منطق التحولات الاجتماعية والسياسية في “الساحل” ذي الطابع العلوي، وخصوصاً في اللاذقية، منطق خاص مختلف عن منطق التحول الاجتماعي السوري الذي جرى ابتداءً من الثورة حتى اليوم. ولذلك لا يمكن قياس ما يجري في سورية على اللاذقية والعكس صحيح!
لقد بدأت الثورة السورية في 15 و 16 آذار، أما ثورة “الساحل”، فها هي إرهاصاتها الأولى قد بدأت، وهي تحتاج وقتاً وظروفاً حامية وراعية حتى تتفجّر. فبعد حراكٍ سري لشباب في غير منطقة من مناطق التوزع العلوي في “الساحل”- لم يقتصر على كتابة شعارات معادية للنظام وتوزيع مناشير قبل ما يقرب من شهر، تهدد “الشبيحة” في عقر دارهم، بل تعداها إلى حراك إغاثي طاول المناطق المحرّمة في حمص كـ”بابا عمرو” والخالدية.
إن ثورة داعمة ومحيية للحراك السلمي السوري سوف تنطلق قريباً في الساحل، هذا ما يخبرنا به من هم على علم باحوال الساحل.
ما جرى في “القرداحة” معقل بيت الأسد وشاليش، يؤكد ذلك. فطوال ليل اليوم الأخير من أيلول/سبتمبر، اندلعت اشتباكات في مدينة القرداحة بين مسلحين من شبيحة الأسد وحلفائهم بيت “شاليش” من جهة، وبين آل “عثمان” وا”لخير” و”عبود” من جهة ثانية، كانت حصيلته حتى الآن ستة قتلى من آل “عثمان” وأربعة من آل “الخير” وجريح بحالة الخطر، وثمانية جرحى أحدهم “محمد الأسد”، وهو زعيم الشبيحة ومؤسسهم التاريخي، المتهم بارتكاب عمليات قتل واغتصاب عديدة. كان يعمل أساساً في تهريب الدخان بكميات ضخمة من لبنان الى سورية في الثمانينات، ثم تحوّل إلى تهريب مواد البناء والحشيش، إلى أن تحوّل إلى تهريب السلاح، وشهيرة حادثة القبض على سيارتين محملتين بالسلاح، كان يزمع تسليمهما لجماعة الأخوان المسلمين!
إشتباك القرداحة كان على خلفية اعتقال الدكتور “عبد العزيز الخيّر” منذ أيام إثر عودته من الصين مع إثنين من رفاقه، حيث جرى سجال بين شباب من آل الخير وعثمان وعبود من جهة وبين محمد الاسد ومجموعة من مرافقيه. تطور السجال ليتحول إلى شتائم متبادلة بين الطرفين أبدى فيه شباب بين الخير وعثمان احتجاجهم وضيقهم من هيمنة آل الاسد على الطائفة ومحاولتهم جرها لصراع مفتوح مع السنّة. حاول محمد الأسد إسكات المحتجين بالقوة وحين لم يستجيبوا حاول رميهم بقنبلة، لكن احد شباب بيت عثمان عاجله برصاصه أردته جريحاً، في حين يذهب البعض إلى أنه قد قتل.
الطرقات المؤدية الى القرداحة أغلقت لساعات عديدة مساء 30 ايلول! “مشفى العثمان” في “ضاحية تشرين” القريب من “حي الزقزقانية” في “اللاذقية”، شهد حركة ملفتة للإنتباه مضطربة طوال اليوم، جراء إسعاف الجرحى والقتلى إليه بعد اشتباكات الليل. شبكة الاتصالات الخليوية التي يملكها “رامي مخلوف” توقفت عن تغطية منطقة “القرداحة”. لكن ذلك لم يمنع من انطلاق تظاهرة او اكثر في مدينة “القرداحة” ضد بيت الاسد تحديداً، سرعان ما امتدت إلى مدينة “جَبلة”. وبعد ساعات قامت اجهزة النظام بحملة اعتقالات واسعة صباح اليوم التالي في مدينة “طرطوس” خشية توسع التظاهرات باتجاهها، وشملت عدداً كبير من الناشطين والناشطات العلويين.
يعتقد البعض أن عوائل “القرداحة” ينقسمون إلى جبهتين” آل الخير”، “جديد”، “عبود”، “عثمان” من جهة، وهم يشكلون مع حلفائهم 80 بالمئة من اهالي تلك المنطقة، ضد جبهة “الأسد”- “شاليش”. “آل الخيّر” يشكلون عائلة معروفة تاريخيا ولها مكانتها التاريخية والدينية والثقافية عند أبناء الطائفة العلوية، ويُعتَبرون جزاء هاما من مجتمع “القرداحة” قبل أن يُجهز نظام الأسد الأب على العائلة كما اجهز على عوائل عريقة اخرى مثل عائلات “اسماعيل”، “جركس”، “المقدّم”، “عثمان”، “ابراهيم”، “كامل”، “مهنا”. هذا الإنقسام الذي أدى إلى احداث “القرداحة” في حال كان له مكان واسع على الارض، هو مؤشر على فرز واستقطاب وبداية صراع بدأ يتحول إلى العلن بعدما استمر وقتاً طويلاً في الخفاء!
ان أحداث القرداحة ليست سوى بداية لظهور رأس الجبل الذي كان مختبئاً تحت ثلوج الشتاء الاسدي الطويل، واعتقال الدكتور الخير ليس سوى سبب مباشر لتلك الأحداث. لهذا فمن المتوقع أن يسارع النظام إلى اطلاق سراح الدكتور الخير كي يمنع مزيداً من الفرقة بين عائلات القرداحة وعائلته. لأن الأمر خطير بالفعل، لاسيما ان عدد القتلى وصل الى 11 شخصاً إضافة لعديد من الجرحى، منهم محمد الاسد الذي يتوقع ان يلقى حتفه نتيجة جراحه الخطيرة.
في سورية ثورة وصلت الآن إلى الساحل، رغم كل محاولات النظام حصرها في سورية الداخلية. رغم محاولاته.إثارة المشاعر الطائفية كتمهيد لتفتيت البلاد وتحويلها لكانتونات. رغم إخافة العلويين من عدو افتراضي:سيقتلهم، رغم كل هذه المحاولات لم يستطع النظام منع العلويين عن الثورة، وفي عقر دار الاسد، لسبب بسيط جداً، فغباء النظام واخطائه المتراكمة وحدها التي ستودي به الى التهلكة، ألم تولد الثورة الشعبية من خطأ ضابط من آل مخلوف في درعا؟
كاتب سوري
إقرأ أيضاً:
٢٦٠ قتيلاً منذ بدء الثورة: غليان في “القرداحة” بعد وصول جثامين ضباط
ثورة ثانية في سوريا؟: ماذا حدث في “القِرداحة”؟The Prominent Alawite, those concerned about the Fate of the Syrian people in General, should make the move to put an End, to Al Wahsh Plans of creating Mini State on the Coast, belongs to Iran and the Russians. This State which would be in War with the Syrian Main Land, for many years to come. Syrian people should be one Nation on all the Syrian Soils, and dividing it into pieces would end thousands of years of Arab Civilizations. This Ruling Family should be wiped out, though in Kurdaha, we sure there… قراءة المزيد ..