التعديل الدستوري لئلا يحصل اي طعن قانوني في الانتخاب، وكلف رئيس لجنة الادارة والعدل النائب روبير غانم، دعوة لجنة تحديث القوانين الى اجتماع الاثنين لهذه الغاية. كما ان النائب سعد الحريري طلب بدوره من النائب بهيج طبارة وضع دراسة اخرى، تمهيداً للنظر في الدراستين.
دعم سعودي واميركي
وعلى الصعيد الديبلوماسي، برز أمس موقفان سعودي وأميركي من احتمال التوافق على العماد سليمان.
فالسفير السعودي عبد العزيز خوجه صرح بانه “اذا تم التوافق على العماد سليمان فالمملكة تدعم هذا الموضوع”، واصفاً العماد سليمان بأنه “رجل معروف باخلاصه ومعدنه وتاريخه أثبت ذلك”.
اما السفير الاميركي جيفري فيلتمان، فقال ان موضوع تعديل الدستور “يعود الى اللبنانيين”. وأضاف: “كنا عارضنا تعديله عام 2004 لانه كان مفروضاً من الخارج ولكننا نشدد على ان التعديل مسألة لبنانية وليست من شأن الولايات المتحدة او أي طرف خارجي آخر”. وأكد “اننا سندعم رئيساً منتخباً من البرلمان اللبناني”.
وعلمت “النهار” ان فيلتمان ابلغ امس الى بعض الشخصيات السياسية المارونية انه نقل قبل عشرة ايام من انتهاء المهلة الدستورية رسالة من الخارجية الاميركية الى العماد سليمان تؤكد فيها انها لم تضع اي “فيتو” على اسمه، وانها لا تتدخل في اسماء المرشحين. وقال إنه من غير الوارد حصول أي صفقة اميركية – سورية على حساب لبنان، وان بلاده تفصل موضوع لبنان عن أي موضوع آخر.
وفي السياق ذاته، صرح نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية طوم كايسي مساء أمس لبرنامج “كلام الناس” من “المؤسسة اللبنانية للارسال” بأن “ليس لسوريا او دول أخرى ان تتدخل في تقرير الشعب اللبناني مصيره ولن نضحي بخيار الشعب اللبناني للحرية والديموقراطية، وعلى سوريا ان تتوقف عن التدخل في الشأن اللبناني”. وقال ان السياسة الاميركية حيال لبنان “لم تتغير ولن تتغير”، وان اختيار الرئيس اللبناني الجديد هو “شأن لبناني وعلى النواب ان يختاروا”، رافضاً أي تعليق على المرشحين.