المتابع للتغريدات المتداولة في الخليج، ولاسيما بين شباب دوله الأكثر ثراء من تلك التي التزمت منذ عقود طويلة بمد يد العون الى الدول العربية والاسلامية، قروضا وهبات ونفوط مجانية ومساعدات تنموية، يلاحظ وجود حالة من التذمر لدى هؤلاء بسبب ثلاث حالات منفصلة ثبت فيها مجددا أنّ المتلقي أدار، في أوقات الشدائد والمحن، ظهره للمانح مبررا عمله بتبريرات واهية أو طارحا مواقف متناقضة.
كلنا يتذكر كيف عضّ صدام حسين اليد التي أعانته في حربه الطويلة مع إيران في الثمانينات، بغزوه الكويت وتهديده دول الخليج الأخرى. وكلنا يتذكر كيف كان الفلسطينيون يحتفلون ويوزعون الحلوى مع سقوط كل صاروخ عراقي على دول الخليج التي لم تقصر يوما في دعم قضيتهم. وقتها لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي متوفرة بشكلها الحالي، وإلا لكان المتداول من التغريدات أكبر حجما وأعنف خطابا. لكن هذا ليس موضوعنا، لأنه بات شيئا من الماضي الذي نحاول نسيانه.
على أنّ المشكلة تكمن في أنه كلما حاولنا النسيان تكرر الحدث نفسه بأبطال آخرين، وهذا ما سيقودنا إلى الحالات الثلاث التي أججت مواقع المغردين الخليجيين مؤخرا.
فاليمن تلقى مساعدات بلغت نحو 60 مليار دولار من المملكة العربية السعودية وحدها، دعك من استئثارها دوما بنصيب الأسد من برامج التنمية والقروض الخليجية. لكن طائفة من أبنائه ممثلة بالحوثيين طعنتنا في الظهر بالإصطفاف مع النظام الفقهي الايراني التوسعي، وترويج الأكاذيب عن دولنا، والاعتداء على الحدود الجنوبية للسعودية. والشيء ذاته فعله أنصار المخلوع علي عبدالله صالح الذي كان على حافة الموت بسبب ما أصابه في تفجير جامع النهدين في يونيو 2011، فامتدت له يد الرياض الحانية لتمكنه من البقاء على قيد الحياة، وها هو يعض تلك اليد على رؤوس الاشهاد عبر تعاونه مع الحوثي والايرانيين، في ظاهرة يصدق معها قول الشاعر: إذا انت أكرمت الكريم ملكته وإذا أنت أكرمت اللئيم تمردا.
أما لبنان فقد كان طفل السعودية والخليج المدلل بدليل جهود الرياض المعروفة لجمع أطرافه في الطائف من أجل وقف نزيف حربه الاهلية العبثية، وبدليل دعم دول الخليج لمشروع إعادة تعميره بقيادة الشهيد رفيق الحريري، ناهيك عن الموقف الحاسم للرياض وشقيقاتها الخليجيات في دعم هذا البلد أثناء العدوان الاسرائيلي عليه في صيف 2006 حينما قال المغفور له الملك عبدالله بن عبد العزيز: “إن دعم لبنان واجب علينا جميعا ومن يقصّر في دعمه فهو مقصر في حق نفسه وعروبته وانسانيته“، وهو ما عززه الملك الراحل لاحقا بتقديم هبة الثلاثة بلايين دولار من قوت شعبه لتسليح الجيش اللبناني. لكن بعض اللبنانيين ممثلين في حزب الله وحلفائه تنكروا لكل شيء وراحوا يديرون اسطوانة الشتم والسباب ضد عملية عاصفة الحزم ويروجون الدعايات المضللة. ولو أنّ الأمر اقتصر على هذا، لما كان الوضع مستهجنا ولقرأناه في سياق حقيقة أن زعيم دولة الضاحية الجنوبية هو بوق لأسياده في طهران ومنفذ لأوامرهم. لكن المشكلة هي أن لبنان الرسمي لم يتورع عن إيذاء مشاعر السعوديين واخوتهم الخليجيين وهم يخوضون حرب عاصفة الحزم، وذلك حينما قام تلفزيونه الرسمي، المفترض فيه عدم الانحياز إلى مواقف الجماعات والميليشيات السياسية، بإعادة بث مقابلة حسن نصرالله مع التلفزيون الرسمي السوري بكل ما تضمنته من بذاءة لسان ولغة شتم وسباب وأحقاد وعنتريات، دون أن تكلف الحكومة اللبنانية نفسها بشيء سوى تقديم وزير إعلامها لإعتذار باهت، سرعان ما تراجع عنه قائلا أنه اعتذار شخصي لا يمثل الحكومة.
لن نتوسع في كل ما سبق ونقفز الى الحالة الثالثة ممثلة في رفض البرلمان الباكستاني دعم تحالف عاصفة الحزم او المشاركة فيه بعدما كان رئيس الوزراء نواز شريف قد أوهمنا فور بدء عمليات التحالف بأن بلاده جزء منها. والحالة الباكستانية مثال آخر للدولة غير العربية التي غرفت من الخزائن الخليجية ما لم تغرفه أي دولة أخرى دون أنْ تقدم أي مقابل، بل التي ـ في الواقع ــ أضرت بأمن دولنا حينما خلقت ودعمت نظام طالبان الأفغاني، ولم تلجمه حتى بعدما تأكدت من احتضانه ودعمه لتنظيم القاعدة وتمكينه من الاعمال الارهابية. وهاهي باكستان نواز شريف الذي أنقذت السعودية رقبته من مشنقة برويز مشرف واستضافته في جدة تدير اليوم ظهرها لنا بحجج واهية مع تناقض في مواقفها.
فتارةً هي تفضل الوقوف على الحياد من أجل أن يشفع لها ذلك بلعب دور الوسيط، وتارة أخرى تقول أنها ضد القتال في اليمن لكنها مع الدفاع عن أراضي الحرمين وكأنما الأمران غير مرتبطين. ولعل هذا ما جعل مسؤول خليجي بارز يقول علانية لأول مرة في تاريخ العلاقات الباكستانية الخليجية ” أن اسلام آباد بهكذا مواقف ستدفع الثمن غاليا”.
وقد تبرع البعض فقدم تفسيراته الخاصة لهذا الموقف الباكستاني. فمنهم من قال أنّ السبب هو ضعف تواصل بلادنا مع قادة الرأي ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب الباكستانية. ومنهم من قال الشيء نفسه مضيفا إليه أنّ الايرانيين كانوا أذكى في هذا السياق فتمكنوا من شراء ولاء قيادات سياسية وحزبية باكستانية في وقت مبكر. ومنهم من عزا السبب إلى مخاوف باكستان من ردود فعل عسكرية إيرانية إزاءها، متناسيا أنها تملك قوة ردع نووية تستطيع التلويح بها أمام الايرانيين، وقت الضرورة. ومنهم من برر نأي باكستان لنفسها بالخوف من ردود أفعال شيعتها، متجاهلا أنّ شيعة باكستان لا يشكلون سوى 15 بالمائة من عدد السكان فقط وأنّ لا تأثير حقيقي لهم في التوازنات الداخلية. وكان هناك فريق آخر برر الموقف الباكستاني بالقول أنّ باكستان لا تستطيع مساعدة دول أخرى عسكريا لأنها في حالة حرب مع الهند والجماعات الجهادية في وزيرستان وانفصاليي بلوشستان.
وأخيرا خرج من المحللين من حاول التذاكي وطمأنة دول الخليج، بالقول أنّ نواز شريف ليس ملزما بقرار برلمانه، وأنه سيرميه في سلة المهملات.
*باحث ومحاضر في الشأن الآسيوي من البحرين
Elmadani@batelco.com.bh
جحود المتلقي مقابل كرم المانحتوزع السعودية اموال شعبها كمؤسسة خيرية طوعية لكل من هب ودب من الانظمة وليس في اقتصادها، صالح وافراد اسرتة كانوا ولا يزالون يستثمرون في دول كثيرة منها الخليجية تلك الاموال، من حق السعودية ان تقبض على هذه الاستثمارات والمشاريع السكنية التي في الامارات واموال كثيرة جدا اخرى في بنوك في جميع انحاء العالم لتعويض عن خسائرها في الحرب، خاصة ان 60 مليار دولار ذهبت الى جيوب عائلة صالح، للاسف الشعب لم يراها بل ليس لها وجود على الارض الواقع، هذا ما كشفته الحرب حيث لاسلاح فعال ولا بنية تحتية، الاموال كانت تسرق قبل ان تصل اليمن،… قراءة المزيد ..