بيروت الشفاف – خاص
طُرحت خلال الانتخابات النيابية السابقة في لبنان مسألة “المعارضة السنّية”، ويقصد بها المعارضة السنّية لتيار المستقبل الذي يتزعمه حاليا رئيس الحكومة سعد الحريري. واخذ الحديث عن حجم هذه المعارضة ودورها مداه مع انتخابات المجالس الاختيارية والبلدية الاخيرة، حيث اعترضت قوى الثامن من آذار على عدم شمول اللائحة الإئتلافية لمدينة بيروت ممثلين عن المعارضة السنية وأفشلت مساعي التوافق، ما دفع بتيار المستقبل الى إعلان رفضه اي مسعى توافقي يلحظ وجودا لـ”معارضة سنية” في المجلس البلدي، وخاض معركة انتخابية اسفرت عن فوز لائحته بالكامل.
في صيدا فشلت ايضا جميع مساعي التوافق مع النائب السابق أسامة سعد من اجل إيصال مجلس بلدي توافقي. فكانت المعركة التي اكدت زعامة المستقبل على المدينة، وبفارق كبير من الاصوات.
عمر كرامي
اما في طرابلس فقد نجحت مساعي التوافق في ظل سيطرة تقارب 60 في المئة لصالح تيار المستقبل، بعد ان اطاح المستقبل بزعامة آل كرامي في دورتين انتخابيتين الأمر الذي دفع برئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي الى تكليف نجله فيصل التفاوض مع المستقبل والرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي على الإئتلاف في المجلس البلدي بعد ان سمى المستقبل رئيس المجلس ونجح الإئتلاف.
آل سلام
بالعودة الى انتخابات العام 2000 النيابية وما قبلها كانت زعامة الحريري المستجدة على الطبقة السنية السياسية في لبنان تجرف في طريقها القيادات والزعامات التقليدية. ومن انضم تحت جناحها، ربح نفسه من دون الزعامة. على غرار ما حصل مع النائب تمام سلام الذي حاول عبثا الحفاظ على حيثية البيت السياسي الذي يمثله بطريقة موازية لزعامة الحريري، إلا أنه فشل فإضطر الى الالتحاق بالركب الحريري حفاظا على البيت السياسي والمؤسسات التي يديرها وفي مقدمها “مؤسسة المقاصد” العريقة والتي كادت تقارب الإفلاس المالي.
اما رئيس الحكومة الاسبق سليم الحص فتم إسقاطه على يد النائب غنوة جلول في انتخابات العام 2000، وكذلك جميع الذين يدورون في فلكه السياسي وفي مقدمهم الوزير عصام نعمان.
في البقاع الغربي ايضا وراشيا، ما زال الوزير السابق عبد الرحيم مراد يحاول جاهدا إثبات وجوده السياسي في وجه تيار المستقبل، إلا ان جميع محاولاته باءت بالفشل. وكان آخر هذه المحاولات خسارة المجلس البلدي الذي يدعمه في الانتخابات الاخيرة في مسقط رأسه لصالح تيار المستقبل.
وأخيرا النائب صالح الخير الذي جاهر طويلا بمناهضته لتيار المستقبل يبدو انه ادرك ان استمرار وجوده السياسي على هذه القاعدة مصيره الفشل. فأوكل لنجله النائب الجديد كاظم صالح الخير التعاون مع المستقبل ليحفظ الوجود السياسي. وإنطلاقا مما سبق، لم يعد مستغربا ان يكون فيصل عمر كرامي مرشحا على لوائح المستقبل في الدورة الانتخابية المقبلة إذا كان يريد دخول جنة البرلمان.
ولكن، هل يكفي تطويع القيادات السنية التقليدية عبر الالتفاف على زعاماتها بضم الابناء الى التيار لكي يكون تيار المستقبل حاجة وضرورة للسنية السياسية اللبنانية اولا، وللحياة السياسية اللبنانية ثانيا؟
ما اعلن عنه النائب احمد فتفت يبدو اول غيث الإجابة عن هذا التساؤل. فما زال هناك الكثير امام التيار لينجزه، وحقيقة الامر انه تأخر كثيرا عن إنجاز ما يجب عليه إنجازه.
وما فات النائب فتفت هو ان التيار ليس متمرسا كفاية في السياسة وهو تأخر كثيرا في إنجاز وثيقته السياسية التي لم تصدر الى اليوم على الرغم من الإعلان عن تشكيل لجنة لإعداد هذه الوثيقة لطرحها للمناقشة في اوساط التيار وصولا الى إقرارها كخطوة تنظيمية اولى اصبحت ضرورة ملحة اليوم اكثر من اي وقت مضى في ظل التحولات السياسية التي اعقبت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصولا الى زيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق وما بينهما من محطات سياسية متنوعة ومختلفة.
وفي ظل الضائقة المالية التي يعاني منها تيار المستقبل، كان ايضا لا بد من تنقية الولاءات وحصرها بالسياسي على ما عداه، ما يجعل من إصدار الوثيقة السياسية اولوية على ما عداها.
والى الوثيقة يبدو قطاع الاعلام في المستقبل يتخبط هو الآخر في تنازع السلطات التقريرية من جهة وخلافات مجلس الادارة من جهة والازمة المالية التي تنعكس تأخيرا في دفع الرواتب وإشاعات عن إقفال أقسام او حتى محطات تحت مسميات دمج وما الى هنالك.
وما أشار اليه اليه النائب فتفت عن الحال في المنية الضنية ينعكس ايضا على واقع الحال في البقاع الغربي وراشيا حيث عكست نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية تراجع تيار المستقبل لصالح قوى محلية توالي قوى الثامن من آذار.
وفي القرى ذات الغالبية السنية في عكار ايضا، واقع الحال لا يختلف كثيرا عنه في المنية الضنية والبقاع الغربي، حيث يبدو ان جمهور المستقبل إتخذ قرارا بمعاقبة قيادييه.
وعلى هذا المستوى تبدو الشكاوى من ممارسات وسلوك قيادات الصف الثاني وبعض قيادات الصف الاول في التيار ممجوجة من الانصار والمحازبين، إذ انهم متهمون بممارسة الاستعلاء، حسب ما قال النائب احمد فتفت انه متهم بممارسته زورا.
ولكن، ميدانياً، لا يمكن إخفاء استعلاء العديد من قيادات التيار خصوصا عقب توليهم اي مسؤوليات تتيح لهم التواصل المباشر مع الرئيس الحريري او القيادات المركزية. فيلجأون فورا الى تغيير اماكن سكنهم من القرى والارياف الى عواصم الاقضية، ويبدلون سياراتهم ويستنجدون بالخادمات والسائقين ويبدلون اماكن تعليم ابنائهم لتصبح في المدارس الخاصة مرتفعة الكلفة. ويصبح الاهتمام بشؤون التيار والمحازبين لإجازة نهاية الاسبوع إذا اتيح لهم ذلك.
وكان النائب احمد فتفت محقا في تحميل تيار المستقبل مسؤولية متابعة شؤون المحازبين خصوصا في السنوات السابقة التي تعرض فيها التيار لضغوط سياسية وامنية طاولت قياديين فيه حجبت غالبية قيادات الصف الاول عن الانظار لاسباب ابرزها الامني بعد إغتيال النائب وليد عيدو والرائد وسام عيد وسواهما ونهب منزل النائب عمار حوري. وحين اصبح لبنان مكانا غير آمن لقيادات ثورة الارز ومن بينهم قيادات تيار المستقبل كان لا بد لقيادات الصف الثاني ان تبادر الى تقدم الصفوف وتتحمل مسؤوليتها لتنصرف قيادات الصف الاول للدفاع عن المشروع السياسي للرئيس الشهيد رفيق الحريري وتثبيت خطى التيار سياسيا مع الرئيس سعد الحريري. وهذا ما استنفد جهود معظم هذه القيادات فانصرفت عن متابعة الشؤون التفصيلية في القرى والبلدات التي تمثلها، ما حمل المغرضين على اتهام هؤلاء بالتقصير حينا وبالاستعلاء حينا آخر.
اوساط تيار المستقبل تعتبر ان ما جرى مع النائب احمد فتفت شكل صدمة وعي كان لا بد منها كي يبادر التيار الى الإمساك بزمام المبادرة وطنيا وسنيا في مواكبة سياسية لحركة رئيس الحكومة سعد الحريري، معتبرة ان اولى الخطوات المتزامنة تبدأ في الإعلان عن الوثيقة السياسية للتيار وتنظيم قطاع الاعلام فيه ووقف سيل الشائعات التي تضرب هذا القطاع حيث لا يمر يوم إلا ويجتهد مخلص او مغرض في التطاول على إعلام المستقبل ممعنا فيه تهشيما أو تقريظا.
تيار المستقبل بعد استقالة احمد فتفت: تهميش القيادات السنّية ليس الحلّ
العالم العربي يتفتت ويزداد تخلفا وستاكله الديناصورات كايران الطائفية العرقية اوغيرها فعليه بثورات شعبيه سلمية لاجبار الانظمة العسكرية المافياوية على تطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وخاصة (السودان مطالب بأن يعالج قضاياه من داخله، قبل أن يحدد مصير دارفور، وربما قطاعات أخرى، وكذلك العراق لأن المسائل بدأت تأخذ شكل فرض الأمر الواقع، وهو في كل الأحوال، واقع مرير ينذر بكل الشرور..) نعم انها نتائج حتمية للانقلابات العسكرية المافياوية الذي بداءها معاوية وانتهت بحزب البعث المخابراتي وغيره وبقوانيين الطوارىء الذي يدمر ويذل شعوب العالم العربي ويجعلها لقمة صائغة للاستعمار الخارجي.