في نبرة “المعارضة” هناك دائماً شيئاً ما يجعلني أشعر بالضيق، بعض هذه الأشياء تافهة وبعضها غير محدد ولكنها جميعها تصب في خانة الأمور التي لا أطيقها.
هل حاولتم الإستماع للنشرة الاخبارية عبر اثير إذاعة الحزب الإلهي (“حزب الله” مصطلح يحمل الكثير من الماورائية والنرجسية، عاداك عن العنصرية)؟ تبدأ النشرة بإيقاع شبيه بالإيقاع الحربي مما يبشر بمعركة إخبارية ضد الأعداء الثابتين كالأميركان والإسرائيليين والمستجدين أي الأفرقاء اللبنانيين المتعاملين مع الغرب ومنتهكي كرامة الوطن. بعد قرع طبول الحرب هذه، تبدأ النشرة التي غالباً ما تكون موضوعية وعلى مستوى مهني عالٍ لكن طبعاً في إتجاه واحد. خلال استماعك للنشرة ستتكرر على مسمعك كلمات ثورية تلازم مصطلح الحكومة اللبنانية، كالفاقدة الشرعية أو العميلة أو فيلتمان (يعني) الأميركية. تحصل على جمل مفيدة أمثال صرّح وزير في الحكومة الغير دستورية، استقبل رئيس حكومة فيلتمان الفاقدة الشرعية. امّا نحن فما ادرانا بالشرعية والدستور! فالشرعية تحدد على الأرجح بمدى السيطرة التي امتلكها على المجلس الوزاري وغيره، امّا كل ما هو خارج سيطرتي فهو غير شرعي، والدستور كتاب نتذكره وقت الحاجة ونتفاداه قي باقي معظم الوقت.
في الخلاصة فانني اشعر بالتهديد كلما استمعت إلى النشرة هذه. لا أدري إن كان هذا موقفاً مسبقاً منّي أم رد فعل طبيعي، إلا أنني أقول صدقاً صدقاً أنّه لا ينتابني شعورُ مماثل لدى استماعي المحطات الأخرى بمعظمها. والإستماع لمحطات متعددة هو أمر واجب لبناء صورة الأقرب إلى الوضوح والحقيقة.
لنتصور الآن الأمر ذاته لكن بطريقة معاكسة. ماذا يشعر الموالي للمحطة هذه عند استماعه للأخبار مثلاً، أو أي برنامج آخر سياسي أو غير سياسي. يفهم هذا المواطن “الموالي لنهج المحطة” بأن السلطة وأبوها وأخواتها وأعمامها في سياق التحضير لمؤامرة ضده كمعارضة (ولكنه يفهمها طبعاً ضده كطائفة ومذهب) وأن هذه السلطة غير دستورية وبالتالي غير شرعية والأنكى أنها عميلة. وبالرغم من كل هذه الصفات التي تلبسها المعارضة للسلطة “المغتصبة” (بكسر الصاد)، فالمعارضة تريد شراكة مع هؤلاء “الفاسدين”، والأخيرين لا يقبلون. وبالنتيجة فالمستمع -الموافق أصلاً من دون أي نقاش على ما يأتي في عناوين النشرة وتفاصيلها- سيعتبر الفريق الثاني هو الشر بعينه والتعامل معه حرام، عاداك عن أنه لن يستمع إلى أية إذاعة أخرى ليتأكد من صحة ما سمع لأن الإذاعات الأخرى عدوة بطبيعة النتيجة التي نوصلنا إليها من النشرة السالفة على محطة الأم.
امّا الملاحظة الثانية فتخص طريقة السرد التي دائماً نحمل نبرة الإنتصار والإستهزاء، دائماً دائماً الإنتصار. فحقل مفرداتهم يخلو من الهزائم أو حتّى النقد. وكيف النقد لمن يكون منضوياً في الحزب الإلهي! أمر غير معقول أن تكون في الحزب الإلهي وتكون مخطئاً! أمران لا يجتمعان. فإمّا نكون غير معصومين وبالتالي لا نكون من الحزب الإلهي، أو نكون في الحزب الإلهي واتوماتيكياً معصومين. لقد اختاروا الخيار الثاني.
إن في هذه الأساليب خطورة عظمى على الإنسان وعلى عقله. إن كل شيء يتم إلباسه بعباءة الدين والقدسية والألوهية، أمّا الناس فقليلها يدري وغالبها يذوب ويغرق في هذا المستنقع المغري. إنك تجد هذا الشيء في كل شيء، في الإعلام، محلات بيع الأشرطة “الدينية”، على اليافطات المعلقة، في المناسبات، في خطب الجمعة التي لا تكون مراقبة إعلامياً وغيرها… إننا نعيش في عالم لم نعد نلاحظ كيف أنّ كل ما يحيطنا فيه إنما موجّه ليؤثر فينا لمصلحة جهةٍ ما. هناك صراع ثقافي في البلد موازٍ للصراع السياسي الذي فيه، والأخطر من خسارة موقعك في السلطة هو أن تخسر قدرك وحريتك في التفكير والتعبير عن فكرك. هل هناك مشروع كهذا عند بعض الأطراف اللبنانية؟
إن أسلوب المعارضة في محاولة ربح نقاط، وأسلوب الحزب الإلهي بالتحديد هو أسلوب تعتيم الحقائق، والإستفادة من نقاط ضعف عند الطائفة الشيعية الكريمة تمهيداً لخطفها تماماً. إنّه لم يسبق في تاريخ الطائفة الشيعية أن افترقت نخبة الطائفة عن القيادة السياسية لها كما يحدث في أيامنا هذه. إنّ القيادة السياسية لا تستمع لهؤلاء في محاولاتهم للإشارة إلى الخلل والنصح بإصلاحه لأن ذلك يصب في مصلحة الوطن أولاً وفي مصلحة الطائفة ثانياً. وهم على كل حال لا يقومون بذلك من منطلق انتمائهم لطائفتهم بل من منطلق المواطنية المتجردة من أية إنتماءات مذهبية أو غيرها: هؤلاء مواطنون “لبنانيون” ذو جذور شيعية.
إن طريقة عمل المعارضة وتحديداً اسلوب الحزب الإلهي على الساحة الشيعية يترك نتائج خطيرة على المدى البعيد. من هذه النتائج ان تكون الطائفة خارج سرب الدولة، وذلك بسبب ترسيخ القيادة السياسية لفكرة بأن الطائفة مستهدفة وبأن الأطراف اللبنانية الباقية دائماً متهمة حتّى تثبت براءتها ووطنيتها، وهذا إمتحان صعب بالمعايير الحزب إلهية.
هناك محاولة لفرض ثقافة شموليّة دينية معينة وهي تلق استحساناً بسبب الظروف الراهنة التي نمر فيها، ولا شكّ ايضاً بسبب الجهد التي تبذله الجهات العلية المستفيدة. هذه الظاهرة التي من شأنها أن تتحول إلى مشكلة إستعصت عن الحدوث ابان الحرب الأهليّة عندما كانت الضوابط مفقودة تماماً، تجد لنفسها الآن تربة خصبة وهذا أمر بمنتهى الخطورة يجدر بنا التنبه له.
fladi01@hotmail.com
* كاتب لبناني – صور
إخجل من نفسك………..
تفاهة أن تكتب هذه الكلمات ……….
لأنك لو تابعت المحطة بكل موضوعية سوف تجد أنها على حق في كل ما تقوله
ولو تابعت المحطات التابعة للسلطة اللاشرعية لوجدت أنها لاتقول إلا الكذب والترويج لأنصارها
ثم كن محترما ولو قليلا ولا تنشر مثل هذه الصورة مرة أخرى فهمنا تريد الإنتقاد ولكن لماذا هذه الوساخات وكفاكم خزعبلات